اخر الاخبار

ليس بغريب على احد في الشرق والغرب ان الحكايات العربية وادب الرحالة والسيّر من المصادر المهمة في الادب، وهي ترفد اغلب الكتاب بأسلوب القص والمتن الحكائي الذي تأثر به العديد منهم، وهذا ما يؤشر ان لدينا الرصيد الكافي في امتلاك هذه الحرفة، ولكن مع مرور الأزمان وتعاقب الأحداث والمتغيرات، تتعرض ظاهرة الأدب والكتابة إلى مستويات متباينة بين مرحلة واخرى، وعالمنا اليوم وفي ظل التطورات التقنية الحديثة في الكتابة وطرائق السرد، يقودنا إلى المواكبة والتأقلم مع الحداثة وما بعد بعدها، كي تصل رسالتنا إلى العالم  باجناس الكتابة والفن والادب والجمال  وبنكهة عصرية متحضرة ، ولهذا علينا الارتقاء بفن الكتابة، وعلم السرد، والتي نرى فيها الكثير من المسوغات اللازمة للاهتمام بهذا الحقل الابداعي المهم، وما نسعى اليه هو ان نشتغل على وفق مناهج علمية معرفية عالية المستوى في التعلم والاشتغال مع الاخذ بعين الاهتمام ان الموهبة والمهارات الابداعية العالية هي الغذاء الرئيسي المرافق لاصول تعلم الحرفة  ، وان تأسيس معهد عال متقدم لدراسة السرد علما وفنا ومنجزا جماليا، اعتمادا على اجناس الأدب ومدارسه وأساليبه وتأريخه، فضلا عن الوسائط التعبيرية الجمالية المختلفة في السينما والدراما وعموم الفنون البصرية، والى مستوى ان يكون مرجعا سرديا كبيرا وخزانة واسعة لانواع مهمة من نوادر النصوص السردية المتكاملة، وبما يتطلب الكثير من الدعم والاهتمام والتطوير، سيما وان المعروف، ان مستوى المنجزات البصرية في السينما والتلفزيون محليا، هي الاقل والأدنى، إذا ما قورنت مع  منجزات الدول المجاورة.. ذلك ما نعتقده خطوة أولى تمهيدية لبناء الصرح الأكبر وهو المعهد العالي للسرد العربي، الذي يتطلب برنامجا عربيا محكما، بكل أشتراطاته المؤسساتية ونظامه الداخلي ومفردات مناهجه العلمية والمعرفية والتعليمية، بأسلوب ا مميز ومعاصر، فضلا عن ما يلحق به من ورش وبرامج تطبيقات عملية لبناء كوادر ماهرة في الكتابة والسرد وفن كتابة السيناريو، واللغة البصرية.. وفي التداول المتواصل مع الاستاذ الدكتور عبد الله ابراهيم، استاذ النقد والسرد والباحث والمؤلف المعروف بموسوعة السردية العربية، رحب كثيرا بالفكرة المقدمة، ويبدو انه كان يحمل منذ زمن مبكر ذات الهم والاهتمام، لاحياء ونماء هذا المفصل المهم في الثقافة العربية، اذ ذكر انه دعا إلى تأسيس (جماعة الدراسات السردية) الذي طرحه في ملتقى السرد العربي الرابع الذي عقد في عمان حزيران 2014 والذي قرأ فيه البيان التأسيسى الأول، والذي أكد  على صياغة الإطار المنهجي لدراسة وتحليل الظاهرة السردية، مع تكوين معجم سردي يغذي العملية النقدية وفقا للمستويات الاسلوبية والبنائية والدلالية، والتي تتوفر فيها السمات السردية، شفوية ام كتابية ام رقمية.وقد اقتطعنا جزءا من مضمون البيان الذي نشر في “الحياة” اللندنية في 23/6/2014 الذي أكد على :

(وبالإجمال تتطلّع الجماعة إلى صياغة تصور منهجي للدراسات السردية العربية، يحافظ على القيمة الأدبية والاجتماعية للنصوص السردية، وتسعى إلى رسم الملامح العامة للسردية العربية بوصفها وتحليلها وتأويلها بطرائق منهجية دقيقة، وهي جماعة عابرة للحدود الجغرافية لأنها تتطلع إلى دراسة الظاهرة السردية العربية وعلاقاتها بالسرديات الأخرى، ولا تشترط الجنس أو اللغة أو البلد فيمن ينخرط فيها كونها جماعة ثقافية- نقدية مستقلّة تعنى بتجديد الدرس السردي، وبتوسيع زوايا النظر إلى الظاهرة السردية بدلالتها العامة لتشمل السرود الأدبية والتاريخية والدينية في الثقافة العربية، فضلاً عن الاهتمام بالعناصر السردية في الشعر والسينما والمسرح وسائر أشكال التعبير الأخرى. وتنطلق في كل ذلك من مرونة في طبيعة العمل النقدي بالانفتاح على التجارب النقدية في العالم).. ذلك ما يزيد من فاعلية الاشتغال في المفصل الأكاديمي في عموم الجامعات مع التنسيق مع مراكز الأبحاث ودور النشر والاتحادات الادبية  والمؤسسات الفنية التي تعنى بالكتابة والنص والخطاب، الطامحة إلى تأسيس هوية مستقلة للسردية العربية بأفاق واسعة لا حدود لها.

عرض مقالات: