اخر الاخبار

ضيّف منتدى “بيتنا الثقافي” في بغداد، السبت الماضي، د. حسان عاكف، الذي تحدث في جلسة حوارية بعنوان “انتفاضة آذار 1991 – مشاهدات ميدانية”.

حضر الجلسة عدد من قياديي الحزب الشيوعي العراقي، إلى جانب العشرات من الشيوعيين وأصدقائهم.  د. عودة الحمداني أدار الجلسة وافتتحها بالإشارة الى ان الضيف ينحدر من عائلة مناضلة قدمت شهداء في ميادين النضال السياسي والكفاح المسلح، فضلا عن كونه سياسيا مرموقا وشخصية معروفة على المستويين الاجتماعي والعلمي.  وفي بداية الحديث تطرق د. عاكف إلى الانتفاضة من حيث قواها المحركة والاخفاقات التي سببت فشلها لاحقا، مشددا على “أهمية أن تحظى هذه المحطة الثورية باهتمام أكبر، وأن تكون ضمن أوراق عمل المؤسسات أو الشخصيات الأكاديمية والبحثية والسياسية، كونها لم تنل ما تستحقه من المتابعة والدراسة والكتابة”. وأشار إلى أن بداية الانتفاضة كانت في البصرة، حيث انطلقت في أول أيام آذار 1991 ارتباطا بوصول العسكريين العائدين من الكويت، بعد كل ما شهدوا من قصف وموت اثناء انسحابهم سيرا على الأقدام، إثر شهور من العناد والتعنت الفارغين اللذين أبداهما الدكتاتور صدام حسين، مبينا أن الانتفاضة انتقلت لاحقا إلى غالبية المدن والمحافظات.

ورأى أن “خصوصية الانتفاضة تأتي من كونها حلقة ضمن سلسلة مدمرة انتجها النظام الدموي. فهي ليست بعيدة عن آثار وأهوال الحرب العراقية - الإيرانية، وهي نتيجة للغضب الشعبي والشعور بالمرارة”، مشيرا إلى انها توسعت خلال 24 ساعة في مناطق البصرة، وانتقلت إلى مشارف بغداد من جهة بابل، مرورا بذي قار وميسان والديوانية والنجف وكربلاء، حتى محافظة واسط التي كانت الأحداث فيها اقل حدة.

وتابع د. عاكف قوله أن الانتفاضة في يومها الخامس وصلت إلى مدن كردستان، وتحديدا إلى قضاء رانية في السليمانية، وبين اليومين السادس والسابع وصلت إلى مدينة السليمانية ذاتها ثم إلى منطقتي كويسنجق وشقلاوة، لتتفجر يوم 11 آذار في أربيل، بعد أن كانت هناك محاولات محدودة يوم 6 آذار، مضيفا ان الانتفاضة واصلت زحفها نحو مناطق الشمال، لتصل يومي 12 و 13 آذار إلى دهوك، وتعود إلى كركوك بين يومي 20 و 21 من الشهر.

ولفت إلى أن الأهالي في قضاء رانية شاهدوا عند مطلع آذار انسحاب العسكريين وتركهم السلاح وتوجههم سيرا على الاقدام صوب الجنوب، الأمر الذي شجع المواطنين على التحرك، منوها إلى وجود تنظيمات حزبية في المنطقة، بضمنها تنظيم الحزب الشيوعي العراقي الذي باشر رفاقه التحرك واستبقوا الأحداث.

وأشار إلى ان “الأجواء آنذاك نضجت، وحصل المنتفضون على السلاح وهزموا قوات الأمن بعد معارك دامت حوالي 6 ساعات، وكان من المشاركين الأساسيين فيها الرفيق الشهيد سعدون ودلشاد وحمودي عبد محسن وهوكر وآخرون، حيث سيطروا على المحافظة يوم 11 آذار”.

دهوك وكركوك

ولفت المتحدث إلى أن المنتفضين اعتقدوا بأن كركوك بحاجة إلى اشعال الشرارة فيها من خلال المبادرة، حيث تم الاتفاق بين ممثلي الأحزاب والعسكريين والمدنيين المنتفضين على تحشيد قوات بيشمركة من محورين. واكتملت الاستعدادات بين يومي 18 و 19 آذار، قبل أن يواجه المنتفضون مقاومة داخل المدينة قادها عزت الدوري، لكنه هُزم مع قواته يوم 20 آذار، ودخلت القوات المحررة إلى المدينة، ورافق ذلك قيام الحزب الشيوعي العراقي بفتح عدد من المقرات لتنظيماته داخلها.

وقرأ د. عاكف سطورا مما كتبه القائد الشيوعي توما توماس عن الانتفاضة. إذ يشير الى الدور الذي لعبه الشيوعيون فيها، وإلى التنسيق بين منظمات الحزب في نينوى ودهوك، فضلا عن تطورات الاحداث التي اسفرت عن دخول المنتفضين يوم 12 آذار الى زاخو، والادوار البطولية أثناء ذلك للرفاق صبحي خضر، صباح كونجي، مختار سردار، ميخا، سعيد دوغاتي ورمضان حسن.

ولفت المتحدث إلى ان القائد توماس استعرض في ما كتب، طبيعة ما جرى في عموم مناطق الاقليم، التي شهدت انتفاضة كبيرة ومدوية تستحق الوقوف عندها ودراستها باستفاضة.

كذلك ألقى الضوء على أبرز اسباب انتكاسة الانتفاضة، ومنها التحول من الهجوم إلى الدفاع، والعفوية المطلقة في ادارة شؤونها، وعدم توحيد قياداتها، فضلا عن انعدام وسائل التواصل بين المنتفضين، والمواقف الامريكية السلبية والمضللة تجاه الشعب العراقي.

وخلال الجلسة طرح العديد من الحاضرين أسئلة ومداخلات، عقّب عليها المتحدث بشكل وافٍ.

وفي الختام، قدم عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق د. علي مهدي، شهادة تقدير الى د. حسان عاكف.