بلغ اجمالي مبيعات البنك المركزي من الدولار أمس الاثنين قرابة 226 مليون دولار.
وحسب ما اعلن فان “معظم المبيعات ذهبت لتعزيز الأرصدة في الخارج على شكل حوالات واعتمادات، وبواقع ٢٠٩ ملايين، فيما ذهبت البقية وهي حوالي 17 مليونا، على شكل مبيعات نقدية”.
وقد غطى البنك المركزي تلك المبيعات بسعر صرف بلغ ١٣٠٥ دنانير لكل دولار للاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الالكترونية، وبسعر ١٣١٠ دنانير للحوالات الخارجية وبسعر الصرف ذاته في المبيعات النقدية.
ويجري الحديث دائما عن ان الحوالات الخارجية هي لتغطية الاستيراد، وفي هذا الشأن يقول خبير اقتصادي ان قيمة السلع المستوردة للقطاع الخاص العراقي من خلال المنافذ الرسمية والمؤشرة في الهيئة العامة الكمارك، لم تزد عن ١٦٫٦ مليار دولار في عام ٢٠٢٢ .
فمن يجيبنا عن السؤال الحارق: اين تذهب دولارات المزاد العلني للبنك المركزي العراقي؟
قد يجيبنا مواطن ساخرا: خلي ياكلون من فلوس خالهم!
لكن السؤال يبقى ينطرح وإن بصيغة مختلفة: الى متى يستمر هذا النزف والهدر والتهريب والسرقة “المقننة” في مزاد العملة؟
دعا التدريسيون والموظفون المحتجون على تأخر صرف رواتبهم في إقليم كردستان، منظمات المجتمع المدني، الى مساندتهم في احتجاجاتهم التي يرومون تنظيمها اليوم في ساحة التحرير وسط بغداد.
وقد اكدت مصادر متعددة ان الحكومة الاتحادية سوف تجهز حكومة الإقليم بدفعة مالية أخرى، وأخيرة في هذه السنة، تكفي لصرف راتب واحد، الأمر الذي يعني ان حكومة الإقليم ستتمكن من صرف رواتب الموظفين حتى شهر أيلول، الامر الذي سيتسبب في فقدان الموظفين ربع رواتبهم خلال السنة، بسبب عدم صرف رواتب الأشهر الثلاثة الأخيرة منها.
يتوجب دائما الا تدخل حقوق الموظفين وقوت وعوائلهم ضمن الصراعات السياسية بين الكتل المتنفذة، ويتوجب على الحكومتين الاتحادية وفي الاقليم إيجاد منفذ سريع لصرف الرواتب، وعدم السماح بزج هؤلاء المواطنين في صراعات لا علاقة لهم بها.
وعلى المسؤولين ابعاد هذا الملف المتعلق بحياة المواطنين عن اجتهاداتهم هم وصراعاتهم وتحركاتهم في اطار ليّ الأذرع، والعمل على صرف الرواتب لموظفي الإقليم أسوة بغيرهم من الموظفين في البلاد، والحرص على ان لا يتكرر ما حدث مستقبلا.
تتحدث وزارة التخطيط عن حالة استقرار ورفاه لدى الفرد العراقي، قائلة انه يخصص 70 بالمائة من دخله للصحة والتعليم والترفيه، ونسبة 30 بالمائة المتبقية لتغطية تكاليف الغذاء.
إذا كانت أرقام الوزارة المذكورة صحيحة، فهذا يعني ان الدولة فشلت في القيام بواجبها الأساسي، وفي تنفيذ مواد الدستور التي تلزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية للمواطنين في شتى المجالات والحالات، بالإضافة إلى عدم تطبيق المادة الدستورية، التي تنص على مجانية التعليم في جميع مراحله.
ترى هل تجهل وزارة التخطيط عدد العراقيين الذين يضطرون للسفر لتلقي العلاج في الخارج نظرا لسوء الرعاية الصحية في الداخل، أو اعداد الطلبة الذين يلجؤون إلى الجامعات الأهلية والأجنبية، بسبب عدم توافق مخرجات الجامعات الحكومية مع احتياجات سوق العمل، واملا في عدم الانضمام الى جيوش الخريجين العاطلين عن العمل؟
ان محاولات تزييف الواقع المعيشي للمواطنين لن تنجح في تغيير الواقع المأساوي، وإذا كانت الحكومة جادة في معالجة ظروف المواطنين، فان عليها مواجهة الواقع وتطوير حلول فعّالة لتحسين الخدمات العامة، إضافة الى إعادة النظر في إدارة مؤسسات الدولة، مثل المستشفيات والجامعات والمدارس، لتحسين جودة ما تقدم من خدمات.
جاء في المنهاج الوزاري ان الحكومة تهدف “الى الإسراع في اعمار المناطق المحررة والانتهاء من ملف النازحين بعودتهم الى مدنهم “. كذلك شدد على “حل المشكلات الأمنية في بعض المناطق ودعم النازحين وحثهم على العودة الطوعية “.
ويعرف الجميع ان لهذا الملف الشائك والقائم منذ سنوات ابعادا عدة، سياسية وامنية واقتصادية وديموغرافية.
وبحسب ارقام رسمية معلنة ما زال في المخيمات نحو ٣٧ الف نازح. يضاف الى هذا قرابة ٧٥٠ الف مواطنة ومواطن يقيمون خارج المخيمات على نفقتهم الخاصة، خاصة في أربيل والسليمانية وبغداد والانبار.
ولعل من الأمثلة الصارخة على معاناة النازحين، بقاء مشكلة نازحي جرف الصخر دون حل. كذلك بقاء اكثر من ٤٠٠٠ عائلة خارج أراضيها وبيوتها بعد احتلال داعش الإرهابي منطقة الجزيرة في سامراء. وفوق منع عودتها جرى تجريف دورها واراضيها، ولم تسلم حتى مرشات أراضيها الزراعية! فيما هي الان تعيش حياة الكفاف في عشوائيات البؤس والحرمان.
كثيرة هي المآسي التي تعرض لها النازحون ويتعرضون. فمن ينصفهم ويعيدهم الى أراضيهم وديارهم ؟ ام يظل “السبب الأمني” غطاء لاهداف أخرى ويديم المآسي؟
أعلنت ست محافظات عراقية (النجف وذي قار وصلاح الدين وميسان والمثنى والديوانية) قبل يومين تعطيل الدوام الرسمي للمدارس والجامعات بسبب زخات من المطر.
وفي المحافظات الأخرى التي لم تعلن تعطيل الدوام، كان وصول الطلبة الى مدارسهم وجامعاتهم بالغ الصعوبة، حيث اضطروا للخوض في الاوحال التي غطت الشوارع والطرق.
هذا المشهد يكاد يتكرر دائما مع نزول قطرات المطر، التي يتطلع اليها العراقيون بامل كبير لتجاوز حالة الجفاف، التي تضرب بلادنا لاسباب متنوعة، مناخية وأخرى ترتبط بمواقف تركيا وايران، التي لا تراعي احتياجات العراق ولا تضمن له حصة عادلة في مياه دجلة والفرات.
يحصل هذا في كل عام، مع ان امانة بغداد وبلديات المحافظات تعلن مسبقا انتهاء استعداداتها لاستقبال موسم الامطار. لكن ما ان يأتي المطر حتى يُسقط ورقة التوت، فتظهر العورات والثغرات والنواقص وحتى الفساد. فالموازنات المخصصة كبيرة نسبيا بفضل ازدياد العائدات النفطية.
مؤلم ومحزن هذا المشهد الذي يتكرر سنويا، فيما لسان حال المواطن يتساءل: وكيف سيكون الحال لو امتد موسم الامطار اشهرا؟