اخر الاخبار

حذّرت نقابة الأكاديميين العراقيين، الأسبوع الماضي، من “فوضى” تنافس جامعات في العراق على تصنيفات علمية “وهمية”، مؤكدة أنّ أساتذة وطلبة دراسات عليا يقعون ضحايا احتيال مئات من المكتبات والمجلات العلمية الوهمية، بسبب ضغوط تمارسها عليهم جامعاتهم لنشر دراساتهم في تلك المجلات، على اعتبار أن ذلك يساهم في صعود الجامعات في التصنيفات العلمية العالمية.

وفي السنتين الأخيرتين، مارست وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ضغوطاً على الجامعات الحكومية والأهلية كي تطالب الأساتذة وطلبة الدراسات العليا بنشر بحثين على الأقل سنوياً في “مستوعبات سكوباس”، وهي قاعدة بيانات للملخصات والاستشهادات المرجعية الخاصة بالإنتاج الفكري، مع التلويح باحتمال فقدانهم ميزات كثيرة في حال عدم قيامهم بذلك، وتعطيل ترقياتهم العلمية، ما فسح المجال أمام انتشار غير مسبوق لمكاتب البحوث والمجلات العلمية غير الرصينة، التي تسعى فقط إلى تحقيق الأرباح.

وتصل قيمة نشر بحث واحد إلى 3 آلاف دولار أحياناً، ويجبر الأستاذ أو الطالب على دفع هذا المبلغ، في وقت تتنصل فيه الجامعات من أي مسؤولية إذا تبيّن أن مكاتب البحوث والمجلات مقرصنة أو مشبوهة!

600 مكتب احتيال!

في حديث لجريدة “الصباح” الرسمية، قال نقيب الأكاديميين العراقيين مهند الهلال، ان “التصنيفات التي تتنافس عليها الجامعات العراقية، غالبا تكون تجارية ووهمية، باستثناء تلك العالمية المعروفة مثل (شنغهاي) و(تايمز) وغيرهما”، مبينا أن “هذه التصنيفات عبارة عن مواقع إلكترونية تضغط الجامعات على المدرسين والطلبة للنشر فيها، ما يضطرهم للجوء إلى مكاتب تمارس الاحتيال الأكاديمي في كتابة بحوث وأطروحات”.

وأكد أنّ “عدد تلك المكاتب المحتالة وصل إلى 600 مكتب داخل العراق وخارجه، وهي تتسلّط على الباحثين وطلبة الدراسات العليا العراقيين، في حين تحوّلت وزارة التعليم إلى مؤسسة للترويج لبعض المواقع الإلكترونية والمكاتب”!

ودعا الهلال إلى “الحدّ من الظواهر التي تمّس معايير النزاهة الأكاديمية عن طريق التأكد من هذه المستوعبات”، محذراً من “عقوبات كبيرة وكثيرة قد تواجه من ينشر بحثا في هذه المستوعبات”.

وأكد “وجود مجلات مجهولة المصدر، وهي عبارة عن حقل تجارب، ضحيته الأستاذ وطالب الدراسات العليا والباحث”.

كليات تعزل أساتذتها!

وأخيراً عزلت إدارات كليات عديدة، أساتذة عن مهنة التدريس، بسبب عدم نشرهم بحوثاً من خلال مكاتب تمارس الاحتيال الأكاديمي.

وعن ذلك قال الأستاذ في جامعة بغداد علي المحمدي، أن “الجامعة أصدرت أخيراً قرارا بمنعي مع عشرات الأكاديميين، من التدريس، وأحالتنا إلى شغل وظائف إدارية، في إجراء ارتجالي لا يتماشى مع مهنية التعليم ومكانة الأستاذ الجامعي”، مضيفا في حديث لوكالة أنباء “العربي الجديد”، أن “وزارة التعليم العالي وإدارات الجامعات، يعلمون أن نشر البحوث أصبح تجارة مشبوهة، وأن مئات من الاساتذة والطلبة وقعوا ضحية مجلات مشبوهة حصلت منهم على مبالغ كبيرة من دون أن تنشر بحوثهم”.

واستغرب المحمدي من “إصرار الجامعات والوزارة على تجاهل هذا النهج الذي يتنافى مع الأسس العلمية الرصينة”.

وتجنبت وزارة التعليم العالي التعليق على الملف، رغم أنه أصبح ظاهرة بارزة في الجامعات العراقية، وترك الأساتذة والطلبة يقعون ضحية لعمليات الاحتيال الأكاديمي.

ويعد الفساد الذي تعانيه غالبية دوائر الدولة، أحد التحديات التي تواجهها المؤسسة التعليمية، وتتفاقم تأثيراته منذ سنوات، في الوقت الذي تسيطر فيه أحزاب متنفذة على إدارات دوائر وزارة التعليم من دون اعتماد مبدأ الكفاءة، الأمر الذي تسبب في تراجع مستوى التعليم – حسب ما تنقله وكالات أنباء عن أكاديميين ومتابعين للعملية التعليمية.