اخر الاخبار

برغم تخصيص مبالغ ضخمة لمحافظة الديوانية، التي تُعد من أبرز المحافظات الزراعية في العراق، إلا أن واقع الخدمات والبنى التحتية ما زال يعاني من أزمات متراكمة، بين ضعف التجهيزات الأساسية وتلكؤ المشاريع الكبرى، فيما تتبادل الحكومة المحلية والوزارات المركزية والشركات المنفذة الاتهامات المتبادلة.

 وبينما يشتكي المواطنون من سوء الإدارة وغياب الدعم، تؤكد وزارة الإعمار والإسكان أن العمل متواصل لاستكمال المشاريع المتأخرة وتحسين الواقع الخدمي.

نقص حاد في الخدمات

وقال الناشط والصحفي أمين الهلالي من محافظة الديوانية، إن سكان المدينة البالغ عددهم مليون نسمة، يعتمدون بشكل رئيس على الزراعة كمصدر للعيش بفضل الأراضي الخصبة والموارد المائية المتوفرة، لكن الجفاف وشح المياه وغياب الخدمات والدعم الحكومي جعلت الناس تفكر بالنزوح".

وأضاف الهلالي في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "المحافظة تعاني من نقص حاد في الخدمات العامة والبنية التحتية، بما في ذلك الكهرباء والمياه والرعاية الصحية والتعليم"، مشيراً إلى أن الطرق والمواصلات بحاجة ماسة إلى التطوير.

وأوضح أن هذه الظروف تؤثر بشكل مباشر على السكان، لا سيما في المناطق الريفية التي تعتمد بشكل أكبر على النشاط الزراعي.

وأشار الهلالي إلى أن مخصصات الحكومة للمحافظة قد لا تكون كافية لتلبية احتياجات السكان، مؤكداً أن ضعف إدارة الأموال وتوزيعها يزيد من صعوبة تحسين الخدمات أو تنفيذ مشاريع تنموية، تسهم في رفع مستوى المعيشة.

وخلص الهلالي إلى أن مستوى الخدمات في الديوانية "سيئ إلى حد ما، مقارنة بحجم احتياجات السكان، والطبيعة الزراعية التي تتطلب دعما كبيرا لتحسين الإنتاج والبنية التحتية".

تخصيصات المحافظة

فيما أكد احمد المغامس، مراقب للشأن المحلي في محافظة الديوانية، أن حجم المبالغ المخصصة للمحافظة من قبل مجلس الوزراء يُعد سابقة هي الأولى من نوعها، إذ تم تخصيص نحو تريليون ونصف دينار لمشاريع في مدينة الديوانية، غير أن معظم هذه المشاريع أُحيلت إلى وزارات مركزية، بينها مشاريع للطرق والمجسرات والمجاري وأحياء سكنية.

وأوضح أن تجربة المحافظة مع الوزارات في ملف الإحالات "عقيمة جدا"، مشيرا إلى أن أي شركة تُحال إليها المشاريع الوزارية لا تخلو من المشاكل.

وأضاف أن هناك نحو عشرة مشاريع وزارية متلكئة، 6 منها تابعة لوزارة الإعمار والإسكان، تشمل مشاريع للماء والطرق والعمارات السكنية، وهي متوقفة حتى الآن.

وتابع أن الشركة المسؤولة عن مشروع تأهيل 42 حيا في المدينة واجهت منذ البداية اعتراضات رسمية، حيث بادر احد النواب إلى مخاطبة الوزارة مطالبا بالتحقق من أوراق تأسيسها، بل وأقام دعوى قضائية، لكن وزارة الإعمار والإسكان والبلديات أصرت على إحالة المشروع عليها.

وبين أن العقد المبرم مع الشركة لا يضمن تأهيل جميع الأحياء الـ42، بل يعتمد على "جداول الكميات"، بمعنى أن أي نقص في التمويل أو المواد قد يؤدي إلى توقف العمل دون إكمال كافة الأحياء. ورغم مباشرة الشركة العمل في نحو 11 حيا إلا أنه بعد مرور عام كامل لم يتم إنجاز أي حي بشكل كامل، فيما اقتصرت النتائج على حفريات وأعمال متوقفة.

وأشار إلى أن عمل هذه الشركة مرتبط أيضًا بشركة "نور الأفق" المنفذة لمشروع المجاري، وهي الأخرى شركة متلكئة، ما أدى إلى فوضى كبيرة في ملف الإعمار داخل الديوانية.

