اخر الاخبار

فجعت الحياة الثقافية العراقية والعربية مؤخراً برحيل واحد من رموزها الإبداعية الكبيرة، الروائي محمود سعيد عن عمر ناهز الستة والثمانين عاماً، في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة، وقد ترك بعده ارثاً روائياً وقصصياً يتجاوز العشرين كتاباً، وجد قبولاً واسعاً من النقاد والقراء، كما ترجمت بعض اعماله الروائية الى اللغة الإنكليزية، واستقبلت استقبالاً حاراً، حيث حصل على بعض الجوائز التقديرية التي بوأته مكانة خاصة في الرواية الامريكية، وعد احد ممثليها الكبار.

بدأ الكتابة القصصية عام 1957 عندما اصدر مجموعة قصصية بعنوان "بور سعيد" وأثارت روايته الأولى "زنقة بن بركة"، الصادرة عام 1970، اهتمام النقاد العراقيين حيث كتب عنها الدكتور علي جواد الطاهر، وكان لي شرف الكتابة عنها، وقد حازت الرواية على جائزة وزارة الاعلام عام 1994.

ونشرت للروائي الراحل رواية مهمة تحت عنوان "انا الذي رآى" والتي ترجمت الى الإنكليزية تحت عنوان "مدينة صدام" وعدت واحدة من افضل الروايات العالمية. ومن رواياته اللافتة للنظر رواية "الموت الجميل" الصادرة عام 1998، وكان لي شرف الكتابة عنها ايضاً. وسبق لي وان كتبت عن عدد من روايات الراحل منها "فوّهة في الفضاء" الصادرة عام 2012 ورواية "صيد البط البري" عام 2013. هذا وقد سبق وان حازت روايته "الدنيا في اعين الملائكة" جائزة افضل رواية مترجمة الى الإنكليزية.

لقد تميزت روايات محمود سعيد بالاشتباك المباشر مع المشكلات السياسية والثقافية التي كان يمور بها المجتمع العراقي، وانطلق الروائي من منهج الواقعية الحديثة، لكنه ايضاً كان يكشف بين حين وآخر عن اهتمام بما هو فنطازي وغرائبي، وكان أسلوب الروائي السردي فنياً وبعيدا عن المباشرة والتقريرية، وكان يولي اهتماماً خاصاً بالتحليل النفسي لشخصياته وللمونولوغ الداخلي الذي كان تقنية سردية مهيمنة على كتاباته.

كان الروائي الراحل محمود سعيد مناضلاً وطنياً، ومدافعاً عن حقوق الانسان، وكان لي شرف التعرف اليه بعد عام 1959 عندما كنا طلاباً جامعيين، واستمرت صداقتنا من خلال توثيق علاقتنا الاسرية، حيث شرفني بزيارته الى بيتي مراراً. ولم تتوقف المراسلات بيننا، وخاصة في المناسبات المهمة.

لقد ترك الروائي الراحل انطباعات لا تنسى في نفسي وفي نفوس جميع أصدقائه ومعارفه وقرائه لأخلاقه الدمثة وحبه للناس وتكريس حياته من اجل قضايا الحرية والديمقراطية وحرية الفكر والتعبير.

عرض مقالات: