اخر الاخبار

بعد 22 عاما من حكمه، وعلى خلفية تدهور اقتصادي مستمر فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه (حزب العدالة والتنمية الإسلامي) في تحقيق اي نجاح في الانتخابات المحلية برغم الوعود المتكررة، ومع تراجع الحريات في ظل قبضة الرجل الواحد.

خسر حزب العدالة والتنمية كلّ المدن الكبرى في تركيا بما فيها إسطنبول وأنقرة وأزمير وأنطاليا وطبعا ديار بكر، أكبر مدن كردستان تركيا، وخسر بعض معاقله التاريخية الحصينة جدا.

ولأول مرة في تاريخه يتراجع إلى المركز الثاني بعد حزب الشعب الجمهوري بزعامة أوزغور أوزيل، الذي حصد المركز الأول وبفارق أصوات كبير عن العدالة والتنمية.

وكانت نتائج الانتخابات في الإطار العام كما يلي: حزب الشعب الجمهوري (كماليون): 37.16 في المائة. حزب العدالة والتنمية الاسلامي: 36 في المائة. حزب المساواة خلف حزب الشعوب الديمقراطي: 5.93 في المائة. وحزب الرفاه الجديد الإسلامي، امتداد لحزب السياسي التركي اربكان: 5,68 في المائة.

وفي أول كلمة له بعد ظهور النتائج، اعترف أردوغان بالخسارة دون ان يخفي غضبه من الكرد، مؤكدا استمرار عملياته ضد حزب العمال الكردستاني، في أعقاب الهزيمة الثقيلة في إسطنبول التي جاءت بسبب دعم الناخبين الكرد لمرشح الشعب الجمهوري أكرم امام اوغلو.

اردوغان، شدد على مواصلة مكافحة الارهاب في العراق وسوريا وشن مزيد من العمليات الهجومية، في اشارة الى عدم نيته اعادة إطلاق عملية السلام مع الكرد.

حزب المساواة الكردي، خلف حزب الشعوب الديمقراطي، الذي جرى حظره قبيل الانتخابات النيابية العامة الأخيرة، نجح في استعادة غالبية المدن الكردية، وبقي الحزب الثالث في تركيا برغم محدودية دعايته والماكينة الحكومية القومية التركية في تجريمه ورغم وجود اغلب قياداته وعشرات الآلاف من انصاره في السجون بتهمة الإرهاب.

واكدت نتائج الانتخابات فشل سياسات القمع والفصل العنصري والحرب المنظمة ضد الشعب الكردي. كذلك اعتقال رؤساء البلديات المنتخبين ديمقراطيا وتعيين حكام للمدن بمراسيم قسرية. لقد مارس اردوغان كل اشكال القمع ووظف ماكينة الدعاية الدينية، والمال السياسي، لشق صفوف السكان في المدن الكردية، وحاول تحويل التنوع القومي والثقافي في المنطقة الى سلاح لهزيمة معارضيه. لكن نتائج الانتخابات المحلية اكدت من جديد فشل هذه السياسات وإمكانية هزيمتها.

وتراجع القوميون الأتراك بشكل واضح، بعموم الأحزاب التي تمثلهم، وخسروا ملايين الأصوات، فيما ظهر لاعب اسلامي جديد وبقوة ادهشت المراقبين هو حزب «الرفاه الجديد» بزعامة محمد علي فاتح أربكان، وهو نجل الزعيم السياسي السابق اربكان مؤسس حزب الرفاه الإسلامي. والتطور الأخير يعكس انقسام معسكر الإسلام السياسي في تركيا بوضوح، لأسباب كثيرة، لعل أكثرها راهنية غضب أوساط واسعة في عموم البلاد وفي أوساط الإسلام السياسي على موقف اردوغان من حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في غزة. بالإضافة الى افتضاح نفاق حكومة اردوغان، ارتباطا بالصادرات التركية الهائلة لدولة الاحتلال الصهيوني.

وتمثل نتائج الانتخابات تمرينا مهما لقوى المعارضة التركية على تنوعها، لخوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة في 2024 والتي قد يكون أحد مرشحيها الرئاسيين رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، لا سيما أن الحزب الحاكم قد يخوضها بدون أردوغان، حصانه الرابح في كل الجولات الانتخابية السابقة. يبقى السلاح الأمضي لإزاحة حزب العدالة والتنمية الإسلامي من السلطة، واستعادة علمانية الدولة والعمل على تعزيز الملامح الديمقراطية المعاصرة المتوفرة فيها، هو الوصول الى أوسع تحالف معارض، على أساس برنامج الحد الأدنى.