اخر الاخبار

ليس بمحض الصدفة، ان يتم الإجماع، على  تسمية الدراسة التي تلي المرحلة الأولية بالدراسة العليا، فهي بوصفها منهجا تعليميا أكثر عمقا وسعة، في إطار البحث والاكتشاف والتحليل وقراءة كل ما يتعلق بالفكرة والمادة والموضوع المختار برؤى فلسفية، وما تنطوي عليه من مشكلة البحث واهميته وهدفه وحدوده، وكذلك المطلوب في التوصل الى  إبراز النتائج للخروج بأفكار واكتشافات جديدة ومفاهيم وتجارب تطبيقية متفردة ورائدة في الحقل البحثي، مع الاشتراط ان تكون متوافقة مع مستويات ثقافة وعلوم وحضارة المجتمع وتطلعاته دون التطلع إلى أهداف ذاتية وشخصية لاغراض الترقية وزيادة المنافع المادية، فالدراسة العليا، فرصة لتشغيل المساحات الراكدة في حقول المعرفة، والعلوم المتعددة، وهذا ما يتطلب اختيار مواضيع وقضايا في العلم “الطب والهندسة والفيزياء والفلك والفضاء والكيمياء والاحياء والتقنيات بكل انواعها، وكذلك ميادين المعرفة بمختلف اجناسها وفي الفكر والجمال والفلسفة والفضاء مع تعدد الاختصاصات الإنسانية في الاداب والفنون وعموم الثقافة الجمالية، وفي غاية الأهمية، وبمستوى يتلاءم مع قيمة البحث المتقدم، اما ان نختار مواضيع” فنية” مثلا، لمنجزات ابداعية أو لقراءات نقدية  معينة، ومعالجات ابداعية حديثة، في السينما أو المسرح أو التشكيل “رسم” نحت “خزف”كرافيك” او التصميم، او الموسيقى وغيرها، وبطريقة  بسيطة ومسطحة وخالية من العمق العلمي والفلسفي، وجافة من حيث البناء الشكلي والوظيفي، وفاقدة للابعاد الفكرية والجمالية، او ان تكون نتاجا لكتابة المكاتب والدكاكين المروجة لها مقابل ثمن، بما يجعلها ملوثة، لا طهر فيها ولا وضوء، فهذا يعني، ان مثل هذا الاختيار لن يضيف للعلم والمعرفة شيئا مهما، وحدوده لن  ترتقي إلى مستوى الماجستير أو الدكتوراه، بل لا تصلح حتى لمستوى مقال تقليدي أو بحث اصولي في مجلة محكمة، من دون الاعتماد على عدد الصفحات، وحجم الكتابة، وإنما هي دراسة، تعبر عن مدى القدرة المعرفية العالية والمهارة  في امكانية التصدي ومعالجة المشكلات الحقيقية التي تعاني منها الحقول العلمية والمعرفية والتطبيقية، مع مناقشة الافكار والمفاهيم التي وردت في الدراسات السالفة وبيان الموقف ازاءها، مع تجنب الاعادة والتقليد والاجترار، واخيرا، وليس باختصار شديد، نريد بحوثا ودراسات ترفع مستوى التفكير والخلق والابتكار،  وتذهب  بالواقع إلى أفضل حدود التصور مع تشغيل منظومة  الخيال التي تذهب إلى آفاق بعيدة في الرؤى المستقبلية لتطوير الحياة بكل مفاصلها وميادينها، والارتقاء في خلق أنظمة عمل متطورة في خدمة الإنسان وسعادته، نسعى لإنتاج بحوث وعمل دراسات  ترصد وتبحث، وتحلم، وتفكر، وتطور كل ما هو متدني وساذج ومتخلف، وترفعه إلى مستوى مذهل في تحريك منظومة  الدوائر العقلية المسندة بيقظة الضمير والتربية الاخلاقية، الناهضة للبناء الحديث الذي يتطلب  الأدوات التي تنقب وتحفر وتحل وتربط وتنسج وتحلل وتفسر وتؤول وتهشم وتقبل وترفض وتتحفظ، وتنتج ما هو أنفع وإجدى للحياة وميادينها الواسعة ومعضلاتها الجمة.. نتطلع الى  بحوث ودراسات عالية الشأن من حيث الفكرة و اهمية الموضوع المختار وطريقة واسلوب الكتابة ومنهجية البحث، وليس نسخا ولصقا  من جيوب ممزقة..

عرض مقالات: