اخر الاخبار

يعد “مستشفى ابن الهيثم” التعليمي في بغداد، أكبر مؤسسة صحية علاجية متخصصة في طب وجراحة العيون في العراق. وهو لو توفر فيه المزيد من الإضافات والتغييرات والتطويرات، لكان سينافس كبار مستشفيات العالم المتخصصة في هذه الجراحة الدقيقة والخطيرة في الوقت ذاته.

مصدر فخر هذه المؤسسة الطبية الرصينة، هم الأطباء المقبلون على الحياة والعلم والعمل، الذين يحملون أدق التخصصات العلمية الطبية النادرة، ومنها ما يفوق الدراسات السريرية العليا والأكاديمية.. الكل يعمل دون كلل تحت وطأة مراجعة مئات المرضى المثقلين بهموم المرض ومشكلات الحياة، ومنهم من يتألم لواقع البلد السياسي الذي ترك مثل هذا المشفى يواجه وحيدا أكثر من 700 مريض يوميا، وعليه أن يدخل هذا الجمع المختلف في الطباع والأمزجة في مراحل الكشف المبتدئة بمرحلة قياس درجات البصر وبعدها مرحلة فحص ضغط العيون، ثم التوجه إلى الطبيب الممارس وبعده الطبيب الاختصاص. وتحت وطأة كل هذه الخطوات يغص المستشفى بزحام المراجعين المستمر اضافة إلى مئات المنتظرين الجالسين في القاعات المكيفة جيدا.

هذا المستشفى يعاني الإهمال. فهناك فرق واضح بين طموح الأطباء والإهمال الحكومي المتجسد في عدم مراعاة واقع الزخم الشديد الذي تواجهه الكوادر الطبية، والذي يتعارض علميا وعمليا مع وظائف هذا المرفق ذي المساس بالتقدم العلمي لا التراجع الإداري. فقد كان حريا بوزارة الصحة أن تقف صباح كل يوم لتشاهد اكداس البشر القادمة من كل أنحاء العراق منذ ساعات الصباح الأولى، للحصول على دور الدخول إلى غرف الفحص الأولي. كان حريا بالوزارة أو رئاسة ديوان مجلس الوزراء، إقامة مستشفى شقيق لـ “ابن الهيثم” في جانب الكرخ، على غرار مستشفيات العالم المعاصر، لإنهاء الإرباك الشديد الذي تشهده هذه المؤسسة الصحية، ولتمكين العراق من ان يكون قدوة لدول الشرق الأوسط في مجال طب العيون، كما كان سابقا في الطب العام.

ان بناية المستشفى التي تم تشييدها عام 1985، لم تعد تتناسب، بعد هذه الفترة الطويلة، مع تطور طب العيون وأجهزته التي باتت تستبدل كل فترة. فالبناية تصلح هذا اليوم لأن تكون مستشفى استشاريا للأمراض الطارئة والامراض الاعتيادية الأخرى، وليس لمستشفى متخصص في طب وجراحة العيون!

ملاحظات نأمل أن تأخذ بها الجهات المسؤولة:

- العمل على تجاوز التكدس البشري صباح كل يوم في المستشفى، وذلك بتمديد حاجز الدور إلى باب يخصص لدخول المراجعين الذين يتسابقون على قطع التذاكر، وليكن بابا يسمح بدخول فرد واحد ضمن حاجز الدور الحديدي، وعندها سيأخذ المريض دوره حسب لحظة الوصول.

- زيادة عدد موظفي قطع التذاكر، خاصة في الساعة الأولى.

- نقترح إقامة بناية في الفراغ الموجود أيمن مبنى المستشفى، تكون ملاصقة للمبنى الأساس، من أجل مضاعفة قاعات فحص البصر وقاعات فحص العيون لدى الأطباء الاختصاصيين، وبالتالي سيساهم ذلك في تخفيف الزحام عن الطبيب الفاحص، وتمكينه من التركيز واستحصال لحظات للراحلة المطلوبة. فالطبيب، كما لاحظنا، يقبع وراء أجهزة الفحص حتى انتهاء الدوام، وهذا يضر تماما بهذه الثروة العلمية نادرة التحصيل.

- الاهتمام بمسألة الإداريين أو معيني الأطباء. فمثلا، أن الطبيب الذي أراد رفع الشاش عن عيني، دق الجرس مرتين ولم يأت الشخص المطلوب للمساعدة، ما اضطره إلى ترك الجهاز الذي يعمل عليه، والتوجه إلى المخزن لجلب المعقم والشاش، وهذا ما حدث امامي مرات عدة. كما لاحظت إرباكا إداريا واضحا بسبب شدة الزحام، ولاحظت أحيانا قليلة، ضعفا في الاهتمام.

- لاحظت أن باب غرفة العمليات مفتوحة طيلة زمن إجراء العملية، وهناك من هو خارج ومن هو داخل. فالمطلوب تعقيم الغرفة وغلق بابها.

- الطبيب المعالج، ونظرا لتركيزه على أهمية العملية ونتائجها، فإنه أحيانا ما يهمل إفهام المريض بإجراءات ما بعد العملية، أو طرق تناول الأدوية. فالمطلوب طباعة هذه التعليمات على ورق خاص، يسلم للمريض أو مرافقيه حال خروجه من العملية.

- لا مانع لدى الكثيرين من المرضى والمراجعين، الذين استطلعت آراءهم، من وضع رسوم تتناسب واسعار الأدوية الحكومية لأغراض العمليات، على أن يكون الدواء الخاص بتلك العمليات مصروفا من المستشفى تحديدا، وذلك لكثرة البدائل من الأدوية وكثرة الأدوية غير الصالحة للاستعمال أو المقلدة.

واخيرا اقول أمام الملأ وبإنصاف، أن هذا المستشفى رصين ويعمل فوق طاقته، ما يولد الإرباك والخطأ. وان كل ما هو خارج عن قدرة المستشفى وصلاحياته يقع على عاتق وزارة الصحة، ورغم علمي بالوضع العام ووضع الوزارة المالي الخاص، أقول لا بد من دفع هذه التجربة النموذجية (عمليات زرع القرنية) في هذا المستشفى، إلى الامام، والاخذ بالحل الصحيح والسريع، ألا وهو إجراء ولادة جديدة لـ “ابن هيثم” جديد في جانب الكرخ العتيق!