اخر الاخبار

تغصّ العاصمة بغداد بالكثير من المجمعات السكنية العائدة للقطاع الخاص، والتي لم تسهم في معالجة أزمة السكن بقدر إيجادها مقاطعات لعزل فئة من الناس عن بقية المجتمع، وصناعة تمييز طبقي، كون أبراجها الشاهقة توحي بمعالم الترف، ولا تعكس تطورا عمرانيا بل تكدسا للثروات عند فئة معينة من المجتمع، وحرمان السواد الأعظم من العراقيين من التنعم بثرواتهم.

يمكن للمراقب ببساطة أن يلحظ تغول المافيات المرتبطة بالأحزاب المتنفذة في مجال الاستثمار العقاري، وفي قطاع البنوك والصرافة.

وينصح معماريون باللجوء الى إنشاء مجمعات ومدن سكنية واطئة الكلفة، وبأسعار تتناسب وحجم دخول المواطن البسيط من ذوي الدخل المحدود.

مدينة سكنية جديدة

وقد اعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني قرب الاعلان عن 11 مدينة جديدة في العراق، وذلك خلال حفل إطلاق العمل في مدينة الغزلاني السكنية في مدينة الموصل، شمالي العراق، والتي ستشمل 28 ألف وحدة سكنية على مساحة 4800 دونم، وهي المدينة الثانية ضمن الوجبة الأولى المشتملة على خمس مُدن، مشيراً إلى ان “الوجبة الثانية ستشتمل على 11 مدينة سكنية في بغداد والمحافظات”.

وقال السوداني، ان هذه المدن ستكون “متكاملة وتتضمن وحدات سكنية مختلفة، وخدمات طبية وتعليمية ومدراس وجامعات ومراكز تجارية”، موضحا ان “جميع الفعاليات الاقتصادية ستكون متوفرة في المدن الجديدة وفق أحدث المواصفات، وطرق حديثة في البناء”.

وأضاف ان “بناء المدن السكنية يشجع القطاع الصناعي على تأمين ما تحتاجه هذه المدن من المواد الإنشائية، وبمختلف الاختصاصات والنشاطات”.

معايير وضوابط لتحديد الاسعار

المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، قال ان هذه المدن “ستكون مختلفة تماماً عن المجمعات السكنية التي بنيت خلال السنوات الماضية، سواء كانت في بغداد او في بقية المحافظات. ويكمن الاختلاف في انها ستكون مدنا متكاملة تتوفر فيها كل المتطلبات مثل الصحة والتعليم والطرق والخدمات وكل ما تحتويه المدينة”.

وأضاف الهنداوي في تصريح لـ”طريق الشعب”، ان هذه المدن “ستكون عصرية وحديثة من حيث الطراز والتصميم، علاوة على انها صديقة للبيئة، والاهم ان اسعارها ستكون وفق معايير وضوابط تمكن الفئات من ذوي الدخل المحدود من الحصول على وحدات سكنية فيها”.

ونبه الهنداوي الى ان “المعروض من الوحدات السكنية سيكون اكثر من الطلب، وبالنتيجة ستنخفض الأسعار. كما ان للحكومة حصة في هذه المدن السكنية، تصل نسبها الى 25 في المائة، وستخصصها وتوزعها على الفئات المستحقة”.

وفيما يخص النسبة المتبقية التي لصالح الشركة المستثمرة، فان الحكومة حددت ضوابط ومعايير لا تسمح بان تتجاوز الاسعار سقوفها المحددة، وفقا للمتحدث.

وزاد على حديثه بالقول: أنه “تم تحديد الاراضي وتخصيصها فإحدى المشاكل التي تواجه المشاريع دائماً هي استملاكات الارض وبالنتيجة لم يتم الاعلان عن المدن الا بعد ان تم تحديد الاراضي المخصصة لها”.

وبين ان هناك “16 مدينة سكنية في عموم العراق: 2 او 3 منها في بغداد، والبقية توزع على المحافظات”، مشيراً الى انه من المتوقع ان “تحل هذه المدن نسبة 50 في المائة من ازمة السكن في العراق، اذا ما أنجزت بأحجامها المعلن عنها”.

ماذا عن مساهمة الدولة؟

ويعتقد المهندس سلوان الاغا أن “هذه المدن لا يمكن لها أن تعالج أزمة السكن في البلاد، كون أكبر هذه المدن التي تم اعلن عنها تستوعب 120 الف وحدة سكنية، بينما نحن نحتاج الى 3 مليون وحدة”.

وتعليقا على تصريح الهنداوي، أكد الاغا لـ”طريق الشعب”، ان الحديث عن حل 50 في المائة من ازمة السكن “لا اجده واقعيا. حتى ولو ذهبت فعلاً تلك الوحدات السكنية الى العوائل والمواطنين المستحقين”.

وشدد الاغا على ضرورة “عدم توزيع الوحدات بشكل عشوائي، بالتالي عدم تحقيق الهدف من انشاء المدينة او المجمع. كما انه اذا تم التعاطي مع هذا الامر بنفس الآلية الحالية لدى المجمعات السكنية قيد الإنشاء والمنجزة، فبكل تأكيد لن نحل شيئاً من الازمة”.

ونوه بضرورة “السيطرة على أسعار الوحدات السكنية، حيث يجب ان تكون الوحدات واطئة الكلفة، وتنسجم اسعارها مع دخول المواطنين البسطاء، وعدم المبالغة بحجم الاسعار، فهذا واحد من اهم الامور التي تعيق المواطنين المحتاجين من الإقدام على شراء وحدات سكنية”.

وعن ابرز ما يجب مراعاته قال، ان “هذه المدن السكنية ستكون بعيدة عن مركز المدينة بكل تأكيد، لذلك يجب اخذ مسألة ربطها بالطرق الرئيسية ومركز المدينة بنظر الاعتبار، والامر ذاته بالنسبة للخدمات والكهرباء والصرف الصحي وغيرها من العوامل”.

ونوه الى ان “حل ازمة السكن هو مسؤولية مشتركة، لا يتحملها فقط المستثمر، فحجم الحاجة كبير جداً، لذلك ينبغي ان تساهم الدولة ايضاً بالحلول. ومن هذه الحلول شروع وزارة الاعمار والاسكان بالعمل على إنشاء نماذج واطئة الكلفة وبمبالغ يسيرة، وان لا يتمحور التفكير حول الجدوى الاقتصادية الانية”.