اخر الاخبار

يعاني طلبة الدكتوراه العراقيون المبتعثون إلى الجامعات التركية، صعوبات دراسية ومعيشية كبيرة. فبينما يُستعصى عليهم إكمال كورساتهم الدراسية خلال مدة الدراسة المقررة، والبالغة 4 سنوات، يواجهون صعوبة كبيرة في تأمين متطلبات معيشتهم، نظرا لقلة رواتبهم مقابل الغلاء المعيشي في تركيا.

وينتسب هؤلاء الطلبة إلى 12 جامعة تركية محددة من قبل دائرة البعثات والعلاقات الثقافية العراقية. وقسم منهم مجاز دراسيا من وزارات وهيئات مختلفة، وقسم آخر مبتعث بشكل مباشر من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

ويذكر عدد من الطلبة لـ “طريق الشعب”، ان دراستهم تزامنت مع فترة جائحة كورونا وما تخللها من معرقلات دراسية وحياتية، مبينين أن الدراسة لم تتوقف بصورة رسمية في تركيا، إلا انه تم حظر التجوال لأكثر من مرة، ما عرقل تواصل الطلبة مع جامعاتهم وتأخير تعيين مشرفين لهم لتخوف الجميع حينها من الإصابة بالفيروس. 

وعن صعوبات الدراسة التي تواجههم، من حيث الكورسات والامتحان الشامل والبحوث، يوضح الطلبة أن من متطلبات التخرج هو تحقيق 240 نقطة وفق النظام الأوربي (AKTS) المعمول به في تركيا، وان كورساتهم الدراسية يبلغ عددها 8 كورسات يضاف إليها الامتحان الشامل، وعند تجاوز الكورسات والامتحان، يحصلون على 100 نقطة. وفيما إذا أرادوا بلوغ الـ240 نقطة، سيتطلب منهم الدراسة لـ5 فصول أخرى.

ويتابع الطلبة أنه في كل فصل من الفصول الـ5 يحق للطالب تقديم بحث واحد، وإذا تم قبوله سيُمنح 30 نقطة، وبعدها يحق له العبور إلى الفصل السادس كي يجري المناقشة النهائية، مبينين أن الجامعات التركية عندما زودتهم بكتب القبول الدراسي، ذكرت أن الفترة المتوقعة للتخرج هي 6 سنوات كحد أعلى، بينما تبلغ مدة الدراسة المقررة من دائرة البعثات 4 سنوات تضاف إليها فترة تمديد تبلغ سنة واحدة كحد أعلى، يصرف خلالها الراتب للطالب. أما اذا تطلب منه تمديد فترة الدراسة سنة أخرى، فهنا عليه أن يدرس على حسابه الخاص. إذ ينقطع عنه الراتب في ظل أوضاع معيشية صعبة تشهدها تركيا.

ويطالب الطلبة بتمديد فترة الدراسة من 4 إلى 5 سنوات، تضاف إليها سنة تمديد يصرف فيها الراتب أيضا، ليصبح المجموع 6 سنوات، كي يتسنى لهم إتمام دراستهم، أسوة بالطلبة العراقيين المبتعثين إلى ماليزيا، الذين كانت فترة دراستهم محددة بـ3 سنوات إضافة إلى سنة تمديد، وبعدها مُددت الفترة لهم إلى 4 سنوات يضاف إليها تمديد لسنة أيضا.

غلاء معيشي ورواتب قليلة

ويشكو الطلبة من غلاء الأسعار في تركيا، ومن مشكلات تتعلق بسعر صرف الدولار، مشيرين إلى ان رواتبهم تصلهم بالعملة العراقية، ووفق سعر الدولار الرسمي المحدد من البنك المركزي العراقي، والبالغ 1310 دنانير للدولار الواحد. وفي تركيا يتطلب منهم تحويل العملة العراقية إلى الدولار، وهنا عليهم أن يشتروه بسعر السوق الموازية وأعلى منه أحيانا، أي أكثر من 1500 دينار مقابل الدولار الواحد. بينما يسحب قسم من الطلبة رواتبهم بالدولار من البنوك التركية، وهذه تفرض عليهم رسوما إضافية، ما يجعل سعر الصرف أعلى من المحدد. 

ويؤكد الطلبة أن تركيا اليوم تشهد غلاء معيشيا فاحشا، والذي على اثره تم تحويل رواتب جميع موظفي السفارة العراقية هناك إلى الفئة (أ) تماشيا مع الغلاء، في حين بقيت رواتب طلبة الدراسات العليا ضمن الفئة (ب).

