اخر الاخبار

رسالتي ملوّنة، وطعم حروفها مختلف وتفاصيلها كثيراً ما تحتويني، نعم ..هي ورقة بيضاء لكنها ملونة، تحتوي على الكثير من الألوان المبهمة.

سوف أخبركِ الآن وهذه أول مرة أفعل ذلك، لطالما كنا نتحدث وتسألين ما بك؟ وأقول بخير، في الحقيقة أنني في تخبّطٍ مستمر بأحوالي وكثيراً ما أعاني وأموت بداخلي، وأصرخ بأعلى أصواتي المختلفة، لكنّ شيئاً ما يكتم صوتي بلطفٍ وعناية يحتضنه ويمنعه من الخروج، شيئاً ما يلمس صدري ويمسح همومه، كيديكِ الناعمتان، أهذهِ أنتِ من يفعل ذلك؟ أهذه أنتِ من يسلبني قسوة حزني ويرسم خطوط الابتسامة على وجهي؟.

بعدكِ قد أصابني الملل بكثرة ولم أعد أتكلم، فلا أحد هنا يعتني بي أو يعينني على شيء. جدراني مهشمة جدا وبالية لا تسع لأحد أن يتكئ عليها، وبالكاد أستطيع أن اقف على قدمي، دون أن أفكر في شيء ما يرهقني.

هذا يكفي، فلا أودّ أن أخبركِ بالكثير عني لأنني أعلم بأنكِ ستحزنين أكثر ولا أبتغي لكِ ذلك، لكن سأكمل بقية كلامي حول أشياءٍ طالما أحبيتها أنتِ بشدة، وكنا نتشاركها معا.

“حسنا، كلّ شيء قد صار غريب هنا، حتى الشوارع لم تعد كما كانت لقد تغيرت، لم تحتمل رؤية الآخرين يلهون ويقفزون فرحين عندما تمطر السماء لقد أصبحت حزينة وبائسة، لقد خلعت ألوان رصيفها وبسمتها إذ كانت شفاهها مطلية بألوان زاهية، وكذلك بيوتنا بانَ عليها الكِبر فقد حدّبت حيطانها وتفطرت من جوانب عديدة، لربّما هي كذلك قد تشرب إليها الحزن من ساكنيها!

وكذلك أعمدة الإنارة التي طالما كانت تنتظر قدومنا لتصغي كلامنا، وأتذكر كيف وقفت بشموخٍ عندما كنا نحتفل بعيد ميلادك الثاني والعشرون ونقتسم الكيك، قد أصبحت أضواؤها باهتة وناعسة جدا وتشعر بالتعب.

حتى ذاك الرّجل الذي كان يبيع (شعر بنات) بألوانه المتنوعة لم يعد يأتي ويصرخ بأعلى صوته، ونجتمع حوله ويخبرنا بإحدى نكاته المضحكة لقد تضاءل وأختفى. ولا أنسى جارتنا العجوز التي كانت تمنع أطفال الجيران من اللعب والركض أمام دارها لقد ماتت منذ مدة، وبعدها قد سقط منزلها وهوى سقفها سريعا...

لربما شعر بالوحدة بعدها وأراد اللحاق بها !

وأيضاً نبتت الكثير من الزهور أمام منزلها، كأنها أزهرت لتذكرنا بها!

كلّ شيء هنا يذكرني بكِ، وكلّ شيء يحمل ذكراكِ ويحنّ إليكِ، حتى تلك الوردة الحمراء التي زرعتيها بجوار شجرة بيتنا لقد نمَتْ وكبرت وتريد منكِ أن تسقيها وتلمسيها.

لا عليكِ ،لقد فعلت ذلك بنفسي ببساطة لأنني أحمل كلّ شيء منكِ ولأنّ رائحة عطرك ما زالت تحتضن كلّ قطع ملابسي.

لكنني أودّ لو تحين ساعتي الآن وأرقد هنا بجانبكِ فهو المكان المناسب لي.

أعلم جيداً سوف يتبادر الى ذهنكِ وتتسائلين ماذا عن تلك الوردة؟! لكنكِ ستدركين بعدها أنّها سوف تذبل وتموت ،لأنها لا تتحمل فراقنا معاً.

عرض مقالات: