اخر الاخبار

قامت صربيا بنشر قواتها المسلحة على الحدود مع كوسوفو، بعد تزايد التوترات بين البلدين. ففي 24 أيلول، هاجمت مجموعة كوماندوز صربية مكونة من 30 مقاتلاً ضباط شرطة في بلدة بانجسكا في شمال كوسوفو، فقتل احدهم وأصيب ثلاثة من مرافقيه بجروح خطيرة، فيما أصيب أربعة من المهاجمين الصرب. ويعد هذا ثاني حادث مسلح يقع في المنطقة خلال الأشهر الستة الفائتة، في وقت زعم فيه رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي بأن مليشيات من سكان كوسوفو الصرب كانت تتدرب في الجانب الآخر من الحدود، داخل الأراضي الصربية قبل الهجوم في بانجسكا.

إن تصاعد أعمال العنف في كوسوفو يظهر أن النهج الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي في التعامل مع صربيا قد فشل، فوفق كيرستن شونفيلد، رئيسة المكتب الإقليمي لمؤسسة فريدريش إيبرت في صربيا والجبل الأسود، بات المطلوب ليس مجرد المزيد من الاهتمام السياسي، بل ببساطة تغيير في الاستراتيجية، لقد باءت بالفشل محاولة الاتحاد الأوروبي لإقناع القيادة الصربية بالتصرف بشكل أكثر تعاوناً من خلال الحوافز، ويمكن لألمانيا أن تلعب دورا قياديا حاسما في هذه العملية، ارتباطا بسمعتها المؤثرة في المنطقة وعلاقاتها الاقتصادية والاجتماعية الوثيقة.

وبعد اشتباكات تموز 2022، قال الناتو إنه يراقب الوضع عن كثب. فإذا تعرض الاستقرار في شمال كوسوفو للتهديد، فإنهم على استعداد للتدخل. ويرى الخبير الاقتصادي الصربي الأميركي برانكو ميلانوفيتش، بإن الصراع بين صربيا وكوسوفو هو صراع محلي خطير يمكن أن يؤدي إلى صراع عالمي. وفي مقالة له بعنوان: “ لماذا يعتبر الوضع بين صربيا وكوسوفو خطيرا إلى هذا الحد؟”. حلل لوحة الصراع باستفاضة. فعلى الرغم من ان الصرب في كوسوفا لا يشكلون أهمية بالنسبة لصربيا، لان نسبتهم قرابة 1 في المائة من مجموع الصرب، فان هذه الصراعات الصغيرة تنطوي على مخاطر كبيرة. لأن الدول الصغيرة تحب جر القوى الكبرى إلى صراعاتها لتحقيق أهدافها، بينما تنظر الدول الكبيرة إلى مثل هذه الصراعات على أنها اختبار لقوة هيمنتها.

 كوسوفو

لا شك أن ألبين كورتي، رئيس وزراء كوسوفو، هو السياسي الأكثر قدرة في البلقان. تساعده إيديولوجتيه المناهضة للحكم الصربي، وهو يعتقد، أن كوسوفو ما كان ينبغي لها أن تكون جزءاً من صربيا أبداً (أصبحت كوسوفو جزءاً من صربيا في عام 1913)، بالتالي فهو يسعى على المدى القصير في حل “المشكلة الصربية” في كوسوفو عبر ترحيل الأقلية الصربية. وهو ينظر إلى الصرب باعتبارهم شعباً لن يقبل أبداً السيادة الألبانية، ويستشهد بترحيل الأقلية الصربية من كرواتيا، الامر الذي جعلها سياسيا أكثر استقراراً. ولتحقيق هدفه، يعمل على جعل الأقلية الصربية تشعر بعدم الأمان، وإقناعهم في النهاية بمغادرة كوسوفو. ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، أدرك ان إثارة الحرب ستجعله زيلينسكي جديد وسيحظى بالدعم الكامل من الناتو.

روسيا الاتحادية

كانت روسيا قبل الحرب في أوكرانيا، مهتمة بإبقاء التوترات في كوسوفو، وليس بتشجيع الحرب. لقد تغيرت الأمور، فروسيا لديها مصلحة واضحة في خلق أكبر عدد ممكن من الصراعات في العالم، ليس فقط لإضعاف الغرب، بل وأيضًا “لعولمة” حربها بغية إعادة التفاوض على النظام العالمي الذي تم فرضه بعد نهاية الحرب الباردة. بالإضافة الى ان الحرب بين حلف شمال الأطلسي وصربيا ستكون مريحة بالنسبة لروسيا كما هي الحرب بين أوكرانيا وروسيا بالنسبة للغرب. سترسل روسيا مواد حربية إلى صربيا، لكنها لن تتحمل اية تكاليف بشرية.

 الناتو

لا يحتاج الناتو الى صراع آخر في أوروبا حول مسألة لا أهمية لها بالنسبة للولايات المتحدة، في الوقت الذي يركز فيه على الحرب مع روسيا. لقد انزعج الناتو والاتحاد الأوروبي بشدة من تكتيكات كورتي لزعزعة الاستقرار، والتي يستخدمها منذ شباط 2022، حتى أنهم اتخذوا مواقف متحفظة، لاستمرار الهدوء وعدم السماح بتصاعد الصراع.

 

صربيا

لدى صربيا الآن حافز لخوض الحرب. كان هدف سياسة الرئيس الصربي فوتشيتش تهدف تحقيق ترابط جغرافي للبلديات الصربية في كوسوفو. وبدفع من الاتحاد الأوربي، وافقت العديد من حكومات كوسوفو قبل كورتي على ذلك. كان يمكن ان يحقق فوتشيتش انتصارين محليين: يمنح الصرب في كوسوفو حكما ذاتيا، مع عدم الاعتراف باستقلال كوسوفو.  فشلت هذه الاستراتيجية، عندما رفض كورتي قبول المطالب الغربية، بالالتزام بما وافقت عليه حكومات كوسوفو السابقة، وتبنى سياسة المضايقة اليومية للأقلية الصربية.

وفي ضوء ما تقدم فان الحرب واردة مستقبلا، على الرغم من حسابات وتوقيتات المتصارعين المحليين والعالمين، التي لن تكون قادرة دوما على ضبط الإيقاع.

عرض مقالات: