اخر الاخبار

تعيش الأرجنتين مرة أخرى أزمة اقتصادية عميقة مع انهيار العملة وارتفاع التضخم وتراجع الأداء الاقتصادي على غرار أزمة 2001/2002 عندما ظهر شعار “كلهم غادرون” لأول مرة، والذي يتم تداوله الآن مرة أخرى ويغديه الرئيس الجديد اليميني المتطرف خافييز ميلي بخطابه الشعبوي المغرور. لقد قوبل وعد ميلي بإلغاء امتيازات السياسيين بموافقة العديد من الأرجنتينيين، وخاصة بين الشباب الذين ولدوا بعد انتهاء الدكتاتورية (1976-1983) والذين يفتقدون فرص كبيرة للتقدم الاجتماعي.

 ميلي يعلن تغييرات كارثية

وبينما اعترف مرشح الحركة البيرونية ووزير الاقتصاد في الحكومة المنتهية ولايتها ماسا بهزيمته في خطاب بعد اعلان النتائج الأولية. استغرق ميلي وقتًا أطول للوصول: “مساء الخير لجميع الأرجنتينيين الطيبين، اليوم تبدأ عملية إعادة إعمار الأرجنتين”. وأوضح اليميني المتطرف أن هناك تغييرات جذرية وعاجلة على جدول أعماله. وحذر من أنه سيكون قاسيا في مواجهة الاحتجاجات، التي يتوقع انها ستكون عنيفة، وربما تشهد حدوث اشتباكات في الشوارع رداً على تدابير التكيف التي سيتخذها في الأشهر المقبلة، بعد ان يتولى مهام منصبه في العاشر من كانون الأول المقبل خلفا للرئيس المنتهية ولايته ألبرتو فرنانديز.

وشدد ميلي على أن الأرجنتين في ظل حكومته ستحترم الالتزامات التي تعهدت بها، وستحترم الملكية الخاصة والتجارة الحرة. وقال: “لقد انتهى نموذج الانحطاط، ولا مجال للعودة إلى الوراء”، في إشارة الى نهج الرئيسين كيشنر، الذي التزمته حكومات الحركة لمدة 16 عاما من الأعوام العشرين الماضية. واتهم الرئيس المنتخب أسلافه بنقل الأرجنتين من واحدة من أغنى دول العالم إلى المرتبة 130 حيث يعيش 40 بالمئة من السكان في فقر. وعكست تصريحاته غرورا متناهيا: “إذا أعطيتني 20 عامًا، فسنصبح ألمانيا. وإذا أعطيتني 35 عاما، فسنصبح الولايات المتحدة”. على الرغم من أن الدستور الأرجنتيني لا يسمح بأكثر من فترتين متتاليتين في رئاسة البلاد.

وصوت أكثر من 14.5 مليون أرجنتيني لصالح اليمين المتطرف، ما أعطى خافيير ميلي انتصارا واضحا على مرشح الحركة البيرونية الحاكم سيرجيو ماسا. وانتصر الاستياء من الحكومات البيرونية منذ عام 2003 بقيادة الزوجين نيستور وكريستينا كيرشنر، باستثناء السنوات الأربع في عهد النيوليبرالي موريسيو ماكري (2015-2019)، على الخوف من ميلي الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته.

 التماسك الاجتماعي في خطر

وتواجه الأرجنتين تجربة تنطوي على مخاطر كبيرة تهدد التماسك الاجتماعي. وعلى الرغم من ان الرئيس الجديد وحليفه الرئيس اليمني المحافظ الأسبق لا يمتلكان أغلبية مطلقة، فان الأرجنتين لا تستطيع تجنب التكيف الهيكلي الجديد. مع ميلي، ستواجه صعوبات اجتماعية أكبر مما كان عليه الحال مع ماسا. إنّ فقراء الأرجنتين ـ الذين يشكلون 40 في المائة من السكان ـ وقطاعات كبيرة من الفئات الوسطى المتوسطة، المبتلاة بالفعل بالأزمات، يواجهون أوقاتاً أشد صعوبة. وإذا نفذ ميلي مقترحاته بشأن التخفيضات الاجتماعية، فمن المؤكد تصاعد معدلات الفقر والاحتجاجات الاجتماعية. ويظهر مثال بولسونارو في البرازيل وترامب في الولايات المتحدة، حتى بعد رحيل الرؤساء، ظلت النزعة البولسونارية والترامبية قائمة. كما أن ميلي اليميني المتطرف سوف يهدم أسس الديمقراطية الأرجنتينية. وهذا لا يبشر بخير.

 من هو خافيير ميلي؟

المعروف أن ميلي، هو سياسي يميني متطرف يبلغ من العمر 52 عاما ويحمل شهادة في الاقتصاد، يقترح فرض تغييرات جذرية في الاقتصاد والمجال الاجتماعي في الأرجنتين. ووفقا له، لم يتواصل مع والديه اللذين، بحسب ميلي نفسه، عاملاه بقسوة في طفولته.

وباعتباره مؤيدا لدولرة الاقتصاد الأرجنتيني وإلغاء البنك المركزي، دخل ميلي مجال السياسة منذ فترة غير بعيدة - انضم إلى الحزب الليبرالي في عام 2019، ونال عضوية البرلمان في عام 2021، وكان يظهر بشكل دوري على شاشة التلفزيون وفي مناسبات مختلفة كخبير اقتصادي. وبفضل موهبته الخطابية وقدراته الاستعراضية وعمله النشط على الشبكات الاجتماعية، تمكن ميلي من كسب ثقة العديد من الشباب الذين أصبحوا، وفقا لاستطلاعات الرأي، ناخبيه الرئيسيين.

ينتقد ميلي البابا فرنسيس وهو أرجنتيني ويحظى باحترام كبير في البلاد، ووصفه بأنه “ممثل كل ما هو أكثر ضررا على الأرض”، ودعا أحد المقربين من ميلي إلى قطع العلاقات مع الفاتيكان.

ومن مواقفه الغريبة تأييده للمتاجرة بالأعضاء البشرية، حيث قال ذات مرة: “جسدي ملكي، لماذا لا أستطيع التحكم في جسدي؟ هناك الكثير من الأشخاص في الأرجنتين ينتظرون أعضاء المتبرعين، لذلك يجب البحث عن آليات السوق لحل هذه المشكلة”. وهو في ذات الوقت يعارض الإجهاض ويدعو للسماح بحمل السلاح بحرية في بلد ارتفع فيه عدد الجرائم بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.