اخر الاخبار

منذ معرضه الأول عام ١٩٨٣ وحتى آخر معرض مشترك تحولت رسومات الفنان منعم الحيالي من الواقعية والمواضيع الشعبية الريفية وفتيان الكد اليومي إلى الانطباعية التعبيرية بألوانها الحارة وشخوصها الرمزية التي تنقسم الى الإنسان بغياب ملامح الوجوه ،والى عطايا الطبيعة بسمكها وخضرتها اليانعة مستعينا بالتنقيط الذي يتجمع لإضفاء أشكال تعبيرية تعيش وسط الوان مشتبكة تعطي انطباعا مبهجا ومنفتحا على الحياة . هنا تتجسد امال واسعة وكأنها فجر ينبثق وحياة تتفتح من جديد ،وهو يفصح عن حرية فنية بدون حدود وهذه واحدة من المدارس الفنية التي يشترك فيها العديد من الانطباعيين الجدد في الحركة التشكيلية العراقية المعاصرة ,وقد اتخذت منحا فلسفيا يشير الى عمليات المحو المتكررة لمشاهد عراقية ايلة للزوال بحكم عدم الاهتمام ,فكانت الصور الحقيقية المجسدة تختبئ خلف الالوان والتنقيط مثل السمك الطائر بحجم كبير في اعلى اللوحة,او المراة التي تلتفت الى سبورة ايامها المليئة بالرموز او العاشقان في سورة الوله والالوان تحف بهما اسراب الاسماك الملونة ,وهذا الرمز يتكرر في اكثر من لوحة ,مجسدا الخصب في اهوار ضائعة ,او بساتين يلف بها الغياب ,اننا ازاء اعمال فنية تتخذ من الالوان غطاء لفكرة ,وللخطوط مسعى نحو تأثيث شكل فني يمزج بين الواقعية في خطوطها العامة وبين الانطباع باعتباره احساسا فنيا يصنع الفنان عن طريق بصمته الخاصة تعبيريا . ولم تبعد الانشغالات التي مازال مشتركا فيها الفنان منعم الحيالي عبر عمله التربوي او المهني عن التطور الفني بل جعلته قريبا من التحولات التي يعمل الفنان عليها كمساهم فعال في الجانب الحياتي منتصرا للانسان وكذلك تطوير ادواته الفنية شكلا ولونا واتجاها ,وهذه واحدة من تجليات الفنان الذي يسعى لادامة تطوره دون توقف عند شكل واحد . فهو متنوع بين رسوم الاطفال وديكور المسرح ومعارض الطبيعة مما ساعده على البقاء في ساحة التفاعل المستمر دون انقطاع . واضافت الانطباعية مساحة تعبيرية واسعة للفنان كي يتحرك دون قيود فوتوغرافية ثابتة بل جنح نحو تعبير اوسع في بث الرموز الحياتية العراقية , مازجا بين بساتين ديالى ومشاحيف الاهوار , حيث يتسيد المشهد ,الانسان الذي يتأمل في مصيره بين الماضي كذاكرة وبين الحاضر الذي يعمل على محو الكثير من الوقائع . لوحات الحيالي تدفعك نحو البهجة بشكل مباشر لان كل الخلفيات ترتبط بالحياة بالوانها البعيدة عن السواد او حتى الرماد ويبدو ان عينه متدربة على مرأى التفتح الحياتي للبساتين او لحظات الشروق مما يجعل لوحاته صديقة للعين مباشرة. ان هذه الظاهرة الفنية الحديثة يشترك فيها اكثر من فنان مما يسجل ضرورة فنية عكست طبيعة التحولات الفنية في الفن العراقي المعاصر والفنان منعم الحيالي واحد من المميزين في هذا الجانب الفني العراقي الحديث.

عرض مقالات: