اخر الاخبار

يحظى موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص باهتمام كبير من قبل المهتمين بالشأن الاقتصادي على المستوى العالمي ولعل التجربة الصينية تعطى مثالا لهذا النهج، لما لها حسب تقدير الباحثين الاقتصاديين وخاصة العاملين في صندوق النقد الدول والبنك الدولي بعد التأكد حسب زعمهم من أن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على الجمع بين موارد وطاقات وخبرات كلا القطاعين في إنشاء  وتشغيل المشاريع المتنوعة  انطلاقا من ان التطور الاقتصادي المتزايد أثبت فشل كلا القطاعين في تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي كلا على انفراد في الكثير من الدول ولاسيما النامية منها ذات النهج الاشتراكي وهي دعوة واضحة للذهاب إلى هيكلة الاقتصاد الحكومي عن طريق الخصخصة.

ويبدو ان الحكومة والبرلمان في العراق مهتمان كثيرا في تفعيل مشروع قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، ومن خلال التنسيق بينهما تم عقد أربع ورش تهدف إلى إعداد مسودة الشراكة بين القطاعين عبر إمكانية تفعيله للارتقاء بجودة السلع والخدمات المقدمة للمواطنين، والغرض من هذه الورش جمع البيانات المتعلقة بالتحديات التي تواجه الاستثمار ومعاناة المواطن من مشاريع الاستثمار في الإدارات السابقة خاصة وأن فكرة تشريع القانون بدأت منذ عام 2019.

ويبدو أن المسؤولين عن رسم السياسة الاقتصادية قد انطلقوا من المشاكل التي تواجه القطاع العام بعضها تكمن في القطاع نفسه وبعضها تكمن في طريقة تمسك المسؤولين برسم السياسة الني وضع أسسها الحكم الإداري الأمريكي التي تركز على الانفتاح الاقتصادي ونظام الاقتصاد الحر، الذي لم ينتج  إلا على دخول  البضائع  الأجنبية المستوردة  وهيمنة  سياسة الاغراق  وتحطيم المنتج الوطني وهو ما دعا إلى  أطروحة الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وفق  عقد طويل الاجل  والتوقف عند  الملامح الجديدة التي ظهرت بعد احتلال العراق في التاسع من اذار 2003 وما أعقبه من آثار سلبية جراء السياسات الاقتصادية لسلطة الاحتلال ومنها التبدل الجذري للشروط التي تحكم نهج التطور المتمثلة بأتباع نهج اللبرالية الجديدة لصالح التطور الرأسمالي، بزعم انهيار مشروع الدولة في سياستها التنموية القائمة على القطاع الحكومي مع تجاهل  طبيعة هذه المرحلة ومقتضياتها الموضوعية، مع أن المقاربة  العقلانية  في هذه الظروف منصبة على تجنيب الشعب العراقي شرور الرأسمالية المتوحشة ومعالجة الاختلالات في الاقتصاد العراقي الذي يتصف بالتردي المريع في بنيته الأساسية والانخفاض المستمر في معدلات النمو في الناتج المحلي الاجمالي وتدهور قطاعاته الاقتصادية السلعية.

ان القطاع المختلط في العراق تمتد جذوره إلى عشرات السنين الماضية منذ تأسيس شركة السمنت العراقية بدعم من المصرف الزراعي، وكان السبب في ذلك عدم قدرة القطاع الخاص على تنفيذ المشاريع الصناعية الكبيرة. ومن المعروف أن عدد مشاريع القطاع المختلط 42 شركة ومن أبرزها على سبيل المثال شركة الصناعات الالكترونية وشركة الصناعات الخفيفة وشركة الهلال الصناعية والشركة الوطنية للصناعات الكيميائية والبلاستيكية وغيرها، وقد لعبت هذه المصانع دورا ما زالت تختزنه الذاكرة العراقية، ويمتلك هذا القطاع أفضل الأراضي والأبنية والبنى التحتية غير أن الدولة كالمعتاد قد أهملت هذا القطاع.

إن السير في هذه الوجهة الإصلاحية الهادفة كما معلن إلى إصلاح الاقتصاد العراقي وتنويعه عبر المشاركة بين القطاعين العام والخاص تتطلب حزمة من الإجراءات نذكر منها ما يلي:

  1. أعادة النظر في تدعيم القطاع المختلط وتوفير الأجواء الملائمة لتوسيع منظومته المؤسسية من المشاريع الأفضل جدوى في توسيع العمالة الكثيفة عبر تقديم التسهيلات الائتمانية وإدخال عناصر التكنولوجية في خطوط الإنتاج وتحديث المكائن في المشاريع القديمة.
  2. تدعيم مشاريع القطاع الخاص القائمة والارتقاء بنشاطها وخاصة توفير مصادر التمويل الداعم عبر الموازنة الاتحادية الحالية والارتقاء بمستواها لكي تكون جاهزة للمشاركة مع القطاع العام وفق عقود طويلة الأجل تتمتع بالشفافية والمرونة القابلة لإجراء التغييرات التشريعية والبنيوية إذا اقتضت متطلبات التنمية الاقتصادية موضوعيا.
  3. اختيار الإدارات التي تتمتع بمستوى عال من الكفاءة والخبرة القادرة على التنفيذ والمتابعة والمراقبة وتطوير الإنتاج من خلال الحوكمة ومعايير الجودة.
عرض مقالات: