اخر الاخبار

الصفحة الأولى

عام كامل على تشكيلها والمنجز متواضع.. معنيون: أداء الحكومة الضعيف نتيجة طبيعية لنهج المحاصصة
بغداد ـ طريق الشعب
مرّ عام كامل على تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي جاءت بعد عزوف واسع جداً عن الانتخابات النيابية السابقة، ومخاض عسير وصراع محتدم، وبعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان، ومن عملية تشكيل الحكومة.
وإثر تشكيلها بتاريخ 27 تشرين الاول ـ 2022، قدّم السيد محمد شياع السوداني برنامجه الحكومي، فماذا حققت حكومة السوداني بعد عام من تشكيلها من ذلك البرنامج؟
أزمة عميقة
في هذا الصدد، قال رئيس مركز التفكير السياسي د. احسان الشمري انه “طبقاً للبرنامج الحكومي الذي دفع به رئيس مجلس الوزراء، يبدو ان هناك تراجعا كبيرا عما تضمنه في القطاعات الاقتصادية والخدمية وايضاً في المحور التشريعي، اضافة لعدم الالتزام بالاتفاقات السياسية لا سيما انها ادرجت ضمن الاتفاق السياسي، الذي صوت عليه مجلس النواب ضمن البرنامج الحكومي”.
وأضاف الشمري في حديث مع “طريق الشعب”، أن “القيود السياسية لا تزال قائمة، والحكومة هي حكومة محاصصة ليس فقط على مستوى الوزراء، بل حتى المناصب الاخرى، وهذا ما حال دون صنع فارق على مستوى الإنجازات”.
وأردف الشمري بالقول انه “برز مؤخراً عدم قدرة الحكومة في اهم ملفين هما الدولار وانهيار العملة العراقية، وهذا اثر بشكل كبير على مستويات الحياة، بالاضافة الى ملف اخر وهو الملف الامني الذي برز بشكل ملحوظ بعد الحرب على غزة، حيث يشير معدل الاستهدافات الى عدم قدرة الحكومة على ضبط الامن، وهذا ينسحب على الجوانب الاستثمارية والشركات التي يمكن ان تستثمر في العراق”.
وفي إطار مكافحة الفساد، ذكر ان “الحكومة لا تستطيع ان تخرج من حلقاتها المفرغة، وايضا طبيعة معالجة بعض القضايا لم تكن بمستوى الطموح”، مشيرا الى انه “لا توجد منجزات على مستوى العديد من الملفات الاستراتيجية على رأسها ملف الكهرباء والمياه والصناعة والزراعة. لذلك نقول ان الحكومة في تراجع كبير حتى مع وعود الموازنة الثلاثية التي لم تطبق على ارض الواقع. وفي ضوء كل هذا لا يمكن اعتبار العام الاول على انه عام منجزات بالنسبة للحكومة، بل هو عام تراجع بالنسبة للكثير من الملفات”.
ونبّه رئيس مركز التفكير السياسي الى ان “التضييق على المعارضة وملاحقة اصحاب الرأي يؤشر ان الازمة السياسية لا تزال متصاعدة، واكثر من ذلك عدم الايفاء بمطلب الانتخابات المبكرة التي اقرها البرلمان، وهذا جزء من الازمة السياسية الحالية، لذلك لا يمكن الاعتماد على عملية تسويق الاستقرار السياسي التي لا تعكس الواقع العراقي، بالتالي هناك أزمة عميقة ترتبط بقضية إصلاح النظام السياسي وستنفجر بوجه الحكومة”.
كحال الحكومات السابقة
من جانبه، قال القيادي في قوى التغيير الديمقراطية، مشرق الفريجي، “أننا امام عام فساد اخر، خصوصا عند الحديث عن الكثير من الوعود التي لم تكن الحكومة جادة في تنفيذها، ابتداء بكذبة القرن (مسرحية سرقة القرن) والإفراج عن المتهمين بعد توقيفهم لأيام معدودة. ولغاية اليوم لم نعرف شيئا عن الأموال التي استرجعت، وعن المتهمين الآخرين، بل جرى الإفراج عن المتهمين الموقوفين”.
وأضاف قائلا لـ”طريق الشعب”، أن “الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار بشكل واضح في ظل عدم وجود معالجات ناجعة وغياب سيطرة الحكومة على السوق، وايضا عدم سيطرتها على سعر صرف الدولار الذي وصل الى 162 الف دينار لـ 100 دولار، بينما السعر الرسمي هو 132، وهذا كله يرهق المواطن ويضعف القدرة الشرائية”.
واكد، ان “هذه القضايا الثلاث كافية جداً لأن نقول ان الحكومة الحالية كسابقاتها، ولم تختلف عنها بشيء، ابتداء من طريقة تشكيلها على نهج المحاصصة وأدواتها وقواها السياسية، وبحماية السلاح المنفلت الذي يُسلط على أصحاب الرأي والناشطين”.
وتابع الفريجي، “نستذكر تعبير احد زعماء الاطار التنسيقي حين قال ان السيد السوداني هو مدير عام لدى الاطار، وبالتالي يمكن اقالته اذا لم يستجب للمطالب السياسية لتلك الكتل، خصوصاً وهو دون سند سياسي قوي باعتبار انه لا يملك سوى مقعد او مقعدين داخل البرلمان. وبالتالي سيكون مسيرا وليس مخيرا”.
وختم حديثه قائلاً “لا نريد من الحكومة ان تنجز كل شيء، لكن على اقل تقدير ان تكون هناك بوادر لأشياء. وهذه البوادر غير متحققة هذه السنة، وما يجري الان جرى في الاعوام السابقة، وهو تصوير رئيس الوزراء على انه قائد متمكن وإثارة الإعجاب، لكن لا توجد بوادر لعملية تصدير خدمة حقيقية للناس وإبعادهم عن الجوع لغاية اللحظة”.
نحتاج الى تطبيق الافكار
ويرى الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، أن ماجاء به السوداني من طرح، شدد فيه في بادئ الامر على انهاء البيروقراطية ومكافحة الفساد وانهاء البطالة واحياء الصناعة المحلية، وهذا يندرج ضمن خانة طرح الافكار، ولكنه يحتاج إلى تطبيق.
وقال انطوان، في حديث صحفي إن “جهاز الدولة لايزال يعاني ويحتاج إلى تأهيل وتطوير للنهوض بالواقع الاقتصادي، من خلال القضاء على الفساد واختيار الشخصيات المناسبة لإدارة الخطط الاقتصادية، وبالرغم من التركيز على جوانب معينة كمشاريع الطرق والمدن، ومع مرور هذه الفترة، إلا أنها ليست إنجازات بمستوى الطموح”.
وأضاف انطوان، أن “البلاد تعاني من الفقر والبطالة والارهاب الاقتصادي (الفساد)، فضلاً عن استمرار الاستيراد الخارجي للسلع والبضائع، وهذه جميعها لم تعالج حتى الآن”.
وعن ازمة سعر صرف الدولار ذكر انطوان، أنه “لا تزال عملية استقرار السوق النقدية، دون المستوى المطلوب رغم الاجراءات الحكومية المتعددة، وهذا الامر يدل على وجود مافيات كبيرة تتمتع بسلطة ونفوذ كبيرين، تحد من جميع الاجراءات”، لافتاً الى أن “من مهام الحكومة العراقية هو انهاء نشاط هذه العصابات التي تتلاعب باسعار الصرف، فضلاً عن اتخاذ اجراءات سليمة تكمن في تقوية الانتاج المحلي عبر الزراعة والصناعة والسياحة والسياسة النقدية، وعندما يكون الاقتصاد الداخلي متيناً، فهذا يؤشر على عدم حاجة البلاد للدولار لغرض الاستيراد، فضلاً عن تنشيط القطاعات الداخلية التي ستنهي البطالة والفقر، الا ان استمرار ارتفاع الدولار يعد التحدي الاكبر امام الاقتصاد العراقي”.
وتضمن المنهاج الوزاري للسوداني، في بعض فقراته العمل على تحسين قطاع الإعمار والخدمات البلدية، ومكافحة الفساد وهدر المال العام، فضلاً عن تحسين زيادة الإنتاج الزراعي وحمايته، وتطوير القطاع الصناعي وإعادة الثقة بالمنتوج العراقي، وتطوير الصناعة النفطية، وإعادة هيكلة الموازنة العامة وإدارة المال العام لتقليل ضغط الانفاق الاستهلاكي، وتحسين جودة خدمات الاتصالات وحمايتها وتطوير قطاع النقل، وهذه كلها تنتظر التنفيذ.
**********************************************************************************************
نداء.. تبرعوا لحملة الحزب الشيوعي العراقي الانتخابية
يا بنات وابناء شعبنا الاعزاء
يامواطنينا الكرام في كل مكان من العراق
يوما بعد يوم يقترب موعد انتخابات مجالس المحافظات، التي نتطلع جميعاً الى جعلها نقطة تحول نحو انقاذ وطننا الغالي من براثن الطائفية السياسية ومحاصصتها وفسادها وسياساتها المدمرة، ومنعطفا نحو إلحاق هزيمة انتخابية بقواها وكتلها، عبر منعها من الهيمنة المطلقة مجدداً على مجالس المحافظات، ومن اضفاء الشرعية على استمرار الفساد دون حسيب او رقيب.
ولتحقيق هذه الاهداف النبيلة يتوجب علينا جميعاً، الى جانب منح اصواتنا فيها الى الوطنيين الاكفاء ونظيفي اليد من المرشحين، ان ندعم هؤلاء وقوائمهم وكتلهم مادياً ومعنوياً، وبكل الاشكال الممكنة.
ولقد كان حزبنا، وهو يجعل من النزاهة ونظافة اليد مسلكاً لا يشذ عنه اعضاؤه ومناضلوه، ويحرص على استقلاليته الكاملة ويرفض اي دعم مالي اجنبي، كان ويبقى يفتقد المصادر المالية الضرورية لخوض المعارك الانتخابية المكلفة، وكان ويبقى يعتمد في تأمين احتياجاته للمشاركة فيها عليكم، على رفاقه واصدقائه وعامة ناخبيه، على المواطنين العراقيين الطيبيين الذين جربوه وادركوا مدى اخلاصه للشعب والوطن ومدى استحقاقه الدعم والعون.
لهذا فاننا نتوجه اليكم اليوم، وكما نفعل في عشية كل حملة انتخابية، مناشدينكم مدّ يد العون الى قائمة تحالف قيم المدني، وتقديم كل ما بوسعكم من الدعم المادي، خاصة المالي، الى حملته الانتخابية.
تبرعوا لحزبنا وحملته الانتخابية في اطار تحالف قيم المدني وبتبرعكم تدعمون خلاص شعبنا وبلادنا من طاعون المحاصصة الطائفية الاثنية ومصائبها، ومن الفساد والمفسدين، وتعضدون انطلاق عملية التغيير: اصلاحا وبناءً واعمارا وتقدما شاملا.
1 تشرين الاول 2023
*******************************************************************************************************
راصد الطريق.. عجيب .. غريب!
جزم الناطق باسم الحكومة على نحو قاطع وغريب، في حديث تلفزيوني، بان المواطن العراقي لم يتأثر بارتفاع سعر صرف الدولار.
بدءاً نسأل: اذا كان الامر كذلك فلماذا الحكومة “مخبوصة” وتتخذ مع البنك المركزي اجراءً بعد اجراء؟
وسؤال آخر: هل المواطن الذي يريد اليوم السفر الى الخارج للسياحة مثلا او للعلاج او للدراسة ، هل يستطيع الحصول على الدولار بالسعر الرسمي المعلن، وهو 1320 دينارا؟
وهل حقاً لم يتأثر المواطن بارتفاع اسعار المواد الغذائية والدوائية وغيرها بعد صعود الدولار؟ وهل بقيت مواد البناء مثلا على أسعارها الاصلية؟
يبدو ان السيد المتحدث لا يزور السوق ولا يعرف ما يدور فيه، واغلب الظن ان المواطنين يستغربون كثيرا من تصريحه هذا الذي لا يستند الى أيّ مقوم اقتصادي او مالي او نقدي. فعمّاذا يدافع السيد المتحدث؟
وبالطبع يتقاطع حديثه مع كل تصريحات رئيس الوزراء، التي سعى فيها الى طمأنة المواطن واطلاق الوعود بقرب المعالجة وبمواعيد زمنية محددة لعودة الدولار الى سعره الاول، فيما لسان حال الدولار يصيح بأعلى صوته: ابقوني ياناس داخل العراق، فقد تعبت من التهريب!
**************************************************************************************
الصفحة الثانية
جمال كوجر: المادتان 13 و14 في قانون الموازنة «ملغمتان»
بغداد ـ طريق الشعب
أعلن عضو اللجنة المالية بمجلس النواب النائب جمال كوجر، أن مبلغ الـ700 مليار دينار سيصل إلى إقليم كردستان اليوم أو غداً “وإن لم يصل غداً، سيعد ذلك تأخيراً”، واصفاً المادتين 13 و14 من قانون الموازنة بأنهما “محملتان بمجموعة ألغام وضعت في طريق إقليم كوردستان”.
بشأن صرف 700 مليار دينار من جانب بغداد لدفع رواتب موظفي إقليم كردستان، قال كوجر إنه “ليست هناك مشكلة” تعترض سبيل صرف المبلغ، وعن توجه وفد من إقليم كوردستان إلى بغداد قال: “هناك مواضيع عالقة بين الجانبين ولهذا يذهبون إلى بغداد”.
وحسب جمال كوجر، فإن وزيرة المالية الاتحادية اعترضت عند التصويت على الـ700 مليار دينار.
وزاد كوجر: “أبدى إقليم كردستان المرونة تجاه نقل رواتب موظفي إقليم كردستان إلى بغداد”، مضيفاً: “أعتقد أن حكومة إقليم كردستان في متناولها المبالغ اللازمة لدفع الرواتب الأخرى، لكن لا أدري لماذا لا تدفعها، وإن انتظرت بغداد فإن الأخيرة لن تصرف خلال هذه السنة غير راتبين للموظفين”.
******************************************************************************************
مليونا متقاعد يعيشون في خط الفقر وتحته.. مهدي العيسى: مطالبنا لا تنتهي عند الـ١٠٠ ألف دينار
بغداد – محمد التميمي
عدت الجمعية العراقية للمتقاعدين، قرار الحكومة بزيادة مالية مقطوعة للدرجات الدنيا من المتقاعدين، واحدا من منجزات الحراك الاحتجاجي لهذه الشريحة، التي تطالب بمزيد من الاهتمام بالمطالب المشروعة لها.

يقول رئيس الجمعية مهدي العيسى، ان الضغط الجماهيري لا يزال يشكل أداة فعالة ما دامت المطالب حقة ومشروعة، مردفا كلامه بأن تحقيق واحد من أهم مطالبهم لا يعني التهاون في المطالبة بالحقوق الأخرى، منها ما يتعلق بإنهاء التمايز بين المتقاعدين القدامى وأولئك المحالين بعد العام 2014، وتعديل قانون التقاعد، وانفاذ المواد المعطلة وتفعيلها، وجملة من المطالب المشروعة التي على الحكومة الالتفات لها.
ولأجل التعرف الى المزيد عن اوضاع المتقاعدين ومطالبهم، اجرت “طريق الشعب” حوارا مع رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين مهدي العيسى .
تمايز ومظلومية
في مستهل الحوار، تحدث العيسى عن اوضاع هذه الفئة، قائلاً: إن المتقاعدين، اليوم، عند النظر لأوضاعهم بشكل عام، نجد انهم يقسمون الى فئتين نتيجة القوانين الجائرة: فئة المتقاعدين القدامى المحالين على التقاعد قبل عام 2014 نزولاً الى ما قبل 2003، والفئة الثانية هم المتقاعدون المحالون بعد عام 2014، وهم المشمولون بهذه القوانين الجديدة.
ولفت في حديثه مع “طريق الشعب”، الى ان القوانين الجائرة “افرزت تمايزا بين هاتين الفئتين من ناحية الاستحقاقات القانونية والمخصصات ومقدارها وطريقة الاحتساب وغيرها، ونحن نتحدث هنا عن مظلومية كبيرة لحقت بالمتقاعدين القدامى، بينما اقرانهم من الفئة الثانية نالوا استحقاقاتهم القانونية”.
واشار الى أن هذا التمييز افرز ما لا يقل عن مليون و600 ألف متقاعد يعيشون بمستوى خط الفقر، أو تحته.
18 تظاهرة في عام واحد
ونبه العيسى الى ان” الجمعية اخذت على عاتقها الدفاع عن حقوق المتقاعدين، وكانت لها انشطة عديدة منها رفع مسودة التعديل الثاني لقانون التقاعد _ والتي تعالج الكثير من المثالب التي يتضمنها قانون التقاعد رقم 9 لسنة 2014 _ إلى اللجنة القانونية واللجنة المالية في مجلس النواب، إضافة الى رئيس البرلمان، وايضاً رئيس الوزراء ووزارة المالية وهيئة التقاعد، على امل ان تتم ازالة المثالب والتمييز الذي أشرنا له واعطاء كل ذي حق حقه”.
وتابع قائلاً: ان الجمعية “تواصل عملها في تنظيم الحراك الاحتجاجي والمشاركة الفاعلة فيه بما يتعلق بمطالب المتقاعدين، واشير بشكل خاص الى الفترة الماضية حيث نظمنا 18 تظاهرة، امام مجلس الوزراء والبرلمان ووزارة المالية وهيئة التقاعد، وطالبنا بانصاف هذه الشريحة وتعديل القانون، وتفعيل المواد القانونية المعطلة”.
وزاد بالقول: انه تمخض عن هذه الاحتجاجات “زيادة رواتب المتقاعدين بعد 18 تظاهرة خلال عام واحد فقط، ففي التظاهرة الاخيرة يوم 5 من شهر تشرين الاول هذا العام قررنا ان نعتصم في حال لم يتم حسم هذا الملف قبل نهاية العام الحالي”.
وأضاف رئيس الجمعية “بدأنا التحضير للاعتصام عندما لم يقابلنا أحد من مكتب رئيس الوزراء لمناقشة مطالبنا وافترشنا الارض، وبعد ذلك حضر وفد من مكتب رئيس الوزراء وقدمنا المطالب، ومنحناهم مهلة حتى يوم 30 من هذا الشهر، وفي حال التسويف سنقوم بتنظيم اعتصامات مفتوحة لمتقاعدي العراق وبدون مفاوضات”.
ولفت الى ان الوفد “وعد بعرضها امام رئيس الوزراء وتحقيق المطالب قبل موعد المهلة المحددة، وبالفعل يوم 24 من شهر تشرين الاول، صدر القرار من مجلس الوزراء”.
مطالب حقة
وأردف العيسى ان “تحقيق هذا المطلب لا يعني التنازل عن قضايا المتقاعدين ومطالبهم الاخرى”، موضحا ان “المطلب الاول الذي لا يمكن ان نتنازل عنه هو التعديل الثاني لقانون التقاعد. المسودة مرفوعة وطلبنا تفعيل المواد المعطلة: 13 و14، والمساواة بين جميع المتقاعدين، والثاني مطالبتنا بمراعاة الأرامل واليتامى والمطلقة للمرة الاولى والعوائل الورثة الذين يحرمون من الراتب التقاعدي بسبب الابن البالغ والغاء هذا الشرط”.
واوضح أيضا مطلبنا الثالث يتعلق بجعل “الحد الادنى للراتب التقاعدي 800 ألف دينار وليس 500، مع زيادات سنوية تتناسب مع مستوى التضخم المرتفع، وهذه المطالب سنعمل على رفعها والمطالبة بتحقيقها”.
والمطلب الرابع الذي ذكره العيسى هو توفير التأمين الصحي للمتقاعد بشكل مجاني، لتخليصه من استنزاف الراتب نتيجة المراجعات الصحية والأدوية وغيرها، وهذا من شأنه التخفيف على المتقاعد الكثير من الاعباء المالية”.
*****************************************************************************************
بعض الأهالي يرفضون تعميم الخصوصية في العالم الرقمي مطالبات بتشريع قانون حماية البيانات الشخصية لتقنين تصوير التلاميذ
بغداد – تبارك عبد المجيد
منعت وزارة التربية، أخيرا، استخدام الهواتف النقالة في تصوير التلاميذ داخل الصفوف المدرسية، لان هذه الممارسات تعد انتهاكًا لخصوصية الأفراد.
ويؤشر مراقبون وجود حاجة لوضع تشريعات تحمي البيانات الشخصية للمدونين، مشيرين الى أن الاستخدام السيئ للهاتف ممكن أن يعرض التلاميذ إلى العديد من الأفعال الاجرامية ومنها التنمر أو السب أو غيرها من الأفعال التي تشكل جريمة في القانون العراقي.
الاستئذان مسبقاً
تعبر نادية الحلفي عن رفضها القاطع لتصوير اولادها داخل المدرسة لاي سبب كان.
وتعزو الحلفي في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، سبب رفضها بـ “تخوفها من تصوير أطفالها، قد يلحق ضررا بهم في ظل الظروف الأمنية غير المستقرة”.
وتمنّت الحلفي أن “تحترم الكوادر التعلمية رغبة الأهالي وان تأخذ رأيهم قبل اجراء أي فعل، وان تحترم خصوصية التلاميذ”. ولفتت إلى “وجود مشكلة حصلت بين أحد أولياء الأمور وادارة المدرسة، بسبب ظهور ابنته في تصوير اثناء مراسيم رفع العلم”.
احترام الخصوصية
يقول علي حاكم، وهو ناشط في مجال التربية والتعليم، إن “عملية تصوير طلاب المدارس ليس بالأمر الصحيح، خاصة إذا كان بدون علم أولياء امورهم”، مؤكدا ان “تعليم الطلاب واحترام خصوصيتهم أمر أساسي، لا يجب التغافل عنه لأي سبب كان”.
ويؤكد حاكم، خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “توفير بيئة تعليمية آمنة ومحترمة، تعكس أهمية حقوق وخصوصية الأطفال، وهذا أمر ضروري ومهم خاصة في قطاع التعليم”.
ويضيف، أن “حق الأطفال في الخصوصية هو حق أساسي ومقدس، إذ لديهم الحق في التعلم والتفاعل في بيئة آمنة وخالية من أي تداخل غير مرغوب فيه”، مشيرة الى أن “التصوير في البيئة المدرسية يمكن أن يثير قلقا بين الطلاب وأولياء الأمور، ولذلك من المهم العمل على تطبيق سياسات صارمة لضمان احترام حقوق الطلاب”.
ويحث حاكم على “زيادة توعية الموظفين والمدرسين في قطاع التعليم بأهمية احترام خصوصية الطلاب وضرورة توجيه جميع الجهود نحو توفير بيئة تعليمية آمنة ومريحة”.
ووجّه حاكم دعوة لتشجيع أولياء الأمور على التواصل المباشر والمستمر مع إدارة المدرسة والحديث عما اذ كان لديهم أية مخاوف أو استفسارات بشأن سياسات المدرسة الخاصة بأولادهم والمتعلقة بالخصوصية”.
ردود فعل ايجابية
وتعتز التدريسية نور عادل الخفاجي، وهي ناشطة في مجال الطفل والتعليم في توجيه وتعليم الطلاب وتشجيعهم على التفوق والنجاح، وتؤكد احترامها لخصوصية الطلاب: انه جزء أساسي من دور الرجل التربوي.
وتنشر الخفاجي في صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تجمعها بطلابها ترفقها مع نص تحفيزي وتوعوي. وتؤكد الخفاجي، أنها “تحترم خصوصية طلابها كثيرا، وهي تحرص على أخذ اذنهم بالتصوير والنشر من قبلهم ومن قبل اهاليهم”.
وتضيف أن “المنشورات التي اعممها على صفحتي تلقى اعجابا وقبولا واسعا من قبل أهالي الطلاب وأيضا من قبل متابعي صفحتي الشخصية”.
وتؤكد “نواصل العمل بجد لضمان أن جميع طلابنا يشعرون بالأمان والاحترام في بيئتهم التعليمية”، مشيرة الى أن “تصوير الطلاب دون اخذ الاذن من أولياء أمورهم يعد امرا غير أخلاقي ويجب محاسبة من يفعل ذلك، وان كان الأمر مفيدا او ايجابياً”.
واختتمت الخفاجي حديثها بالمطالبة ب”تشريع قانون حماية البيانات الشخصية، وقوانين تتلاءم مع التطور الرقمي الحاصل”.
****************************************************************************************
الصفحة الثالثة

صرف رواتب موظفي الإقليم وتوفير الأبنية المدرسية وإقرار قانون العفو العام احتجاجات مطلبية تعم محافظات العراق
بغداد ـ طريق الشعب
نتيجة لغياب الرؤية الحقيقية في ادارة الدولة وعدم إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل والأزمات التي تواجه البلاد، فإن الاحتجاجات المطلبية ما ان تخفت حتى تعاود بشكل سريع الظهور وأشد قوة من سابقتها، فقد شهدت مناطق البلاد المختلفة تظاهرات احتجاجية حملت مطالب متنوعة كان من ابرزها صرف الرواتب المتأخرة لموظفي الإقليم، وتعديل سلم الرواتب وتوفير الأبنية المدرسية وتوزيع قطع الأراضي والعدول عن إعادة المحذوفات من المناهج التربوية وإقرار قانون العفو العام.
احتجاج عارم في الاقليم
وشهدت 7 مناطق في إقليم كردستان تظاهرات احتجاجية طالبت بالإسراع في صرف رواتب الموظفين.
وقال مراسل “طريق الشعب”، ان “الكوادر التربوية والموظفين في السليمانية وحلبجة ورانيا وكفري وكلار ودربندخان وبنجوين ومناطق اخرى، نظمت تظاهرة غاضبة احتجاجا على عدم صرف رواتب الموظفين”، مشيرا الى ان “المتظاهرين هددوا بالتصعيد في حال لم يتم إطلاق رواتبهم المتأخرة”.
من جانبه، طالب ممثل تظاهرات السليمانية ميران محمد، الحكومة بالتدخل وإنهاء أزمة الرواتب المتأخرة في محافظات الإقليم.
وقال محمد إن “تظاهراتنا مستمرة، وفي حال لم يتم تنفيذ مطالبنا وتسليمنا رواتبنا المتأخرة سنقوم بتحويلها الى اعتصام مفتوح”، مستدركا بالقول: ان “تهديدات وزير التربية وتصريحات رئيس الحكومة لن تثنينا عن مطالبنا. نحن أصحاب حق ونطالب بحقنا المنهوب”.
وأضاف، “من غير المعقول أن المعلمين لا يمتلكون حق اجرة التنقل ولا الوقود وتطالبهم الحكومة بمزاولة الدوام في المدارس”، لافتا الى أن “أغلب المحتجين من المعلمين جاء الى مكان التظاهرة سيرا على الاقدام”.
وطالب محمد “الحكومة المركزية بالالتفات الى معاناة الكوادر التربوية بالاقليم واتخاذ اللازم لصرف رواتبهم المتأخرة”.
قانون العفو العام
وفي بغداد، تظاهر العشرات من عوائل السجناء، وفي مقدمتهم النساء، قرب بوابة المنطقة الخضراء من جهة الجسر المعلق وسط العاصمة بغداد، للمطالبة بالاسراع في اقرار قانون العفو العام.
وقال المتظاهرون إن “التظاهرة تطالب برفع الظلم عن الأبرياء، والذين تم الحكم عليهم بوشاية أو تحت تعذيب فيما انتزعت منهم الاعترافات”.
وطالب المتظاهرون “مجلس النواب بالاسراع في مناقشة القانون وقراءته داخل المجلس من أجل التمهيد لاقراره”، داعين إلى “عدم ربط القانون بمسألة إجراء الانتخابات أو عدمها”.
الأبنية المدرسية
من جانبهم، نظم العشرات من أهالي منطقة عبودة في قضاء سيد دخيل شرق محافظة ذي قار وقفة احتجاجية أمام بناية مدرسة سبأ الابتدائية للمطالبة بإيجاد بديل مناسب قريب منها بعد اتخاذ قرار بإغلاقها كونها بناية آيلة للسقوط وعدم ترحيل طلبتها إلى مدرسة أخرى تبعد عنهم 14 كم.
وقال أحد المشاركين في الوقفة، إن بناية المدرسة غير صالحة للدراسة حاليا وقد تم إصدار قرار بنقل تلاميذها إلى مدرسة أخرى بعيدة عن القرية، في حين ان موسم الشتاء على الأبواب وعدد التلاميذ فيها 650 تلميذا، الأمر الذي يشكل خطرا عليهم.
وأشار إلى أن مطالبهم الحالية تتركز على توفير كرفانات مؤقتة لتأمين استمرار دوام هذا العام، لحين إنشاء بناية جديدة كما وعدتهم إدارة التربية، مناشدا الحكومتين المركزية والمحلية التدخل بذلك وتلبية مطالبهم حرصا على سلامة أبنائهم.
الطلبة والمعلمون
ونظم العشرات من طلبة الصفوف غير المنتهية ضمن المرحلة الإعدادية تظاهرة أمام مديرية تربية ميسان، للمطالبة بالعدول عن قرار إعادة المحذوفات، لأن إعادتها سوف تؤثر عليهم لا سيما وإنهم امضوا سنوات دراسية متعثرة بسبب جائحة كورونا وتداعياتها على التعليم.
وقال عدد منهم إن المناهج في حال تطبيق قرار إعادة المحذوفات ستكون صعبة عليهم ومطولة وإنهم يشكون من سوء التعليم في السنوات التي رافقت أزمة كورونا وتداعياتها، وبابتالي فان اعادة المحذوفات الآن تتسبب بصعوبة الدراسة، وقد تسجل نسب رسوب عالية، على حد تعبيرهم.
في الاثناء، نظم معلمون ومدرسون من الملاك الجديد وقفة أمام مديرية التربية في ميسان، للمطالبة بالعدول عن قرار نقلهم من مركز المحافظة إلى مدارس في الأقضية والنواحي، مشيرين الى ان ذلك تسبب بخلق حالة من الفوضى والشواغر وترهل التدريس، بسبب الفراغ الذي خلفه نقل المعلمين.
وقال عدد منهم إن قرار التنقلات أثر بشكل كبير على واقع التعليم بسبب الشواغر التي خلفها هذا القرار.
ودعوا إلى العدول عن القرار وإعادة النظر في توزيع الملاكات التربوية الجديدة التي لا تقل شأنا عن الملاكات التربوية التي نقلت من الأقضية والنواحي إلى مركز المحافظة.
الخدمات
واغلق محتجون من أهالي منطقة الخافورة في المثنى، الطريق الرابط بين السماوة والخضر، احتجاجا على تردي الخدمات وخصوصا في قطاع الطرق.
وذكر عدد منهم إن منطقتهم تعاني من عدم شمولها بمشاريع الطرق أسوة بباقي المناطق، الأمر الذي دعاهم لقطع الطريق العام لأكثر من ساعة كنوع من الاحتجاج.
وأكدوا أنهم سيستمرون بتنظيم الاحتجاجات وتوسيعها في حال عدم الاستجابة لمطالباتهم وإعطاء منطقتهم استحقاقها من الخدمات.
من جهتهم، نظم أهالي “الهوير” شمال البصرة، وقفة احتجاجية للمطالبة بإقالة مدير بلدية ناحية عز الدين سليم، بسبب تراجع الوضع الخدمي.
وقالوا إنه من ضمن مطالبهم حل مشكلة المجاري التي تصب في النهر الوحيد، الذي يغذي مياه الإسالة في ناحية الهوير، بالإضافة إلى تجريف الأراضي الزراعية بعد مصادقة الدولة على إقامة مشاريع عليه، والتي دخلت ضمن التصميم الأساسي.
وأكدوا أنها مناطق زراعية في الأصل وانه يجب عدم ترحيل الأهالي عنها إلا بعد تعويضهم، كما أشاروا إلى أنهم يطالبون برفع مشروع تدوير النفايات لما له من أضرار تتسبب بأمراض سرطانية وأخرى مزمنة.
قطع الأراضي
ونظم منتسبون في الشركة العامة لتوزيع كهرباء الجنوب، وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة للمطالبة بتعديل سلم الرواتب بالإضافة إلى شمولهم بقطع الأراضي وإنصافهم أسوة بأقرانهم.
وقالوا إنهم من الموظفين المهمشين منذ عام 2007، منوهين بأنهم من الكوادر التي كانت تعمل بكل جهودها وإنهم يعانون من تدني الرواتب والاستحقاقات الوظيفية الأخرى.
فيما نظم منتسبون في دائرة صحة البصرة، وقفة احتجاجية، أمام مبنى الدائرة، للمطالبة بشمولهم في توزيع قطع الأراضي.
وقالوا، إن قرار توزيع الأراضي كان من المفترض أن يشمل كافة المنتسبين إلا أن الواقع شمل وبشكل عشوائي البعض دون الآخر وفقا لعدد النقاط (19).
وطالبوا بضرورة شمولهم كأقرانهم التي ظهرت أسماؤهم، ومنحهم قطع الأراضي بأقرب وقت، باعتبار إن هذا الشمول جاء كمكافأة على جهودهم إبان تصديهم لجائحة كورونا.


العراق في الصحافة الدولية
ترجمة وإعداد: طريق الشعب
العراق وغزة
نشرموقع المعهد العربي في واشنطن مقالاً حول تأثير العدوان الإسرائيلي ضد غزة على الأوضاع في العراق، أشار فيه إلى أن الحرب قلبت التوازن الدقيق الذي اتبعته الحكومة طيلة عام كامل، بين مساعيها لتحسين علاقاتها الخارجية وجهودها للحفاظ على الإستقرار الداخلي.
غضب شعبي عام
وذكر المقال بأن الصور القادمة من غزة أثارت غضب العراقيين بشكل كبير، فيما أعرب رئيس الحكومة عن دعم بلاده الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة، وقام بالتواصل مع مجموعة من حكام المنطقة ونشط في اجتماعات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي من أجل تجنب تصعيد الحرب وتوسيعها إلى مناطق أخرى، إضافة إلى دعوة العراق لإنشاء صندوق دعم غزة، ومساهمة بغداد السخية في توفير الاحتياجات الإنسانية لسكان القطاع.
ولم يقتصر تقديم الدعم على الحكومة فقط، بل شمل قطاعات واسعة، على رأسها المرجعية الدينية في النجف التي أصدرت بيانًا يدعم الحقوق الفلسطينية ويندد بالاحتلال الإسرائيلي ويدين تدمير غزة، إضافة إلى الفعاليات السياسية والشعبية المختلفة، التي أصدرت هي الأخرى بيانات مشابهة وخرجت بتظاهرات واسعة. وكانت هناك دعوات جادة لتبني موقف وطني موحد.
مواقف معقدة
وأشار المقال إلى أن المتغيرات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة سببت صداعاً متعدد الأشكال لرئيس الوزراء، عشية انتخابات محلية، من المقرر إجراؤها في 18 كانون الأول القادم. ومن أبرز أسباب ذلك حسب المقال، زيادة نفوذ أصدقائه أو خصومه، أو المصاعب التي ستواجهه في المحافظة على ظروف سلمية كافية لتشجيع الاستثمار الأجنبي والنمو الاقتصادي، أو جراء تصاعد الخلاف بين القوى المشّكلة أوالداعمة للحكومة، أو تزايد النفوذ الأجنبي على السياسة الداخلية، وتبديد السياسة الخارجية المتوازنة، والتي كان رئيس الحكومة قد أعلن عنها لصحيفة وول ستريت جورنال في أوائل هذا العام، أو نجاحاته وسلفه في بناء علاقات جيدة واتفاقيات للإستثمار مع دول عربية مثل مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة.
ورغم كل هذه المواقف فإن خطاب رئيس الحكومة في مؤتمر القاهرة للسلام، والمناصر للفلسطينيين مؤخراً حظي بدعم شعبي، فيما دعمته سياسياً أطراف مؤثرة في الإئتلاف الحاكم، مما يعزز من إدارته للتطورات بشكل أفضل، دون أن يعني ذلك تجاوز حكومته لمنطقة الخطر.
خطأ تقني
من جهة أخرى، نشرت صحيفة (ذي ناشينول) تقريراً عن موقف العراق عند التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، أشارت فيه إلى أن ظهور العراق ممتنعاً عن التصويت على القرار، جاء نتيجة «خطأ فني» حسب إيضاح للقائم بالأعمال لبعثة العراق الدائمة لدى المنظمة الدولية، والذي أكد بأن بغداد طلبت رسمياً تعديل تصويته ليصبح مؤيداً للقرار A/ES/10/L.25. وأشار التقرير إلى أن المنظمة الدولية وعدت بتصحيح الأمر في البروتوكول النهائي للجلسة، بعد أن كان قد تم إدراج العراق كواحدة من الدول الـ 45 التي امتنعت عن التصويت على القرار، على الرغم من مشاركتها في رعايته.
**********************************************************************************************
افكار من اوراق اليسار.. الإمبريالية في زمن العولمة
إبراهيم إسماعيل
كشفت تقارير قرأتها مؤخراً، عن وجود مليار جائع و800 مليون أمي في العالم، وعن تحكم 26 ملياردير بثروة تزيد عما يملكه 4 مليار إنسان، وعن بلوغ أرباح أحدهم 191 ألف دولار بالدقيقة، وعن استحواذ 20 بالمائة من الدول على 85 بالمائة من الناتج العالمي، وعن قيام الدول الرأسمالية بإتلاف فائض الإنتاج للمحافظة على سعر السلع الغذائية، وعن تلف نصف الطعام الذي تنتجه الدول الفقيرة، بسبب سوء التخزين والنقل وغياب العدالة في التوزيع.
ورغم فضاعة ما تنقله هذه التقارير، فإنها تبدو نتائج منطقية للعولمة الرأسمالية، التي تتحكم بالنشاط الإقتصادي لمعظم سكان الأرض، وتُشيع بينهم ثقافة إستهلاكية موحدة، وتتحكّم في النزاعات الإجتماعية داخل بلدانهم، وحيث يسود المنطق الرأسمالي، منطق التراكم وأولوية الربح والمنافسة، على كل منحى من حياة البشر والبيئة التي يعيشون فيها، وحيث لم تعُد هناك قدرة حتى للأطراف والهوامش، ان تكون مستقلة عن هذا المنطق.
وعلى الرغم من أن ماركس قد تنبأ ببلوغ الرأسمالية الهيمنة الشاملة على العالم، في سياق حديثه عن اتخاذ الرأسمال المتراكم طابعاً اجتماعياً، رأى أبرز تلامذته بأن الرأسمالية وصلت إلى أعلى مراحلها، الإمبريالية، ولن تستطيع التطور بدون العسكرة والصراع من أجل التفوق ونهب البلدان، مما سيؤدي إلى انهيارها قبل أن تتمكن من الوصول لهذه الدرجة من الهيمنة، مشيرين إلى أن هذا الانهيار سيأتي لصالح الثورة البروليتاريا في الدول المتطورة والثورة الديمقراطية في الدول الأقل تطوراً وثورة التحرر الوطني في المستعمرات. غير أن ما طرحه الواقع من متغيرات، فرض على اليسار تدقيق بعض من تلك الآراء، وإعادة قراءة المختلفين معها، ممن توقعوا أن تتطور الرأسمالية لأطوار أعلى، مستفيدة من التقدم العلمي والتقني، بدلاً من ان تنهار.
وأشار أغلب اليساريين إلى أن هذه القراءة لا تعني بأن كل ما قاله هؤلاء كان سليماً، بل قد تعني بأن الساعة العاطلة تقرأ لنا الوقت صحيحاً لمرتين في اليوم، إذ لم يجدوا في تلك التقديرات نفياً لوصول الرأسمالية إلى مرحلة الإمبريالية، واعتبروا العولمة المتوحشة طوراً متقدماً منها، طور لا يحقق هيمنته بالعنف العسكري دوماً، بل وايضاً عبر تغيير دور الدولة الوطنية، وتعميم الهيمنة الرأسمالية في جميع مناحي الحياة، وأحياناً عبر استخدام “الشرعية” الدولية والمتاجرة ببعض القيم الإنسانية، في ظل اشتداد التفاوت الطبقي داخل مجتمعاتها وبينها وبين الدول التابعة، وفي ظل سباق التسلح وتضارب المصالح وحروب الإنابة.
كما أن تطور الامبريالية إلى طور الرأسمالية المعولمة، لا يعني انتصارها، إذ تبقى تحمل تناقضاتها المدمرة وتخضع لقانوني التطور المتفاوت والاستقطاب، وتفتقر إلى النمو وخلق فرص العمل والاستقرار المالي والقدرة على تصحيح أوضاعها، فتتكرر أزماتها، ويبقى الصراع الطبقي فاعلاً في مجتمعاتها، معبراً عن ما يعانية الفرد وشعوب الأطراف والبيئة مجتمعين، من استعباد حقيقي وتدمير خطير.
ويرى اليساريون بأن الإمبريالية في زمن العولمة، لازالت تعيش منافسة متنامية بين أطرافها، بسبب تقلص الموارد الخارجية، الأمر الذي يشدد من تناقضاتها وينذر بانهيارها المحتوم. ولهذا فهم يحذرون من أن معاناة الرأسمالية من الضعف جراء أزماتها البنيوية، قد يدفعها للجوء إلى الفاشية، والتخلي المخزي عن “قيم” الديمقراطية البرجوازية في حماية حقوق الإنسان وحرية التعبير والاختلاف والحق في المعلومة. ولعل في الصعود السريع لليمين المتطرف في العالم، والغطرسة والعنصرية التي اتسم بها الموقف من العدوان على غزة وإبادة أطفالها مؤخراً، تجسيد حقيقي لذلك الخطر الذي دأب اليسار على التحذير منه.


الصفحة الرابعة
المركزي يبيع 200 مليون دولار يوميا للحفاظ على «استقرار» سعر الصرف! مراقبون: عجز وفشل حكومي في تشخيص وايجاد الحلول الناجعة
بغداد ـ طريق الشعب
لا يزال المضاربون في الاسواق، يمرحون كما يحلو لهم، ويتلاعبون بأسعار الصرف وفق ما تقتضيه مصالحهم، وفي الوقت الذي تحدد فيه الحكومة سعر الصرف الرسمي عبر مؤسساتها الرسمية المعنية، نجد ان هذه المافيات لا تنصاع للقرارات والتدابير الحكومية، ومن جانب الاخر يعتقد اصحاب الاختصاص بأن الحكومة حتى الان لم تكن بالمستوى المطلوب في التعاطي مع هذا الملف، ملاحظين ان الأسباب التي تؤدي الى زيادة سعر الصرف غير واضحة للكل حتى الان، فالمشكلة اليوم غير معروفة، وكل طرف يعزو الاسباب لقضية معينة، بالتالي فان محاولة ايجاد حلول لمشكلة غير معروفة امر غير صحيح.
على صعيد متصل، قال محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، في تصريح ادلى به على هامش المؤتمر المصرفي العراقي السنوي في اقليم كردستان العراق الذي انعقد بنسخته الأولى في مدينة أربيل، إن المبيعات اليومية للبنك من الدولار في مزاد بيع العملة تبلغ قرابة 200 مليون دولار وذلك من أجل الحفاظ على استقرار سعر الصرف في السوق.
واكد على “فتح قنوات جديدة يومياً للحوالات المالية الخارجية لتقديم مزيد من التسهيلات في هذا المجال”.

الحكومة توضح
وكشف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الاخير، عن أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، واكد الحاجة الى عقوبات قانونية صارمة بحق المضاربين بالعملة.
وقال السوداني ان هناك “مشاكل في الإصلاح المصرفي وتحديات كبيرة تواجهها الحكومة، وان سعر صرف الدولار الحالي في الأسواق هو سعر المضاربين بالعملة، اضافة الى ان هناك جهات ومصارف أهلية وتجارا وأصحاب شركات صيرفة يريدون من لسعر صرف الدولار الحالي ان يستمر”.
وأكد رئيس الوزراء دعم الحكومة “لبعض المصارف التي نثق بأنها جيدة وحققت نجاحات، لأجل ان تكون جزءاً من الحل”، مضيفاً أن “واحدا من الإشكالات التي نواجهها اليوم هي أن القانون العراقي لا يتضمن عقوبات قوية وصارمة، بحق الذين يتم إلقاء القبض عليهم من المضاربين بسعر صرف الدولار”.
ولفت إلى أنه على الرغم من “ارتفاع سعر صرف الدولار إلا أن أسعار المواد الغذائية مستقرة وجيدة، والحكومة ستأخذ دور بعض التجار في بعض الأمور، كما أن هناك مبادرة جيدة لتوفير الأدوية من مناشئ عالمية للأمراض المزمنة وبيعها في السوق بأسعار مدعومة، وكذلك المواد الإنشائية سنوفرها ونبيعها بسعر مدعوم، وذلك ما سيجبر التجار والمضاربين على خفض سعر الدولار في السوق”.
سوء تنظيم
المستشار الاقتصادي، لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح قال: إن “مشكلة الاسواق في العراق هي ان 60 _ 65 في المائة منها اسواق غير مجازة وغامضة وايضا غير معرفة امام الهيئات الضريبية والمصرفية كمؤسسات سوق”.
وتابع قائلا ان “مثل هذا السوق يكثر فيه المضاربين، وهم مضاربون بقوت الناس ومعيشتهم، وهذه السوق اليوم بواقع الحال لا تشكل شيئاً امام قوة الدولة واقتصادها”، مبينا ان “اقتصاد الدولة قوي من ناحيتين، الاولى لأنه يوفر نافذة للاستيرادات بسعر صرف مستقر وهذه هي المسألة الكبرى في الحقيقة، اضافة للدعم الحكومي والاستيرادات الحكومية”.
واوضح صالح بقوله: ان اسواق “المضاربين جاءت من سوء تنظيم وعدم وجود مؤسسات سوق بشكل صحيح، وبالتالي نجد انها تتسبب بآثار جانبية، برغم انها ليست كبيرة”، مشددا على ضرورة ان “ يكون الذراع الاقتصادي للدولة قويا ويتدخل بشكل اكبر لكبح جماح هذه السوق، وهذا هو التوجه الصحيح في هذا الصدد”.
وكشف عن ان سوء تنظيم الاسواق الرمادية لكونها غير قانونية بشكل عام، موضحا ان هناك اجراءات قانونية وتنظيمية مستمرة لكبح جماح هذه المؤسسات غير القانونية التي تسبب ضررا للظروف المعيشية، مؤكدا اهمية ان يكون هناك تدخل قوي من جلنب الدولة بذراعها الاقتصادي او التنظيمي، عبر توفير الدولار بالسعر الرسمي عن طريق قنوات التحويل بشكل كبير، اضافة للتجارة الحكومية والبطاقة التموينية والسلال التي تقدمها الدولة.
وكشف ان هناك “برنامجا في هذا الجانب للدولة وربما سيتم الاعلان عنه قريباً، لحماية مستوى المعيشة بقوتها الاقتصادية”.
الرقابة الحكومية
الخبير الاقتصادي منار العبيدي، قال في مستهل حديثه: حتى الان نجد ان الاسباب التي تؤدي الى زيادة سعر الصرف غير واضحة؛ قسم يعزوها الى الطلب على الاستيراد، وقسم الى طلب بعض الدول المفروضة عليها عقوبات امريكية وتحديداً ايران، وبالتالي فإن المشكلة اليوم غير معروفة، ومحاولة ايجاد حلول لمشكلة غير معروفة امر غير صحيح.
وعلق على حديث رئيس الوزراء قائلا، ان “ما ذكره رئيس الوزراء في بعض الجوانب غير مبني على معطيات حقيقية، فاذا كانت المصارف الاهلية تقوم بالتلاعب بسعر الصرف، فهنالك جهات رقابية والبنك المركزي قادر على ايقاف هذه المصارف وشركات الصيرفة”.
واكد العبيدي لـ”طريق الشعب”، ان “الموضوع اكبر من شركات الصيرفة والمصارف: هناك طلب كبير على الدولار في السوق المحلية، والحاجة الملحة اليوم هي السيطرة على المنافذ الحدودية لمعرفة هل الدولار مطلوب فعلاً لتغطية الاستيراد ام لأغراض اخرى؟”.
واردف قائلاً ان “المواطن العراقي لا يهمه سعر الصرف، بقدر اهتمامه بعدم ارتفاع اسعار المواد الاساسية، وهذا يقودنا بالتالي الى موضوع اخر وهو التضخم، فهل فعلا التضخم متأثر بأسعار الصرف؟”.
وتابع “نلاحظ ان تأثير سعر الصرف هو تأثير نفسي اكثر من تأثيره على اسعار المواد، وخصوصاً المواد الاساسية، فأسعار المواد الغذائية لم نشهد ارتفاعا في اسعارها مثل ارتفاع اسعار الصرف. نحن نتحدث عن فرق بنسبة 20 في المائة عن السنة السابقة في ما يخص سعر الصرف”.
وشدد على ضرورة ان “تعمل الحكومة على مراقبة نسب التضخم لكل سلعة وخدمة، ومحاولة تقليلها من أجل ان لا يكون هناك تأثير مباشر على المواطن العراقي، اما محاولة ايجاد حل جذري لمسألة سعر الصرف، فلا أرى حالياً انه يمكن ان يحل بهذه الطريقة”.
وعن تقييمه لأداء الحكومة والجهات المعنية قال “كانت هناك مجموعة تحديات في الفترة السابقة، منها ارتفاع سعر الصرف الموازي والعقوبات على البنوك وصرف الاموال بالدينار للمودعين بالدولار”، لافتا الى ان” الحكومة او الجهة المسؤولة لم تكن موفقة في ايجاد حلول جذرية لهذه المشاكل”.
*********************************************************************************
مسح ميداني يستهدف تعزيز مقدرة الأهالي على مواجهة آثار تغير المناخ 80 في المائة من سكان الاهوار نزحوا نحو المدن
بغداد ـ طريق الشعب
قال رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب الأسدي، إن أكثر من 80% من سكان الأهوار هجروا مناطقهم بسبب جفافها، حيث كانت هجرة قسم منهم داخلية، بينما القسم الآخر انتقلوا إلى محافظات أخرى، في حين عاد جزء قليل منهم فقط لمناطقهم.
النظام البيئي
ويأتي ذلك في وقت باشر فيه الجهاز المركزي للإحصاء، تنفيذ مسح ميداني لدراسة وتقييم النظام البيئي التشاركي في أهوار جنوب العراق، بغية جمع بيانات حديثة تتعلق بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والزراعية للنظام البيئي لسكان الأهوار.
وتصنف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيّر المناخي، في حين يندّد العراق بالسدود التي تبنيها تركيا وإيران المجاورتان والتي تسبّبت بنقص ملحوظ بمنسوب الأنهار الوافدة إلى أراضيه.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، إن المسح الميداني يستهدف زيادة قدرة الأهالي على مواجهة آثار تغير المناخ، وكيفية جعل الأهوار أماكن جذب للسياحة.
وبدأت ملاكات الجهاز المركزي للإحصاء، وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بتنفيذ مسح ميداني لدراسة وتقييم النظام البيئي التشاركي في أهوار جنوب العراق، حسبما ما أعلنت وزارة التخطيط في بيان ورد لـ”طريق الشعب”.
3 محافظات
وقال المتحدث باسم الوزارة عبدالزهرة الهنداوي، بحسب البيان، إن “المسح الذي ينفذ في محافظات ذي قار وميسان والبصرة، يأتي ضمن أهداف الجهاز المركزي للإحصاء لمعرفة الواقع الحالي لبيئة الأهوار، وما آلت اليه ظروف الأسر القاطنة فيها، نتيجة انحسار المياه في الوقت الحاضر”.
وأضاف الهنداوي، ان المسح يستهدف “جمع بيانات حديثة تتعلق بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والزراعية للنظام البيئي لسكان الأهوار، وتوفير بيانات تساهم في زيادة قدرة سكان الأهوار وتمكينهم على مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ”.
كذلك من أجل الوقوف على تأثيرات الواقعية لتلك التغيرات المناخية على “تربية الجاموس وصيد الأسماك والطيور، فضلا عن دراسة الصناعات والحرف اليدوية التي تمارس من قبل السكان في مجتمع الأهوار، ومعرفة العوامل التي تساعد على جعل الأهوار أماكن جذب للسياحة والمحافظة على مناظرها الطبيعية”، على حد قول المتحدث باسم التخطيط.
تناقص المياه
وتثير مسألة الجفاف مخاوف كبيرة من فقدان العراق للأهوار جنوبي البلاد، في ظل التناقص الكبير في مناسيب المياه، والتي أدت في العام الماضي، إلى نفوق 4500 رأس جاموس، فضلا عن هجرة غالبية الأسر الساكنة في الأهوار وتركها مناطقها.
بحسب تصريح سابق، لرئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب الاسدي فإن أكثر من 80% من سكان الأهوار هجروا مناطقهم بسبب جفافها، حيث كانت هجرة قسم منهم داخلية، بينما القسم الآخر انتقلوا إلى محافظات أخرى، في حين عاد جزء قليل منهم فقط لمناطقهم.
***************************************************************************************
ليس مجرد كلام.. للوطن والناس نهتفُ وننشدُ دائماً
عبدالسادة البصري
الجمعة التي مرّت اختتمنا مهرجان طريق الشعب بنسخته الثامنة وسط لوحات من المحبّة والجمال والألق ، هتفنا للوطن وتضامنّا مع غزة وشعب فلسطين الشقيق ونثرنا ورود المحبّة والبهجة.
كما كانت انتفاضة تشرين معنا حاضرة بكل عنفوان الذكرى. ردّدنا هتافاتها واناشيدها الرائعة التي صارت ايقونة على مرّ الأيام ،، وكان مطلب “نريد وطن” اللازمة لكل نشيد. هذه الصرخة التي ظلّت تُردد في الساحات، وفي كل مكان، والتي أضحت على لسان كل متظاهر نزل يطالب بحقّه في العيش الكريم، على أرض دافع عنها هو وأخوته وآباؤه وأجداده، يوم أطبق الظلام على سمائها وهجمت خفافيشه تريد امتصاص دمها!
نزل في تلك الأيام الى الساحات فيما انفجرت صرخته كالبركان يقذف حممه على رؤوس الفاسدين وسارقي أعمار الشباب.
قد يطرق أذهان البعض سؤال : لماذا يريدون وطنا .. وهذا الذي يقيمون فيه الآن هو وطنهم ؟
والجواب: نعم، هو وطنهم، لكنهم لا يشعروا به كذلك أبدا!
الوطن يعني الحضن الدافئ، والقلب الطيب، والروح السامية الخلّاقة، والعنوان، والشموخ، والمَحنّة، والانسانية، والكبرياء، والراحة، ورغد العيش، والسكن اللائق، وفرص العمل، واحترام الذات، والأمن والأمان، والسعادة في كل مكان!
كل هذه لم يحظ بها الشباب لحظة واحدة، لهذا فقدوا الإحساس به، وباتوا يحلمون بوطنٍ يشاهدونه عند الآخرين عبر الإنترنت والفضائيات وكرنفالات الفرح في كل مكان خارج الحدود!
أحلامهم لم تتعدّ الأرض التي ولدوا عليها، وسمعوا عنها الحكايات الكثيرة من جدّاتهم وأمهاتهم، وحينما فتحوا عيونهم وعرفوا أن هذا الحلم سراب، فانتفضوا صارخين : نريد وطناً!
وكم هي مؤلمة حقاً هذه الصرخة، يوم انطلقت وحين سمعناها من فم شابٍ وفتاةٍ لم يبلغا الحلم بعد؟!
الأعم الأغلب من المتظاهرين في تشرين كانوا شبابا لم تبلغ أعمارهم الخامسة والعشرين، بل منهم من لم يبلغوا الثامنة عشر عاما، ولم يبصروا شيئا من الوطن الذي سمعوا وقرأوا عنه، فأحسّوا بضياعهم، وضياع كل شيء جميل في حياتهم، بل ضياع حياتهم كلها. وواجهوا الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيّل للدموع بصدور عارية، مرددين قول الشاعر محمود درويش : مَنْ ليس له وطن ، ليس له كفن!
ولأجل أن يمسكوا بحبل نجاة قبل أن تغرق السفينة نهائيا، خرجوا للساحات يطلبون وطناً.. وطناً يليق بهم ويليقون به، وطناً يحنو عليهم ويضمّهم بين جناحيه قبل أن يتشرّدوا لاجئين في بقاع الأرض، وطناً حلموا به منذ نعومة أظافرهم!
ان على الجميع أن يقفوا معهم بكل ما يريدون، والمسؤولية الكبرى تقع أولا على مَنْ يقود البلاد والسلطة العليا ، وعلى كل ذي عقلٍ حليم ثانيا. عليهم أن يعوا المسؤولية هذه ويفتحوا قلوبهم قبل مكاتبهم للشباب، ويبدأوا بتصحيح الأخطاء التي أودت بالبلاد الى الخراب قبل أن تكون الهاوية، كي يشعر الناس جميعاً بأن ثمّة وطناً يقيمون فيه ، بعيداً عن الحرمان والقهر والمطاردات وسفك الدماء البريئة. علينا أن ننمي الإحساس بوطنٍ حرٍ يعيشون على أرضه بسلام وسعادة وهناء وعيشٍ رغيد ..
وكل مهرجان لطريق الشعب ونحن نهتف وننشد دائما .. للوطن والناس .
************************************************************************************************
الصفحة الخامسة
كارثة بيئية في البصرة .. مطالبات بمعالجة التلوّث الناجم عن استخراج النفط
متابعة – طريق الشعب

أثار مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة البصرة، أخيرا، مسألة التلوّث البيئي الناجم عن سحب الغاز المرافقة لعمليات استخراج النفط في المحافظة. وفيما طالب بموقف برلماني حقيقي لوقف هذه الكارثة البيئية، دعا المواطنين إلى تقديم الشكاوى في هذا الشأن.
وتعمل شركات أجنبية عدّة على استخراج النفط في البصرة، منها “بريتش بتروليوم” البريطانية و”إيني” الإيطالية. وتصدر عن العمليات النفطية انبعاثات غازية سامة تسبب أمراضا خطيرة، كالسرطانات، لا سيما انّ الشركات لا تعالج الانبعاثات “لكون العقود الحكومية التي أبرمت معها لم تتضمن بنودا تشترط عليها معالجة تلك الانبعاثات” – حسب ما أفاد به الخبير البيئي علي المياحي في حديث صحفي.
وعلى مشارف البصرة يقع عدد من أكبر مناطق التنقيب عن النفط في البلاد. وتعتبر الغازات المشتعلة من هذه المواقع خطيرة. إذ ينبعث منها مزيج قوي من ثاني أكسيد الكربون والميثان والسخام الأسود الملوّث للغاية.
ويحظر القانون العراقي، لأسباب صحية، حرق الغاز على بعد ستة أميال من منازل السكان، إلا أن الواقع مختلف. فهناك تجمعات سكانية تقع على بعد أقل من ميلين من الحقول النفطية – وفق ما ذكرته وكالة أنباء “بي بي سي عربي” في تقرير صحفي سابق.
انعدام الرقابة
وفي بيانه الذي أصدره الخميس الماضي، طالب مكتب مفوضية حقوق الإنسان في البصرة بـ”حماية السكان المدنيين من تلك الانبعاثات الغازية المضرّة صحياً وبيئياً، ووضع حدّ لإهمال واستهانة الشركات باتّباع إجراءات المعالجة المرافقة”، محذّراً من “ضعف وشلل الخطوط الرقابية، بل انعدامها في عشرات المواقع النفطية”.
الحكومة تهمل شكاوى المواطنين
ولا يرى اختصاصيون في الشأن البيئي أنّ ثمّة تأثيراً يُذكر للشكاوى التي يقدّمها المواطنون بشأن التلوّث النفطي في البصرة، ومطالباتهم بمعالجته “فالحكومتان المحلية والمركزية تهملان الملف” – حسب الخبير البيئي من البصرة علي المياحي، الذي يؤكد في حديث صحفي أنه “سبق لنا أن قدّمنا مع مئات المواطنين شكاوى إلى الحكومة المحلية بشأن التلوّث الناجم عن تلك الغازات، وما ينتج عنه من أمراض خطرة، إلا أنّ الشكاوى أُهملت كلها”.
ويضيف قائلا أنّ “أجواء المحافظة صارت خانقة بسبب تلك الملوّثات الخطرة، من دون أيّ معالجة للملف”.
ويحمّل المياحي الجهات العراقية “مسؤولية هذا الملف، خصوصاً أنّ العقود المبرمة مع تلك الشركات لا تفرض عليها معالجة الغازات، وهو أمر أهملته الحكومة خلال إبرام العقود”، لافتا إلى ان “الأمراض الخطرة التي تنجم عن تلك الغازات السامة تحتّم على الحكومة أن تتّخذ خطوات عملية للمعالجة، خصوصاً أنّ الملف صار ملفاً إنسانياً ويهدّد صحة أهالي البصرة وحياتهم”.
وكان مركز الأورام السرطانية في البصرة قد أفاد في نهاية عام 2022، بأنّ المحافظة تسجّل سنوياً 2300 إصابة جديدة بالسرطان نتيجة التلوّث البيئي، أي 78 إصابة لكلّ 100 ألف من السكان، وأنّ الزيادة السنوية المتوقّعة للإصابات في المحافظة 10 في المائة، مرجحا أن تصل الأعداد إلى نحو 2400 مصاب سنويا في الأعوام المقبلة.
البصرة أكبر حارقة للغاز!
وفي حديث صحفي سابق، أكد الخبير في مجال حقوق الانسان د. فاضل الغراوي ان حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط في العراق يُعد العامل الرئيس لتلوث المناخ، ويشكل خطرا محدقا بحياة المواطنين وصحتهم. إذ يسبب الإصابة بالربو وأمراض الرئة والجلد والسرطان”.
وأوضح أن “بيانات البنك الدولي تشير إلى ان العراق يحرق ما يزيد على 17 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ليحتل المرتبة الثانية بعد روسيا في هذا الخصوص”، مشيرا إلى ان “انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن حرق الغاز العراقي تبلغ نسبتها 10 في المائة من إجمالي الانبعاثات العالمية”.
ولفت الغراوي إلى ان “البصرة وحدها تحرق غازا أكثر من السعودية والصين والهند وكندا، لأنها موطن حقل الرميلة - ثالث أكبر حقل نفط في العالم”، داعيا الحكومة ووزارة النفط الى “الزام الشركات النفطية العاملة في جولات التراخيص بالمحافظة على البيئة من خلال منع حرق الغاز المصاحب للنفط والعمل على استثماره وتحويله الى منتجات غازية للاستعمالات المختلفة، فضلا عن استثماره في تشغيل محطات الكهرباء بدلا من استيراده لهذا الغرض”. كما دعا إلى “إلزام الشركات النفطية بتقديم تعويضات الى المواطنين الذين اصيبوا بالامراض السرطانية والجلدية والتنفسية نتيجة التلّوث”.
مشروع للحد من انبعاثات الميثان
إلى ذلك، ذكرت مديرية التغييرات المناخية في وزارة البيئة، أول أمس الأحد، أنها باشرت بتنفيذ مشروع خاص بتقييم انبعاثات غاز الميثان في قطاع النفط والغاز.
وقالت في بيان صحفي، أن “هذا المشروع سينفذ بدعم مالي وفني من تحالف الهواء النظيف والمناخ، أحد مؤسسات برنامج الأمم المتحدة للبيئة”، مضيفة ان “المشروع سينفذه فريق فني متخصص من وزارتي البيئة والنفط. حيث يعتبر الحد من انبعاثات غازات الميثان احد أولويات وثيقة المساهمات الوطنية العراقية NDC، للاستفادة منه اقتصاديا والحد من تأثيراته الصحية والبيئية، خاصة في جنوب البلاد”.


المجاري طافحة صيف شتاء!
متابعة – طريق الشعب
طالب أهالي حي المشاتل في منطقة المشتل شرقي بغداد، أمانة العاصمة بالتحرّك العاجل لحل مشكلة طفح المجاري في أزقة الحي، مشيرين إلى انهم يعانون هذه المشكلة صيف شتاء.
ويعد هذا الحي من المناطق الزراعية، وهو لم يشمل سابقا بخدمات البنى التحتية. وبجهود شخصية من السكان تم إنشاء شبكة مجارٍ، لكنها تتعرض دائما للانسداد والطفح.
يقول المواطن فيصل غازي، أن “الوضع الذي نمر به لا يتحمله أحد. فمياه المجاري تطفح من داخل منازلنا، ثم تتسرب إلى الشارع”، مشيرا في حديث صحفي إلى أن “الأهالي لم يتمكنوا من معالجة المشكلة، رغم الأموال الكبيرة التي أنفقوها بهذا الخصوص”. أما أبو محمد البيضاني، وهو أحد وجهاء الحي، فيقول أن “جميع الخدمات في منطقتنا سيئة، منها الكهرباء والماء والصرف الصحي. وكل هذه الخدمات وفرها الأهالي بجهود شخصية وعلى نفقتهم”، مبينا أنه “لغاية الآن شوارع المنطقة غير معبّدة، وتغرق بمياه الصرف الصحي”.
ويناشد المواطن أمانة بغداد والجهد الخدمي الذي شكله رئيس الوزراء، شمول حيّهم بالخدمات أسوة بغيره من الأحياء التي يجري تطويرها حاليا.


بائعات الملابس المستعملة في الكوت يناشدن المحافظ..
متابعة – طريق الشعب
بطرق عرض بدائية، تسعى سيدات من الكوت للحصول على قوتهن عبر شراء الملابس المستعملة من المواطنين، ثم غسلها وبيعها على الفقراء بأسعار رمزية، للحصول على هامش ربح بسيط.
وتعرض البائعات بضاعتهن في “سوق الشيشان” في مركز المدينة، لكنهن قلقات من تعرض البضاعة للتلف خلال موسم الأمطار، لعدم توفر مسقفات تحميها من ماء المطر.
تقول البائعة أم غايب، أن “كل بائعات الملابس المستعملة في هذا المكان هن من كبيرات السن المتعبات والمريضات والمضطرات للعمل بسبب الظروف المعيشية القاسية”، مبينة في حديث صحفي أنه “نشتري الملابس من نساء فقيرات يترددن على السوق، بسعر 250 إلى 500 دينار للقطعة الواحدة، فنقوم بغسلها وترتيبها ثم نبيعها بأسعار تتراوح ما بين 1000 و 2000 دينار للقطعة”.
وتشير إلى أن مبيعاتهن قليلة جدا، وأحيانا تمر عليهم أيام دون أن يبعن شيئا “فالسوق متهالك وطريقه ترابي لا يشجع المتبضعين على المرور منه”، لافتة إلى أنه “عند هطول الأمطار تصبح أوضاعنا مزرية جداً، فلا شيء يحمينا من المطر، وبضاعتنا تفسد تماماً، ما يعرّضنا للخسارة”.
وتنوّه البائعة إلى أن “البلدية منحتنا هذه الأرض، ولكننا لا نملك ما يكفي من المال لتسقيف أماكن عملنا، أو صب الأرضية. لذلك نناشد المحافظ مساعدتنا في هذا الجانب”.


باعة «سوق الخير» في الطارمية: زبائننا انقطعوا بسبب الحفريات
متابعة – طريق الشعب
دعا أصحاب المحال في “سوق الخير” بمنطقة الطارمية شمالي بغداد، إلى الإسراع في إنجاز أعمال تأهيل شبكة الصرف الصحي في السوق، والتي تنفذها شركة أهلية، مشيرين إلى أن الزبائن انقطعوا عن السوق بسبب أعمال الحفريات.
يقول أبو حسين، وهو صاحب محل في السوق، أنه “تضرّرنا كثيراً وتراجعت حركة الزبائن بسبب الحفر الموجودة أمام محالنا. فبعض الباعة اضطروا إلى إغلاق أبواب محالهم لحين انتهاء المشروع”.
ويضيف في حديث صحفي قائلا أن “بقاء الشارع بهذا الشكل سيكلفنا خسائر جسيمة. فقد صار من الصعب على الزبائن الوصول إلينا”.
ووفقا لما نقلته وكالات أنباء عن أحد العاملين في الشركة التي تنفذ المشروع، فإن العمل بدأ منذ أيام، وانهم يعملون على إنهائه قبل هطول المطر.
*************************************************************************************************
الصفحة السادسة

الاحتلال الصهيوني يواصل اقتراف المجازر وحصيلة الشهداء تجاوزت 8 آلاف
متابعة ـ طريق الشعب
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين من خلال مواصلة القصف الوحشي على الاحياء السكنية دون توقف، مخلفا وراءه حتى إعداد هذه المتابعة اكثر من 8 الاف شهيد، وضعفيهما من الجرحى، فضلا عن الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة نتيجة للقصف الهمجي.
ابرز التطورات
وفي أبرز تطورات اليوم الـ24 من الحرب على غزة، بثت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس تسجيلا لأسيرات إسرائيليات في غزة يوجهن رسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يطالبنه فيها بالعمل على إطلاق سراحهن.
وتظهر في المقطع المصور 3 سيدات يجلسن جنبا إلى جنب أمام جدار. ووجهت إحداهن في المقطع رسالة غاضبة إلى نتنياهو وطلبت إعادتهن إلى منازلهن مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وقالت إحدى الأسيرات في التسجيل -موجهة كلامها لنتنياهو- إنه “لم يكن هناك أي جيش في السابع من تشرين الأول الجاري، (تاريخ شن عملية “طوفان الأقصى”)، ولم يأت لنا أحد، وأنت تريد قتلنا جميعا”.
وأضافت، “أطلقْ سراحنا الآن وسراح مواطنيهم (الفلسطينيين). نحن بهذا الوضع بسبب إخفاقك الذي تسببت به، وأنت ملزم بإطلاق سراحنا جميعا”.
وقالت أسيرة أخرى، “نعلم أنه كان هناك مطلب لوقف إطلاق النار، وكان من المفترض أن تطلقنا جميعا، كنتَ ملزما بإطلاق سراحنا جميعا، وبدلا من ذلك نحن نعاني من عجزك السياسي والأمني والعسكري والدبلوماسي”.
وندد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بنشر المقطع، واصفا إياه بأنه “دعاية نفسية قاسية”. وقال في بيان “أتوجه إلى (المحتجزات) إيلينا تروبانوف ودانيال ألوني ورامون كيرشت اللائي اختطفتهن حماس التي ترتكب جرائم حرب.. أعانقكم، قلوبنا معكم ومع المختطفين الآخرين. نحن نبذل قصارى جهدنا لإعادة جميع المختطفين والمفقودين إلى وطنهم”.
مقاومة شرسة
جاء ذلك بعد أن توغلت قوات الاحتلال الصهيوني، عبر منطقة رخوة في جنوب شرق مدينة غزة ووصلت إلى شارع صلاح الدين، قبل أن تجبرها المقاومة على التراجع، وفق ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وبعد أن توعد الاحتلال بتصفية المقاومين واعلانه القيام بعملية برية واسعة، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن المقاومة أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب بعد أن تقدمت إلى شارع صلاح الدين الذي يربط شمال القطاع بجنوبه.
وقال المكتب الإعلامي في بيان، أنه لا يوجد أي تقدم بري إسرائيلي داخل الأحياء السكنية في قطاع غزة، وإن ما جرى على شارع صلاح الدين هو توغل بضع دبابات لجيش الاحتلال وجرافة انطلاقا من المنطقة الزراعية المفتوحة بمنطقة جحر الديك.
وأضاف المكتب الإعلامي الحكومي، أن هذه الآليات استهدفت سيارتين مدنيتين على شارع صلاح الدين وقامت بتجريف الشارع، قبل أن تجبرها المقاومة على التراجع، مشيرا إلى أنه لا وجود لآليات لجيش الاحتلال على شارع صلاح الدين، وأن حركة المواطنين هناك عادت لطبيعتها عليه.
وبالتزامن، تواصلت الغارات الإسرائيلية مخلفة المزيد من الشهداء والجرحى. ومع استمرار المجازر ضد المدنيين، ارتفعت حصيلة العدوان اليوم إلى 8306 شهداء، بينهم 3457 طفلا و2136 امرأة، إضافة إلى ما يزيد على 21 ألف جريح، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
اقتحام للضفة
وفي الضفة الغربية، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجددا، مدينة جنين ومخيمها لتندلع اشتباكات عنيفة مع المقاومين، وأسفر الاقتحام عن استشهاد 4 فلسطينيين، في حين أكدت كتيبة جنين -التابعة لسرايا القدس– أنها أوقعت قتلى وجرحى إسرائيليين خلال العملية.
وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يهدد المستشفيات والمرضى عند اقتحامه المدن الفلسطينية بالضفة الغربية.
وذكرت الكيلة، أن الاحتلال يطلق النار على المشافي وحولها عند اقتحامه للمدن، وهو ما يشكل تهديدا لحياة المرضى بداخلها وينشر الرعب بينهم.
وأوضح، أن جيش الاحتلال حاصر محيط المستشفى مما منع وصول مركبات الإسعاف، وهو ما أعاق عمل الطواقم، مشيرا إلى أن حالة من الرعب سادت بين المرضى خلال العملية العسكرية.
وأعلن نادي الأسير الفلسطيني، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت خلال الساعات الماضية 85 مدنيا فلسطينيا من مناطق مختلفة بالضفة الغربية.
وأشار النادي في بيان الى أن قوات الاحتلال تواصل شن حملات اعتقال في الضفة بعد منذ معركة طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة في 7 تشرين الأول، وبلغت حصيلة الاعتقالات نحو 1680مدنيا فلسطينيا.
دعوة لحماية المدنيين
ودعت جنوب أفريقيا الأمم المتحدة إلى نشر قوة سريعة لحماية المدنيين في قطاع غزة من القصف المتواصل، وسط تصعيد إسرائيل حربها على القطاع.
وقالت وزارة الخارجية في جنوب أفريقيا، في بيان، “تم القضاء على أجيال كاملة من العائلات في غزة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية”.
وأضاف البيان، “تتطلب أعداد القتلى من غير المقاتلين، وخاصة أعداد الأطفال الذين قتلوا، من العالم أن يظهر أنه جاد بخصوص المساءلة العالمية”.
ونقلت شبكة “سي إن إن” الأميركية عن مصدرين مطلعين على سير المفاوضات، أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أجرى اتصالا برئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بالتزامن مع مواصلة الدوحة قيادة مفاوضات إطلاق الرهائن.
وقالت الخارجية الأميركية، إن الجانبين ناقشا أهمية حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية المستدامة لسكان غزة وسط العمليات العسكرية الإسرائيلية.
*****************************************************************************************
إسرائيل تلاحق الشيوعيين واليساريين والمدافعين عن حقوق الانسان
رشيد غويلب
بعد هجوم حماس في السابع من تشرين الأول على المستوطنات الصهيونية، واستمرار قصف وحصار غزة. أصبح كل نقاد حرب الإبادة الجماعية ضد سكان غزة، من الفلسطينيين واليهود في إسرائيل يوصمون بالعداء لإسرائيل وحتى الخيانة. والمثل الأبرز على صعيد مؤسسات دولة الاحتلال هو: منع النائب الشيوعي عوفر كاسيف، الذي حذر من “التطهير العرقي” للفلسطينيين، الذي يمارسه جيش الاحتلال، من حضور جميع جلسات الكنيست لمدة 45 يومًا. ووصفت لجنة “الأخلاق” في الكنيست كاسيف بـ “معاد لإسرائيل”.
وبعد وقت قصير من طرد كاسيف من البرلمان، أعلن قائد الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي أنه لا “تسامح “ مع أي احتجاجات لدعم الشعب الفلسطيني وهدد بترحيل المتظاهرين المناهضين للحرب إلى قطاع غزة، حيث تتساقط القنابل الإسرائيلية باستمرار. وكشف أيضًا أن الشرطة تقوم بالرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء البلاد بحثًا عن أي تعاطف مع “الإرهابيين”. وفي حيفا، تم منع اجتماع يهودي -عربي لمناقشة الحرب الدائرة وعواقبها المأساوية.
وحول ملاحقة وقمع نشطاء اليسار والمدافعين عن حقوق الانسان من الفلسطينيين واليهود في داخل إسرائيل أجابت الصحفية والناشطة الحقوقية المدافعة عن حقوق الفلسطينيين واليهود السفارديم، أي الذين تعود أصولهم إلى اسبانيا والبرتغال وأحيانا يقصد بذلك أيضا اليهود الشرقيين عموما، أورلي نوى على أسئلة جريدة “منافستو” الشيوعية الإيطالية عن طبيعة الملاحقات والقمع الذي يتعرض له اليساريون ودعاة السلام والمدافعون عن حقوق الانسان داخل إسرائيل. ولأهمية المعلومات الواردة في الإجابات، والتي تعكس الطبيعة الاستبدادية لليمين الصهيوني المتطرف نقدم للقراء أهم ما ورد فيها.
قمع منفلت
يتعرض كل من يحاول الحديث عن خلفيات وجذور الصراع وعلاقته بهجوم حماس وحرب الإبادة الجارية في غزة إلى ملاحقة وقمع منفلت. ويعود ذلك لسببين. الأول يتعلق بالصدمة التي يشعر بها الجميع، لأن إسرائيل صغيرة، ومن من السهل أن يكون لديك معارف، وحتى أقارب، بين القتلى والجرحى والمختطفين في هجوم 7 تشرين الأول. أما السبب الثاني يمكن تلمسه، حتى فيما يسمى بالأوقات العادية، فإن الحديث عن احترام حقوق الإنسان وحقوق الفلسطينيين لا يحظى باهتمام معظم الجمهور الإسرائيلي. وبعد هجوم حماس، تم تهميش هذا الخطاب تماماً. وهناك فقط حديث عن الانتقام، عن القضاء على حماس، عن تسوية قطاع غزة بالأرض. إن الحديث عن احترام الحياة، أية حياة، وحقوق الإنسان مرفوض. ويجد اليسار والمدافعون عن حقوق الإنسان أنفسهم في وضع حساس للغاية. ويتلقى الناشطون اليهود باستمرار رسائل تهديد وبغيضة. أما الفلسطينيون داخل إسرائيل، فيحيط بهم الخطر والمخاوف، ولم يعودوا ينشرون أي شيء على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنهم عرضة للاعتقال بتهم خطيرة للغاية. وعمليا هم الضحايا الرئيسيون لهذه الإجراءات. لقد تم طرد عشرات من طلاب الجامعة بسبب تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن هناك أيضًا حالات كثيرة لنشطاء يهود عوملوا بنفس الطريقة. تم فصل مدرس ثانوية، لأنه قرر الاستمرار في التحدث والتصدي للجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
توقعات
تعقيدات الصراع الجاري وطبيعة أطرافه غير المباشرين تجعل من الصعب حصر التوقعات. وإذا واصلت إسرائيل غزوها البري لغزة، وكما يبدو أنها ستفعل، فإن عدد ضحايا الفلسطينيين سوف يستمر في الارتفاع. وسيكون هناك أيضا ضحايا بين جنود الاحتلال. ولذلك فإن جميع السيناريوهات واردة. هدف إسرائيل من الحرب غير واضح. وتدمير حماس، الذي تتحدث عنه الحكومة والقادة العسكريون، هو هدف غامض، وممثلو الأحزاب الإسرائيلية الفاشية المتطرفة يتبنون التطهير العرقي في قطاع غزة. لقد اقترحت وزيرة المخابرات جيلا جملئيل نقل جميع سكان غزة إلى سيناء. ويقترح سكان المستوطنات الإسرائيلية السابقة في غزة، قبل الانسحاب الإسرائيلي منها بأمر من رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون عام 2005 إعادة بناء المستوطنات المدمرة ً. وهناك الوضع في الضفة الغربية، الذي هو حاليا خارج دائرة الضوء بسبب خطورة ما يحدث في غزة. إن التطهير العرقي يحدث بالفعل في الضفة الغربية. وقد فرت مجتمعات فلسطينية بأكملها من منازلها بسبب التهديدات والعنف الذي يمارسه المستوطنون. ولهذا السبب يصعب تصور المستقبل المنتظر.
يعتقد نشطاء السلام داخل إسرائيل بوجود تراجع نسبي في الأيام الأخيرة بين جمهور ما يسمى بمعسكر السلام في إسرائيل، وأخذ البعض يتحدث علانية عن مهاجمة قطاع غزة بلا هوادة. وفي الوقت نفسه، فان هذه لحظة حاسمة. وبعد ذلك، قد تتوفر فرص توضح لدعاة الانتقام الآن، أن هذا الصراع يجب أن يحل على أساس القانون والعدالة، وليس بالقوة فقط، كما هو الحال منذ عقود. ويمكن أن تظهر الفرصة من وسط الظلام.
******************************************************************************************
حزب الشعب: كل التضامن مع لجنة المتابعة العربية العليا والحزب الشيوعي
أصدر حزب الشعب، بياناَ تضامنياَ مع لجنة المتابعة العربية العليا والحزب الشيوعي وجبهته، على إثر التهديدات الارهابية من اليمين الفاشي الصهيوني، بما في ذلك التهديد بالقتل.
فيما يلي نص البيان:
يتابع حزب الشعب الفلسطيني وبقلق بالغ، الحملة المسعورة التي تشنها الدوائر الرسمية وغير الرسمية داخل اسرائيل، ضد الحزب الشيوعي الاسرائيلي وضد قيادة الجماهير العربية، وهي الحملة التي وصلت اليوم حد التهديد بالقتل ضد رموز الحزب والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بما فيهم أعضاء “الكنيست” من العرب واليهود، وكذلك قياده لجنه المتابعة العليا للجماهير العربية، وكل من يعارض العدوان والإرهاب والاجرام الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وخاصة حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال الاسرائيلي ضد قطاع غزه.
إن حزب الشعب الفلسطيني إذ يعرب عن تضامنه المطلق مع الحزب الشيوعي الاسرائيلي وقيادته المناضلة، وكذلك قياده الجماهير العربية في اسرائيل، ليدعو كافه القوى الديمقراطية والتقدمية في العالم إلى ادانه هذا السلوك الاجرامي للدوائر الحاكمة في اسرائيل وقواها اليمينية والفاشية.
******************************************************************************************
الصفحة السابعة
الشيوعي التشيكي عن وضع البلاد الراهن وتأثيرات حرب أوكرانيا
عادل محمد
في حوار نشرته وكالة Pressenza العالمية تحدثت زعيمة الحزب الشيوعي في جمهورية التشيك، كاترينا كونيتشنا، عن عدم كفاءة حكومة بلادها، والتضخم القياسي السائد، والهجرة والأزمة الاقتصادية، ومشاكل الرعاية الصحية والطاقة والغذاء. وكيف يمكن أن ينتهي الصراع في أوكرانيا بالنسبة للمواطنين العاديين في أوروبا. فيما يلي اهم ما تضمن الحوار.
الأزمة الاقتصادية
تعيش جمهورية التشيك أزمة اقتصادية استثنائية. ويعود ذلك إلى حد كبير إلى عدم كفاءة حكومة البلاد الحالية. عندما تتبنى الحكومة سياسات يمكن أن تساعد بالفعل في مكافحة آثار الأزمة أو حتى أسبابها، فإنها تأتي متأخرة جدا، وفي أحسن الأحوال تكون أنصاف حلول. ومع ذلك، فإن معظم التدابير التي اتخذتها الحكومة لا تساهم في معالجة جدية للأزمة، مثل التخفيضات التي لا نهاية لها في الموازنة والتي يتم تقديمها دون الكثير من التفكير والتأمل. ونادرا ما تتم مناقشة هذه التدابير مع النقابات أو السلطات المحلية، التي يمكنها في الواقع تقديم آراء مفيدة للحكومة.
ونتيجة لذلك، تعاني البلاد من واحد من أعلى معدلات التضخم، ومن أسرع انخفاض للأجور الحقيقية، وأعلى سن تقاعد مقترح، وأعلى أسعار للكهرباء في بلدان الاتحاد الاوربي. ويجبر ارتفاع الأسعار العديد من الأسر والأفراد على الحد من الإنفاق حتى على السلع الأساسية. صحيح أن التأثيرات التي خلفتها الأزمة مخيفة، إلا أن عدم كفاءة الحكومة يجعلها أكثر تدميراً، فضلا عن القاء الحكومة اللوم على الأزمة فقط، بعيدا عن قصورها الذاتي.
عقوبات فاشلة
العقوبات المفروضة على روسيا ليست في مصلحة جمهورية التشيك، ولا حتى في مصلحة الاتحاد الأوربي، بل هي ضارة باقتصاد البلاد ولا تحقق أية نتائج تذكر. في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، حاولوا إقناعنا بأن الاقتصاد الروسي وآلة الحرب الروسية لا يمكنهما الصمود أمام العقوبات. الآن يرى الجميع أن ذلك كان كذبة. تؤثر العقوبات على المدنيين العاديين فقط، في كل من روسيا وأوروبا، ولكن ليس على النخب الروسية. وما زالت المواد الخام الروسية تصل البلاد، لكن ليس مباشرة، بل من دول ثالثة مثل الهند. ومن الواضح أن هدف عزل روسيا اقتصادياً قد فشل، وكان محكوماً عليه بالفشل دوما.
وبطبيعة الحال، فإن ارتفاع الأسعار نتيجة لهذه العقوبات يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية ويجعل المفاوضات الرامية إلى إنهاء الصراع المسلح في أوكرانيا، والتي ينبغي أن يكون الهدف الأساسي، أقل احتمالا. ولا يمثل الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات السبب الوحيد لهذه الأزمة، فالمشكلة أكثر هيكلية وتكمن في نمط عمل سوق الطاقة الليبرالي.
أزمة الحبوب
هناك سببان لحظر (سلوفاكيا، بولندا، المجر) استيراد الحبوب من أوكرانيا وتصنيعها وبيعها. الأول هو المخاوف بشأن انخفاض أسعار الحبوب المستوردة وتأثيره على المزارعين المحليين. عندما تستورد الحبوب الرخيصة نسبيًا من أوكرانيا من قبل بلدان الاتحاد الأوروبي، لا يستطيع المزارعون المحليون المنافسة، بسبب ارتفاع أسعار الحبوب المنتجة محليا. وهذا يضر بالزراعة المحلية، ويهدد سبل عيش هؤلاء المزارعين. وإذا اضطروا إلى وقف إنتاج الحبوب محليا، بسبب البديل الأوكراني الأرخص، فقد يؤدي ذلك إلى قدر أقل من الاستقلال الغذائي.
السبب الثاني هو مبيدات الحشرات المستخدمة في أوكرانيا، والمحظورة في الاتحاد الأوروبي، والتي تؤدي إلى زيادة المخاطر الصحية. ولهذين السببين، فضلاً عن حقيقة أن الحبوب الأوكرانية كانت موجهة في الأصل إلى الدول الأفريقية التي في حاجة إليها، واستقرت في نهاية المطاف في أوربا، ولذلك فان التفكير الجدي في فرض حظر على هذه الحبوب في جمهورية التشيك أمر وارد أيضاً. ولا يجوز للاتحاد الأوروبي تحت أي ظرف كان، أن يجبر الدول الأعضاء على قبول الحبوب المصدرة من أوكرانيا، لأن هذا يشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية.
الولايات المتحدة والمنظمات غير الحكومية
تمول الولايات المتحدة المنظمات غير الحكومية و»مراكز التفكير» في جمهورية التشيك، ومن أبرز هذه المؤسسات مركز أبحاث القيم الأوروبية، الذي تعد وزارة الخارجية الأمريكية أكبر ممول له، بعيدا عن الاسم الذي يحمله. في عام 2021، بلغت حصة وزارة الخارجية الامريكية 31 في المائة، و7 في المائة تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، و3 في المائة من مركز المشاريع الدولية الخاصة، وقرابة 1 في المائة من مؤسسة السياسة الدبلوماسية العامة لحلف الناتو، وحوالي 1 في المائة من السفارة الامريكية في براغ، وهؤلاء ليسوا المانحين الأمريكيين او التابعين الوحيدين. ينحدر أكثر من 50 في المائة منهم من أوروبا، وتقدم كندا وتايوان مساهمات كبيرة أيضا.
إنهم يضغطون، بشكل صارخ، من أجل سياسة خارجية مؤيدة لأمريكا، وحظر التجارة مع روسيا والصين، ومواءمة تجارة جمهورية التشيك بقوة مع تايوان والغرب، وحظر «التيك توك» على هواتف موظفي الدولة، وحتى الضغط على الاتحاد الأوروبي للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، كما فعلت الولايات المتحدة. واليوم أصبح تأثيرهم واضحا، خاصة بشأن العلاقات مع الصين. وعندما زارت الرئيسة الحالية لمجلس النواب التشيكي، ماركيتا بيكاروفا أداموفا، تايوان، غير المعترف بها من قبل جمهورية التشيك، افتتحت «المركز التشيكي»، الذي أنشئ في عاصمة تايوان تايبيه، من بين أماكن أخرى، ليكون بمثابة مكان اجتماع لرجال الاعمال للتشيكيين والتايوانيين، ولكن أيضًا لخدمة المنظمات الحكومية وغير الحكومية التشيكية والتايوانية. ويمكن رصد تحول إلى مواقف أكثر عدوانية، في التصريحات والتصرفات الأخيرة لكبار السياسيين التشيكيين تجاه الصين. وانتهاكات لمبدأ الصين الواحدة المعترف به رسميًا. كل هذا يتم دفعه للأمام من قبل هذه المنظمات غير الحكومية التي تمولها الولايات المتحدة، وهو هدفها الأول حاليًا. ولذلك، فان تأثير هذه المنظمات على السياسة التشيكية وصنع القرار فيها كبير.
ملف اللاجئين
لقد أظهر المواطنون التشيكيون واحدا من أعلى مستويات التضامن في الاتحاد الأوروبي خلال أزمة المهاجرين الأوكرانيين. لقد انخفضت الأجور الحقيقية أكثر من أي دولة أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وكان التضخم ولا يزال من أعلى المعدلات في الاتحاد الأوروبي. أدت هذه الحقائق في نهاية المطاف إلى خفض الرغبة في مساعدة اللاجئين، كما تعكس ذلك المعطيات الراهنة. ولذلك، فإن هذا التطور هو أولا خطأ آخر للحكومة التشيكية.
أضف إلى ذلك انتشار أمراض مثل السل في جمهورية التشيك وبلدان أخرى، لفقدان وسائل مكافحة هذه الأوبئة، وهذه حقيقة محزنة. وبحسب الخبراء، فإن الهجرة هي أحد الأسباب، وليس السبب الوحيد لعودة ظهور هذه الامراض في البلاد. ولسوء الحظ، لا ينحصر الأمر في مرض السل.
تأثيرات حرب اوكرانيا على جمهورية التشيك
يتم حالياً توظيف الحرب لفرض رقابة على العديد من أشكال التعبير عن الرأي التي لا تتفق مع مواقف الحكومة. ولا تزال العديد من وسائل الإعلام المرتبطة بروسيا محظورة، مما يقيد حرية الصحافة وحرية التعبير. وهناك خطر حقيقي في أن تستمر هذه القيود ببساطة، بل من الممكن أن تتوسع. إن أي شخص يتحدث علناً عن قضية السلام، أو يعارض سياسات الولايات المتحدة أو حلف الناتو، أو حتى ينتقد السياسات القاسية التي تنتهجها الحكومة، يتهم زوراً بممارسة الدعاية لصالح روسيا، وقد يستمر هذا الوصم في المستقبل لعزل الأصوات المعارضة من المشاركة في النقاش العام. وقد يتدهور الوضع الاقتصادي أكثر بسبب العقوبات. ويمكن أيضًا أن ترتفع الشوفينية الاجتماعية عبر تطبيع كراهية الأقليات العرقية مثل الأقلية الروسية. ومؤخرا، قال الرئيس التشيكي إن المدنيين الروس الذين يعيشون في الغرب يجب أن يخضعوا للمراقبة من قبل قوى الأمن، مستشهدا بمعاملة المدنيين اليابانيين الذين عاشوا في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية كنموذج لهذه المراقبة. في حين يُنظر إلى معاملة المدنيين اليابانيين، الذين احتجزوا في كثير من الأحيان في معسكرات الاعتقال، في أمريكا باعتبارها انتهاكًا لحقوق الإنسان وجزءًا مخزيًا من تاريخهم، إلا أن هذه التجربة تلهم بعض النخب في جمهورية التشيك.
وبطبيعة الحال، هناك أيضا مسألة الاندماج الصحيح للاجئين الأوكرانيين. إن السياسة الخارجية، وهذا يشمل الاتحاد الأوروبي بالكامل، وليس فقط جمهورية التشيك، تؤدي إلى العزلة عن الدول الثالثة التي يتم الضغط عليها من أجل فرض عقوبات على روسيا. إن هذه الحرب سلبية بالنسبة للعالم أجمع، مثل كل الحروب. ولهذا السبب فإن الهدف هو الضغط من أجل الذهاب إلى المفاوضات ووقف الأعمال العدوانية والتوصل إلى حل سلمي للصراع في أوكرانيا.
***************************************************************************************************
في 1973 افتتح «فتيان شيكاغو» بقيادة بينوشيه حقبة الليبرالية الجديدة في شيلي
جيرار فندت
كان انقلاب ١١ أيلول عام ١٩٧٣ في شيلي مصحوبا بثورة اقتصادية، قادها باحثون ينتمون إلى المدرسة النيوليبرالية، والذين احتلوا مناصب صنع القرارات الرئيسية منذ الأوقات الأولى للديكتاتورية.
لم تكن الولايات المتحدة، كما نعلم، غريبة عن الانقلاب العسكري الذي حدث في ١١ سبتمبر/ أيلول ١٩٧٣، والذي أدى إلى وفاة الرئيس الليندي وتأسيس ديكتاتورية الجنرال بينوشيه. كما أنها ليست غريبة على السياسات النيوليبرالية التي تم تنفيذها خلال فترة الدكتاتورية من قبل الاقتصاديين الشيليين المدربين في قسم الاقتصاد بجامعة شيكاغو الملقبين بفتيان شيكاغو Chicago Boys (شيكاغو بويز).
كانت البداية في عام ١٩٥٦، مع توقيع اتفاقية تعاون بين الجامعة الكاثوليكية في تشيلي وكلية الاقتصاد بجامعة شيكاغو التي كانت بمثابة معقل لأقلية صغيرة من الليبراليين الجدد بقيادة مجموعة من الذين سيكونون مستقبلا من الفائزين بجائزة نوبل والمناضلين ضد الهيمنة الكنزية لصالح (العلم الاقتصادي السليم).
وهكذا تم إرسال أول مجموعة من الطلاب إلى شيكاغو وعادوا إلى شيلي في عام ١٩٥٨. وبعد ان أصبحوا هم أنفسهم في الجامعة الكاثوليكية، قاموا بتكوين جيل ثان من الاقتصاديين. وفي ستينيات القرن العشرين، نشط تجمعهم حول شخصيتهم الرئيسية، سيرجيو دي كاسترو بمهاجمة النسخة الأمريكية اللاتينية للكنزية التي سادت شيلي منذ عام ١٩٣٨.
وضمنت هذه السياسة الاقتصادية الكنزية سيطرة الدولة على التجارة الخارجية وعلى القطاعات التي كانت تعتبر استراتيجية، فضلا عن حماية الصناعات الوطنية الهادفة إلى تمكين الإنتاج المحلي من تعويض الاستيرادات. ومنذ عام ١٩٤٨ قدمت اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية التابعة للأمم المتحدة الدعم النظري لهذه السياسة والتي أطلقت عليها تسمية «البنوية» مؤكدة ايضا على الحاجة إلى الإصلاح الزراعي.
واتبعت حكومة ادوارد فراي (١٩٦٤-١٩٧٠) الديمقراطية المسيحية هذا البرنامج في نفس الوقت الذي قامت فيه بتأميم مناجم النحاس جزئيا، وهو المنتج الرئيسي في شيلي. وتعمقت هذه السياسة في عهد رئاسة الاشتراكي سلفادور الليندي (١٩٧٠-١٩٧٣) الذي اتهمه اليمين برمته وأرباب العمل بتمهيد الطريق للشيوعية.
حينئذ تزايدت انتقادات فريق شيكاغو بويز. وفي بداية عام ١٩٧٣، اتصل كبار المسؤولين في سلاح البحرية - التي كانت في قلب التحضير للانقلاب - بالشخصية الأكثر سياسية في شيكاغو بويز، إميليو سان فوينتس وطلبوا منه إعداد وبسرعة برنامج اقتصادي في حالة سقوط الليندي. وفي نهاية شهر أيار كان قد تم تحضير برنامج كامل باسم إل لادريلو (الصخرة) مكونا من ٥٠٠ صفحة أعده أحد عشر خبيرا من بينهم تسعة من فتيان شيكاغو.
إن التدابير المقترحة في إل لادريانو تسير جميعها في اتجاه الحد بشكل كبير من دور الدولة في المسائل الاقتصادية والاجتماعية. وكانت محسوبة بهدف الحصول على دعم اليمين الديمقراطي المسيحي والبقاء مقبولة لدى الدوائر المحافظة. ولنأخذ مثالا واحدا فقط، حيث سيتم، بموجب هذه التدابير، تخفيض الضرائب على الاستيرادات بمقدار ٣٠ بالمائة.
شيكاغو بويز والديكتاتورية العسكرية
وبالفعل، فقد أصبح برنامج إل لادريلو هو الحجر الاساس في البناء النيوليبرالي والذي يطلق اليد لشباب شيكاغو في الحياة السياسية والاقتصادية. فإذا كانوا دائما ينكرون، مع كل الأدلة الواضحة، معرفتهم بالتخطيط للانقلاب العسكري وبوحشية القمع، منذ الاطاحة بالرئيس سلفادور الليندي، فإن برنامجهم كان في أيدي قادة المجلس العسكري.
في ١٤ أيلول، عين الادميرال ميرينو، المسؤول عن اللجنة الاقتصادية، سيرجيو دي كاسترو مستشارا للجنرال جونزاليس، وزير الاقتصاد الجديد. وتم تعيين روبرت كيلي، وهو ضابط سابق في البحرية ومرتبط ارتباطا وثيقا بشيكاغو بويز، على رأس مكتب التخطيط الوطني الذي، على عكس مهامه، سيقوم بتنسيق العودة إلى السوق وسحب دور الدولة من الاقتصاد.
ومع ذلك، فقد واجه أنصار الإجراءات الليبرالية الراديكالية، ولمدة عام ونصف، جزءا من الجيش الذي بقي متمسكا في نهج التنمية القومية ودور الدولة وسياسة الحمائية الاقتصادية. ولهذا السبب اضطرت الحكومة ان تختار طريق التحول التدريجي إلى الليبرالية، فقد ظلت عمليات الخصخصة محدودة وكذلك بقي خفض الانفاق الحكومي محدودا. لكن التضخم، الذي بقي عند مستوى مرتفع جدا، زاد من وزن الحجج لصالح إجراء تخفيض جذري في الإنفاق العام. وكل ذلك كان في سياق دولي غير مؤات مع انخفاض أسعار النحاس وارتفاع أسعار النفط، مما سيؤدي إلى تفاقم العجز الخارجي. في ٢١ آذار ١٩٧٥، استقبل اوغستو بينوشيه ميلتون فريدمان الذي أقنعه بحججه وضاعف بذلك من حجج البويز. وفي ١٠ ابريل ١٩٧٥، عهدت إدارة التنسيق الاقتصادي إلى جورجي كاواس، وهو ديمقراطي مسيحي مقرب من عصابة شيكاغو، وسيرجيو دي كاسترو في وزارة الاقتصاد، والفارو باردون وبابلو باراهونا في البنك المركزي، وخوان كارلوس مينديس في وزارة المالية والمسؤول عن الميزانية. وهكذا أصبح فريق شيكاغو بويز يشغل جميع المناصب التي تسمح له بتطبيق السياسة الراديكالية التي يدافع عنها.
١٩٧٥- ١٩٨٠: بداية الثورة النيوليبرالية
ويذهب برنامجهم إلى ما هو أبعد من مجرد تحقيق الاستقرار على المدى القصير. وهو يتألف من إسناد التوازن الاقتصادي والاجتماعي إلى حرية السوق. وتعطى الأولوية لخفض العجز العام من خلال خصخصة أغلب الشركات - باستثناء تلك التي تعتبر «استراتيجية»- والحد من الإنفاق الاجتماعي - باستثناء تلك المرتبطة بمكافحة الفقر المدقع. وقد فتح قرار لامركزية الخدمات التعليمية والصحية الطريق أمام خصخصتها.
وأدى الانفتاح على التجارة الخارجية إلى خفض الرسوم الجمركية إلى ١٠بالمائة على أمل أن يفيد هذا التوجه الليبرالي أيضا الصادرات - النحاس، والمنتجات الزراعية، وصيد الاسماك حيث من المفترض أن تتمتع شيلي، في هذه المجالات، بميزة الأفضلية النسبية - باعتبار وجهات النظر هذه هي رأس الحربة الجديد في انطلاق التنمية. والتوجه الليبرالي شمل أيضا.
ولكن النظام بدأ يتعثر. وفي عام ١٩٨٢، تعرض الاقتصاد الذي كان يعتمد بشكل مفرط على سوق الرأسمال الدولي، إلى الاختلال الشديد بسبب الارتفاع المفاجئ للدولار الذي خططت له الولايات المتحدة وعودة رؤوس الأموال اليها من جديد مما أدى إلى أزمة بنكية خطيرة وأزمة في سعر الصرف. وفي ذلك العام، انخفض الناتج المحلي الإجمالي لشيلي بنسبة ١٤بالمائة والاستثمار بنسبة ٣٠بالمائة. وانخفضت الاحتياطيات الدولية بنسبة ٤٠ بالمائة مقارنة بالعام السابق. وقفزت البطالة إلى ١٩ بالمائة وحتى إلى ٢٦ بالمائة عام ١٩٨٣.
وجاء تعيين حكومة جديدة لإطفاء الحريق وبمهمات: عودة الدولة بقوة إلى الاقتصاد، وتأميم البنوك المفلسة والشركات المدينة. وتم تخفيض قيمة البيزو بنسبة ٣٠ بالمائة، خلافا لتوصيات سيرجيو دي كاسترو الذي أضطر إلى الاستقالة من منصبه كوزير للمالية.
١٩٨٥- ١٩٨٩: فريق شيكاغو بويز يعمل مع صندوق النقد الدولي
بمجرد انتهاء المرحلة الأكثر خطورة من الأزمة المالية، فان السلطات العسكرية، بدلا من أن تنبذ افكارها، نظرت إلى الأمر مجرد حادث عابر أضعف الاقتصاد الذي هو ما زال في مرحلته الانتقالية. ومع وجود الجيل الثاني من شباب شيكاغو، المتحمس، على رأس الاقتصاد، استؤنفت عمليات الخصخصة وتعديل أسعار الصرف واستبدلت الدولة ديونها ببيع أسهم في الشركات الحكومية تخص مجالات الاتصالات والطاقة والحديد والصلب والنقل الجوي، بأسعار منخفضة.
وفي عام ١٩٨٨، وبعد التنصل من استفتاء كان يعتقد انه سيفوز به، فرض بينوشيه قيادته للجيش لمدة ثماني سنوات وأجبر أيضا، بدعم مالي من صندوق النقد الدولي، على الحفاظ على الاقتصاد الليبرالي وتعزز ذلك بسقوط النموذج السوفييتي عام ١٩٨٩.
ما هي النتيجة الاقتصادية لسنوات بينوشيه بعد نقل السلطة إلى المدنيين تحت السيطرة العسكرية في عام ١٩٩٠؟ ما كان من الممكن تنفيذ السياسة الاقتصادية الليبرالية إلا على حساب الانتهاك المستمر لحقوق الانسان، فقد وقع ٤٠ ألف شخص ضحايا للقمع، وذهب ٢٥٠ ألف شخص إلى المنفى ضحايا للقمع.
ـــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة د. محسن القزويني
**************************************************************************************
الصفخة الثامنة

امرأة من مدينتي.. ذكريات والدة شيوعي
محمد علي محيي الدين
شارك كثير من النساء العراقيات في الحركة الوطنية، لا عن وعي بما تستهدف الحركة، أو فهم لمبادئها، وقناعات فكرية بها، تأثُراً وانتصارا لما يؤمن به الابن أو الزوج أو الشقيق، وقد يأتي الايمان والقناعة متأخرين، ويبقى للشاعر تأثيره في تبني هذا المنهج أو ذاك. وتاريخ الحركة الوطنية في العراق حافل بكثير من النماذج لنساء سرن في دروب النضال الوعرة، دون أن يحملن الفهم الواعي لطبيعة الفكر الذي يؤيدنه، إلا أنهن يؤمنَّ أيمانا كاملا بأن هذا الفكر حري بإيصالهن إلى شاطئ الأمان، وكفيل بتحقيق ما يتطلعن إليه من حياة حرة كريمة، ونتيجة قناعات بمصداقية العاملين فيه، وما أثبتته الأيام والوقائع من إخلاص وتفان لهؤلاء في الدفاع عن الفقراء والمحرومين ومن اكتووا بنار الظلم والتعسف.
وللأمهات العراقيات صفحات خالدة في السفر النضالي للحركة الوطنية وطليعتها الحزب الشيوعي، الذي هيمن لعقود على ناصية الكفاح الوطني، وخاض غمار النضال غير هياب ولا وجل، يتصدر الصفوف في الدفاع عن حقوق الكادحين.
ولو استعرضنا المآثر الرائعة للنسوة العراقيات لاحتجنا إلى مجلدات تؤرخ لفترة عصيبة من تاريخ العراق الحديث، قدمت من خلاله الكثير من التضحيات، وتحملت الكثير من الآلام، وواجهت العسير من الصعوبات، وجوبهت بكثير من العنت والصلف، ووجهت لها الاهانة من زبانية السلطات الحاكمة في العراق في مختلف العهود والأزمان، وأن أنس فلا أنسى طوابير النساء وهن يحملن الحاجيات والأغراض في المواجهات الشهرية، ويتحملن صنوفا شتى من الأذى والاضطهاد من الشرطة القساة الذين فقدوا الإنسانية وتحولوا إلى وحوش كاسرة، وآلات بيد الحكام المستبدين:
ويمه أذكر من أجينة نواجهك مصباح جمعه
جينة واحـــدنه رﭽيـﭺ الريـــح لــــو هبــــت تدفعه
ومن هؤلاء امرأة عرفتها إلى جانب كثيرات ربما يكون لهن مكان في الذاكرة، من فضليات النساء العراقيات، إنها (ام جواد) التي سارت في دروب مليئة بالمصاعب والشقاء، تتابع خطوات أبنها في نضاله العنيد لبناء وطن حر وشعب سعيد، وتحملت جراء ذلك صنوف من الأذى والاضطهاد، شاءت لها الأقدار أن تشارك أبنها في الحركة الوطنية، وتسير معه خطوات دربه خطوة خطوة، غير عابئة بما أصابها من رذاذ، فقد انتمى للحزب الشيوعي بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958، فخاضت معه هذه المسيرة الطويلة، وتحملت أعباءها بكل ما تحمل من آلام ومصاعب، تقول” بعد ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة، وانطلاق الشعب العراقي بقيادة طليعته المناضلة الحزب الشيوعي، كان لأبني البكر مشاركته الفاعلة في تنظيم المدينة، وناشطا في اتحاد الطلبة العام، وبروح شبابية مفعمة بالأمل وبناء الغد الجميل البسام أندفع بنشاط للمشاركة في بناء الاتحاد، وترسيخ التنظيم على أسس قوية، فكان يخرج صباحا ليعود في ساعة متأخرة من الليل، لا يتحمل شيئا من أعباء الحياة، لعدم مسئوليته عن أسرة أو إعالة عائلة، وجل ما يحتاجه يحصل عليه مما تستطيع الأسرة توفيره.
ولم تكن متطلبات الحياة في تلك الفترة كما هي عليه الآن، فلا تعدو الملابس البسيطة والطعام البسيط ومصروف لا يؤثر على دخل الأسرة، لذلك صرف جل وقته لعمله التنظيمي ونضاله الوطني، وكنت أوفر ما يحتاجه بعلم الأسرة أو بدونه، مشجعة له على السير في طريقه الشائك دون حساب للعواقب وما قد يترتب على ذلك من أمور، لذلك ما أن انقلبت الثورة على أبنائها حتى بدأت مسيرة الآلام والدموع، ورحلة العذاب بين السجون والمعتقلات.
في تلك الأيام الخالدة لم أكن أفهم من الشيوعية إلا إنها دفاع عن المظلومين والفقراء، والسعي لمساعدة المحتاجين، لذلك كنت مندفعة لتقديم العون لمن يحتاجه، بسجايا نفسية وتربية أسرية أو شعور بآلام الآخرين.
وكان إلى جوارنا أبناء أيتام فقدوا أمهم، ولا يوجد من يرعاهم، فكنت أحاول ما وسعني الجهد مساعدتهم وتقديم العون لهم، وكنت أوفر لهم الملابس والزاد وأقوم بتنظيف أجسامهم وأرعى شؤونهم ضمن ما أستطيع عليه، فكان ذلك سببا لاتهامي من قبل عائلتي بأن وراء اندفاعه هذا بما أقدمه من مساعدة له أو للأسرة الفقيرة المجاورة لنا، واني لولا إيماني بالشيوعية لما أعنت هذه الأسرة على مواجهة أعباء الحياة.
وكان والده لا يتعاطف مع توجهاته السياسية، وعندما أعتقل ذات يوم في أمن الحلة لم يحاول والده أو أعمامه متابعة قضيته أو زيارته وتوفير احتياجاته، فكنت مضطرة لمخالفة الأسرة ومتابعته، وتوفير ما يحتاجه من مصروف أو طعام وملابس، وإيصالها إليه في سجنه، وبدأت رحلة العذاب.
وفي الصباح خرجت وأنا لا أدري إلى أين توجه وذهبت إلى دور أصدقائه فلم أجد أحدا منهم وقد ظهر أنهم اعتقلوا معه تلك الليلة، وقد جمعتنا وأهلهم المصيبة فكنت أستقي المعلومات منهم وقد علمت بأنهم لا يسمحون بمواجهتهم لأنهم لا زالوا تحت التحقيق، وبعد أيام علمت بأنهم سمحوا بمواجهتهم، فلم أكن أعرف كيف الوصول إلى السجن، وكيفية دخوله، ولكن الحاجة أم الاختراع، فسرعان ما هيأت ما يلزمه من طعام وزاد وملابس، وتوجهت إلى الحلة مستفسرة من هذا أو ذاك عن كيفية الوصول والدخول إلى الأمن، وتمكنت من مواجهته، فوجدته في حالة يرثى لها نتيجة التعذيب وأثار الكدمات على وجهه، ويديه، وتمكنت من السيطرة على مشاعري كأم شاهدت ولدها البكر في هذه الحالة، ووجدت النساء المواجهات دامعات العيون عند مواجهة أبنائهن، مما يؤثر بشكل كبير على معنوياتهم، فكنت أكتم في داخلي ما أعاني من آلام و أواجهه ببسمة موحية وكلمات مشجعة بأن السجن للرجال وعليه تحمله بشيمة الرجال وإصرارهم وعدم الانحناء للعاصفة، فكان هذا الموقف مبعث فخر له أمام رفاقه على ما حدثني بعد خروجه من السجن، حتى قال له أحدهم، هنيئا على هذه الأم الشجاعة ولو كان أمهاتنا مثلها لما شعرنا بما نشعر به من عذاب السجن.
وقد مكث في الحبس أربعة شهور أطلق بعدها سراحه بكفالة، وعاد لممارسة مهامه الحزبية باندفاع أكثر رغم وعورة الطريق، ومحاولات الأهل ثنيه عن السير في هذا الطريق، فكنت الوحيدة إلى جانبه بما عرف عن الأم من حب وعاطفة وحنان لا تحده حدود، وكنت ملزمة أن أوفر له ما يحتاجه، فكنت أعطيه كل ما ادخرت للأيام، لأني أعرف أنه لا يرتدع عن السير بهذا الطريق على ما لمسته من إصرار وعزيمة لديه.
وبعد عدة شهور لم أشعر إلا وقوات الشرطة والأمن تطوق الدار في ساعة متأخرة من الليل ومعهم المختار واثنان من أهل المنطقة، ودخلوا الدار وبدأوا بالتفتيش ولم يتركوا شيئا دون أن يفتشوه حتى الملابس القديمة، وبحثوا في رماد التنور، ولكنهم لم يعثروا على أي شيء، وكنت قد تعلمت شيئا من الاجراءات المطلوبة فسرعان ما أعددت له لفة الفراش، وأعطيته مبلغا من المال لمصروفاته رغم أن ضابط الأمن طمأننا بأنه سيخرج غدا أو بعد غد، ولكني كنت أعرف ما تعني هذه الكلمات لمثل هؤلاء الأجلاف، وان كلامهم المعسول يخفي وراءه الكثير من الشر والأذى، وكما تعلمت من الاعتقالات السابقة فان الأمن لا يسمح بمواجهته إلا بعد انتهاء التحقيق وبما أن اعتقاله كان البارحة فلا مجال لمواجهته لذلك ذهبت إلى أصدقائه لعلمي بأنهم قد اعتقلوا معه لأستشف الأخبار منهم، وفعلا وجدت الكثير منهم قد اعتقلوا في نفس الليلة، وان آباءهم أو أقاربهم ذهبوا للاستفسار عنهم وطلبت منهم إخبارنا عما يحدث من تطورات.
وبعد ثلاثة أيام علمت بأن الأمن سمح بمواجهتهم فتوجهت إلى مديرية أمن الحلة غير عارفة بالطريق للوصول إليه، وعندما وصلت إلى هناك التقيت بأحد الشرطة واقفا أمام باب الدائرة فسألته عن المعتقلين وهل يسمح لي بمواجهتهم فسألني عن المنطقة التي اعتقلوا فيها فأخبرته بالمكان فقال لي اذهبي إلى ذلك الشرطي ليخبر الضابط ويسمح لك بمواجهته، وتوجهت أليه وأخبرته بالأمر فغاب قليلا ثم عاد طالبا مني مرافقته فأدخلني على شخص يجلس خلف منضدة صفت عليها الأوراق سألني عن اسمي واسم المعتقل وعلاقتي به، فأخبرته باني والدته فقال لي لماذا لا تمنعوا أبناءكم من الدخول في الأحزاب والمشاركة في العمل السياسي وإثارة القلاقل ضد الحكومة، إلا تعلمون بان زيارتهم والسؤال عنهم وجلب المصروف والأطعمة لهم يشجعهم على الاستمرار في أعمالهم المخالفة للقانون، فقلت له لو كان لديك أبناء لعرفت ما هو الابن وما هو حنان الأم أو الأب وعندما يصبح لديك أولاد ستعرف ما هي محبتهم.
ويبدوا انه رق لحالي أو أثرت به كلماتي فنادى على أحد الشرطة وطلب منه إيصالي إلى غرفة المعتقلين، فوجدته خلف القضبان ومعه أصدقاؤه الذين اعتقلوا معه، فاستقبلني بابتسامته المعهودة ونظرته المشجعة فتمالكت أعصابي وواجهته بما يتطلب الأمر من قوة وشجاعة، ثم سألته عن الحال فأخبرني أن لا شيء ضده وأنه سيخرج قريبا، فسلمته الملابس والطعام وما تيسر من نقود ثم ودعته وعدت إلى أهلي وأنا لا أستطيع البكاء أمامهم خوفا من شماتتهم أو البكاء أمامه حتى لا يشعر بالأسى والحزن.
وكنت أذهب إلى بيوت أصدقائه من المعتقلين وأبكي ما شاء لي البكاء لأني كنت أجد الكثير منهن باكيات مولولات فكنت أغتنم الفرصة لأطفئ النار المشتعلة في قلبي، وظل في السجن أكثر من ثلاثة أشهر أطلق سراحه بعد ذلك بكفالة.
وبعد خروجه بأيام داهمت الشرطة البيت وألقت القبض عليه لتخلفه عن الخدمة العسكرية، ولأنه كان مؤجلا لكونه طالبا ولكونه قد فصل من المدرسة بسبب اعتقاله فكانت فرصة لأبعاده والخلاص منه بسوقه إلى الخدمة الإلزامية، وعلمت فيما بعد أن جدته قد ذهبت لأخيها المختار وطلبت منه الأخبار عن تخلفه حتى يساق للخدمة وتتخلص منه ومن مشاكله.
وبعد أيام وردتنا منه رسالة يخبرنا فيها أنه في مدينة الموصل، وعندما جاء بإجازة بعد أكثر من شهرين أمتنع عن الالتحاق بعد انتهاء إجازته، إلا أن إصرار والده على ذهابه جعل يضطر للالتحاق، وفي هذه المرة تأخر أكثر من سبعة أشهر بسبب الحركات العسكرية في حرب الشمال، وكانت تردنا منه الرسائل، وعندما جاء بإجازة أخبرنا أحد الذين كان معه في الوحدة بأنه كان معتقلا بسبب اتهامه بالإدلاء بمعلومات إلى الأكراد عن طرق العتاد السرية، وموعد خروج القافلة مما جعل الكورد يهاجمون القافلة ويغنمون ما فيها من أسلحة وكان الطريق والموعد سري لا يعرف به إلا العاملين في القلم، ولأنه معروف بانتمائه للحزب الشيوعي فقد أعتقل بتهمة الإدلاء بمعلومات ومكث في الحبس أكثر من ستة أشهر وأطلق سراحه بعدها.
وبعد انتهاء إجازته التحق لوحدته وحدث انقلاب 8شباط الأسود1963 وكنت أخشى أن يأتي الينا بإجازة لأن الحرس القومي قد اعتقلوا كثيرا من رفاقه وأصدقائه، وقد أرسلت له توصية مع أحد جنود وحدته بعدم المجيء، وفعلا لم يأت ألينا طيلة حكم الحرس القومي، وكان الحرس القومي عندما يستفسر عنه ندعي أنه يدرس في بغداد ولا علم لنا بوجوده، وبعد انقلاب عارف جاء إلينا بإجازة طويلة وبعد انتهائها التحق بوحدته ليعود ألينا بعد أيام ويخبرنا بأنه قد نقل إلى مركز تدريب النجف بوساطة عمه الذي كان في منصب كبير.
ويبدوا أن قربه من مدينته جعله يعود إلى التنظيم فهرب من الجيش ورفض الالتحاق بوحدته رغم أنه كان يدرس في ثانوية النجف المسائية، وفي الصف المنتهي، وقد أمتحن نهاية السنة وهو هارب من الجيش فكان يعبر سياج المدرسة لأداء الامتحان لأن الانضباط العسكري والشرطة كانوا واقفين بباب المدرسة خوفا من حدوث مشاكل في المدرسة، وقد نجح فعلا في الدور الأول، ولكن بعد شهر أو أكثر من نهاية الامتحان، سمعت طرقا شديدا على الباب في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل فسألت من الطارق فقال أنا (يحيى) ولم يكن بين أقاربنا أو جيراننا أو أصدقائه من أسمه يحيى، فقلت له من هو يحيى، فقال لي (حجيه أني أبو الأمن عدنه شغل ويه أبنك) طلبت منه الانتظار لحين ارتداء عباءتي، وأيقظته من النوم وقلت له لقد جاءت الشرطة والأمن وأنت هارب من الجيش، فاهرب من باب البيت الخلفية حتى لا يجدوك ولكنه رفض الهروب قائلا أنهم سيعتقلون أبي أو أخوتي إذا هربت وأنا لست مجرما حتى أخاف منهم.
ثم خرج بنفسه وفتح الباب لهم وسلم عليهم كأنهم أصدقاؤه المقربون، وقاموا بالتفتيش بحثا عن المواد الجرمية ومن محاسن الصدف أنهم لم يفتحوا غرفة صغيرة كانت تستعمل مكتبة لأنها شبه ملحقة بدارنا الثانية الملاصقة لبيتنا، ولما لم يعثروا على شيء أخذوه معهم، وبعد خروجهم أخبرني أبني الصغير بأن في غرفة المكتبة الكثير من الأوراق والمناشير، وانه أخفاها دون علم أخيه في السقف الثانوي للغرفة، وعندما أخرجتها من السقف كانت كثيرة جدا وكان الصبح على وشك الانبلاج فأشعلت التنور بحجة عمل الخبز ورميتها لتكون طعما للنيران، خوفا من عودتهم ثانية كما يخيل لي.
وبعد التاسعة صباحا بقليل خرجت من البيت لأستفسر من أصدقائه الذين لابد أن اعتقلوا معه، فوجدت أن الشرطة في تلك الليلة قد اعتقلت كثيرين من المدينة، وكان أولادي قد أصبحوا بعمر قادرين معه عن متابعة أخيهم ولكني كنت أخشى عليهم من الاعتقال، وقد علمت أنه أعتقل في سجن المدحتية وبعد ثلاثة أيام علمت أن أهالي المعتقلين قد سمحوا لهم بمواجهتهم، فتوجهت إلى المدحتية القريبة من مدينتنا، وركبت في سيارة متوجهة إليها وكان إلى جانب السائق شرطي بملابسه الرسمية، وكان السائق يعرف الغرض من ذهابي إلى المدحتية، فاخذ يتحدث معه حتى قاده إلى الحديث عن المعتقلين، ومما قال له أن بعضهم لا زال تحت التعذيب لأنهم لم يعترفوا لحد الآن، ومنهم معتقل من أهل القاسم قصير القامة ولكنه لم يعترف لحد الآن فعلمت أنه أبني.
وبعد الوصول إلى المدينة ذهبت لزيارة عمتي لأني علمت استحالة السماح لي بمواجهته إلا بعد انتهاء التحقيق، وعندما طرقت الباب ودخلت وجدت عمتي وبناتها باكيات مولولات فسألتهن عن السبب فقالت إن أبناءها معتقلون في أمن المدحتية، بتهمة الشيوعية، فشاركتها البكاء متصورة إني أتأسى على حالها حزينة على أبنائها، وبعد قليل قدمت لي الشاي وسألتني من أين سمعت بأنهم معتقلون وجئت، فأخبرتها أن ابني معتقل معهم منذ ثلاثة أيام.
بعد قليل جاء زوجها وأخبرهم بأنه سمحوا له بالدخول وهم بخير وسيخرجون قريبا، وعندما سألته عن أبني أخبرني بأنه لا يعرف عنه شيئا، وبعد أن خرجت ذهبت إلى دائرة الأمن وطلبت من الشرطي الذي يقف في الباب أن يسمح لي بالدخول لزيارة أبني المعتقل إلا أنه رفض ذلك فقلت له اذهب إلى يحيى -عرفت اسمه عندما طرق الباب وقال أنا يحيى - وقل له أن أم جواد تريد زيارة ولدها وعندما سمع الشرطي كلامي حسب للأمر حسابا آخر فطلب من أحد زملائه أخبار المفوض يحيى بالزيارة وبعد قليل جاء الشرطي وأدخلني إلى الضابط، سلمت عليه وقلت له أنا أم جواد وقد أتيت لرؤيته، فرحب بي وطلب مني الجلوس ولكني شكرته فقال لي لقد سفر إلى الحلة لأنه جندي هارب كما يدعي.
خرجت من المركز وعدت إلى أهلي وأنا في حيرة من أمري كيف اذهب إلى معسكر الحلة وأستفسر عنه، وبت تلك الليلة وأنا أضرب أخماس بأسداس لأني لا اعرف مكان المعسكر ولا كيفية الدخول، وفي الصباح ذهبت إلى الحلة في باص مصلحة نقل الركاب وعندما نزل الركاب في الكراج قررت أن اسأل عن كيفية الوصول للمعسكر فشاهدني أحد أقاربي العاملين في المصلحة، فجاء وسألني إلى أين قاصدة فأخبرته بالأمر، فقال انتظري دقيقة واحدة، وبعد قليل جاء واركبني في سيارة المصلحة وذهب إلى معسكر الحلة وأوقف السيارة قرب الباب الكبيرة ونزل إلى الجنود الذين في الباب وتكلم معهم ثم دخل إلى غرفة خرج بعدها وناداني فسرت معه إلى المعسكر ووصلنا إلى بناية يحيط بها الحراس فسألهم عن جندي هارب جيء به اليوم من المدحتية، فأخبروه أنه قد أرسل إلى وحدته في معسكر تدريب النجف، فجاء واخبرني بالأمر فطلبت منه إيصالي إلى الكراج لأتوجه إلى النجف، وكان الوقت ظهرا.
أوصلني إلى الكراج وركبت في السيارات المتوجهة إلى النجف وذهبت إلى بيت عمه هناك، وبت لديهم تلك الليلة دون أن أخبرهم بالغرض من مجيئي للنجف وقلت لهم أني جئت للزيارة، لأنهم كانوا ضد توجهاته السياسية، وفي الصباح توجهت إلى المعسكر وسمح لي بالدخول عليه فوجدته مع المساجين وعندما شاهدني تأثر كثيرا وقال لي لقد أتعبتك معي، فقلت له هذه هي القسمة، والمقدر ليس منه مهرب، وأعطيته الملابس التي جلبتها معي وبعض النقود.
وكنت أزوره بين فترة وأخرى، ومكث في السجن أربعة أشهر وعندما جاءت محاكمته بتهمة الهروب توسط له أحد أقاربنا من الضباط لدى آمر المحكمة العميد يوسف عبد الحسين؟ من أهالي الحلة، فحكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن أربعة أشهر وهي مدة توقيفه، فأطلق سراحه وبعد ذلك بشهرين تسرح من الخدمة العسكرية لإكماله المدة المقررة، وعاد إلى مدينته ليواصل النضال من جديد.
وقد توالت الاعتقالات مرة بعد أخرى وكان أخوته قد أصبحوا بعمر يستطيعون به متابعته فخف عني التعب بعض الشيء ولكن الآلام التي عانيتها جراء ذلك لا تنسى أبدا.
وبعد مجيء البعثيين للسلطة سنة 1968 وصدور قرار بإطلاق سراح السجناء السياسيين وإعادتهم إلى وظائفهم وإيقاف المحاكم بحقهم عن التهم السابقة، أستمر المسلسل ذاته فما أن يلصق منشورا أو يحدث أي نشاط سياسي حتى يكون أول المعتقلين، وقد تمكنا من أيجاد عمل له بواسطة أحد أقاربنا، وقد حدث هدوء نسبي في تلك الأيام وخفت مطاردة الشيوعيين، وعندما أبرمت اتفاقية الجبهة مارس عمله العلني وقد أنتقل إلى الحلة وتزوج وأصبح له كيان قائم بذاته، ولكن بعد انهيار الجبهة وتمزيق منظمات الحزب أضطر لترك العمل السياسي وأنصرف لإعالة أسرته، ولكن لم يتخلص من مضايقات البعثيين، وظل ينظر إليه على أنه معاد لهم حتى انهيار النظام، رغم علمهم بتركه العمل السياسي.
***************************************************************************************
الصفخة التاسعة
بعد فضيحة قبلة هيرموسو.. فيفا يعلن عقوبة لويس روبياليس
زيورخ ـ وكالات
أعلنت اللجنة التأديبية في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، رسميًا، عن العقوبة الموقعة على لويس روبياليس الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم، في أعقاب فضيحة تقبيل جيني هيرموسو نجمة منتخب إسبانيا للسيدات أثناء التتويج بلقب كأس العالم 2023.
وأصدرت اللجنة التأديبية في «فيفا» بيانًا أكدت فيه منع روبياليس من المشاركة في أي نشاط يتعلق بكرة القدم لمدة ثلاث سنوات.
وأكدت اللجنة أن قرار الإيقاف يشمل عدم المشاركة في أي نشاط ذي صلة بكرة القدم على المستويين الوطني والدولي لمدة ثلاث سنوات، وذلك بالنظر إلى انتهاكه المادة 13 من قانون «فيفا» التأديبي.

***********************************************************************
إعلان قائمة أولمبيّ العراق الأولية لمعسكر إسبانيا
بغداد ـ طريق الشعب
أعلن الجهازُ الفنيّ للمنتخبِ الأولمبيّ، عن قائمته الأولية لمُعسكرِ إسبانيا الذي سيمتد 9 أيامٍ من 13 ولغاية 22 من شهر تشرين الثاني في فترةِ التوقف الدوليّ استعداداً للنهائياتِ الآسيويّة المؤهلة لأولمبياد باريس.
وضمت القائمةُ في حراسةِ المرمى كلا من: كميل سعد ومحمد حسن وحسن عباس وأحمد شاكر. كما ضمت خياراتُ المدير الفنيّ للمنتخب الأولمبي، راضي شنيشل، لخطِ الدفاع كلا من: زيد تحسين ويوسف الامام وحسين عامر وأحمد حسن مكنزي وكاظم رعد ومصطفى وليد وكرار سعد ومجتبى صالح، فيما ضمت القائمةُ لخط الوسط كلا من: منتظر محمد وكرار محمد وألكسندر اوراها وزيد إسماعيل ومنتظر عبد الأمير وبلند حسن ونهاد محمد وسيابند عكيد وماركو فرج وعلى الموسوي، ولخطِ الهجوم: حسين عبد الله ورضا فاضل وذوالفقار يونس وأمين الحموي، على أن يتم تقليصُ العدد إلى 23 لاعباً قبل التوجهِ إلى إسبانيا.
الجدير بالذكر أن المنتخبَ الأولمبي سيخوض في معسكر موريسيا مواجهتين على الصعيد التجريبيّ أمام كل من أمريكا في الـ 18 من شهر تشرين الثاني، وساحل العاج في 21 من الشهر نفسه.
وقال مدرب المنتخب راضي شنيشل، في تصريحات صحفية: “رفضنا مواجهة البرازيل وأوروغواي وديًا الشهر المقبل؛ بسبب السفر المرهق وفرق التوقيت بالنسبة لخوض المباراتين”.
وتابع: “هناك ظلم للمنتخب الأولمبي. نشعر بالغصة لأننا نشعر بعدم الاهتمام بهذا الفريق، حتى فيما يخص تكريم اللاعبين بعد التأهل لنهائيات آسيا”.
**********************************************************************************************
10 ملايين تفصل ريال مدريد عن بديل ألابا
مدريد ـ وكالات
يخطط ريال مدريد للتعاقد مع مدافع جديد في الميركاتو الصيفي المقبل بسبب الرحيل المحتمل للثنائي ديفيد ألابا وناتشو فيرنانديز.
ووفقا لشبكة “ديفنسا سنترال” الإسبانية، تضم قائمة اهتمامات ريال مدريد في خط الدفاع، الثنائي غونزالو إيناسيو (سبورتنغ لشبونة) وأنطونيو سيلفا (بنفيكا).
وأوضحت أن إيناسيو صاحب الـ 22 عاما المرشح المفضل للريال، لكن من الصعب جدا التعاقد معه على المدى القصير، لأنه أصبح لاعبا مهما للغاية في سبورتنغ لشبونة.
وذكرت أن الشرط الجزائي في عقد إيناسيو يبلغ 60 مليون يورو، ورغم أن ريال مدريد يتابع اللاعب عن كثب، إلا أنهم لا يفكرون في الوصول إلى هذا الرقم في الوقت الحالي.
ووضع الميرنغي حد أقصى لميزانية التعاقد مع مدافع جديد قدرها 50 مليون يورو، مع مراعاة أن اللاعب يحظى باهتمام ليفربول ومانشستر يونايتد، ولا يرغب الريال في دخول مزايدة على الصفقة.
وفي المقابل، لن يتمكن أنطونيو سيلفا صاحب ال 19 عاما من مغادرة بنفيكا، إلا إذا حصل الأخير على 100 مليون يورو على الأقل.
وكشفت أن الريال استفسر عن الصفقة، وأدرك أن الشرط الجزائي في عقده يبلغ 120 مليونا، لكن الميرنغي لا ينوي دفع هذا الرقم.
*******************************************************************************
سباحو العراق
يحققون مراكز جيدة في البطولة العربية
متابعة ـ طريق الشعب
أعلن الاتحاد العراقي للسباحة والألعاب المائية، أمس الاثنين، أن البطولة العربية السادسة المقامة في مدينة أبو ظبي الإماراتية، تشهد منافسة شديدة بين المتسابقين، مؤكداً أن السباحين العراقيين استطاعوا إثبات حضورهم فيها.
وقال رئيس الاتحاد خالد كبيان، إن “عدد السباحين المشاركين في البطولة بلغ 140 سباحاً يمثلون 16 دولة عربية”، مشيراً إلى أن “سباح المنتخب العراقي محمد علي جعفر فاز بالمركز الرابع في سباق 1500 متر سباحة حرة وقطع المسافة بزمن قدره 17.06.25 دقيقة”.
وتابع “أما السباح العراقي عمار صاحب، فقد تمكن من الحصول على المركز السادس في سباق 200 متر قاطعاً المسافة بزمن قدره 2.17.10 دقيقة وهو رقم عراقي جديد”.
وأشار كبيان إلى أن “النتائج التي حققها سباحونا لم تأت من فراغ أنما جاءت بعد جهد وإعداد لسباحينا الذين ظهروا بمستوى جيد في البطولة العربية”.
*********************************************************************************************
مقاعد البطولة الختامية تشعل المنافسة في باريس للأساتذة
باريس ـ وكالات
انطلقت أمس الاثنين بطولة باريس، آخر مسابقات الأساتذة في العام، والمحطة الأخيرة لحجز بطاقات التأهل للبطولة الختامية للموسم، والتي يشارك بها أفضل 8 لاعبين حصدًا للنقاط.
وضمن 5 لاعبين المشاركة في البطولة الختامية حتى الآن، وهم: نوفاك ديوكوفيتش وكارلوس ألكاراز ودانيل ميدفيديف ويانيك سينر وأندري روبليف، ولا زالت هناك 3 مقاعد ستحسم هذا الأسبوع. وفيما يلي، نستعرض أبرز ملامح بطولة باريس:
عودة ديوكوفيتش
يعود ديوكوفيتش للمشاركة في البطولات من جديد، عقب تتويجه بلقب أمريكا المفتوحة، ومشاركته بعدها في فوز صربيا بمباريات في كأس ديفيز. ويعد الصربي أكثر اللاعبين فوزًا بلقب البطولة بواقع 6 مرات، ويشارك في نسخة هذا العام وهو يتمتع بمسيرة من 13 انتصارا متتاليا، تمتد منذ بطولة سينسيناتي للأساتذة.
تحسن ألكاراز
انسحب ألكاراز من بطولة بازل بسبب مشاكل في قدمه اليسرى، وفي أسفل الظهر، لكنه أكد اعتزامه المشاركة في بطولة باريس والبطولة الختامية في تورينو. ويتصدر الإسباني قائمة أكثر اللاعبين تتويجًا بالألقاب هذا الموسم بواقع 6 ألقاب، من بينهم لقبان في الأساتذة، في إنديان ويلز ومدريد، لكنه لم يفز بأي لقب منذ تغلبه على ديوكوفيتش في نهائي ويمبلدون، خلال يوليو/تموز الماضي.
حامل اللقب
دخل الدنماركي هولغر رون بين المصنفين العشرة الأوائل عالميًا للمرة الأولى، عقب تتويجه بأول ألقابه في بطولات الأساتذة في باريس، العام الماضي، لكنه فشل حينها في التأهل للبطولة الختامية.
ويقترب الدنماركي من التأهل للبطولة الختامية هذا العام، لكن عليه تقديم مستوى مميز مثل العام الماضي، عندما تغلب على 5 لاعبين من المصنفين العشرة الأوائل، في طريقه للفوز باللقب.
تألق ميدفيديف
قرر ميدفيديف الابتعاد عن التدريبات لمدة أسبوع، عقب خروجه المبكر من بطولة شانغهاي للأساتذة، قبل أن يعود ويصل لنهائي فيينا أمس، ليبلغ بالتالي المباراة النهائية بالتالي 3 مرات، في آخر 4 بطولات شارك بها.
تسيتسيباس واستعادة المستوى
أنهى ستيفانوس تسيتسيباس معاناته هذا الموسم، بالتتويج بلقب لوس كابوس في آب الماضي، وحقق بعض الانتصارات الجيدة في أنتويرب وفيينا.
ووصل اليوناني إلى نصف نهائي بطولة باريس، الموسم الماضي، وخسر أمام ديوكوفيتش في المجموعة الفاصلة بشوط كسر التعادل، ويأمل في استعادة ذلك المستوى لإنهاء الموسم بقوة.
عودة زفيريف
نجح ألكسندر زفيريف في التتويج بلقبين، خلال الموسم الجاري، في هامبورج وشينجدو، وذلك بعد مرور 17 شهرًا من تعرضه لإصابة قوية بالكاحل، في رولان جاروس العام الماضي. ويتواجد زفيريف في المركز السابع، في سباق التأهل للبطولة الختامية، وبإمكانه ضمان التأهل بعروض قوية في باريس، هذا الأسبوع.
خطر رود وفريتز
وصل كاسبر رود إلى نهائي البطولة الختامية، العام الماضي، أما تايلور فريتز فبلغ نصف النهائي في مشاركته الأولى.
ويواجه اللاعبان خطر الغياب عن البطولة، هذا الموسم، لكن بإمكانهما تعزيز حظوظهما بعروض قوية في باريس.
وهناك أيضًا هوبرت هوركاتش، الذي أنعش حظوظه في التأهل للبطولة الختامية بفوزه بلقب شانغهاي، لكنه يحتاج لنتيجة مماثلة في باريس، من أجل المشاركة للمرة الثانية في تورينو.
ثقة بن شيلتون
توج الأمريكي بن شيلتون بأول ألقابه في الجولة الحالية، في طوكيو هذا الشهر، ويسعى لنقل تألقه لبطولات الأساتذة، التي حقق فيها 8 انتصارات، وتكبد 9 هزائم في مسيرته.
********************************************************************************************
الشيوعيون يحتفون بالرياضة والرياضيين
عباس عبود الزيدي
كالعادة، احتفى الشيوعيون بالرياضة العراقية ومن خلالها بالرياضيين، لأنهم حريصون كل الحرص على الاهتمام بالمجالات الإبداعية، رياضية كانت أم فنية أو أدبية.
وقد وجدنا الحزب الشيوعي حريصاً على المساهمة في دعم وتنشيط حركة الشباب والرياضة رغم قساوة الظروف وشراسة الأنظمة الدكتاتورية في كل مراحلها. حيث تسنى للشيوعيين أن يعقدوا مؤتمراً لمناقشة الواقع الرياضي في نهاية عام 2003، أي بعد سقوط النظام الدكتاتوري القمعي مباشرة، حيث كان الجميع يبحثون عن فرصهم ومكاسبهم، بينما سعى الشيوعيون لمناقشة الواقع الرياضي وإمكانية تطويره وانطلاقه بعد أن عبر مرحلة الدكتاتورية..
لقد وجدنا أنفسنا مشغولين بمطالب الرياضيين ومساعيهم للنهوض برياضة الوطن، وهكذا كانت الوثائق في جميع مؤتمرات الحزب المنعقدة خلال السنوات العشرين الماضية، أي من المؤتمر الثامن إلى المؤتمر الحادي عشر، لأنه حريص على دور هذا القطاع وأهميته للوطن ومن أجله.
وقد تضمنت الوثائق فقرات تهتم بالرياضة وأثرها على المجتمع، حيث دعت إلى تعزيز القوانين والتشريعات النافذة التي تنظم عمل المؤسسات الرياضية وإصدار المزيد مما نحتاجه لتطوير الواقع الرياضي وإشاعة النشاط الرياضي وتحويل شعار (الرياضة للجميع) إلى واقع جماهيري. كذلك إرساء القاعدة المادية للنشاطات الرياضية من ملاعب ومنشآت رياضية بجانب تنشيط الرياضة النسوية وتوسيع قاعدتها وإزالة المعوقات من أمامها ووضع حد للتمييز الذي يحول دون ممارسة المرأة لهذا الحق. إضافة إلى تفعيل دور منتديات الشباب والأندية الرياضية واشراك العناصر الكفوءة ونشطاء المجتمع المدني والاهتمام بالرياضة الشعبية ومن ثم الاهتمام بالرياضة المدرسية والجامعية لدورها في النهوض الرياضي. كذلك الاهتمام برياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، لدمجهم بالحياة الاجتماعية، وتنمية كفاءات القيادات الرياضية، وأخيرا الاهتمام بالبراعم لأنهم أساس التطور الرياضي ومستقبله.
وهذا ما وجدناه واضحاً في كل التجمعات الرسمية والشعبية ومع المؤسسات الرياضية والشبابية.
وكان للمختصات الرياضية دورها التشجيعي والتفاعلي لخلق الحافز القوي والمؤثر في الساحة الرياضية والشبابية، وكان آخرها التكريم الجميل للمحرر الرياضي واللاعب السابق الرفيق منعم جابر، حيث أكدت جريدة الشيوعيين صدق نواياهم وتوجهاتهم واهتمامهم بهذا القطاع الحيوي الذي يخدم الرياضة والشباب، ويدفع بهذه الفئة الاجتماعية الفاعلة والمتطورة للمساهمة بخدمة الوطن والدفاع عنه بعيدا عن التعصب بكل اشكاله وعناوينه ودوافعه، واعتماد الهوية الوطنية لتكون اساساً ورمزاً للعراق والعراقيين.
إن الدعوة للاهتمام بالرياضة ورعاية نشاطاتها وفعالياتها تشكل خدمة للرياضة وحركة الشباب ورافعة لها وستساهم في إبعاد شبيبتنا عن الأخطاء والانحرافات التي تضر بحركة الشباب والرياضة.
إن دور الشيوعيين وأصدقائهم وأنصارهم يتجلى في الدعوة إلى مؤسسات رياضية بعيدة عن التخندقات والحزبية الضيقة، وإلى فتح الطريق أمام الكفاءات والطاقات المتفاعلة والنزيهة التي ترى ان خدمة الرياضة وحركة الشباب هي من أهم واجباتها الوطنية.
وسيشكل هذا التكريم للمحرر منعم جابر دافعاً قوياً للمزيد من الجهود والمساهمة الإيجابية للوطن ومن أجله.
*************************************************************************************************
الصفحة العاشرة
الشعر الشعبي العراقي .. معلما من معالم الثقافة الشعبية الأكثر انتشارا
زهير كاظم عبود
يشكل الشعر الشعبي العراقي بكل أنواعه وبحوره العشرية معلما من معالم الثقافة الشعبية الأكثر انتشارا في العراق، ويعتبر الشعر الشعبي وسيلة لغوية عميقة التأثير واشارة واضحة المعالم في ايصال الصورة والغاية بشكل خال من التعقيد والتبطين اللغوي، ولم يكن الشعر الشعبي في العراق يوما ما الا الوسيلة الأساس التي يستعملها البسطاء والفقراء من الناس في بوحهم بأحاسيسهم وشكواهم وتعبيرا عن مكنونات ارواحهم وتعبيرا عن دقائق حياتهم وعملهم وقدرتهم في تصوير الحالات الانسانية بشكل مختزل ودقيق وواسع. ولهذا تعكز المجتمع الشعبي في العراق على الكثير من قصائد وأبيات الشعر الشعبي ليصير أمثالا عامة يستعملها الناس في الاشارة الى قضية ما أو حدث أو تعبير عن مكنون نفسي. وقد أبدع أهل العراق في هذا المجال بشكل متميز بين أقرانهم العرب، حيث لمع اسم العديد من الشعراء الذين كانت مدرستهم الحياة وشهاداتهم جلسات الفقراء وتجمعات الفلاحين في القرى، اضافة الى اشتراكهم في الحوادث لتجيش ارواحهم بالشعر قولا أو على شكل هوسات جمعية أو إشارة أو لفتة تشير الى قضية وتلمح الى أخرى. ومما يشار اليه ان الشعر الشعبي لم يترك صغيرة أو كبيرة ولا شاردة أو واردة الا وعالجها، مما يؤكد ان معالجاته الأساسية تتداخل في كل تفاصيل الحياة البسيطة اليومية للفرد. وتزخر القصائد الشعبية بمفردات لها دلالة المكان، وربما تشير القصيدة الى المكان أيضا، فللمكان أهمية في اللهجة وكذلك لبعض المفردات، ويبدو ان الشعر كان يتلازم مع الانسان منذ بدايات استعمال اللغة أو اللهجة على الأكثر، كما يبدو ان الشعر الشعبي كان الأكثر حظوة من بين صنوف الثقافة بالنظر الى سهولة حفظه وفهمه وسرعة انتقاله، وضرورة انتقاله مع المهوال من قرية الى قرية ومن مدينة الى مدينة.
ويزخر الأدب الشعبي العربي بالعديد من القصائد الشعبية التي يمكن ان تشمل العراق لتعالج كل مناحي الحياة وجميع أحاسيس الناس ومشاعرهم. وعلى الرغم من الدراسات العديدة التي عالجت قضية الشعر الشعبي والشعراء الشعبيين، فقد بعدت عنا هذه الدراسات في المنافي بعد ان استطاع الطاغية ان يشتت شعب العراق، وأصبحنا نتعكز على الذاكرة وما تحمله الينا اوراق البريد، بعد ان اطبقت السلطة البائدة ليس على الشعراء الشعبيين فحسب، وليس على الشعر الشعبي عموما حينما شعرت انها لم تستطع تدجين وترويض الشعراء الشعبيين في العراق، بل انها اطبقت وبكلتا يديها على خناق الثقافة العراقية بمجملها محاولة قتلها بقطع الهواء عنها. وتأتي الدراسة القيمة التي قام بها الشاعر عبدالكريم هداد والمعنونة «مدخل الى الشعر الشعبي العراقي» الصادر عام 2003 في السويد «الطبعة الأولى» قراءة عميقة في أسس الشعر الشعبي منذ أوائل القرن العشرين والأشكال الشعرية التي قيلت حينها من الموال الى الابوذية والموشح ـ العتابة وغيرها، وتطرق المؤلف الى الدور الريادي والمهم للحاج زاير الدويج الشاعر الشعبي العراقي الأشهر، من دون ان يشير الى تفاصيل هذا الدور أو ان يدخل في ثنايا الشرح ليقينه معرفة القارئ بالكثير عن هذا العمود الواضح من أعمدة الشعر الشعبي في العراق، ولذا أورد نبذة مختصرة من حياة هذا الرائد المهم في تاريخ الشعر الشعبي في العراق. وتطرق المؤلف الى صنوف الشعر الشعبي في تلك الفترة معززا تلك النماذج بأشعار متنوعة مع أسماء الشعراء، وقد اسهب في تجسيد الصور الشعرية لكل صنف من أصناف الشعر التي عالجها المؤلف وعززها بقصائد منتقاة لشعراء مهمين في المسيرة الشعبية للشعر، ولم تزل نكهة قصائدهم تشنف أسماعنا ولم تزل الذاكرة العراقية على الرغم من محنتها تختزن لهم العديد من الصور الشعرية الجميلة، ومن بين أهم هذه الأصناف «الهوسات» لما لها من تأثير أخاذ على النفس والمجتمع الريفي، اضافة الى الدرامي وهو الصنف الأكثر حظوة في المعالجات الشعرية التي عالجها الكاتب علي الخاقاني أو بقية الذين كتبوا في هذا المجال.
ويقينا ان القصيدة الشعبية التجديدية لن تمر من دون ذكر رائدها الشاعر العراقي مظفر النواب الذي ترى بصماته الواضحة والعميقة عليها ليتبعه بعدها الشعراء الرواد أمثال عزيز السماوي وعلي عبدالحسين الشباني وطارق ياسين وعريان السيد خلف ومجيد جاسم الخيون وكاظم الركابي وغيرهم، كما تواصل الشعراء الشعبيين في المنافي على رغم محنتهم وغربتهم في ديمومة التجربة الشعرية أمثال رياض النعماني وجمعة الحلفي وكامل الركابي وهاشم العقابي وعزيز السماوي وأبوسرحان.
وتعرض الشاعر لصفحة التشويه والزيف الذي تعرضت له صفحة الشعر الشعبي باعتبارها الصفحة الأكثر سعة من صفحات الثقافة الشعبية في العراق، حين حاول الطاغية توظيف الشعر الشعبي لمصلحة الحرب والموت والدمار وتمجيد الخراب والدم والمساهمة في تخريب ذائقة الأجيال والمستقبل العراقي، فخرجت القصائد باهتة وخالية من الهم الانساني، وينتهي الكاتب مشيرا الى حجم الخراب والدمار الذي عم الحياة والشعر بشكل عام في العراق مع يقينه ان البناء العراقي باق لم يتهدم وان نتاج مؤسسات السلطة لا يكون حقا ممثلا للثقافة الانسانية في العراق التي تتعلق بالانسان والأرض حين ترحل عنها ثقافة الخراب والموت وتغسل ارضيتها من دنس افكار الطغاة والسلطات القمعية. المعالجة التي سجلها لنا الكاتب الشاعر عبدالكريم هداد جديرة بالانتباه لكونها أول دراسة تعالج هذا المنحى المهم من مناحي الثقافة العراقية، لا سيما ان الكاتب يعيش غربته ومحنته ويستعيد أنفاسه بعد ان كان الطاغية يطبق على خناقه بكلتا يديه.
ولأن الشعر الشعبي مهم ومتداخل في تفاصيل الحياة اليومية للعراقي فهو حقا جزء مهم من تاريخ الشعب العراقي. ويوزع البحث بين دراسة حول أهمية الشعر الشعبي العراقي، ومن ثم اشكال القصيدة الأولى متطرقا الى قصيدة التجديد ومن ثم قصيدة الرواد وقصيدة المنفى وقصيدة الحرب والتأليه. ويخلص الكاتب الى بقاء الشعر الشعبي العراقي نقيا يعود الى جذوره وينابيعه الأولى متخلصا من سطوة الخراب التي نشرها الطاغية محاولا ان يلطخ وجه الشعر فخرج الشعر متخلصا من أوساخ الكلمات التي حملها الطاغية معه ورحل عن ثقافة العراق وبقي الشعر الشعبي متألقا ونظيفا مثل ماء العراق.
*******************************************************************************************
يا غريب
سيروان التميمي
عيش جنك
وامشي مثلك
كافي تشبه غيرك بهاي البشر
التشابه للكصب مو للبشر
سافر اذا بولايتك عايش غريب
واشبك جروحك اذا مالك حبيب
هو جرح ولايتك طاب على عيب
منين تلكالك طبيب؟؟
وابجي وحدك
وامسح دموعك بإديك...
الينشف بيده دمعك يرد يشتاك لبجيك
يا غريب...
ياغريب باجر يبوكون اسمك وانت اسمك توه صار!!
وباجر يشبگك حمدهم لو برد حضن القطار!!
شمالهم
دارو كفاهم وانت عمرك داير الهم؟؟
شمالهم
شككو عمرك وانت كضيت السنين اتفصللهم؟؟
لكطو تفاح عمرك..
وانت گضيت العمر تستغفر الهم
كافي تتوسل نهرهم..
واعبر بمايك على الغثك عطشهم..
كافي تندار ويعتك شوكك وهم ترجعلهم
كافي مو طشو سنينك.. وانت لاهي تلم صورهم
هزهم بكل حيل بيك..
وطيح من غيومهم گطرة مطر
شنهي ضلتك بالمحطة وما الك نية سفر؟؟؟
تضحكلهم؟
جا وجرحك؟
جا و حزنك؟
وجفنك اليمطر دمع صحوة ومنام
تضحكلهم..
وانت حزن البيك يركض ركضة الگطرة على جام
همه ذول الصغت غربتهم وطن واستغربوك
همه ذول الطحت يم طفهم نهر بس عطشوك
الحدو بضعون دمعك من بجيت
وصرت ماي عيونهم لكن بچوك
الكلت تنساهم ولكن مانسيت
وكمت تندلهم لحدما ضيعوك
من شعلت سنين عمرك مادفيت
ومن برد بيهم وكتهم حطبوك
باعدو وانت بطرك روحك بقيت
لاوحكك حتى عنك باعدوك
ولايتك عمية ورسالة المن بقيت
ويه الكواغد خلصتها و ماقروك
اخ منك...
جبت عمرك تنتظر وادم نسوك
جبت عمرك تركض على الما تناك
يا الكيت الناس كلها ومن ضعت محد لكاك
**************************************************************************************************
وين تريد
کاظم الركابي
ﺗﺎﻧﻴﺘﻚ ﻫﻮا ﻭﺟﻔﻴﻦ
ﻳﺘﻼﻛَﻦ ﺷﺠﺮ ﺧﺪﺭﺍﻥ ﻣﻦ تحضى ﺍﻟﺴﻮﺍﺟﻲ ﺑﻄﻴﻦ
ﺩﻫﺰ ﺭﻭﺣﻲ ﺍعله ﻋﺮﻓﻚ ﺭﻳﺢ
ﻏﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻨﺪﯼ ﺍﻟﺴﻜﺮﺍﻥ
ﻣﻦ ﺗﻨﻔﺾ ﺭﻣﺶ ﻣﺸﺘﺎﮎ ﻳﺒﺠﻲ ﺑﻜَﺪ ﺑﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﻴﻦ
ﻭﻳﻦ ﺍﻭﻳﻦ ...؟
ﻛﻠﻬا ﻃﻴﻮﻑ ﻭﺍﺳﺘﻨگي ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻭﻳﺎﻙ
ﺷﺘﻞ ﺑﻴﻪ ﺍﻟﺤﻨﻴﻦ ﺍﻣﻮﺍﻛﺢ ﺍﻟﻤﻠگَﺎﻙ ﻣﺎﻳﻨﺮﺍﺩ
ﻭﺍﻟﻐﺒﺸﻪ ﻭﻛﻴﺤﺔ ﻋﻴﻦ
يالعايف خلگ ﻋﻴﺰﺍﻥ ﻳﺪﻫﺪه ﺍعله ﺑﺎﻟﻲ ﻓﺮﺍگ
ﻣﺮ ﺑﻴﻪ ﺣﻀﻦ ﺗﻤﻮﺯ ﻭﺍﺗﻠﻔﻠﻒ ﺧﺼﺮ ﺑﺮﺩﺍﻥ
ﺭﺩ ﻟﻬﻮﺍﻙ ﻣﻮ ﻳﻌگوبَ
ﻋﻨﺪﻱ ﻋﻴﻮﻥ ﻣﺎﺗﺸﻔﻪ ﺑﻀﻮﻩ ﺍﻟﻘﻤﺼﺎﻥ
ﻳﺎﺑﻠﻘﻴﺲ ﻋﺮﺵ ﻓﺮﺍگ ... ﻭﺍﻟﻬﺪﻫﺪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺷﻮگ
ﻳﺎﺭﺣﻤﺔ ﻫﻮﺍﻙ ﺑﻜﺪ ﻧﺒﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ
ﻣﺮ ﺑﻴﻪ ﺗﻮﺍﻟﻲ ﺷﻤﻮﻉ
ﺷگ ﺯﻳﺞ ﺍﻟﻀﻼﻡ ﻭﻓﻮﺕ
ﺍﻧﻪ ﺑﺮﺍﺳﻲ ﺳﻬﺮ ﻣﺪﻳﻮﻥ ﻭﺍﻟﺤﺴﺒﺎﺕ ﺳﺮ ﺑﻴﻮﺕ ...
ﻣﺮ ﺑﻴﻪ ﺍﻟﺴﻮﺍﻟﻒ ﻃﻔﺤﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺎﺕ ﺍعله ﺷﻔﺘﻲ ﺍﻟﺼﻮﺕ
ﻣﺮ ﺑﻴﻪ ﺍﻟﻄﺮﻳﺞ ﺑﻌﻴﺪ
ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﻪ ﺃﻣﺎﻥ ﻭﺧﻮﻑ
ﻣﺮ ﺑﻴﻪ ﻭﻟﻮ ﻏﻠﻄﺎﻥ
لبجيلك دﻣﻊ ﻋﻤﻴﺎﻥ ﻭﺍﺗﺒﺪﻩ ﺍعله ﺧﺪﻙ ﺷﻮﻑ
يل كلشي اعله بالي الگاك
وين الگاك ؟
يصفصافة نهر والناس ما تقنع تشيل عثوگ
وانه امنين مالبسك رهاوة ثوب بس طوله اعلا طولي ايلوگ
ﻣﺮ ﺑﻴﻪ ﺭﻛﺾ ﺻﺒﻴﺎﻥ
ﻓﺰﺯ ﻭﺍﻫﺴﻲ ﻣﻦ ﺍﺳﻨﻴﻦ
وﻟﻮﺩگة ﺟﺬﺏ ﻋﺎﻟﺒﺎﺏ ﺗﻜﺸﻂ ﺟﻠﺪ ﺍﻟﻤﺘﺎﻧﻴﻦ
ﻭﻣﺘﺎﻧﻴﻦ
متانين فزعة ماي
وصوفر جم وجه عطشان
وانت براسي تفتر غيم
يل بروحك خجل عرسان
وين تصح وكاحة ليل
يل شايل ترافة طير ماتغفه اعله جنحك ايد
وين تريد؟
دفك عيونها وخل تشرب من بعيد
الديره الماتعرف الماي ما تلگه بمحرم عيد
وين تريد....وين تريد
****************************************************************************************************
صور خوف
غسان حبيب
ويـــن اختــل
وذبـــاحي ينــام ويـاي بــفراشي
ويـــن اختل من الدنيــه جزع گلبـي....
ولـك موتــدري
ولامرتــاح من حزنـــي
ولاجــاس الضحك سنــــي
اخــاف اضحك وارد ابــچي
واخاف ادمِــوعي متـكفي واخاف الناس تسحگنــي
واضل ابــچي......
ولـك مو تـــدري
ادور وجـهي بمرايـــات تكرهنــــي
صور خوف وقرابيــن وعطش چتال
ترسمنــي..
ولــك موتــدري
احــس هذا الوكت سيــاف واگـف فوگ من راســـي
عـل ياســاعه ويشـچ السيــف بعيـوني..
*************************************************************************************************
مدللين
أبو زين العابدين النصري
أنت ريل وگلبي سچه
وأنت وأحلامك
عليه مسافرين
ماوگفتو بكل محطاتي الحزينه
وغنت بروحي حمد والتايبين
تحمليت جروح گلبي وماحچت
وگلت يالله مدللين
أحباب روحي مدللين
وياحريمه شگد عمرها ؟؟؟ شگد عمرها
بگد مسلة حمورابي
تكبر بمر السنين
وأنت تكبر وآنه يكبر بيه جرحك
أني وعيوني نتباچه وصابرين
وياحلاتك من تدوس عللجروح
البيه تنزف
وتضحك بعين الصلافه وساكتين
وخل أگلك
ضحكة الشامت تغثني
وضحكتك رغم المواجع
ترجع ألآشور بيه وچن بعدني
بلايه روح ولسه طين
وخل أكلك
ليش،ساكت
فكرت بحساس روحي
ودورت كل المواجع
وطلعت بآخر نتيجه
آني وأنت مسودنين
*******************************************************************************
مامش نوم
علي الخليفاوي
انه وليلي
وطواريك
وخط دخان
ومرورة جگاره
اتعرس بريتي
وچعب فنجان
گهوة عوز
ووشالة گمر
جازي بشهر نيسان
مامش نوم
سمچة هور
روحي اتگول
حمريه وهوة گطان
خلگي اوياك
برديه بطشاشة ماي
تستاحش وتنده
والگصب سكران
ناي بحلگ
بدويه انفگد خلهه
بصباح العيد تثغب
والونين ايگعد الطرمان
وانته بعيد
عث بيه السهر
ارضه بصريفة ناس
فقره ونارهم مادفت البردان
يشنهي انته
بگت روحـــي
بصباح الله ومشيت
بعيد غرنوگ ونوه الهجران
نسيت امشابگ
ازنودي ومدار الماي
بعبارك الشگ غدران
نسيت الخيل
مـــــن تصهل
بتالي الليل وطراد
العشگ من يثگل الميدان
نسيت احرورة
افادي بشتاك سنين
ورث والعمـــــر عودان
شنهي انته
صنم مابيك نبضة شوگ
لانغدة عشگ هزة مضاميمك
يعنبر من خبط رسمك بصم دنان
ومتاني
تعال شماصرت
شاريك شهگة موت
بطلابة سلف معدان
*********************************************************************************************
الصفحة الحادية عشر
تاريخ الحزب الشيوعي العراقي في الموصل
“تاريخ الحزب الشيوعي العراقي في لواء الموصل 1934- 1970”. عنوان كتاب للأستاذ الدكتور عبد الفتاح علي البوتاني، تقديم أ. د. حسام الدين إسماعيل. صدر مؤخراً عن مطبعة روزهه لات- أربيل ويؤرخ الكتاب للمسيرة النضالية التي قطعها الحزب الشيوعي العراقي عبر مسيرته النضالية المديدة.. حيث كان هو الأسبق بين القوى السياسية في معارضته النظام الملكي الذي كان قائماً على النفوذ الاستعماري.
الكتاب معزز بالوثائق التاريخية، وهو يرسخ المسيرة المضيئة للشيوعيين.
************************************************************************************************************
القضية الفلسطينية ورمزيات المرئي
د.جواد الزيدي
منذ نهاية الأربعينيات من القرن العشرين أضحت القضية الفلسطينية محوراً مركزياً في متبنيات الصراع العربي – الاسرائيلي بكل تفاصيلها وضمن بنيتها الكلية، وأن الثقافة العربية والانسانية كانت دوماً على تماس في ملامسة ذلك الهم الانساني الكبير الذي تعرض له الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من تعددية الأنماط الثقافية، الا أن المثقف العربي العضوي لم يكتف بطرق التعبير عن القضية، بل استطاع الانخراط في الكفاح المسلح في صفوف حركات التحرر التي تقف فلسطين في مقدمتها، والانتصار للقضية وتكريس عدالتها في الضمير الانساني قبل انتصارها على أرض الواقع، إذ كانت القصيدة ولوحة الرسام وفرشاته والكاريكاتير والأغنية، وكل أدوات التعبير الفني حاضرة قبل كل الأدوات الأخرى، إذ ما زالت أصوات (محمود درويش، ومظفر النواب، وسميح القاسم، ومارسيل خليفة) مدوية في فضاء حياتنا الثورية وهي تدافع عن الحق المستلب.
وشكلت الثقافة محوراً مهماً من محاور الصراع حيث يتقدم البندقية أحياناً والتي يتحول صاحبها الى (قاطع طريق) من دون أدوات الثقافة والفعل الفكري والجمالي. تلك الأجناس التي تلتحم معاً من أجل ايضاح صورة الثوري المكافح. ولعل الخطاب البصري استطاع مواكبة الحدث بمختلف أزمنته في انتكاساته وانتصاراته والتعبير عن تلك الثورة والأحلام التي يحملها هؤلاء الفنانين وهي تنتصر لقيم الجمال والسلام والأمن والعودة وكل ما يحيط بها من مفاهيم وتطلعات، وانجاز خطاب يلامس جوهر القضية مهما اختلفت الاتجاهات والمدارس في التعبير، ومهما اختلفت الأمكنة الدالة على جغرافية الفنان، الا أنه تمثيلاً يقترب من الفعل الجمعي وقد استندت إليه الأغلبية في مشاركة النضال والدفاع عن الذات الانسانية التي حوصرت في بنية زمكانية محددة ذهبت الى الشتات الذي أصبح وطناً.
وقد التحفت طاقات مسرحية عربية معطف القضية عن طريق كتابة النصوص واخراجها أو تعريب بعض النصوص التي تلتقي في الماهيات الموضوعية، بيد أن التشكيل استطاع أن ينهج الدرب ذاته من دون أدنى اتفاق بين فنانين صاغوا خطاباتهم، التي قد تكون سمتها الطاغية وهو الترميز والتعبير عن تلك الموضوعات، ولايجاد مصاديق عملية على ما تقدم يمكن الاعتماد على عينات تمثل هذا التوجه مثل تجربة النحات الكويتي (سامي محمد) الذي صاغ خطابه الرمزي انطلاقاً من وحي القضية وذلك الصراع ومحاصرة الذات الانسانية بقوالب برونزية مربعة تخترق يد الانسان المحاصر بحثاً عن الخلاص الأبدي في ضوء قوة الإرادة بتحطيمها تلك الحواجز الصلدة والانعتاق الى فضاءات الحياة. وفي الفكرة نفسها حاول الرسام الفلسطيني (سليمان منصور) ورفاقه استلهام معنى القضية الكامن في الكفاح المسلح وصياغته على هيئة خطاب جمالي. واتخذ الفنان الفلسطيني (ناجي العلي) من شخصيته الرئيسة (حنظلة) بوصفها شخصية الفنان الرمزية التي يختفي خلفها في التعبير عن هموم شعبه وخذلان البعض واعلان ما هو خفي منها على صفحات الصحف والمجلات العربية والعالمية، ومثلما كانت (رحلة حنظلة) كانت رحلة العلي أيضاً حين صورها في رسوماته وكتاباته أطاحت رصاصات الغدر الحاضرة على الدوام بهذا الرمز الفني وحاصرت آخرين ساروا على الطريق ذاته.
بيد أن الفن العراقي كان الأكثر حضوراً على مستوى الكم والكيف في التعبير والمواجهة واستلهام الماهيات الكامنة في الثورة وطرائق التعبيرعنها، إذ اتخذ (كاظم حيدر) من واقعة محلية تكمن في (الشهادة والبطولة) عنواناً لمحلمته الخالدة التي مُنع عرضها في بغداد واستقبلتها بيروت سنة 1965 لتثوير فكرة الشهادة وانشطارها للوصول الى مفهومها الانساني العام، حين استطاع تحويل الخاص الى عام يتجاوز حدود الزمان والمكان. ولحق فنانون آخرون بهذا السرب في ضوء طروحاتهم الثورية ورؤيتهم للحياة في صياغات تنطلق من الواقع وتعود إليه لم تتخذ التعبير الواقعي أساساً، بل نزعت الى الرمزية في خطابها العياني بفعل رقابة الأنظمة الشمولية أنذاك والتخفي وراء الرمز من أجل النفاد من سلطة الرقيب، فضلاً عن طاقة الرمز على التعبير والانفتاح الى مرجعياته الاجتماعية. فقد أنجز (شاكر حسن آل سعيد) في بداياته التعبيرية خطابه المُعبر عن قسوة العدو في مذابح (صبرا وشاتيلا) و (تل الزعتر) التي منحها عنواناً للوحاته لتكون وثيقة ادانة ومحاكمة تاريخية لما حدث على هذه الأرض وفي الزمن المُثبت على اللوحة.
وبفعل هذا الحراك والوصول الى موقف موحد انخرط الكثير من الفنانين في هذا الأُسلوب، إذ كانت أعمال (محمود صبري، ومحمد مهر الدين، وفيصل لعيبي، وصلاح جياد، وابراهيم زاير) وآخرين تلتقي عند المسار ذاته المسار الى فعل تضامني أولاً وتحريضي ثانياً من أجل استعادة الحق، فتجلت البطولة في العمل الفدائي الذي تمت صياغته على هيئة خطاب مرئي من خلال أعمال هؤلاء الفنانين بفعل تلك المرجعيات التي تغذى عليها فنهم وجعل منه عنواناً للعلاقة الجدلية بين الانسان والانتماء الى الحقيقة الكامنة في الواقع. وكانت هذه الصياغات مشيرة الى الحدث على الرغم من رمزيتها العالية، بيد أن تأويلات الرمزية والحاقها بمرجعياتها يؤكد هذا الانغماس والانتماء مع الفعل الثوري يدعمه فكر تكرس على مدى الفاعلية الانجازية لهم.
ولم يُنجز هذا الكم الهائل والنوعي في الوقت ذاته لولا المنطق المجموعي الذي يحكم فروع الثقافة العربية وأجناسها الابداعية المتعددة ومقارباتها الاجتماعية والسياسية بفعل منتجي الخطاب الفني والجمالي وتوجهاتهم الفكرية التي تتسم بالثقافة الوطنية أو مماثلتها لوظائف (المثقف العضوي) الذي ينتمي لهموم الناس وتطلعاتهم والتعبير عنها.
******************************************************************************************
قصائد نثر
عبد العظيم فنجان
الحرية
التفتُ إلى الخلف ، إلى البيت الذي قضينا الليل فيه ، حيث الصبية ، صبية البارحة ، مازالت واقفة لدى الباب . يبدو أن التفاتتي المفاجئة حفزتها على الركض نحوي ، ولعلي أيقظتْ الوديان من نومها العميق ، حين فتحتُ الذراعين ، واستقبلتها بقلب تمرّن ، طويلا ، على الحب وعلى اليأس من الحب .
لم أحفل بالمهرّب ، يهزّ يده ، ويواصل المشي بدوني ، لكنه حين اختفى ، كانت هناك أزهار وعواصف ، ينابيع وأنهار ، تنمو وتنفجر تحت أصابعنا ، فقد هدمنا السياج ، ووصلنا قبله إلى الحرية !
المصباح
كانت تهمتها أنها تحلم كثيرا ، خاصة بالمصابيح وبالفراشات ، لذلك أسندوها إلى الحائط ، ووجهوا إلى صدرها فوّهات بنادقهم ، ثم لبثوا هكذا ، جامدين ، بانتظار أوامر النار ..
كان الرعب قد نشر اجنحته على المشهد ، حتى أن الذين حاصروها شعروا به يتسرب إلى ارواحهم ، فارتعشوا منه ، وبعضهم كان يذرف دموعا حزينة ، مبللة بالخزي ، لكنها لم تستسلم ، بل استظلتْ بالمصباح الذي اخترعه الخيال ، ثم أضافت إليه شيئا من الموسيقى ، ونتفا من الفراشات .
مضتْ أبعد فرسمتْ حوله النور ، ووضعته فوق عامود ، وأثناء ما هي تنقله إلى زقاق العالم ، كي يطرد العتمة ، اخترقها الرصاص ، فسقطتْ مضرجة بالدم ، لكن المصباح لم ينطفئ ، وظل مضيئا ..
النافذة
لم استطع مقاومة إغراء الالتفات والنظر إلى النافذة ، حيث كنت تنتظرين ، بصبر ، مرور الحظ بهيئة فارس ، فتقفزين بقوة الحب إلى ظهر جواده ، منتشية بحلم ، لا سبيل إلى تحقيقه حتى في الروايات .
كانت الحرب ترتدي خوذة ، وتطوف في الشوارع ، بحثا عن قتيل ، فيما كنتِ غارقة في التأمل : تطيرين مع الموسيقى ، وتذوبين في الشعر ، غير أن الواقع كان أشد قسوة ، إذ تحطّم البيتُ ، وتبخرتْ الشمسُ من الأغاني ، حين رنّتْ قذيفة مدفع ، وقطفتكِ ..
قصيدة الزهرة
أحيانا تظهر ، من خلال الأسلاك ، امرأة جميلة بثياب شفافة ، تقطف زهرة من الحديقة ، وترميها إلينا بعيدا ، ولم ننتبه ، إلا أن رجلا ، هو حبيبها السري؛ كان يخرج ، مسرعا ، من البيت ، أثناء ركضنا الطويل باتجاه الزهرة ، إلا بعد سنوات ، عندما قُتل في حرب غامضة ، وشاهدتَه ـ بعد دفنه بأربعة أيام ـ من النافذة ، وهو يمر ، ذاهبا ، إلى السوق ، بكامل اناقته ، وينصع بالبراءة وبالشقاء : بيده زهرة من حديقتها ، ويسير غير عابئ بالمطر ، الذي كان يهطل بغزارة ، فشهقتْ بحسرة ، وهمّتْ أن تناديه ، لكنه كان قد اختفى ، فجأة ، في الزحام .
**********************************************************************************
قصة قصيرة.. ما لم يرد في سيرة الصومعة
طالب كاظم
شارع الرشيد عمارة المفتي الطابق الثالث الاخير.
احداث ما قبل الطوفان
لم يعد بالأمر اليسير، كما كان منذ عقد مضى الى غير رجعة، ان يسند هيكله الذابل، بات مسنا جدا بأذنيه المتهدلتين، بعصاه الطويلة التي يتفقد بها موطئ خطواته المتثاقلة التي انتهت به منتصبا في وسط الميدان الكبير الذي يشطر جانبي مدينة الآثام الى نصفين، لم يتمالك اعصابه ،اذ استرسل يزعق بصوته الواهن، يحذرهم من اقتراب يوم الدينونة، اخبرهم ان الرب غاضب جدا ومتذمر حد الحنق لانهم مذنبون ومارقون، ولكن كرجل شحذته التجربة ، بحكمته، التي لم تجدي في الافصاح عن وعيد القدير، ادرك ان لا جدوى من الصراخ الذي اهدره، بينما الصخب والخمر ينسلان كأفاعي ناعمة في طرقات المدينة الفاجرة، اخبره بموعد يوم الدينونة، في اليوم الموعود ، اغلقت الكوة الوحيدة في برج سفينته الهائلة ، بانتظار الطوفان في الوقت الذي انهمك به كهنة معبد اله المدينة الضالة، بإقامة شعائر تقديم القرابين والاضاحي ، تعالت صيحات النساء المذعورات، حينما اخترق الثور الابيض الضخم بخواره المخيف، الطريق الضيق الذي اختنق بالمخمورين، الطريق التي تنتهي عند بوابة المعبد، هناك يتربص الكاهن، ينتظر الضحية المذعورة التي تعدو في الطرقات على غير هدى، وهو يمسك بحربة لامعة طويلة، سيطعن الثور الهائج بين عنقه الضخم وكتفه فتنزلق الحربة بين طيات اللحم، حتى تقطع شرايين قلبه فيجثو القربان على ركبتيه هامدا بلا حراك ، حينها ستغرق المدينة في عتمة الجنس والخمر و لا تبالي بالسماء المكفهرة التي اختنقت بالغيوم والبروق .
فيما هو يسلط مساقط ضوء الكشاف ليضيء جسدها في الغرفة نصف المعتمة ، قالت له ، وهي تشير اليه بسبابتها كما لو كان متهما :
- نلت ثقتي ! واحدة غيري لن تقبل بثمنك ولا بشروطك .
ثم انهمكت تفرقع فقاعة اللبان التي التصقت بشفتيها القاتمتين ، وهي تخلع القميص الاصفر الضيق الذي التصق بطيات الشحم تحت مشد صدرها الاحمر.
رد بلا مبالاة ، تعرفين ان ثقتك بي لا تقدر، ولكنك لا تهدريها هنا وهناك بلا ثمن.
وهو يسلط ضوء الكشاف الساطع، الذي غمر جسدها، حتى بدت حبات العرق التي تفصدت على وجهها، كما لو كانت لآلئ لامعة، فيما هي تحرر ساقها من الجورب الاسود الشفاف ، تخلصت من تنورتها القصيرة والقت بورقة التوت المخرمة كمنديل ورقي بملمس المخمل تحت كرسي الخيزران الذي جلست عليه، اخذ ينثر خصلات شعرها على كتفيها فيما هو يتحسس فقرات ظهرها الناتئة حرر صدرها من المشد الاحمر ، كانت واجمة وصامتة كتمثال تحدق في الفراغ الذي انسكب في عينيها ، قال لها ، وهو يهمس في اذنها بنبرات بدت لها فخا للإيقاع بها اكثر منها توددا مزيفا، يبحث عن اطفاء شبق مزمن دسه الاله في مخلوقاته المخادعة
ستكون لوحة رائعة!
هي تدرك جيدا الفخاخ التافهة، التي وضعت في طريقها منذ الخطوة الاولى التي وضعت فيها قدمها لتسلك طريق الرذيلة، ولكنها كما يحدث للجميع، عندما يكتشفون بمرور الوقت الخفايا التي تفخخ طريقهم كلما توغل الشخص ابعد في محترفه ، ها هي كمحترفة تستطيع اكتشاف الاباطيل ولكنها ستمرر رواياته فما الذي يربطها به سوى عقد مدفوع الاجر لا يتطلب منها سوى ان تتصلب عارية في كرسي خيزران بلا مسند ظهر لتكون موديل لوحته ، اخذت ريشات المروحة المعلقة في سقف الغرفة تدور ببطء فأيقظت الهواء الراكد بتيارات خفيفة .
التاريخ السري لمدينة الذنوب
في ممر الطابق الثالث والاخير، هناك لمبة وحيدة تضيء الممر نصف المعتم منذ امد بعيد لم يعد احد يتذكره ، بضوء شاحب ، لا احد من رواد هذا الجزء المهمل من العالم فطن الى اللمبة الكهربائية، بفتيلتها التي تتوهج بضوء اصفر، باستثناء الرجل الثلاثيني المتجهم الغامض، بأرديته الفضفاضة واوشحته الملونة التي يلف بها عنقه، بقامته الطويلة وتقاطيع وجهه الحادة، الذي يقطن الغرفة السرية او الصومعة ، التي شهدت طوال سنوات عديدة حين اقامت فيها الممرضة المتمرسة، جولييت، ليس بالضرورة ان نرهق انفسنا في البحث، او تحرى اصول الاسماء التي تردد هنا، في غرف وممرات هذا المبنى المعتم ، فـ اسم جولييت ، كغيره من الاسماء والالقاب في هذه العمارة فهو غالبا اما مزيف او مستعار، جولييت التي امضت سنوات شبابها في مستشفى القديس بطرس الأرثوذكسية ، قبل ان تغادر اجنحته الفخمة، لتمارس عملها كمخلصة من وطأة الفضائح التي قد تلحق ببعضهن، فهي الاربعينية التي تمتعت بجمال حسناوات السينما المصرية، المتمرسة في مهنتها التي اخضعت نساء عديدات تحت مبضعها الرفيع ، كما اخضعت مغنيات ملاهي بغداد الليلية وراقصاته المثيرات، تحت كفيها الناعمين وهما يتسللان بخفة ونعومة افعى تبحث في الرحم المستفز المليء باللزوجة لتنتزع سره ، كما اضطجعت على طاولتها الصلبة بغطائها ناصع البياض الكثير من مومسات شارع الرشيد، كن مستسلمات ووديعات وصامتات وهي تنتزع فيها اجنة لم تتشكل ملامحها بعد، انها المخلصة التي تتلذذ بأعمالها المكتملة ، فهي تحتفظ ببعض الاجنة التي تشكلت ملامحها في انيه زجاجية مليئة بالكحول النقي الذي تتناول منه ثلاثة كؤوس صغيرة بعد انجاز مهمتها في انقاذ العاهرات من الفضيحة كما تستخدمه كمطهر للجروح الشنيعة التي تحدثها في الاعضاء التناسلية لضحايا الرذيلة واللذة والخديعة ثمة خديعة ، طالما هناك مال فلن تجد اي اثر للخديعة، هاجرت جولييت الى ديترويت في منتصف الستينات، بعد ان اخفقت في انقاذ الفتاة الجميلة الصغيرة التي لم تبلغ بعد عامها الخامس عشر التي شعرت بآلام الحمل بعد معاشرة غير شرعية، كانت فيها ضحية خداع قريبتها السمسارة التي حاولت طمر الفضيحة ، كونها كانت شريكة في خداع الطفلة ، التي ماتت لاحقا بسبب التهاب الرحم بعد ان ثقبته جولييت حين فاجأتها الصبية وهي تنتفض بسبب الم الوخزات، وهي تحاول قشط الثؤلول المدنس، بملقط طويل دسته في مهبلها ، انها الغرفة الصومعة السرية نفسها بكل تاريخها المدنس واجنتها والمؤخرات والدماء التي سفكت على طاولتها الصلبة ، الغرفة التي تشغل نهاية الممر.
مقابل ثمن بخس استأجر الغرفة ، التي تحولت فيما بعد الى صومعة للخمر وستوديو لرسم النساء العاريات ، المومسات المتمرسات اللواتي يحترفن الاغواء في شارع النهر العريق ، في قلب المفترق والتقاطع الذي يقودك الى شارع الرشيد عبر شارع المال، هناك المحكمة الشرعية التي اقيمت في وقف سيدة محسنة تتحدر من اصول عثمانية سلطانية، تحول بعد موتها الى مقبرة وجامع صغير اقيم على حديقة الفناء الخلفي، الذي يطل على نهر دجلة، شارع النهر وصومعات السحرة الذين يقرأون الطالع بتقاطع مدارات الكواكب للإيقاع بالمطلقات اللواتي ارهقتهن العزلة والوحدة ، نساء يبحثن عن سحر اسود للفتك بزوجات عشاقهن ، عجائز متصابيات ، رجال يتوسلون بزيت الافاعي ومسحوق غبار العقارب لإنقاذ رجولتهم الغابرة من العجز ، عاهرات يبحثن عن توبة مفقودة في مدينة الضلالة انه شارع الذهب والاغواء ، شارع الحب واللذة الذي لا يبعد سوى خطوات عن صومعته السرية ارث الممرضة جولييت وتاريخها العريق في عمارة المفتي التي تضم مكاتب محامين مخضرمين يقضون اوقاتهم في احتساء العرق وطبيب امراض تناسلية يمكن عده الوريث الشرعي لتاريخ جولييت الغابرة وطبيب اخر للقلب ومكاتب اخراج جمركي ، انه الممر نصف المعتم الذي يتلقى مساقط ضوء شمس الظهيرة عندما يتسلل عبر نوافذ العلية التي تحتضن السلالم الخرسانية ، مساقط الضوء الخافت التي تزحف ببطء في منتصف الممر و هي تتسلق الجدران فتضيء المكان بضوء شاحب حتى تختفي عند انزلاق شمس الظهيرة في الساعة الثانية بعد الظهر ، في حقيقته يبدو الممر قبوا طويلا ضيقا بسقفه الواطئ كالملاجئ التي شيدت خلال الحرب العالمية الثانية اكثر منه ممرا مظلما يشطر المكان الى نصفين تطل عليه ابواب غرف الطابق الثالث والاخير، في منتصف الممر تواجهك السلالم التي تقودك الى السطح المهجور ، في احد جواب السطح ستجد جثة موتورسيكل بريطاني من بقايا الحرب الثانية ، صناديق خشب مدموغة بارقا واحرف انكليزية ، اسرة حديدية نخرها الصدأ ، انها ذاكرة المبني ، المهملة ، الذي شيد في نهاية الاربعينات ، اي شخص يدخل بطن هذا الحوت الهامد المخلوق من الاجر والكلس واعمدة الخرسانة التي اخذت تتفتت ، المبنى الذي يختنق بالرطوبة والعفن الاخضر الذي تسلق حافات جدرانه التي طلست بطلاء سميك ببياض يميل الى الاصفرار، يستطيع قراءة تاريخ تشييد هذه البناية القديمة بطوابقها الثلاثة في لوحة التعريف التي ستلفت انتباهه لانها ستبدو كما لو كانت كائنا حيا في نزعه الاخير ، تدلت وهي تتشبث من احد طرفيها بمسمار واحد ، عمارة المفتي شيدت عام 1949.