وختم بالقول إن قضية "النسب والعمولات" في المشاريع باتت أشبه بواقع مسلم به في العراق، قائلاً: "للأسف الشديد، وكأن الجميع مشترك في هذا الفساد، إلا ما ندر".

المشاريع الحكومية

من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان نبيل الصفار، أن الوزارة ماضية في تنفيذ مشاريع البنى التحتية في محافظة الديوانية، لا سيما المتعلقة بقطاعي الماء والمجاري، مشيراً إلى أن عدداً من هذه المشاريع وصل إلى مراحل متقدمة من الإنجاز.

وقال الصفار لـ "طريق الشعب"، أن مشروع مجاري الديوانية الكبير الذي انطلق منذ عام 2011 – بلغت نسبة إنجازه أكثر من 80 في المائة بطاقة تصميمية تصل إلى 100 ألف متر مكعب يومياً"، لافتاً إلى أن المشروع يعد من أهم المشاريع الخدمية في المحافظة، مؤكداً أن هذه المشاريع ستسهم في تحسين الواقع الخدمي.

وأضاف أن هناك دراسات قائمة لتنفيذ شبكات لمياه الأمطار مع محطات الرفع في أقضية أخرى، فضلاً عن مشاريع قطاع الماء، مثل مشروع ماء الدغارة سومر، ومشروع ماء الشافعية، إضافة إلى مشروع الخطوط الناقلة إلى مدينة الديوانية.

وفي ما يتعلق بمشاريع الإعمار الأخرى، بين الصفار أن العمل جار على تأهيل 42 حيا سكنيا في الديوانية، بالتعاون مع الحكومة المحلية لمعالجة بعض الإشكالات الفنية التي ترافق التنفيذ. كما أشار إلى وجود مشاريع في قطاع الطرق وأخرى قيد الدراسة في أقضية الحمزة والبدير، تشمل إعداد الدراسات الاستشارية والتصاميم الأولية.

وشدد الصفار على أن الوزارة حريصة على تسريع وتيرة العمل، مؤكداً أن أية مشاكل أو معوقات يتم التعامل معها بروح الفريق الواحد وبالتعاون مع الحكومة المحلية، بهدف إتمام المشاريع وتقديم خدمات أفضل لسكان المحافظة.

سوء التخطيط والادارة

هذا وكشف مصدر حكومي مسؤول، فضّل عدم الكشف عن اسمه، عن حجم الأزمات التي تعانيها محافظة الديوانية على صعيد المشاريع الخدمية والتنموية، متهماً إدارات المحافظة السابقة والحالية بسوء التخطيط والإدارة، فضلاً عن التدخلات السياسية وملفات الفساد.

وقال المصدر ان "المحافظة تواجه معاناة كبيرة جداً في ما يتعلق بالمشاريع، سواء تلك التي تقع ضمن الاختصاص الوزاري أو مشاريع تنمية الأقاليم التي تقع تحت مسؤولية المحافظ مباشرة."

وأشار إلى أن عدداً من المشاريع الوزارية الكبرى في المحافظة ما تزال متلكئة منذ سنوات طويلة، مثل مشروع المستشفى الأسترالي الذي لم يكتمل حتى الآن، ومشروع كسر الجمهورية الذي استغرق أكثر من 12 عاماً حتى جرى إنجازه بشكل غير لائق، إضافة إلى مشروع مجاري الديوانية الكبير الذي ما يزال متوقفاً، ومشروع تأهيل 42 حياً في مركز المحافظة الذي أحيل في البداية إلى شركة واحدة من قبل وزارة الإعمار والإسكان، قبل أن يتم تقسيمه على عدة شركات بعد احتجاجات شعبية واعتراضات محلية.

وأكد المصدر، أن نصف هذه الأحياء ما يزال دون تمويل مالي كاف، ما أدخل المحافظة في أزمة كبيرة أثرت على واقعها الخدمي والمعيشي، لافتاً إلى أن مشاريع تنمية الأقاليم المحالة خلال أعوام 2022 – 2025 تواجه بدورها مشاكل في التنفيذ، إذ أن عدداً كبيراً منها متلكئ أو نُفّذ بطريقة غير مرضية وغير مطابقة للمواصفات.

 

عرض مقالات: