ولدت الشهيدة عبلة عبد جزعول في بيت وطني تشبع بالمبادئ اليسارية.
هي أخت الشهداء هادي وعادل وسعدي، هؤلاء الثلاثي الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حزبهم العظيم فكانوا مثالا يقتدى به للثبات والبطولة والتحدي.
عبلة ذلك الاسم الذي بقي عالقاً في ذاكرتي منذ خمسين عاما تعرفت عليها زميلا لها في (اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية) عام ،١٩٧٣ كنا طلبة في إعدادية التجارة المركزية في بغداد وتواصلنا في العمل. كانت شابة بعمر الورد، فتاة جميلة سمراء البشرة عسلية العينين واثقة الخطى شديدة، لا تتساهل اطلاقاً في التزاماتها التنظيمية، كادرا من الطراز الفريد، بنت قاعدة تنظيمية واسعة في الإعدادية، تتنقل من منطقة إلى أخرى بكل ثقة وأيمان بقضيتها التي نذرت حياتها لها.
كنت قريبا جداً منها لدرجة أننا نلتقي في أوقات فراغنا في اتحاد الادباء أو نادي التعارف أو مسرح بغداد ومسرح ال (٦٠) كرسي نتبادل أفق مستقبلنا القادم بكل حرص وأمل.
وتستمر الأيام بنا ونحن نعمل وهي لا تمل أو تكل من عملها الذي أحبته وأبدعت به وتشتد الحملة الشرسة في عام ١٩٧٨ / ١٩٧٩ كنت في وقتها طالباً في الإدارة والاقتصاد في الموصل وهي تخرجت من الاعدادية وعينت في مصرف الرافدين فرع الاعظمية، كنت حين أكون في إجازتي نلتقي سراً بعد أن اشتدت الهجمة البربرية على الحزب، نلتقي في المكتبة الوطنية أو في إحدى السينمات وكانت تحمل البريد في حقيبتها في ظرف لا يرحم، كنت أشير إليها بأن تكون حذرة جداً في ظل هكذا ظروف، كانت تطمأنني أن لا أخاف عليها وأنها تحسب الحساب لكل شيء.
في عام ١٩٧٩ يداهم الأمن بيتهم وتعتقل مع أخوتها الثلاثة، وكنت في وقتها قد تركت الكلية مختفيا في محافظة السليمانية (رانية) مع رفاق معي في الكلية.
كانت عبلة شابة طموحة تحلم بحياة حرة كريمة تحلم كأي فتاة أن يكون لها مستقبل زاهر تكمل دراستها والتوجه لبناء عالمها الخاص بها في تكوين أسرة وأطفال في وطن يحميها من كل أذى، لكن العملاء المجرمين قد عزموا الأمر على تهديم كل ما هو وطني في شن حملتهم الشعواء على الحزب الشيوعي العراقي واستخدموا كل الوسائل الخبيثة في محاولة القضاء على الحزب.
كانت عبلة واحدة من بنات الوطن البطلات ضحت بحياتها دون أن تعطي اعترافا واحدا عن رفاقها، استشهدت بأبشع أنواع التعذيب وبقت صامدة حتى استشهادها ولم يعرف في أي مكان تم دفنها مع أخوتها رفاقها الثلاثة لحد هذه اللحظة.
ظهر أسمها في قائمة تضم ١٦٧ شهيدا تم اعدامهم من قبل النظام الدكتاتوري الفاشي بعد سقوطه عام ٢٠٠٣.
سلاما لك عبلة عبد جزعول وللشهداء أخوتك الثلاثة الأبطال والموت للفاشست الخونة العملاء.