اخر الاخبار

ما أن انطلقت حملات الدعاية الانتخابية حتى رافقتها الوعود الناريّة بجعل مدننا أجمل وأبهى مدن العالم ، وسينعم المواطنون بالاستقرار وراحة البال وسيكون شتاؤنا رائعاً وسنفرح بالمطر ونحذف من قاموسنا “أتعلمين أي حزنٍ يبعث المطر ؟! “.

اليوم أتذكر كيف كان الناس في سالف السنين يستعدون  لفصل الشتاء منذ أواخر شهر أيلول واوائل تشرين الأول. وكنت أشاهد أمي (رحمها الله) وهي تبادر بإخراج المدافيء ( الصوبات) وتقوم بتنظيفها وإدامتها وتهيئة منقلة الفحم، وتُخرج البطانيّات واللحف الصوفيّة وملابسنا الشتوية لتكون جاهزة، وحين تلاحظ نظراتنا المتسائلة تقول:

ــ يمه الشتا عالباب ولازم نتحضّر له!

نعم كان الناس يستعدّون للشتاء قبل حلوله بشهرين، كي لا يتفاجأوا به وتغرقهم مياه الأمطار.

واليوم ونحن على أبواب الشتاء نسأل أنفسنا: هل أكملنا استعداداتنا له؟

الجواب بالتأكيد : لا..!

فمجارينا على حالها، إن لم تكن قد انسدّت أكثر، وطرقنا امتلأت بـ (الطسّات) وأغلبها غير مبلّط. لهذا ستتحول الى مستنقعات وأوحال عند أول زخّة مطر، وستطفح وتغرق الأزقّة والأسواق لا محالة!

هل يُعقل أن يترك المسؤول هذه الخدمات التي تهمّ المواطن وترفع عن كاهله عبئاً ثقيلاً، لينشغل بالوعود العرقوبية دعايةً لقائمته الانتخابيّة، التي يسمعها الناس في كل دورة دون ان يبصروا أو يلمسوا تحقيقاً لوعد واحد منها؟

الشتاء على الأبواب ولم نفعل أي شيء لتلافي فيضان مياه الأمطار، بل عملنا على محاربة المواطن في حريته وعيشه ، ومنحناه وعوداً عرقوبية وأحلاماً كبالونات الهواء !

لهذا علينا أن نعي جيداً أن المسؤول ذا الانتماء الحقيقي لهذا الوطن هو مَن يُفكّر بضميرٍ حيّ في  خدمة المواطن بكل أمانة وإخلاص ، لا أن يفسد عيشه وحياته من خلال الفساد المستشري في كل مفصل من مفاصل الحياة!

ان خدمة الناس أهم من المصلحة الشخصية وأبقى، فلنتفكّر جيداً لأن الشتاء على الأبواب وسيفضحنا المطر!

عرض مقالات: