اخر الاخبار

لم تمض على ارتفاع درجات الحرارة سوى أيام قليلة، حتى عادت أزمة الكهرباء مجددا إلى الواجهة بمأساتها المعروفة. كما لم يختلف الحال هذه المرة فيما يتعلق بالتعامل الحكومي مع المتظاهرين الغاضبين.

وطالب الحزب الشيوعي العراقي، باتخاذ إجراءات حازمة بحق المسؤولين عن استخدام العنف المفرط ضد المحتجين في ناحية الوحدة

وفي مقابل التبريرات الحكومية لأسباب الأزمة، عدّ مختصون وخبراء، الفساد والنفوذ السياسي “عاملين يقفان خلف هذا التردي ويستمران بذلك نتيجة غياب الشفافية ومحاسبة المتورطين”.

ادانة ومطالبة

وعبّر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق فاروق فياض عن ادانة الحزب استخدام العنف ، واطلاق الرصاص الحي ضد المحتجين في ناحية الوحدة.

وذكر الرفيق فياض في تصريح لـ”طريق الشعب”، ان “تكرار الاعتداءات على المتظاهرين السلميين المطالبين بحقوقهم يجب ان يتوقف”.

وتساءل عن “اسباب عدم التنفيذ والالتزام بالقرارات الصادرة عن القيادات الامنية بعدم اطلاق الرصاص الحي او استخدام العنف ضد المحتجين”، مضيفاً ان “ذلك يشكل خرقاً يتوجب ان تتحمل مسؤوليته الحكومة”.

ونبّه الرفيق فاروق فياض الى ان “استمرار الوضع المتردي للخدمات، وواقع الكهرباء خصوصاً، واشتداد المصاعب المعيشية لأوسع قطاعات الشعب، تؤجج مشاعر الغضب المشروعة لدى عموم المواطنين، وتدفعهم الى لاحتجاج للتعبير عن معاناتهم ومطالبهم المشروعة لتأمين اساسيات الحياة اليومية، ومحاسبة الفاسدين  والفاشلين والخاملين وغير الجديرين بالمسؤولية”.

 بغداد تشيّع شهيدها الشاب

ورفض رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في تصريح قبل عام، قتل متظاهرين اثنين في بغداد، بسبب احتجاجهما على سوء الخدمات الكهربائية، لكن مشاهد العنف عادت مؤخراً. وذكر عدد من المدونين ان الشهيد الذي سقط في ناحي الوحدة “هو تاسع شهيد” في زمن الحكومة الحالية.

وشهدت ناحية الوحدة، احتجاجات واسعة قرب دائرة توزيع الكهرباء، إثر زيادة ساعات غياب الطاقة، وتدخلت قوات مكافحة الشغب لتفريق المتظاهرين، فيما أصيب أثناء ذلك عدد من المتظاهرين واستشهد آخر.

وشيّع أهالي الناحية، الشاب محمد ستار، الذي استشهد أثناء التظاهرات السلمية، التي طالبت بإصلاح المنظومة الكهربائية والتحقيق في ملفات الفساد.

وقال المواطن، مهدي وحيد، وهو من أهالي الناحية، إن القوات الأمنية تعاملت بطريقة قاسية لفض التظاهرات.

وأوضح وحيد لـ”طريق الشعب”، إن الشهيد فارق الحياة نتيجة دهسه بطريقة إجرامية، فضلا عن وقوع إصابات بين صفوف المتظاهرين، مضيفا ان “الحكومة تتعامل بقسوة شديدة مع الناس الذين يطالبون بأبسط حقوقهم، بينما تغض النظر عن الذين يهينون سيادتها ويسرقون المال العام”.

تظاهرات واسط

أما في محافظة واسط، فتظاهر العشرات من أهالي منطقة البتار، احتجاجا على تراجع تجهيز الطاقة أيضا. وطالبوا بإكمال ربط المحطة المتنقلة في المنطقة.

ونظم الأهالي وقفة احتجاجية أمام محطة الكهرباء في المنطقة، للمطالبة بزيادة ساعات التجهيز الكهربائي، فيما هددوا بالتصعيد خلال الأيام القادمة، ما جعل محافظ واسط، محمد المياحي، يدعو رئيس الوزراء إلى “الإشراف بنفسه على إدارة أزمة الكهرباء لتلافي المشاكل المتكررة في كل صيف”.

وفي قضاء النعمانية التابع إلى محافظة واسط، حمل المواطنون شكاوى عبر “طريق الشعب”، إلى وزارة الكهرباء والجهات ذات العلاقة، بسبب تفاقم أزمة الكهرباء.

وقال المواطن، مجيد حسن لـ”طريق الشعب”، إن “ساعات الانقطاع أصبحت طويلة بينما المواطنون يعانون كثيرا خصوصا في شهر رمضان”، متسائلا “كيف سيكون الحال بعد شهر أو شهرين عندما تكون درجات الحرارة عالية جدا، وأين هي استعدادات الوزارة؟”.

من جهته، أفاد قائم مقام النعمانية، محمد عيدان الوائلي، لوكالات الأنباء، بأن “المشكلة تكمن في قلة تجهيز الغاز الإيراني، وخروج عدد من المحطات عن العمل لأغراض الصيانة”، حسب قوله. فيما أرجعت مديرية توزيع كهرباء واسط أسباب انخفاض ساعات التجهيز في إلى وجود “خلل فني طارئ”، وهو الأمر الذي عدّه المواطن حسن، مجرد “أعذار تتكرر في كل عام”.

وشهدت محافظة كربلاء، خلال الأيام الماضية، انقطاعا كبيرا للطاقة الكهربائية في عموم المحافظة التي تحولت شوارعها إلى ظلام دامس.

في حين شكا مواطنون من مختلف المحافظات، أزمة الكهرباء التي بدت تظهر في مثل هذه الايام التي “لا يمكن اعتبارها أياما ساخنة”، بحسب قولهم.

فساد وسوء إدارة

وفي السياق، القت وزارة الكهرباء سبب الأزمة على الجانب الإيراني.

وبحسب المتحدث باسم الوزارة، أحمد موسى العبادي، فإن “تراجع ساعات تجهيز الكهرباء يأتي بسبب انحسار إمدادات الغاز الإيراني وخروج محطة شرق بغداد عن الخدمة”، مبينا أن “نقص التجهيز شمل جميع المحافظات لان خروج أي محطة عن الخدمة يؤثر على عمل بقية المحطات”.

وتعليقا على ذلك، تحدث علي الحيالي، الخبير في الطاقة الكهربائية، في حديث لـ”طريق الشعب”، إلى أن “محطات التوليد متهالكة وتعرضت أيضا إلى التخريب والأحمال الزائدة، ولم يجر العراق أي محاولات جدية للاعتماد على غازه المحروق، واعتمد على إيران التي جعلت غازها ملفا سياسيا. وهذا يوضح كيف أن جهات متنفذة عملت ضمن هذا الإطار على عرقلة بناء محطات للكهرباء والاستفادة من الغاز العراقي رغم آمالنا التي عقدناها على ان تؤسس الحكومات العراقية محطات متطورة جديدة لإنتاج الكهرباء”، مبينا أن “الحكومات المتعاقبة أنفقت بحسب مصادر موثوقة أكثر من 40 مليار دولار أمريكي على الكهرباء، وبهذا المبلغ كان من الممكن شراء أصول شركات كهربائية كاملة، ولكن هذا لا يلائم القوى السياسية المتنفذة والموغلة بالفساد”.

العراق يحرق غازه

وعلى صعيد متصل، أشار الباحث في الشأن الاقتصادي، رعد الكناني، إلى إن “الفساد والإهمال وسوء الإدارة تسببت بأن يحرق العراق نصف غازه المصاحب بدون الاستفادة منه”.

وأوضح الكناني لـ”طريق الشعب”، أن “العراق يستورد من إيران الغاز الطبيعي بمبالغ طائلة، وترتبت عليه حاليا ديون ضخمة، لكنه بنفس الوقت يحرق 10 أضعاف الكميات الإيرانية، وهذا ما أشارت له تقارير دولية كثيرة قدرت الهدر بحوالي مليارين ونصف المليار سنويا. أي أنه يحرق يوميا غازا طبيعيا تقدر قيمته بأكثر من 18 مليون دولار، رغم إن احتياطات البلد من الغاز يمكن أن تجعله في مراتب متقدمة عالميا”.