اخر الاخبار

أوصدت أم تحسين (44 عاما) باب دارها وتركت مدينتها الناصرية بعد أزمة الجفاف التي أصابت بعض مناطق الأهوار، ووصلت إلى محافظة المثنى، للبحث عن فرصة عمل جديدة، حالها حال العديد من الفلاحين الذين يعانون من الجفاف جراء التغير المناخي وانخفاض الإطلاقات المائية من دول الجوار.

أم تحسين، أرملة وأم لأربعة أبناء، كانت تكسب قوت يومها من العمل في صيد الأسماك، لكنها باتت تقاسي البطالة بعد جفاف الأهوار ونفوق الأسماك والحيوانات، خاصة بعد أن أثر التغير المناخي سلبا على القطاع الزراعي، وبشكل كبير خلال السنوات الأربع الاخيرة.

وقد كان نصيب المناطق الجنوبية وخاصة الأهوار، من هذا الضرر كبيراً، حيث شهدت نفوق الأسماك والطيور والجاموس، مما أدى إلى نزوح الكثير من الأسر منها بعد فقدانها لمواردها الاقتصادية.

وتشير الباحثة والكاتبة نوال جويد في حديث لـ”طريق الشعب”، الى أن “الكثير من نساء المحافظات الجنوبية يُساهمن في إعانة عوائلهن اقتصادياً من خلال العمل بالزراعة أو تربية المواشي وغيرها، وبالتالي أثر التغير المناخي على واقعهن الاقتصادي، ورفع من مستوى الفقر في هذه المحافظات”.

وترى جويد أن “التراجع المناخي وأزمة الجفاف أثر وبشكل كبير على عمل الفلاحات، فأجبر الكثير منهن على تقليص خططهن الزراعية أو الهجرة مع عوائلهن إلى محافظات أخرى للبحث عن فرص عمل جديدة”.

في هذا السياق تفيد رئيسة منظمة أور لثقافة المرأة والطفل منى الهلالي أن واقع حال البيئة في العراق أثر سلبا على عمل النساء في مناطق الأهوار، خاصة وأن أغلب العاملين في تلك المناطق هم من النساء.

وتفيد خلال حديثها لـ”طريق الشعب” أن عمل النساء في مناطق الأهوار متنوع وواسع فنجد العاملات في صناعة الألبان وصيد وبيع الأسماك والأعمال اليدوية والزراعة وأيضاً في تربية المواشي إضافة إلى واجبها في تربية وإدارة الشؤون المنزلية.

وتقول الهلالي إن “التغيرات المناخية السيئة لم يقتصر تأثيرها على عمل النساء وإنما أيضا تسبب بزواج القاصرات وحرمان العديد منهن من التعليم بسبب تردي الوضع الاقتصادي لأسرهن “.

في المجال البيئي

وعلى الرغم من الاعتماد الأكبر على عمل النساء في المناطق الزراعية ومناطق الأهوار، فإن دور وتأثير المرأة على صنع القرارات المتعلقة بالبيئة يكاد يكون معدوماً او مقيداً.

وتذكر رئيسة شبكة صحافيات من أجل المناخ في العراق د. خلود العامري أن” مشاركة النساء في صنع القرارات البيئية محدودة. فرغم وجود نساء عاملات في المجال البيئي، فإن أعدادهن ضئيلة مقارنة بالرجال ولا يزال العراق بحاجة لإدماج النساء أكثر في صنع القرارات البيئية وعلى رأسها تلك المتعلقة بأزمة المناخ”.

وتوضح العامري أنه في اللجنة الوطنية العراقية لتقليل الانبعاثات هناك عدة عضوات إضافة إلى عضوات لجان وطنية خاصة بالمناخ، ولكن ليس لديهن المخصصات الكافية التي تمكنّهن من إبراز الطاقات والقدرات.

وتشير خلال حديثها إلى أن “واقع حال النساء في المناطق الزراعية صعب فبالإضافة إلى الظروف البيئة الصعبة التي أثرت على الحياة العملية لهن يعانين من التهميش الحكومي وغياب الدعم”.

نساء الريف

وفي بلد يصل فيه اعتماد الريف على النساء نسبة 50-70 بالمائة، هناك تهميش واضح للنساء ولأدوارهن، مثل “أم حسن”، مربية الجاموس التي فقدت عدة حيوانات بسبب فيروس أصاب الماشية، والتي عُرفت من خلال مناشداتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي من اجل مساعدتها، دون أن “يسمع المسؤولون صوت استغاثتها، أو يتحرك أحد لمساعدتها” حسب ما تذكر العامري.

في هذا الصدد، تفيد د. آفاق إبراهيم صاحبة مشروع زراعة مليون شجرة. أن “الريفيات في العراق لا يشكلن أي حلقة تذكر في صنع القرار. ويرجع ذلك إلى قلة حملات التوعية والتثقيف، والهيمنة الذكورية التي تستبعد مشاركة النساء في صياغة القرارات، وتحصر النساء في أدوارهن التقليدية من الإنجاب وتربية الاطفال، لا أكثر”.

وبسبب التغير المناخي، تواجه المزارعات، بحسب د. افاق “صعوبات كثيرة، كالتعرض  لنقص التغذية والجوع، بالإضافة إلى نقص الموارد المائية، مما يزيد العبء على الريفيات لتأمين المياه اللازمة لري المحاصيل قبل فقدانها”.

عرض مقالات: