اخر الاخبار

دفعت تظاهرات واحتجاجات الخريحين وحملة الشهادات وما تعرضوا له مجددا من قمع وتفريق بالقوة لتجمعاتهم بعد الاعتداء عليها .. دفعت الى الواجهة مرة اخرى مسالة البطالة بين الشباب، التي تقدر بانها في حدود 40 في المائة.

ومن جديد انطلق النقاش والسجال بشأن دور الدولة، ممثلة بالسلطتين التنفيذية والتشريعية، في استيعاب قوى العمل الجديدة، ومن بينها طبعا حملة الشهادات العليا .

وإذ لا جدال في ان التوظيف في مؤسسات الدولة ليس هو الطريق الناجع ، حيث أدى ويؤدي الى تضخم جهاز الدولة وترهله من دون مردود اقتصادي – انتاجي ذي قيمة ، فان من واجب الدولة ان توفر فرص عمل، مع التشديد على إمكانية التمتع بهذا الحق الدستوري من جانب المواطنين جميعا، بلا تمييز لاي سبب كان.

ومن المؤكد ان هذا لن يتحقق في ظروف حماس المتنفذين لاشاعة النزعة الاستهلاكية في المجتمع، وتعطيل المؤسسات الإنتاجية، والا في ظروف النهوض بكافة القطاعات، العام والمختلط والخاص والتعاوني، وإيجاد  أرضية لنمو اقتصاد متنوع وديناميكي، وتأمين مستلزمات تنمية مستدامة .

وعندما تسد كل الأبواب امام هؤلاء الشباب الذين يريدون العيش في ظروف يتوفر فيها  الحد الأدنى من مستلزمات الحياة الانسانية الكريمة، فانهم يلجأون الى الدولة للحصول على فرص عمل. لكن غالبيتهم لا تدرك هذه الفرص، حيث يستحوذ عليها المتنفذون الذين يغدقونها على مريديهم ومؤيديهم واقاربهم، فيتضاعف التذمر والسخط مرةً بسبب عدم الحصول على الفرصة في وقت المعاناة المشتدة والجوع والفقر، ومرةً بسبب التمييز القائم واغراق القوى المتنفذة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية بالزبائن والاتباع، بل وحتى بمن يستطيع ان يدفع ويشتري الوظيفة.

ان لاستمرار هذا الحال وارتفاع نسب الفقر والبطالة انعكاسات سلبية عديدة، بضمنها هذا النزيف المتواصل لقوى المجتمع الحية وتضييعها، وإلقائها في متاهات وسلوكيات لا تريدها هي ولا ترغب فيها.

لذا  فان الدولة والحكومة امام مسؤولية مضاعفة في الحرص على شبيبة الوطن وتنمية قدراتها، والاستثمار الأمثل لطاقاتها الخلاقة. وهذا لا يجمعه جامع من بعيد اوقريب، مع اللجوء الى القوة بدل تأمين الحلول للمشاكل والقضايا المثارة، والتي تخص الملايين من بنات وأبناء شعبنا .