اخر الاخبار

بجانب محله الصغير في السوق القديم، يجلس حسام لطيف (68 عاما) ويتحدث عن ادوات الحلاقة التي رافقته عقودا طويلة، وكيف انتهت علاقته معها بعد اصابته بمرض أتلف قدميه، واجبره على تحويل دكانه الصغير الى (دورة مياه) يجلس بجانبها خلال النهار، ويفتح بابها لمن يحتاج اليها مقابل 250 دينارا.

 ويقول الرجل انه فعل ذلك بعد ان أصابه اليأس من الحصول على الضمان الاجتماعي، الذي ظل ينتظره طويلا ليضمن به العيش لعائلته.

حسام تحدث بمرارة عن حال عائلته بعد ان تمكن المرض منه، وهو معيلها الوحيد، وقال: “رغم كل شيء انتظر بفارغ الصبر تنفيذ قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال” الذي وعدت الحكومة به العمال، وأكدت قبل تشريعه انه يضمن حقوق الجميع، بضمنهم ذوو المهن الحرة وحتى “سائقي التاكسي” كما قيل حينها.

وحسام واحد من اعداد هائلة من المواطنين الكادحين والمهمشين وذوي الدخل المحدود، الذين يعانون من ظروف الحياة الصعبة وشظف العيش، وبضمنهم الكثير من عمال القطاع الخاص، الذين يعملون في ظروف قاسية ووفق شروط مجحفة يفرضها عليهم كثير من ارباب العمل، مقابل اجور بائسة وعلى أساس عقود لا تستجيب غالبا لنصوص قانون العمل النافذ. يضاف الى هذا ان ارباب العمل في غالبهم يتجاهلون شمول عمالهم بالضمان الاجتماعي، ويكتفون بتسجيل افراد قليلين منهم، ليبرزوهم في الواجهة في حال زيارة موقعهم من قبل لجنة تفتيش تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية او اي لجان نقابية اخرى.

وبفعل انتهاكات حقوق العمال التي يتفنن ارباب عمل كثيرون في ممارستها منذ عقود طويلة ودون رادع، تعوّد الكثير من العمال على الاستسلام وعدم رفع حتى الشكوى والمطالبة بحقوقهم، خاصة منها المتعلقة بشمولهم بالضمان الاجتماعي. ولكن تلعب دورها هنا حقيقة انهم يعجزون عن تحمل عبء الاستقطاع المالي الكبير نسبيا، اللازم لشمولهم بالضمان الاجتماعي، وهم عموما ممن لم يسددوا ما بذمتهم لحساب صندوق الضمان، قبل تأسيسه وفق القانون المشرّع حديثا.

وفي النهاية لا يتمتع كبار السن من العمال ومن يتعرضون للحوادث أثناء العمل او للاصابة بالامراض، أيّ ضمانات تعينهم على تحمل مشقات الحياة بعد فقدانهم القدرة على العمل.

ولعل في هذا كله ما يحفز النقابات العاملة في البلاد على السعي الى كسب هؤلاء العمال، وضمهم الى صفوفها وتنظيمهم وتوعيتهم ليباشروا العمل دفاعا عن حقوقهم ومصالحهم المشروعة.

عرض مقالات: