اخر الاخبار

الصحن، الرقم 1:

تم العثور على هذا الصحن المتشظّي في المدائن (طيسفون، طاق كسرى) المدينة الساسانية التي استولت عليها الجيوش العربية الإسلامية في عام 637م. عُثر على الصحن في موقع في سلمان باك يسمّى (الخامس)، وهو محفوظ اليوم في متحف المتروبوليتان في نيويورك. يمثل في حالته الراهنة شظايا عليها بقع خضراء ونقش أزرق، مرشوشة باللون الأخضر ومرسومة باللون الأزرق على طلاء زجاجي أبيض معتم. من القرن التاسع للميلاد، أي وقت الدولة العباسية.

يعد فن السيراميك من بين أوجه التقدم الذي حققه الخزّافون العراقيون في القرن التاسع الميلادي. فإلى جانب ابتكاراتهم الأخرى مثل تطوير مجموعة من تقنيات تعتيم opacifying الزجاج واستخدام الكوبالت الأزرق، فإن أعمال الخزافين توصّلت إلى إبداع جمالية جديدة في القرن التاسع، مثل هذه القطعة التي هي مزيج من البقع الخضراء غير المنضبطة والكتابة الزرقاء المرسومة بالمينا. في النقش المرئي على يمين الصحن نقرأ اسم الحرفيّ: مما عمل برهـــ ؟  [برهان؟ برهيم؟] استفادت هذه المنتجات الفخارية المتطوّرة من شبكات تجارية واسعة لنشر المنتج النهائيّ. الكوبالت المستخدم للأزرق، الغائب تقريباً في العراق، كان يتمّ استيراده من القوقاز أو إيران.

سلمان باك البلدة العراقية جنوب بغداد دُمجت حالياً مع مدينة المدائن. وأصلها مدينة طيسفون (المدائن) التي بناها الإغريق وورثها الفرس، والتي استمرت كمركز رئيسي للبلاد حتى حلت محلها بغداد في القرن الثامن للميلاد، سميت على اسم الصحابي سلمان الفارسي المدفون فيها. يعتقد البعض أن موقع المدائن يختلف عن موقع طيسفون. أما سلمان الفارسي، فقد كان اسمه (روزبه) أو (ماهو) وسمّاه الرسول سلمان. كان من الموحّدين، وقد شدّ رحله إلى الشام طالباً الحقيقة وباحثاً عن دين، ومن الشام إلى الموصل، فنصيبين، فعمورية، ثمّ قصد بلاد العرب، فلقيه ركب من بني كلب، وطلب منهم ليحملوه إلى أرض الحجاز، لكنهم نكثوا عهدهم فباعوه ليهودي ومن ثم اشتراه ابن عم اليهودي من بني قريظة حتى وصل إلى المدينة، ولما سمع بخبر ظهور الإسلام، قصد النبي، وأظهر إسلامه. مقامه يقع في مدينة المدائن قريبا من مشارف بغداد، على بعد 2 كيلو متر من طاق كسرى، وقد سمي المقام باسم “سلمان باك” اي “سلمان الطاهر”.

وهذه الشظية ليست الوحيدة المكتشفة في سلمان بك، فأن متحف المتروبوليتان يحتفظ بالعديد من الشظايا منها مثلا شظية من الخزف المزجج، تعود إلى القرنين السابع والثامن للميلاد، عثر عليها في طسيفون نفسها. ويشهد اكتشاف مثل هذه الشظايا على استمرار استيطان المنطقة الحضرية لطسيفون في القرون الأولى من العصر الإسلامي، حيث تم تطوير موقع للزيارة في سلمان باك.  تم إجراء الحفريات في منطقة طسيفون عبر بعثة استكشافية في عام 1928-1929 برعاية جمعية المشرق الألمانية (Deutsche Orient-Gesellschaft). ثم قام متحف المتروبوليتان للفنون ومتاحف الدولة Staatliche Museen في برلين برحلة استكشافية مشتركة لموسم واحد في عام 1931-1932. أجريت العديد من الحفريات، بما في ذلك في طاق كسرى، في منطقة صغيرة محصّنة جنوب القصر في تل الذيب، وفي منازل متعددة في التلال المسماة بالمعارض Ma’aridh، وفي منازل إضافية في تل صغير يسمى أم الزعتير Umm ez-Za’tir. وفقا للاتفاقيات، تم تقاسم الاكتشافات أولاً مع السلطات العراقية، ثم بين برلين ونيويورك.

الجرّة، الرقم 2:

في المتروبوليتان، ثمة أيضا جرة كاملة مكتشفة في طيسفون تعود إلى ما بين القرن الثامن - العاشر للميلاد. كانت وعاء تخزين كبير للمياه الباردة بزخارف من الزهور، غير مصقولة. في حينها كان يجري استخدام أوعية طينية كبيرة غير مصقولة لتخزين السوائل والحفاظ عليها باردة عبر التبخر الذي تحدثه جدرانها المسامية. يحمل هذا المثال زخارف مستوحاة من الزخارف الشرقية قبل الإسلامية. تُعرف التقنية المستخدمة هنا باسم الباربوتين barbotine، حيث يتم تطبيق شرائح ملفوفة ودوائر من الطين على السطح، ثم تسويتها ثم قطعها بخطوط متوازية. الأبعاد: الارتفاع 81.9 سم، القطر 49.5سم، الوزن 34.9كغم.

الصحن منتوج عراقي دون شك، ذلك أن تقنية الطلاء ذي البريق المعدني البرّاق هي من إضافات الخزافين العراقيين في العصر العباسيّ كما أن نقشه ولونه هي من النقوش العراقية التي كانت تقلّد في البدء نقوش الخزف الصيني المعاصر.

عرض مقالات: