اخر الاخبار

أعاد هذا الكتاب  الذي ألّفه الأستاذ باقر ياسين وصدر مؤخراً عن دار بعل في دمشق أواخر العام 2021، وعنوانه ( قال المتنبي ثم قال الطب النفسي ) أقول أعاد هذا الكتاب إلى ذاكرتي كتاباً آخر صدر في مصر عام 1952م لمؤلفه حامد عبد القادر تحت عنوان ( دراسات في علم النفس الأدبي ) وهو دراسات تمهيدية في هذا الموضوع الطريف، الذي يعدّ أحدث المباحث النفسية، ونحن مدركون ما بين علم النفس والأدب من وثيق الصلات ومتين العلاقات، فحيثما يوجد نشاط عقلي توجد مادة لعلم النفس وينفتح ميدان للعالم النفساني ، ولنا أن نقول إنّ علم النفس الأدبي هو ( علم يبحث في عقل الإنسان من حيث كونه معبّراً عن أفكاره بأساليب لغوية راقية ،  أو مقدّراً لتعبير الناس عن أفكارهم بتلك الأساليب ).

وكتاب (قال المتنبي ، ثم قال الطب النفسي ) مطبوع في دمشق بطبعتين الأولى عام 2015م والثانية عام 2021م وقوام  طبعته الأخيرة (180) صفحة .

عرض المؤلف باقر ياسين لآرائه عبر الموضوعات التي مرت يقول: قد يكون من حقنا الإدّعاء بأننا استطعنا أن نثبت بالأدلة العلمية المعملية وبالتحليل الواقعي المقارن ذلك الدور الريادي الهام الذي استطلع به المتنبي في علم النفس والطب النفسي منذ عشرة قرون مضت.

ومهما يكن من أمر فإن الكتاب، دراسة مقارنة تبدو صعبة وعسيرة في بعض جوانبها لكنّها شيّقة وطريفة ومثيرة في جوانبها الأخرى.

نقول لا بدّ وأن تكون مدعاة للفخر والتباهي بعد أن تبيّن لنا من خلالها أن هذا الإعرابي المتنقل في الصحراء / أبو الطيب المتنبي / لم يكن شاعراً قديراً فحسب بل مفكراً ومحللاً نفسياً وحكيماً في الطب النفسي من الطراز المرموق استطاع أن يتغلغل إلى أعماق النفس الإنسانية ويصف دواخلها واعتلالاتها وانحرافاتها وأعراض ضعفها وقوتها ويشخّص الكثير من أمراضها وجنوحها ويحدد أسباب علاجها بمقولات وأحكام وكلمات مختصرة مأثورة وأوصاف خالدة بقيت يتيمة صامدة ما يقرب من ألف عام من الزمان، حتى جاء الوقت الذي أصبحت فيه اليوم جزءاً من أساسيات علم النفس والطب النفسي.

ورغم أننا جئنا من آخر الزمان أي بعد ألف وخمسين عاماً تقريباً على غياب المتنبي، ورغم كل ما قيل فيه وما كتب عنه فقد استطاع هذا الكتاب ان يقدم بحثاً جديداً غير مكرر وغير معاد وبمنهج علمي جديد ومثير وغير مطروق عن المتنبي بعد أن سلكنا فيه طريقاً جديداً لم يسلكه مؤلف ولم يتعرف عليه كاتب ولم يستدركه باحث بحدود ما نعرف وما نعلم، وهذه الخصوصية هي التي تعطي هذا الكتاب تفرده المستقل وأهميته الاستثنائية وتمنحه قوة التميز والتجديد بخصوص ما يعتبر خافياً حتى الآن عن عين الكتاب والباحثين فيما كتبه المتنبي في شعره من معان نفسية ودلالات إنسانية، ولعل ما يعطي هذا البحث الطرافة والتشويق إضافة إلى الأهمية العلمية والأدبية أنه حديث واقعي مكشوف وبسيط وشفاف عن قضايا علمية نفسية وطبية واضحة وشفافة تعرض بأسلوب مقارن بعيد عن الغموض والتعقيد تسندها وتقدمها لنا عشرات الشواهد التجريبية البرهانية المؤكدة والمدعومة بالمعلومة المثبتة والتحليل العلمي .

وآمل أن تكون هذه الدراسة مدخلاً إلى عالم شعر المتنبي بما هو عليه من أصالة وجده وابتكار.

عرض مقالات: