اخر الاخبار

بعد اسبانيا، نجحت المعارضة البولونية في تشكيل حكومة البلاد الجديدة. ويمثل ذلك نتطور مهما في محاولة إيقاف صعود أحزاب اليمين المتطرف واليمين القومي المحافظ في القارة الأوربية.

لقد انتهى عهد حكومة اليمين القومي المتشدد في بولونيا بعد ثماني سنوات. ورغم أن الحزب المنتهية ولايته احتفظ بموقع الصدارة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الفائت، إلا أنه فشل في تحقيق الأغلبية للبقاء في السلطة، ولم تجدي نفعا محاولته في المماطلة والتسويف واللعب على عامل الوقت. في حين وظف زعيم المعارضة ورئيس الوزراء العائد الى دفة الحكم الوقت للوصول الى اتفاق وتشكيل التحالف الحكومي المطلوب. ولأهمية الحدث بالنسبة للوضع داخل البلاد، تابع البولونيون البث المباشر لجلسة مجلس النواب، حيث ما توفرت الفرصة لذلك.

وفي بداية تشرين الثاني، كلف الرئيس البولندي أندريه دودا، رئيس الوزراء المنتهية ولايته بتشكيل الحكومة، باعتباره زعيم الحزب الحاصل على اكثر الأصوات. وكان واضحا، حتى قبل اعلان النتائج، ان مشاركة الناخبين الواسعة في التصويت، ستقود الى عودة المعارضة للسلطة، لان الناخبين كانوا ينشدون التغيير، وهذا ما حدث.

لقد اكد مسار الاحداث أهمية يوم تغيير السلطة بالنسبة للأغلبية ، حيث الاهتمام الكبير بمتابعة البث المباشر لعملية التصويت داخل البرلمان. وانعكس هذا أيضا في مشاركة البث المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا ارتفاع عدد مشاهدي قناة البرلمان على موقع يوتيوب. لقد كان العدد قبل الانتخابات 40 ألف متابع فقط، وأصبح حاليا 535 ألفًا.

وفور انتخابه وجّه رئيس الحكومة البولندية الجديدة المؤيد للاتحاد الأوروبي دونالد توسك الثلاثاء غداة انتخابه، رسائل قوية عدة في خطابه حول السياسة العامة، مؤكداً عودة بلاده إلى الساحة الأوروبية، ودعمه لأوكرانيا في حربها ورغبته في إعادة بناء المجتمع الوطني المنقسم بشدة.

ووعد توسك بحل النزاع على الحدود مع أوكرانيا بعدما أغلقها سائقو شاحنات بولنديون منذ شهر احتجاجاً على منافسة غير عادلة من شركات الدولة المجاورة. وشهدت علاقات البلدين أزمة خطيرة جراء الإغلاق، الذي جرى في عهد الحكومة السابقة غير الراضية على الاتحاد الأوربي، ومختلفة مع موسكو.

اتحاد أوروبي قوي

وفي حديثه أمام مجلس النواب، قال توسك أيضًا إنه سيعيد لبولندا مصداقيتها وإنها ستعود «إلى مكانها» في الاتحاد الأوروبي.

وأضاف توسك «نكون أكثر قوة، وأكثر سيادة، ليس فقط عندما تكون بولندا أقوى، ولكن أيضاً عندما يكون الاتحاد الأوروبي أقوى». وشهدت علاقات الحكومة السابقة مع بروكسل، اضطرابات

ووعد توسك بإعادة بسط سيادة القانون في بلاده التي شكلت مصدر خلاف عميق بين وارسو وبروكسل. وقد اتهمت بروكسل الحكومة الشعبوية القومية بتقويض الاستقلال والعدالة. واختار توسك لمنصب وزير العدل، الوسيط البولندي السابق لحقوق الانسان آدم بودنار الذي سُمي بـ «ضامن الاستقلال». وكانت بروكسل قد دانت أيضاً تراجع احترام سيادة القانون، وعرقلت الإفراج عن أكثر من 35 مليار يورو كانت مخصصة لبولندا من ميزانية الاتحاد الأوروبي.

وقال توسك الذي تولى رئاسة مجلس الوزراء من العام 2007 حتى 2014 ورئاسة المجلس الأوروبي من 2014 إلى 2019 «نعم، سأحصل من بروكسل على هذه المليارات التي طال انتظارها».

وقال «إنه يوم عظيم لكل الذين آمنوا طوال سنوات عدة بأن الأمور ستتحسن وبأننا سنطرد الظلمات والشر»». وتابع «اعتبارا من الغد، سنكون قادرين على تصحيح الأخطاء، بحيث يشعر الجميع أنهم في وطنهم في بولونيا».

ردا على توسك اعتبر زعيم حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي ياروسلاف كاتشينسكي أن خصمه «عميل ألماني».

وهنأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الاثنين توسك، وكتبت على موقعها في «اكس» «أتطلع إلى العمل معك». وأضافت «إن خبرتكم والتزامكم القوي بقيمنا الأوروبية سيكونان ذا قيمة في بناء أوروبا أقوى».

تصحيح كل الأخطاء

وبغياب حصول أي مفاجآت، من المتوقع أن يؤدي رئيس الوزراء الجديد اليمين الدستورية صباح الأربعاء.

ويتكون التحالف المؤيد للاتحاد الأوروبي من «الائتلاف المدني» الوسطي و»الطريق الثالث»، واليسار. يشغل التحالف الحكومي 248 مقعداً في الغرفة السفلى للبرلمان، مقابل 194 مقعداً لحزب القانون والعدالة القومي المحافظ، و18 مقعداً لحزب «الكونفدرالية» (يمين متطرف)، من بين 460 مقعداً.

وأعرب الزعيم التاريخي لحركة التضامن النقابية ليخ فاونسا والحائز على جائزة نوبل والمعروف بانتقاده لحزب القانون والعدالة، الاثنين عن «سعادته بعودة بولندا إلى طريق التنمية».

وينتظر من هذه الحكومة المستقبلية المؤيدة لأوروبا القيام بخطوات كبيرة، علماً أن القوميين الشعبويين سيمثلون معارضة قوية لها، وسيواصلون سيطرتهم على العديد من مؤسسات الدولة.

ويتحدث محللون عن «شبكة عنكبوت» نسجها حزب القانون والعدالة حول الدولة، ويزيد من قوتها استمرار ولاية دودا الرئاسية حتى العام 2025 ما يمكّنه في أي لحظة من عرقلة قوانين يقرها البرلمان.