وسط تصريحات تطمينية من جانب المسؤولين الحكوميين والامنيين بان أوضاع البلاد مستقرة وآمنة، جاء الهجوم الإرهابي في ريف خان بني سعد ليطلق إشارة قوية الى حالة التراخي وتحذيرا من مخاطرها.
وما حصل يشير الى إمكانية تكراره في أيّ وقت وأيّ مكان، ويؤكد ما شددنا عليه مرارا من ان تراجع الإرهاب وإلحاق الهزيمة به عسكريا لا يعنيان بعد انه تم اجتثاثه وان اسباب ظهوره جرت معالجتها.
وعموما يتطلب تحقيق الاستقرار الدائم الاقدام على حزمة من الإجراءات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية، ولن يتكلل ذلك بالنجاح من دون توفر الإرادة القوية ووحدة القرار العسكري والأمني، ومن دون مغادرة سياسة القضم والتوسع، التي ترهق النسيج الوطني والاجتماعي وتضعفه.
وان ما حصل يوجب أيضا ومن جديد تعزيز وتقوية المؤسسة العسكرية والأمنية، والحرص على اختيار الأكفأ والأصلح لها، بعيدا عن المحاصصة المسمومة ونهج تقاسم المغانم، وان تسند المهمات على الدوام الى من يتمتعون بالكفاءة والنزاهة، ومن يتسمون بالولاء للوطن والإخلاص له.
مع اقتراب موعد اجراء انتخابات مجالس المحافظات، تطفو على السطح تحديات جدية تواجه الحكومة، قد يكون أبرزها حماية العملية الانتخابية والمرشحين، وابعاد تأثير السلاح المنفلت عن التنافس الانتخابي.
ففي وقت تتصاعد فيه حرارة الحملة الانتخابية، بدأ يظهر عديد من المشاكل، التي يُذكر بينها منع بعض المرشحين من الوصول الى عديد من الأماكن، من خلال استخدام أساليب متنوعة منها التهديد والوعيد.
ان وجود السلاح المنفلت يشكل تهديدا حقيقيا للحياة والاستقرار، قبل ان يكون تهديدا للعملية السياسية. وعليه فأن الحكومة مطالبة بفرض إجراءات صارمة، تضمن عدم تلاعب من يمتلكون السلاح بأرواح وحياة الناس، وتؤمّن بالتالي عدم تأثيره على المواطنين والمرشحين والقوائم المتنافسة.
حتى الان لم تستطع الحكومة وضع معالجات حقيقة لاحتواء السلاح المنفلت، وضبط تصرفات من يحملونه. وان ما حدث في الناصرية والموصل، على سبيل المثال، من صدامات استُخدم فيها الرصاص الحي من قبل مرشحين ضد مواطنين، هو مؤشر خطير يفرض على الحكومة والقوات الأمنية ان تفكر بجدية في كيفية تطويق هذا الانفلات والسيطرة عليه.
عندما بدأ العدوان الصهيوني على قطاع غزة، أعلنت تركيا ادانتها له وطالبت بوقفه. لكنها واصلت خلال ذلك عدوانها على الأراضي العراقية، وتمدد قواتها في مدن إقليم كردستان العراق، واستمر تعزيزها قواعدها العسكرية في الإقليم.
وكشفت مصادر امنية عراقية عن ان القوات التركية “نشرت ربايا عسكرية في مناطق جديدة من زاخو وناحية باطوفه، وأخرى ترتبط بمنطقة المحمودية القريبة من الشريط الحدودي بين العراق وسوريا” .
تركيا اردوغان تدين عدوان اسرائيل، لكنها تحت صخب القصف الصهيوني الكثيف توسع عدوانها على أراضينا، ناسية او متناسية ان العدوان واحد من حيث المبدأ. فهي تواصل إقامة قواعدها متجاهلة إرادة الشعب العراقي، ومعرضة باعتداءاتها حياة المواطنين للخطر، ومنتهكة القانون الدولي وحرمة وسيادة العراق على ارضه واجوائه. اضافة الى مواصلتها حرمان العراق من حصته العادلة في مياه دجلة والفرات. وكل هذا ولا رد فعل حكوميا في بغداد!
ان على تركيا سحب قواتها من أراضينا، وإيقاف اعتداءاتها المتكررة، واطلاق حصتنا من المياه، كما يتوجب على حكام إسرائيل الصهاينة وقف حربهم المجرمة ضد الفلسطينيين.
اكدت دراسة جديدة لشبكة “المناخ العالمي” ان درجات الحرارة المرتفعة الناجمة عن التغير المناخي، زادت من احتمال حدوث الجفاف 25 مرة في سوريا والعراق و 16 مرة في ايران.
وأوضحت ان “الجفاف ما كان ليحدث لولا التغير المناخي الناجم اساساً عن احراق النفط والغاز والفحم”.
وحسب الامم المتحدة فان خُمس العراقيين يعيشون في مناطق تعاني من نقص المياه.
ويقول الخبراء الآن ان مواسم الجفاف قد تحل “مرة على الاقل كل عشرة سنوات في سوريا والعراق”.
ولا شك ان وراء ازمة المياه في المنطقة عوامل كثيرة، ولكن ما اصبح واقعاً هو حالة الجفاف، وترك الآلاف في العراق مناطق سكنهم الريفية بحثاً عن فرص للعمل والحياة في مناطق أخرى.
هذه التقارير وسابقاتها اشرت بوضوح اوجه ازمة المياه في العراق، التي تزيد حدتها تصرفات تركيا وايران الاحادية الجانب، وغير المكترثة بأحوال العراق .
وازاء هذه الصورة المكفهرّة ماذا تفعل الحكومة العراقية وسلطاتها، والى اية خطوات ومشاريع تتوجه؟ ام ما زال الركض مستمرا لـ”تهدئة “ الناس عبر “توظيف الاعوان” وشراء الأصوات برواتب الرعاية الاجتماعية؟!
قفز سعر صرف الدولار مقابل الدينار مساء امس في مكاتب الصرافة ببغداد، الى حدود 170 الف دينار لكل 100دولار.
بهذا الارتفاع المتواصل احترقت كل الوعود المعسولة التي اغدقتها الحكومة والبنك المركزي، حتى بدا ان الوضع ينزلق بسرعة الى خارج السيطرة، ان لم يكن قد انزلق فعلا.
والامر المثير للاستغراب ان مزاد العملة ما زال شغالا وتضخ من خلاله ملايين الدولارات، والتي تصل الى 200 مليون، بل وتزيد.
ويكاد يجمع المتخصصون على أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة مع البنك المركزي لم تعد كافية، وانها ستظل قاصرة طالما لا يتم الاقدام على مجموعة متكاملة من الإجراءات الاقتصادية والمالية والنقدية، ومعها ملاحقة المسؤول عن تهريب الدولارات الى خارج العراق، والمراقبة الفاعلة للمصارف ومكاتب الصرافة، واتخاذ إجراءات حازمة بحق المخالفين والمضاربين.
الدينار يفقد كل يوم المزيد من قوته الشرائية، وينعكس ذلك سلبا على القيمة الفعلية للرواتب والأجور، ويقود الى مزيد من التضخم وارتفاع الأسعار.
والحقيقة هي ان الزيادات التي اضافتها الحكومة الى رواتب المتقاعدين وموظفي الدرجات الدنيا، قد احترقت قبل ان تصل الى أصحابها.
سارعوا الى انقاذ الدينار العراقي وملايين المسحوقين والمحرومين قبل فوات الأوان!