من جانبه، يتحدث أحمد سامي، وهو طالب دكتوراه في جامعة يلدز في إسطنبول، عن معاناته المعيشية وعائلته في تركيا، مبينا ان لديه 4 أطفال في عمر الدراسة، تطلب منه تسجيلهم في مدرسة عراقية، وهذه بعيدة عن محل سكنه. ويتابع قوله لـ “طريق الشعب”، انه بسبب عدم قدرته على تأمين أجور نقل أبنائه في الباص المدرسي، اضطر إلى نقلهم عبر المواصلات العامة.

ويقول: “تخيلوا اطفالا يستقلون النقل العام، ينزلون من باص ويصعدون في ترامفاي، ثم ينزلون منه ويصعدون في مترو، كي يصلوا إلى مدرستهم. وهذا الأمر يتكرر يوميا ذهابا وإيابا.. تخيلوا معاناة هؤلاء الأطفال”!

فيما يقول الطالب فرج خلف فريح، وهو أيضا في جامعة يلدز، أن هناك ارتفاعا فاحشا في أسعار إيجارات المنازل، مبينا أنه في العام 2020 استأجر منزلا ببدل إيجار يبلغ 300 دولار شهريا، تضاف إليه أجور الماء والكهرباء والغاز، ليصل المبلغ النهائي إلى 500 دولار، أما اليوم، وفي ظل أزمة الغلاء، فقد ازدادت تكلفة الإيجار وبلغت 700 دولار.

وفي أنقرة لا يختلف الأمر عما في إسطنبول. إذ يقول الطالبان في جامعة غازي، مهند الشلاه وعمر صكبان، أن رواتبهم لم تعد تكفي لتأمين متطلبات معيشتهم وعائلاتهم، مبينين أنه بسبب الغلاء قامت وزارة الخارجية بزيادة رواتب موظفي السفارة العراقية في تركيا وتحويلها من الفئة (ب) إلى الفئة (أ)، في حين لم تقم وزارة التعليم العالي بذلك.

فترة الدراسة غير كافية

يتحدث الطالب سلمان العقيلي لـ “طريق الشعب” عن عدم كفاية فترة الدراسة المقررة من دائرة البعثات، مشيرا إلى ان الجامعات التركية تشترط على الطالب تجاوز امتحان شامل لـ12 درسا، وهذا الأمر يتطلب منه جهدا كبيرا ووقتا أطول من الفترة المقررة.

ويضيف قوله، أنه في بداية دراستهم باغتتهم جائحة كورونا، ما أبطأ سير العملية الدراسية، لافتا إلى ان هناك جامعات في دول أخرى نظام الدراسة فيها بحثي، وبالرغم من ذلك، جرى تمديد فترة دراسة الطلبة العراقيين فيها.

وينوّه العقيلي إلى انهم يدرسون في تركيا اختصاصات مهمة غير موجودة في العراق وفي كثير من الدول، وانهم سبق وان طالبوا بتمديد فترة دراستهم، لكن طلبهم لم يلق استجابة من جميع الوزارات، مبينا أن “الراتب الذي يصرفه العراق للطالب، يشمل فقط مدة الدراسة المقررة من دائرة البعثات، والبالغة 4 سنوات وسنة تمديد، أما إذا احتاج إلى أن يدرس سنة أخرى، فلن يحصل على راتب. وتصوروا معي، كيف سيتمكن الطالب من إتمام دراسته في ظل غياب الدعم المالي مقابل الغلاء المعيشي؟!”.

تكاليف العلاج باهظة

ويتحدث العقيلي عن مشكلة أخرى تواجههم في تركيا، وهي ارتفاع تكاليف العلاج في المستشفيات، مؤكدا أن علاج أبسط مرض يكلّف نحو 250 دولارا وأكثر أحيانا، الأمر الذي يثقل كواهلهم.

ويلفت إلى ان الطلبة يدفعون رسوم التأمين الصحي إلى الدولة، لكن هذا التأمين روتيني يُدفع كشرط للحصول على الإقامة. بدوره، يتحدث الطالب أحمد عايد عن مشكلة سعر صرف الدولار، مبينا لـ “طريق الشعب” ان هذه المشكلة أرهقتهم كثيرا. إذ يشترون ورقة المائة دولار بـ152 ألف دينار عراقي. ويطالب عايد بتحويل رواتبهم إلى الفئة (أ)، مع وضع صرافات آلية في أنقرة وإسطنبول، تصرف الدولار للطلبة العراقيين بالسعر الرسمي، من خلال الـ “كريدت كارد”، بدل أن يضطروا إلى شرائه بسعر السوق الموازية.

عرض مقالات: