اخر الاخبار

كالعادة وفي عطلة نهاية الأسبوع الثانية من شهر أيلول من كل عام، نظم مهرجان جريدة اللومانتيه الفرنسية في 15 – 17 / 9 / 2023. وللمرة الثانية على أرضية مطار سابق للقوة الجوية على بعد 30 كيلومترا جنوب باريس، لعدم اكتمال أعمال الصيانة في الموقع التقليدي للمهرجان، في حدائق ضاحية كورنوف العمالية. شهد المهرجان وكما هو معروف دوما حضورا جماهيريا حاشدا، وعكست اجواؤه مزاجا احتفاليا نضاليا و تضامنيا، زادته جمالا، في معظم اوقاته، أجواء باريس الدافئة هذا العام. لقد تأثرت مناقشات المهرجان السياسية، وعلى مستويات اجتماعية وتعبوية مختلفة بالظروف المعيشية الصعبة المتزايدة للعديد من الفرنسيين بسبب التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية وأزمة الطاقة، فضلاً عن الهزيمة في المعركة المستمرة منذ أشهر ضد إصلاح نظام التقاعد، الذي مرره الرئيس ماكرون بواسطة سياسة المراسيم، بعيدا عن البرلمان، ورغبة أكثرية سكان البلاد. مع ذلك تلمس زوار المهرجان الروح النضالية المتقدة، من خلال الاستعدادات العالية لخوض المواجهة في يوم العمل الوطني المقبل، الذي دعت اليه النقابات في 13 تشرين الأول المقبل، من أجل الحفاظ على القوة الشرائية.

كلمة الافتتاح

في كلمة الافتتاح، دعا السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل الحكومة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ضد التضخم. “يتم نتف ريش الفرنسيين كالدجاج. لقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 في المائة. وارتفعت تكاليف الكهرباء بمقدار الثلث خلال عامين”. وأضاف “ إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ هل نريد استمرار نتف ريشنا، دون ان ندافع عن أنفسنا؟” ودعا روسيل إلى تطويق ارتفاع الأسعار من ناحية، وزيادة الأجور ومعاشات التقاعد من ناحية أخرى من أجل الحفاظ على القوة الشرائية. و”إذا لم يحدث شيء في الأسابيع القليلة المقبلة، فسنحشد السكان “. وأشار الزعيم الشيوعي إلى احتلال محطات الوقود ومراكز التسوق، وكذلك احتلال المحافظات، كإجراءات يمكن تصورها، لأنهم الممثلون المحليون للدولة وهم المسؤولون في نهاية المطاف عن الوضع الراهن.

تباينات قوى اليسار

عكست فعاليات المهرجان السياسية وحواراته الصاخبة، التباين في المواقف بين قوى تحالف اليسار الفرنسي، وفي هذا السياق  انتهز مؤسس حركة “فرنسا الأبية” جان لوك ميلينشون الفرصة ، للتعبير عن عدم رضاه المتزايد منذ شهور، من تبني الحزب الشيوعي الفرنسي مساره الخاص، واتهم  روسيل بـ “عدم المسؤولية”، خلال مشاركته في فعالية لمناقشة مستقبل تحالف اليسار، التي انتقد فيها أطراف التحالف، وخاصة الشيوعيين، لدخولهم  انتخابات البرلمان الأوروبي في حزيران 2024، بقائمة خارج قوائم التحالف، ولرفضهم تزايد سلوك ميلنشون التسلطي، مما جعل الاشتراك بقائمة مشتركة بقيادته غير مقبول، بالإضافة إلى  عدم تحبيذ ميلنشون فكرة “إعادة تنشيط” المرشحة الرئاسية السابقة للحزب الاشتراكي سيغولين رويال لتتصدر القائمة المشتركة. ومن المؤكد أن التنافس الشخصي يلعب دوراً أيضاً، خاصة وأن فابيان روسيل شغل أخيرا المرتبة الأولى في استطلاع أجرته إحدى المجلات الإخبارية باعتباره الشخصية السياسية الأكثر شعبية بين في أوساط اليسار الفرنسي،  متقدماً بفارق كبير على جان لوك ميلينشون. وبالمقابل، يتمتع روسيل بالاحترام حتى بين منافسي اليسار السياسيين. لقد تواجد في المهرجان رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، والمرشح اليميني المحتمل للانتخابات الرئاسية لعام 2027، إدوارد فيليب، لأجراء مناقشة مباشرة وعلنية مع السكرتير الوطني للحزب الشيوعي.

مهمة اليسار العاجلة

لقد أدى تحالف اليسار، الذي تأسس قبل أكثر من عام استعداداً للانتخابات البرلمانية، إلى قطيعة مع قوى تقدمية، او يسارية بالمعنى الواسع في إطار اليسار الفرنسي، جراء خيبة الأمل امن سنوات حكم الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند. وكما يرى فابيان روسيل، ان التحالف تحول بشكل متزايد إلى مصد، ومعيق لمحاولة تحقيق أوسع تجميع لقوى اليسار، على الرغم من أهمية هذه المهمة في سبيل استعادة المزيد من نفوذ اليسار السياسي، على الأقل، لمنع زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان من الوصول إلى السلطة في انتخابات عام 2027 الرئاسية.

عرض مقالات: