اخر الاخبار

لا يزال ملف الأموال العراقية المنهوبة واحدا من ابرز الملفات العالقة، حيث لم يجد طريقه الى الحل والمعالجة الجدية، لأسباب عديدة تتعلق بطبيعة القوانين النافذة والحماية السياسية للفاسدين وغيرها.

وتشير أرقام معلنة، الى أن إجمالي الأموال المنهوبة يتجاوز 300 مليار دولار، فيما أوردت وسائل إعلام العام الماضي، أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار. بينما يقدرها برلمانيون بـ 450 مليار دولار.

يحدث كلّ هذا في بلد يصنف ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية عام 2022، إذ جاء بالمرتبة السابعة عربيا والـ 157 عالميا من بين 180 دولة مدرجة على قائمة المنظمة.

ويؤكد مختصون ضرورة الشروع في اتخاذ تدابير وإجراءات وقائية تمنع تهريب الأموال وقطع دابر الفساد قبل البدء بتصفير هذا الملف واسترداد الأموال.

النزاهة توضح..

رئيس هيئة النزاهة، حيدر حنون قال إن «الأرقام التي تنشر في وسائل الإعلام عن حجم الأموال العراقية المنهوبة افتراضية، ولم نصل يوما إلى الرقم الحقيقي. والأسباب عديدة ومنها النفاق الدولي لبعض الدول التي تقول لنا كافحوا الفساد وهي تحتضن بين جنباتها أكبر الفاسدين الهاربين من العراق».

وأضاف قائلا: ان «أموالنا الكبيرة المنهوبة تحتضنها وتضعها في مصارفها الكبرى وكذلك أدخلتها حتى في اقتصاداتها لذلك أموالنا المهربة هي كثيرة لكن العقبة الرئيسية في كشف حجمها والكمية التي هربت وأسماء أصحاب الحسابات المودعة في البنوك الأجنبية. نحن نواجه عقبات تضعها المصارف العالمية وكذلك إدارات الدول عندما لا تكشف لنا عن تلك الحسابات وعن أسماء الفاسدين العراقيين الذين توجد بأسمائهم حسابات كبيرة».

واكد حنون أن هناك مساعي «للحصول على أكبر مساحة للوصول إلى المبالغ التي سرقت»، مردفا «لكنها في حقيقة الواقع مبالغ كبيرة، وقد سرقت من العراق قبل 19 سنة ونيف ودخلت في حسابات وودائع لدى مصارف عملاقة واقتصادات كبيرة. وبعضها ذهب إلى الإرهاب».

إظهار الجدية

من جهته، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح ان قضية الاموال المنهوبة والمسروقة من الدولة، بدأت منذ عهد النظام السابق وصولاً الى الفاسدين بعد العام 2003.

وأضاف صالح في حديث مع «طريق الشعب» قائلا: ان الجهة التي تنظم هذا الموضوع هي «صندوق استرداد الأموال، وهي هيئة عليا، يرأسها رئيس هيئة النزاهة، وفيها ممثلون عن كل الجهات ذات العلاقة»، موضحا أن «استرداد الأموال يحتاج لوجود وثائق صحيحة تتم عن طريق الادعاء العام، الذي يرفع دعوى على الشخص او الكيان لدى المحاكم العراقية، والأخيرة تصدر حكما يذهب إلى منطقة الولاية القضائية في البلد الذي يقيم فيه المطلوب، وهناك تقام دعوى أخرى».

واكد ضرورة «التواصل والإصرار على استرداد الأموال سواء كانت كثيرة أم قليلة، وقطع دابر الجريمة. لذلك نشدد دوماً على ضرورة ان تظهر الجدية في ملاحقة المال العام، إذ أن إظهار هذه الجدية يكافح مصادر الاعتداء على المال العام».

ونبّه صالح الى ان «صندوق استرداد الأموال وقّع الكثير من مذكرات التفاهم مع دول لدينا فيها أدلة او شكوك بوجود اموال عراقية منهوبة على أرضها»، مبينا أن «عملية الاسترداد ليست نقدية فقط. انما هناك عقارات واصول مالية وعقارية. وعلاوة على انها مكلفة وليست سهلة تتطلب توكيل محامين من الخارج. كما انها تعتمد على قانون منطقة الولاية القضائية في البلد الاجنبي، وهل هو متعاون وفعال ومرن أم غير ذلك».

إجراءات عدة

المتخصص في مكافحة الفساد سعيد ياسين، قال إن ملف الاسترداد الاموال المنهوبة خطر ومتشعب، «وأصبح من الملفات العابرة للحدود الوطنية» وفقا لتعبيره.

وأَضاف أن ملف الاسترداد يشمل أموال النظام السابق وما شابه، وان العراق توصل الى استحصال قرار من مجلس الامن الدولي يُوَجّب على دول العالم التعاون معه في استرداد امواله المهربة.

وفي ما يخص الأموال المنهوبة بعد العام 2003 قال ان «جزءا من هذه الأموال موجود في الداخل، وتحوّل إلى عقارات وما شابه ذلك. وجزء منها تم تهريبه. ويضاف الى هذين الجانبين استرداد المطلوبين بموازاة استرداد الأموال المنهوبة والمسربة إلى خارج العراق».

وبيّن ياسين في حديثه مع «طريق الشعب»، انه «تم دمج هذه الأموال في اقتصادات الدول المؤوية لها. بما معناه ان عملية استردادها أصبحت أمرا صعبا بل ويشكل تحديا كبيرا لاقتصادات دول الملاذ، كما في الاردن مثلا، حيث ان الأموال المهربة اليه تبلغ أضعاف موازنة المملكة».

ولفت ياسين إلى، «أننا لا نزال بحاجة إلى إجراءات عدة تتعلق باتخاذ تدابير وقائية وتجريم الأفعال. يضاف إلى ذلك حاجتنا إلى التعاون الدولي، وهذا يأتي بتهيئة البنية التحتية القانونية الداخلية، ومواءمة القانون العراقي مع دول العالم».

ويرهن المتحدث نجاح هذه المهمة بوجود مساعدة قانونية بين العراق ودول الملاذ والعالم، كون العراق طرفا في اتفاقيتين لمكافحة الفساد؛ الاولى هي اتفاقية الامم المتحدة، والثانية هي الاتفاقية العربية.

ويذكر المتحدث ان «الفجوة القانونية وطبيعة تجريم الأفعال والإفلات من العقاب نتيجة الحماية السياسية وتهريب المطلوبين، وادعاء بعض المطلوبين بان الملاحقة سياسية كونهم «معارضين»، الامر الذي يوفر حماية سياسية من دولة الملاذ».

ونوّه ياسين بأن قانون استرداد الأموال يتناغم مع حوالي 41 مادة ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لافتا إلى انه «كانت هناك جهود عراقية في مؤتمر دول الأطراف الأخير، لمساءلة وإعلان أسماء الدول التي لا تقبل ولا ترضى ولا تتعاون مع العراق على استرداد تلك الأموال».

عرض مقالات: