اخر الاخبار

اتخذت الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الـ 65 المنعقدة سنة 2010، بعد دراسة ومناقشة لظاهرة الاختفاء القسري او الاختطاف في العديد من البلدان وفي ظل العديد من الانظمة السياسية، اتخذت قرارها المرقم 209 باعلان  30 آب من كل عام يوما عالميا لضحايا الاختفاء القسري. وفي السنة التالية 2011 تم بالفعل احياء هذا اليوم لاول مرة، تعبيرا عن الادانة للجرائم التي تقترف ضد الاشخاص الذين لا يستطيعون حماية انفسهم من الاختطاف.

ولقد عانى العراقيون من المناضلين ضد انظمة واجهزة القمع والارهاب ومن النشطاء والمعارضين، ما عانوا على هذا الصعيد وما زالت تقترف جرائم التغييب بحقهم وضد المحتجين والتظاهرين، بأياد متنوعة المقاصد والاهداف والحسابات. فتلك لها اذرع لأجهزة حكومية وغيرها تتبع مجموعات مسلحة او تأتمر بأوامرعصابات الجريمة المنظمة، وتقترف بجرائم الاختطاف والتغييب او الاحتجاز غير القانوني .

وكان النظام المباد  قد اخفى الآلاف من المناضلين في اماكن مجهولة او واراهم التراب في المقابر الجماعية، ولم يعلم أهاليهم بما تعرضوا له الا بعد سنين من تغييبهم. وظلت جرائم الاختطاف تمارس حتى غداة التغيير سنة 2003، خاصة في سنة 2006 وما بعدها،. كما لم تنقطع خلال تحرير المدن التي استولى عليها تنظيم داعش، في سنوات 2014- 2017 وما بعدها. وكم اطلق اهالي المناطق التي سيطر عليها داعش خلال عمليات تحريرها، من نداءات بشأن وجود عشرات الآلاف من المغيبين، الذين لم يتم الافصاح عن اعدادهم رسميا، بل وغالبا ما يتم انكار وجودهم.

الموقف الدولي من جريمة الاختفاء القسري

وبالنظر الى اعتبار جريمة الاختفاء القسري جريمة مركبة، يرتبط بها غالبا ارتكاب جرائم اخرى مثل التعذيب، وعدم الافصاح عن مكان وجود المختطف، ومحاولة محو الصفة القانونية للمختطف، واحتجازه في اماكن غير رسمية دون الافصاح عنها. كذلك ترتبط بالاختطاف في الغالب جريمة القتل العمد . لذلك اخذت جريمة الاختفاء القسري طابعا عالميا، وعلى هذا الاساس شرّعت الامم المتحدة سنة 1992 “الاعلان العالمي لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري” كما جرى التوقيع في سنة 2006على “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري”. وقد صادق العراق على هذه الاتفاقية سنة 2010.

الاختفاء القسري للمحتجين

منذ 2010 تصاعدت وتائر الاحتجاجات على تدهور الخدمات وسوء اوضاع المعيشة وقضم الحريات الدسنورية.  وجسدت تظاهرات شباط 2011 معارضة شعبية واسعة شارك فيها الشباب وكبار السن من مختلف فئات المجتمع العراقي. وجاء رد الفعل الحكومي عليها شديدا في اساليبه القمعية، بما فيها الاختطاف. وقد تم بالفعل تغييب 4 شباب لدى وصولهم الى ساحة ااتحرير في بغداد، ولم يطلق سراحهم الا تحت ضغط الاحتجاجات. ثم قامت عناصر تنتمي الى الاجهزة الامنية ذاتها بعد ذلك بتغييب سبعة شبان آخرين اختطفتهم ليلا من منطقة البتاويين في بغداد.

وبقيت جرائم الاختطاف ترتكب خلال السنوات اللاحقة، وتُذكر في هذا السياق جريمة اختطاف الصحفية والناشطة افراح شوقي من منزلها اواخر 2016، والتي ادى الاستنكار الواسع لها  والتضامن مع ضحيتها الى اجبار الخاطفين على اعادة الحرية لها بعد 9 ايام من اختطافها.

ومع انفجارمظاهرات تشرين الاحتجاجية في تشرين الاول 2019، انتعشت جريمة الاختطاف والاختفاء القسري على ايدي مجموعات متنوعة ذات علاقة قريبة او بعيدة بالاجهزة الحكومية. وقد اختطفت هذه المجموعات عديدا من المحتجين والناشطين قبل الانتفاضة وخلالها وبعدها، ممن لم تحصل منظمات حقوق الانسان ولا ذووهم على اجابات بشأنهم وعن اماكن وجودهم ومصائرهم، ومنهم جلال الشحماني سنة 2015، واعي المنصوري 2015 ، الصحفي مازن لطيف سنة2020، الكاتب والصحفي توفيق التميمي 2020.

واليوم وفي هذه المناسبة العالمية الخاصة بالمختفين قسرا او المختطفين، ندعو بالحاح الى:

* الكشف عن مصائر المختطفين والمغيبين في السنوات الماضية واطلاق سراحهم، والكشف عن التحقيقات الخاصة بجرائم الاختفاء القسري .

* محاسبة المسؤولين عن جرائم الاختفاء القسري مهما كانت مراكزهم السياسية او الحكومية.

*اصدار قانون حماية الاشخاص العراقيين من الاختفاء القسري وتعويضهم هم او عوائلهم.

عرض مقالات: