اخر الاخبار

يأتي بَريدُ القَلْبِ هذا اليَومْ ،

بِلاقِتالٍ ولاقِطافٍ لِثمارٍ دامِية ٍ،

ولابَراءاتٍ لأقْوامٍ عائِدَة ٍمِنَ الخَديعَةْ..

بَريدٌ مِنْ مَلايينِ السنينْ، يَصِلُني يَومِياً ،

مِنْ حٌرّاسٍ يُبدلونَ حُرّاساً وَقَدْ أخْطأوني،

تَركوُني خالِداً مُنْهَكاً بِلا عَواطِفَ أمُرُّ على العُصورْ،

حارَبْتُ بالأيْدي وبِالحَجَرْ،بِالمِعاوِلِ والسّيوفِ، وبِالبارودِ والطّائِراتْ ،

أَدْفُنُ أهْلي وأصدِقائي وأعْدائي ،

يَموتونَ وَيَتَناسَلونَ ويَخرِجونَ وَيَتَكاثَرونْ ،

الاّي،

أنا المُتَبقيّ الوَحيدُ الذي إنطفأتْ بي غُدّةُ المَوتْ ،

أتَنَقَلُ بَيْنَ العُصورْ ،

شاهداً على المَمالِك التي قامَتْ ثُمّ انْدَثَرَتْ ،

على الحٌكَماءِ والمُحاربينَ والسّحَرَة والمجرمينَ والشهداء ِوالحمقى ،

على العُري وَوَرَقِ التوت ِوإفتراس الأطفال الرضّعِ أو تجمّدهم في الحقولْ .

وأعرفُ كمْ كلّفَ هذا الوجود ُمن الدمُوعِ والدِماءْ،

وكَمْ مِنَ الفَرَحِ والتَناسُلِ والحُبِّ والعَذابِ والصُراخِ شَهِدَهُ هذا العالَمْ ..

أعْرِفُها ،

اقوامٌ أعْرِفُها جَيداً ، أعْرِفُ سُلالاتها ، وَمَقاساتِ لِحى مٌحارِبيها ،

وَكَمْ نَزَفَتْ وِكِمْ كَذِبَتْ وَكَمْ خَدَعَتْ وخُدِعَتْ وكمْ ماتَتْ وَعادَتْ ثُمّ ماتَتْ ثم عادت ،

عَلّمتُها الحِكْمَةْ ، وَأشْبَعَتني قِتالاً،

وَتَرَكَتْني جَريحاً أبَدياً بَيْنَ المُسْتَنْقعاتِ والكٌهوفِ ، والسّلاحِفِ ، والبَراكين ، وَحرابِ الأعداءْ.

جُنْدِياً بِلا هُويّة ، وشاعِراً فِطريّاً يَكتُبُ تَحْتَ المَطَرْ ،

مُحاصَراً ب (الآن) الذي لايَنْتَهي ،

والعَجَلةِ التي تَعودُ بي اليّ كلّما مَضَتْ.

أقِفُ عِنْدَ (الآن)،

أتذكّرُ النَمْلَ يَسْحَبُ قَوافِلَ الهاربينَ مِنَ المَوتِ للمَوتْ ،

والبيوتَ التي هُدِمَتْ على ساكِنيها،

والبَواخِرَ التي غَرِقَتْ ،

والحروبَ التي أشْعَلَها الكَهَنَةُ و المَخْمورونَ مُنْذُ أوَلِ إنْسانٍ يَدُبُ بَين الماءِ واليابِسِةْ

..

أتذكّرُالأرواحَ العاريةَ النازحةَ الباكية المنفعلة الخائفة وهي تفتش عَمّنْ أطْلَقَ صافِرةَ البِداية .

لتَتحَول البُلدانُ مِن شَوارِبَ مَعقوفَةٍ الى سُيوفٍ بِرؤوسٍ مُتحارِبَةْ الى نِزاعٍ بين مقابرَ ماضيةٍ ومَقابِرَ في الطريقْ.. .

خرائط َوكتباً وأوهاماً ورسوماً على الكُهوف ،

عقولاً توَرّمت بالتأمل ،

وفلاسِفةً أعْدِموا بَعْدَ أنْ نبتتْ لهم أعْيُنٌ على تَمامِ أجْسادِهِمْ .

أقِفُ عاشقاً صَغيراً لملياراتٍ من النِساءِ اللواتي جِئْنَ وحَلُمْنِ وَرَحَلْنْ.

بَيْنَ صَلاتي عَلى الماءِ ، وصَلاتي على جَسَدٍ مِنْ سَحابْ

أتَنَقّل مِنْ صَحراءٍ الى صَحراءْ ، ومِنْ ذَبحٍ الى ذَبْحْ

لأرى بِحاراً تطوي بحارا ، وفضاءاتٍ تدعو سكانَ تلكَ الكهوفِ الى رِحلةِ اللاعودة.

أثْقَلَني دَمُ الكُتُبْ ، وشَواهِدُ قبورِ الذين انْتَظَروا شَيئاً ما دونَ جَدوى .

دَفَنْتُهُمْ بِيَدي ، وظلّتْ أعينُهم شاخِصَةً أمامي ،

أسْألُ الأقوامَ القادمةَ عن أمي وأبي ، ولاجَوابْ.

عَن حَفلاتِ العَدالةِ ، ولاجَوابْ

عمّن خَلعَ مِنْ جَسدي غُدّةَ المَوت الرحيمْ ،

وَتَرَكَني مُنْهَكاً من الخُلود ،

أمرّ على العُصورِ بلا عاطفة ٍ ولاقَرارْ.

عَن أنْ أكونَ أو لا أكونْ .

عَنْ جَمالِ أنْ تاتي وتُغادِرَ دُونَ ضجيج .

أنْ تَبْكي على أحَدٍ وأنْ يُبْكى عَلْيكْ

أن تَفقِدَ وتُفتَقَدْ ،

أنْ تولَدَ لتَموتْ

وأنْ تَموتَ لتَحْيا

عن عَقْدةِ (يحدث الآن) التي تلُازِمني مُنذُ بدء السؤالْ.

مُمزّقاً بينَ حَرْبٍ وَحَرْبْ، بَيْنَ الغاباتِ والمُدنِ الإلكترونيّة ،

بَيْنَ الله الذي خلقنا جميعا ، وَذلِكَ الذي قَتَلَنا جَميعاً.

بَيْنَ ذاكرةٍ لاتَمْتَليء ونِسيانٍ لايَحْدُثْ.

أفتّش عَن غُدّةِ الموتِ،عن متعة الخوفْ.

افتش عن سلاحي.

عرض مقالات: