اخر الاخبار

((إِنّ الحياة تشبه قائمة طويلة بطلبات المنزل دفع ثمن البعض منها وحذف البعض الآخر و تأجل المتبقي لحين ميسرة)) بهذه العتبة تفتح ڤالنتينا يوارش هيدو مجموعتها (وشم على ظهر قارب)، وعند التدقيق في العتبتين، الافتتاح والعنوان، يبحث المتلقي عن خيط يشد بينهما فيحد أَن يوميات الحياة بصغيرها وكبيرها هي خيط الحرير الرابط بين العنوان والافتتاح والمحتوى الذي تحمله النصوص، وهذا النوع من الأدب يتناول يوميات قد تمر بكثير منا من دون أن ينتبه لها، ولكنها لا تفلت من عين و فكر من يبحث عن التفرد واصطياد ما غفل عنه الآخرون ، فيغوص في لقطات تجسد ذلك المعنى الهارب عن الآخرين، وهنا تكمن الشعرية في النص والشاعرية عند منشئِهِ، وهذا ما تطالعنا به ڤالنتينا حين تضع وَشْمها رمزاً للثابت على ظهر قارب بما فيه من حركة الى الأمام أَو الخلف أَو التأرجح مع مويجات الماء ، فهي لم تثبت عنواناً لأي نص ، وانما استعاضَت عنها بأرقام من واحدٍ إلى ستة وأربعين، وكأنها تقول حياتنا هكذا تسير رغماً عنا بسلسلة لا يمكن التلاعب بها وتغيير عناوينها، فکل انسان هو (سِيزيف) عصره، فمعاناتنا وجودية

لا بدّ من الاكتواء بنارها:

((نحن لا نفقد شغف الحياة

دفعة واحدة

بل نتشظى الى أَجزاء

في كل معركة نفقد جزأً منا

حتى تَتلاشى الى الفراغ))

اذا كان النص السابق يغوص في أعماق مسألة وجودية قد تطرق رأس كل من فكر بنهاية مصيره، فأن ڤالنتينا تغادرُ هذا العمق الى السطح الى :

((قميصي الذي ما عاد يعنيك.

........

قميصي الأبيض.

........

المائل الى النعومة

........

ما زلت اكتنز قصاصة غائرة مندسة

في جيب ذلك القميص الآيل نحو السبات

اذن تصبح على خير

وعلى قميصي السلام))

هذه الالتماعات التي ترسلها ڤالنتينا، تمر بأي منا، من ذكر أو أُنثى فهي جزء من يومياتنا، والفنان هو من يجسدها في نص يسيل لذة، وأشرت الى بؤر اشعاعها، ولربما يقول قائلٌ أنّ نصوصاً كهذه تدل على بطرٍ وسياحة على الحافات، فأين الهم الوطني فيها، أَوَليس الوطن هو أرض يومياتنا، فعلى أرضه تطرق أبوابنا فكرةٌ عن الموت والحياة ، أَو عن قميص فيه ما فيه من الأيحاءات.ز هنا يأتي صوت الشاعرة ليعلن عما في اعماقها لصورة وطن هو الحلم المبتغى

((أريد وطناً .. بلا صور

بلا دموع

وطناً لا يتسكع فيه الخائن

ولا يموت فيه الفقير

احلم بوطن

غارق بالورد

عابق بالحب

بالموسيقى

يصوت أمي ...))

إذاً هذا هو الوطن المبتغى الذي ترُسم صورته يومياً في عقول وقلوب أبنائه :

((وطن

تباع أعداد الصحف فيه

اكثر من قناني الماء ...))

دعونا نحلمْ بل نعمل من أجل بناء وطنٍ يكون كما تريده الشاعرةـ، نهاراته ولياليه تغتسل بماء الثقافة وشذى الزهور، لا فقير فيه يُذِل كرامتَه الجوعُ.

عرض مقالات: