اخر الاخبار

أنا الذي رأى كل شيء

يا عيونَ كلكامش

وأنا من سمع فحيح مؤامراتهم

يا أقراطَ أنكيدو

وأنا أعرف من قص جدائل (يردلي)

في وضح الخنوع على مقصلة ..

(أنا لا علاقة لي بالأمر)

ومسخها إلى عُصابات عوراءٍ ولُثُم 

وأعرف أيضا من علق نهودها السبع

على بوابات الجسر العتيق

دون أن يرف له رمش تنوعٍ واحدٍ

وأعرف جيداً ...

لماذا دجلة خالف أمي

على موعد فطامي من مائه

لكنني يا أرومتي لم أفهم إلى اليوم

كيف تنازل ضرعه على أن يكون ...

مهد طفلتي الأول وآخر رَضّاعاتها الملونة

كما عوَّد سُلالتي منذ آلاف الروافد !

نحن الشامات الملونة

كنا أبهى الشامات التي مرت يوماً

في ذاكرة كحل أو في مخيلة تبرج

كانت (يردلي) تنثرنا حسبما تشاء

على حقول جسدها البض

فحينما كانت ترقص

كنا نلتف خلخالاً من شفق وبابونج وتوابل

على هضاب كاحلها الأيسر

ونرتجف إلى ما شاء لنا من ..

أراجيح وبريق ورنين

وعندما كانت تحزن

كنا ننزل شامة شامة

على منديلها المطرز ببيبونة وسنبلتين وأرغفةٍ ...

على وجهها تبتسم راضيةً خريطة العراق

وحينما كانت (يردلي) تحب أن تغني

كنا نجدل قلوبنا دبكة شعبية

نتبادل نبضنا ونتشارك انتعاش المزاج

ونرقص بطفولة مفرطة حول أسوار سرتها

التي تشبه إلى حدٍّ بعيد

دورة النبي يونس

ولأن (يردلي) أمّ

كانت لا تنام ألا وتغطينا بملاءات شعرها

شامة شامة وزقاقا زقاق وقرية قرية

عندها فقط كانت يردلي تستنشق الراحة

وتضع رأسها على أحد أكتاف نينوى

تلتف كشقيقة نعمان حالمة بالعيد

تتكور على حلم ملون والكثير من القبل

وتنام

في ليلة القبض على بكارة (يردلي)

تبادلوا عليها الدور ..

نعم ، معظهم فعلها

كان طابورهم طويلاً جدا

لكنه لم يكن أطول من ضفيرتها

ومخيفة كانت نواياهم

وخانقة كأنفاس كابوس

و(يردلي) _ رغم وجعها _ لم تخشاهم

فهي من علمتنا

إن الأمهات لا تخفن أولادها

ولأنها الحفيدة الأكثر بياضا

بين حمامات سميراميس السبع والسبعين

كانت تعود عذراءً كوجه ماء غدير

بعد كل إغتصاب

لكن صراخ بكارتها

مازال يَزِنُّ غاضباً في أذن سور آشوربانيبال

يطرق بعصا الحيف بوابة نركال

ونينوى الأمُّ مقرفصة الحزن تشكو لحالها

صدأ الغيرة ورعاف الرحمة

وسنام قهرها أضاعت جمال صبرها

في صحاري الخذلان

عرض مقالات: