اخر الاخبار

زاخر باحلامه التي ملأت الآفاق. ولد على أرض واحدة من مدن قداساته ( القاسم ) .

شموع ، طبول، ردات حزن لعريس يقاتل في صف الطالعين المتطلعين لنصرة الحق فيقتل برمح عدو على ضفة الفرات كما جاء في موروثات واقعة الطف.

تصاعدت تلك الايقاعات وأخذت تنمو ، تتسع في روح وعقل ذلك الصبي العراقي لتتشكل وتورق موهبة نادرة ، شحنها بوعي إنساني تقدمي، راحت تنبش عينيه المتقدتين في قصائد كتبها شعراء العامية العراقية الذين انتموا مبكرا لذات الفكر الذي يتبناه فاطلق ذات مساء عراقي ما كان يختبيء مما أجله وينشد اغنية :

ياطيور الطايره مري بهلي

ياشمسنه الدايره ضوي لهلي

أحدث كوكب حمزة ضجة جمالية في الغناء ، ضجة جميلة اربكت رفوفا تراكم عليها غبار التكرار والتقليدية، اوقد مشاعل التجديد بقوة حتى تحول الغناء إلى انشاد مطلبي يجسد معاناة وقهر الناس ، يتشبث بحلم الإنسان، بحريته التي تعرف على ابجديتها حتى تشرب بمضامينها ، منذرا بالغياب المفاجيء، الغياب الذي لا يريد :

حته لا

فد يوم الدنيا

اتراوينا افراك

كم اصطدمت احلامنا بخيبات، بمرارات، بفواجع رحيل من أحببنا، وكان كوكب يتقدمنا وكأنه يرفع ذلك الهودج المضيء بشموع النذور، صائحا بنا:

إلى العراق ...سر.

سرنا ، في الوطن ، المنافى، السجون ، الجبال ، البوادي ، بكل اتجاه وهو يعيننا بغذاء اسمه الاغنية، كان يأخذ دور من يوزع ارغفة لجياع فرضت الحكومات ضريبة جوع شهواتها عليهم.

اخذ كوكب حيزا لم يأخذه سواه في الأغنية العراقية ، له دور المكتشف، فقد التقط الشعر الجديد ليمنحه إلى أصوات جديدة: سعدون جابر، حسين نعمة، رياض احمد .....الخ من الأصوات النادرة في الغناء العراقي ، كما استعان بتجارب شعرية نادرة في نهضته تلك : زهير الدجيلي، ابو سرحان، عريان السيد خلف، رياض النعماني .

كان يرى الحلم البعيد ، ينادي بكل مايمتلك من قوة بداخله ، يمشي ، ويمشي ...والحلم يبعد ، ويبعد، حتى كاد يتوارى :

تعبني مشي الدرب

والكنطره ابعيده

الإنسان.. كقيمة عليا محور تلك الموهبة التي شغلت كوكب على مدى سنوات العمر وليس سواه ، ولذا فقد أعطاه ماوجده ضمن مستحقات قضاياه، فقد حمل آلة العود بيد  والبندقية بالاخرى ملتحقا بفصائل الانصار الشيوعيين في جبال كردستان عقب هجمة ضباع البعث على حزبه نهاية سبعينيات القرن الماضي :

روحي انحلت ...والشوگ ماذيها ..

اشمالك تعت بيها..

قبل سنوات ليست بعيدة ، وفي السليمانية حيث التقينا بفعالية ثقافية تكريمية للكبير ( مظفر النواب ) ، وفي سهرة بإحدى مطاعم ( سرجنار) كنا انا وهو والصديقين الشاعر طارق حسين وكريم الدهلكي وصديق آخر يؤسفني عدم تذكره، ابتدأت فرقة غنائية فعاليتها واذا بأغنية تتخللها أسماء بعض الأسلحة..

قلت له محاولا تهدئته وتلطيف الجو :

(طيورك الطايره صارت بي .كي .س) فلا تنزعج ...ضحك.. ضحكنا .. لكنه ضحك من تخيب اماله لما حصل للغناء،من تراجع مخيف .

من يقنعني ان كوكب حمزة قد غاب عنا واغنياته معنا؟

عرض مقالات: