يشهد مطار النجف الدولي منذ يومين حالة غريبة، إثر رفض مدير المطار تنفيذ قرار مجلس المحافظة بإقالته وتسليم إدارة المطار للمدير الجديد الذي عيّنه. ووصل الأمر حد الاشتباك بالأيدي بين أعضاء مجلس المحافظة من جهة، والمدير القديم من جهة أخرى.
وحتى لحظة تدوين هذه السطور تواصل الأحداث بخصوص هذه القضية تطورها، وهي تشبه في طبيعتها أحداثًا أخرى، منها التي وقعت في ديالى حيث تعرض أعضاء مجلس المحافظة للتهديد، لإجبارهم على التصويت لصالح مرشح محدد لمنصب المحافظ.
لا يمكن بأي حال التسامح مع هذا النوع من السلوك، الذي يُعد أحد تجليات المحاصصة، حيث يتقاسم المتحاصصون المناصب والمكاسب، ثم يسعون جاهدين لفرض سيطرتهم عبر هذه التصرفات المُدانة.
هذه الأحداث في مطار النجف تشكل مثالاً صارخاً على الانحرافات الخطيرة في الأوضاع السياسية، والتي تستدعي معالجات جذرية لمنع تقويض أسس النظام القانوني وتهديد السلم الأهلي.
وكما قلنا ونكرر إن المحاصصة لن تُفضي إلا إلى مزيد من الانقسام، وإن مواصلة هذا النهج والسلوك السياسي المُدان، هو دليل على الفشل في إدارة الدولة بطريقة تحترم حقوق المواطنين وتُعلي شأن القانون.
رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على إعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات، لا تزال عملية تشكيل الحكومتين المحليتين في كل من كركوك وديالى تواجه معرقلات متنوعة، نتيجة تمسك المتنفذين بالحصول على المغانم حتى وإن أدى ذلك الى تعطل مصالح الناس
في أكثر من مرة أعلن عن التوصل إلى اتفاقات سياسية تفضي إلى تشكيل الحكومات المحلية في هاتين المحافظتين، إلا أن الكتل السياسية المتنفذة سرعان ما كانت تتراجع، ضاربةً عرض الحائط بالتوقيتات الدستورية لانتخاب الحكومات المحلية.
وقد اعتادت الكتل المتنفذة على تجاوز الدستور وتعطيل مصالح االمواطنين، كما لا تجد مانعًا من تعطيل الكثير من الأمور في اجل بسط نفوذها.
إن ما يحدث في كركوك وديالى هو واحد من تجليات المحاصصة والتكالب على المغانم، فالمتنفذون على استعداد لتجاهل كل الضرورات وضرب القوانين والأعراف في سبيل الإبقاء على مكاسبهم وامتيازاتهم.
ورغم أن تشكيل الحكومات المحلية لم يشذ عن المحاصصة، إلا أن القائمين على عملية تشكيلها في هاتين المحافظتين قد اختلفوا على توزيع المناصب.
ويبقى السؤال الأهم: من يحاسب هؤلاء على انتهاكهم الدستور؟
يذكر بعض المصادر ان إعداد بحث من قبل الطلبة في بعض الجامعات الأهلية لا يكلّف سوى 10 آلاف دينار: تذهب الى المكتبة التابعة للكلية، لتجد بحثا كان قد أعده أحد الأساتذة ووضع له 50 عنوانا، ليختار كل طالب واحدا منها ويعود به الى الأستاذ ذاته، بعد ان يدفع 10 الاف دينار الى صاحب المكتبة. فيأخذ هذا تكاليف الطباعة ويدفع الباقي للأستاذ، الذي يمنح كل من يشتري بحثه 5 درجات.
ويقال إن فلسفة هذه الجامعات هي عدم إتعاب الطلبة، بما يجلب لها مزيدا من الزبائن! ويسعى أساتذتها لابتكار طرق «علمية» لا تزعج الطلبة وتربك حياتهم الجامعية ولا تضيع عليهم الوقت.
فهل هذا صحيح يا اولي الامر؟
أضحت عملية تعبئة الوقود مكلفة للسائقين الذين لجأوا مؤخرا الى تجربة الدفع الإلكتروني، حيث يؤكد الكثيرون ان هناك عمليات استقطاع «خفية» تتسرب من بطاقاتهم. فعند تسلمهم الفاتورة من قبل «البوزرجي» يلاحظون أن المبلغ المستقطع المذكور في وصل التعبئة يختلف عن المستقطع فعليا من البطاقة. فهناك اذن عمولة إضافية لا يعرفون الى من تذهب!
بعد اغتيال شيخ عشيرة البيات حسين علوش في قضاء كفري، باستخدام طائرة مسيرة، تستعد لجنة الأمن والدفاع البرلمانية لمناقشة ملفي المسيرات المجهولة والاغتيالات.
واستخدام المسيرات في عمليات الاغتيال، وهو ليس جديدًا عندنا، يُعد مؤشرًا خطيرًا على تنامي خطر السلاح المنفلت، وهو مدعاة قلق بالغ يعكس عدم قدرة الحكومة على ضبط الملف الأمني في ظل تعدد مراكز القوى الأمنية في العراق، والتي من بينها جماعات خارجة عن القانون وجهات أجنبية، فضلًا عن بعضها الآخر غير الدستوري.
إذا كانت هناك رغبة جادة لدى الجهات ذات العلاقة بمعالجة الملف بشكل فعلي، فان من واجب الحكومة نزع خطر الجماعات المسلحة، مهما كانت انتماءاتها، وتطبيق القانون بشكل صارم، وتهيئة خطط وآليات أمنية تمكّن العراق من حفظ استقراره وأمن مواطنيه. وان عليها الآن ان تحظر بشكل كامل امتلاك المسيرات، الا من قبل المؤسسات العسكرية الدستورية.
ولابد من القول بعد هذا ان استمرار انفلات السلاح، ثم انفلات المسيرات اليوم، لا يجمعهما جامع مع الحديث عن الاستقرار الأمني!
صوّت مجلس النواب مؤيدا مشروع قانون تعديل قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969، الذي ينص على «تجريم الأفعال التي تدخل تحت مفهوم عقوق الوالدين وحماية الأسرة والنظام الاجتماعي»، ولتأكيد حصانة عضو مجلس النواب، وتجريم إهانة السلطات العامة، مع الإقرار بحق المواطنين في التعبير عن آرائهم وفي نقد السلطات العامة بقصد تقويم ادائها او ابداء المظلومية من قراراتها.
ان تمرير المجلس مثل هذا التعديل يهدف علنا الى التضييق على الحريات وملاحقة المواطنين، فقد تضمن التعديل كلاما فضفاضا غير واضح، مثل ما جاء في المادة ٢٢٦- اولا : يعاقب بالحبس او الغرامة من أهان بإحدى طرق العلانية السلطات العامة التشريعية او القضائية او التنفيذية او السلطات الإقليمية او المحلية أو دوائر الدولة الرسمية او شبه الرسمية.
فالتعديل لا يحدد المقصود بالاهانة، ولا الفعل الذي يعتبر إهانة، وهذا ما يعزز الاعتقاد ان الهدف من تعديلات كهذه هو خنق حرية التعبير وملاحقة المواطنين بسبب آرائهم. وليس واضحا بالطبع ما المقاييس والمعايير التي تحكم ذلك؟ لا شيء جليّا، فيكون لـ»لاجتهاد» دوره الحاكم!