اخر الاخبار

أعرفُ أنّكَ كنت منفرداً في المزاجِ

ترتقُ ثيابَكَ الصوف،

وتُشذّبُ بياضكَ بأناملِ المُستحيل،

أعرفُكَ أيّها الأعزلُ

الخارجُ من مشيمةِ القلق،

اِذاً فلترمِ نردَكَ لجلالِ الغَبش

قبل أن تقرعَ الطبول..

سمِّ نذورَكَ وسطَ الطوافِ

عَلَّ ترانيمنا تعلو على الدفوف،

فهاهو ذا العطفُ في هوائنا

يعادلُ ما بين المناجاةِ

واستبدادِ الوساوس،

أطلقْ حروفكَ في سماءِ القصيدةِ

سدّدها إلى قلبِ الفتى

فأنتَ الجناسُ والطباقُ

أنت المبتدئُ قبل الخبر،

أنت مأوايَ ومثوايَ

إذا اشتدّتْ علينا الزلازلُ

فكم تضرّعت إليك

خُذْ عطشي للجداولِ المفرطةِ في عذوبتها

فقد منحتكَ الجواهرَ

ثم طوّقتكَ بالعقيقِ والمرح،

خبئتكَ في الكنوزِ تحت الطلاسمِ

لكنّكَ تركتني وحيداً وسط خرابي،

فمتى تعيدُ إليَّ الطفولةَ

والوصايا المكتوبةَ بالزعفران،

أطلقْني من هذا السحرِ

حرّرني منكَ لكي أتخلصَ من وثاقي

ليس في وسعي بعد الآنِ التحوّل كالزئبقِ

أو التخبّط في دغلِ الخطيئةِ،

فمُذْ عرفتكَ أوّلَ مرّةٍ

حيثُ كنت ترّش الرياحين،

تمسك بطاستكَ حتى يترقرقَ الشعاعُ الباذخُ

تقرأ التعازيمَ على أطرافِنا وسط الغليان،

فيبتلّ الحرفُ المرسومُ على شفتيكَ

بماءِ الكوثر،

فهلّا شاركتني السرَّ المخبأَ في رسائلِ النسيان،

فإنّني عقدتُ العزمَ على الرحيل

ليتَ الشكَّ يجرّني إلى أبعد نقطةٍ

ليتكَ غطّيتني بالكراماتِ

ليتكَ أشرفتَ على المراسيمِ

وتركتَ ما تناثرَ من العمرِ

على مشارفِ البلبلة،

كي أُتابعَ ما استطعتُ من التقوى

فذلك أهونُ عندي

من الضياعِ في عوالمِنا المبهمةِ

حسبكَ أن تظلَّ يافعاً

ترفلُ في الحروفِ وفي عطرِ الخزامى

فهذا خيارُكَ الوحيدُ

حتى  إذا جلجلَ علينا رنينُ الخلقِ كلّه

أو تراكمَ الجرحُ على الجرحِ،

لذلك سأعيدُ عليك الأسئلةَ

لماذا ألبستني الوهمَ

وتركتني أهيمُ في مسالكِ الرغبات؟

لماذا حملتني على جنحيكَ للعُلا

ثم رميتني للهاوية؟

أما كانَ عليكَ أن تعلّمني

كيفَ أنهضُ من قبري؟

فلا وحقّكَ لن أتمرغَ في معصيتي

لكنّني سأمضي إلى آخر غصّةٍ

وسوف تراني أتجلّى في معبدكَ

ريثما يعودُ إلينا الشجن.

عرض مقالات: