اخر الاخبار

تحتاج المواطنة فاتن هادي وزوجها مئتي ألف دينار شهريا لشراء أدوية السكري وضغط الدم والمرارة والقولون العصبي. ولأنهما يعجزان عن توفير هذه الكلفة العالية دائما، فهما يضطران أحيانا لشراء علاج لمدة نصف شهر فقط.

وتقول فاتن (60 عاما) لـ”طريق الشعب” إن الأدوية المتوفرة في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية “من نوعية رديئة”، وإن “هناك كثير غيرها غير متوفر أصلا” فيضطر المواطنون إلى شرائها من الصيدليات الخارجية بأسعار عالية.

وتتقاضى المواطنة فاتن 450 ألف دينار شهريا لا أكثر لقاء عملها في أمانة بغداد، لذلك تشكل تكاليف علاجها الشهرية عبئا كبيرا عليها فتضطر لشراء ما يكفيها لمدة نصف شهر فقط “وأتحمل في بقية الأيام إجراءات الحمية الغذائية المرهقة”.

لا دواء للفقير

وتتحدث عن معاناتها المستمرة من هذا الحال وهي تردد: “الأدوية ليست للفقراء” وتروي أنها عند سماعها صاحب الصيدلية الذي تقصده لشراء الدواء يقول إن سعر علاج الضغط أصبح 20 ألف دينار بعد ان كان 18 الفا، قاطعته قائلة: “أسعاركم ستصيبني بجلطة في القلب وزياداتها الإضافية ستنهي حياتي”.

ولا تقتصر هذه المعاناة مع غلاء الأدوية، بالطبع، على المواطنة فاتن وعائلتها. فهناك ما لا يحصى من العراقيين غيرهم يتجرعون من الكأس ذاتها، ومنهم المواطنة مروة الجنابي (30 عاما) التي بدأت تعاني حديثا من التهاب الكلى.

كلف عالية

تقول مروة لـ”طريق الشعب” إن ألماً حاداً فاجأها فتوجهت إلى الطبيب، وبعد إجراء الفحوص “تبين أني أعاني من التهاب الكلى، وكانت هذه المفاجأة الثانية. ثم جاءت المفاجأة الثالثة بعد التشخيص عندما علمت بمدى غلاء العلاجات”.

وتوضح أنها استطاعت شراء علاجين فقط بكلفة 170 ألف دينار من إحدى الصيدليات في شارع الأطباء قرب ساحة الواثق، ولم تتمكن من شراء البقية بسبب ارتفاع أسعارها “فاضطررت للتوجه إلى مناطق شعبية لعلي أجد    صيدلية تبيع بأسعار مناسبة”. وحتى في هذه الحالة لم تقل الكلفة الشهرية لعلاجها كاملا عن 250 ألف دينار.

وتضيف متساءلة عن حال الفقير الذي لا يمتلك المال الكافي لشراء العلاج، خاصة ونحن في بيئة تعاني من تلوث كبير تعرّض المواطنين لمختلف أنواع الأمراض!

وترى مروة أن هناك ضرورة لتدخل وزارة الصحة “ووضع حد لجشع أصحاب الصيدليات والأسعار العالية التي يفرضونها، مستغلين حاجة المواطنين الملحة للعلاج”.

تسعيرة دوائية غير منصفة

وعلى رغم الدور المنتظر لاعتماد التسعيرة الدوائية في توحيد أسعار الأدوية والسيطرة على استهتار بعض الصيادلة، إلا أن تسعيرة وزارة الصحة جاءت هي الأخرى مرتفعة.

وترى الصيدلانية مها عبد الله أن هذه التسعيرة “رغم أهميتها في توحيد الأسعار في جميع الصيدليات، إلا أنها تفتقد الدعم الحكومي وتحمّل المواطنين جميع الكلف المالية التي تترتب على استيراد الأدوية، وبضمنها أرباح الصيدلي وأرباح مكاتب الأدوية ومذاخرها وتكاليف الفحوص العلمية والاستيراد”.

جشع وسلوكيات غير انسانية

وتعبر مها عبد الله في تصريح لـ”طريق الشعب” عن اعتقادها بالقول “مهنتَيْ الطب والصيدلة أصبحتا عموما من المهن التجارية التي تستهدف الربح المالي وبالتالي ابتعدتا عن الغايات الانسانية”، مشيرة بذلك إلى سلوكيات الكثير من الأطباء والصيادلة في سعيهم لانتزاع أرباح متزايدة من المواطنين. وتُبيّن أن مندوبي بعض شركات الأدوية يقدمون للأطباء عروضا مغرية، مثل تأمين سفرات مجانية إلى الخارج لهم ولأسرهم “مقابل الترويج لمنتجاتهم وتوجيه زبائنهم المرضى لشرائها من صيدليات محددة يكونون قد اتفقوا معها مسبقا”.

وتفيد في هذا السياق أن الصيدلي يضطر إلى زيادة سعر العلاج الذي يبيعه للمواطنين، كي يحقق الربح الإضافي الذي يسد به كلفة رحلة الطبيب وعائلته.

وتضيف أن “بعض الأطباء يبدون، رغم دخولهم الجيدة، الموافقة الفورية على مثل هذه العروض الرخيصة، التي يدفع المواطنون ثمنها في النهاية”.

نوع آخر من الانتهاكات

وهناك نوع آخر من الصفقات غير الأخلاقية التي تتم على حساب المرضى تشير إليه الصيدلانية مها عبد الله، حيث يعرض الطبيب على الصيدلي أن يرسل إليه جميع مراجعيه المرضى لشراء الدواء من صيدليته مقابل 50 بالمائة من أرباح المبيعات!

وتقول عبد الله إن الصيدلاني الساعي لتصريف أدويته قبل انتهاء صلاحيتها يقبل في الغالب مثل هذا العرض، ويقوم عادة بتأمين حصة الطبيب عبر زيادة أسعار العلاجات التي يبيعها على المرضى، الذين يقصدونه بتوجيه من الطبيب ذاته.

أسعار خيالية

ووسط غياب الرقابة وعدم استقرار أسعار صرف الدولار، تصعد أسعار الأدوية في الصيدليات إلى مستويات يعتبرها الأطباء “خيالية”، لا تستطيع الطبقات الفقيرة وحتى بعض المتوسطة الحصول عليها.

وتقول الطبيبة د. وفاء إبراهيم المتخصصة بطب الأسرة إن إجراءات وزارة الصحة بفرض التسعيرة “خطوة بالاتجاه الصحيح، إلا أنها غير مدروسة، ولم تخفف من الأعباء المالية التي يتحملها الكثير من المواطنين، خاصة المصابين بالأمراض المزمنة والسرطانية”.

مسؤولية الوزارة والنقابة

وتعليقا على جشع بعض الأطباء والصيادلة ورفعهم الأسعار بصورة غير مسؤولة، ترى د. وفاء أن وزارة الصحة ونقابتي الأطباء والصيادلة هن المسؤولات عن ذلك.

وتوضح لـ”طريق الشعب” قائلة إن “الدور الرقابي الذي تؤديه لجان التفتيش المتكونة عادة من أعضاء في نقابتي الأطباء والصيادلة وممثل عن وزارة الصحة دور ضعيف، وهذا ما أدى إلى استفحال الممارسات البعيدة عن الانسانية وعن مهنة الطب”.

وتضيف مشددة على “الحاجة الملحة لتعزيز عمل لجان التفتيش المذكورة وفرض أشد العقوبات على كل من يستغل حاجة المواطنين للعلاج” ويرفع أسعار الأدوية.

فوضى في الاستيراد

ويقول الطبيب د. عماد حميد شلتاغ إن “هناك عجز حكومي عام عن تطبيق القوانين وغياب للرقابة يؤديان إلى التلاعب بأسعار صرف الدولار، على الرغم من التحديد الحكومي لها، وهذا ما يجعل كل صيدلية تتعامل مع المواطنين وفق رؤيتها الخاصة”.

ويشير شلتاغ إلى أن “الأداء الحكومي في إطار السيطرة على المنافذ الحكومية ضعيف”، وأن أغلب الأدوية التي تدخل إلى العراق “مجهولة المصدر وقد تحمل مؤشرات صحية خطرة على المواطنين”.

وبشأن التسعيرة الدوائية الموحدة يقول إنها “غير مدروسة وليست في مصلحة المواطنين، خاصة محدودي الدخل منهم “، ويضيف أن “ شعارها غير المعلن هو: من لا مال عنده لا دواء له”.

الصحة تعفي نفسها من المسؤولية

وينبّه د. شلتاغ في تصريحه لـ”طريق الشعب” إلى أن وزارة الصحة “اعتمدت في تسعيرتها الدوائية الموحدة على القطاع الخاص في استيراد الأدوية وفي توزيعها على الصيدليات دون أن تحدد لنفسها أي دور، فحمّلت المواطنين تكاليف مالية كان يمكن الاستغناء عنها والتخفيف عنهم”. مشيرا إلى أن لدى الوزارة كل الصلاحيات لتبني عملية الاستيراد والتوزيع على الصيدليات بأسعار مدعومة “بعيدا عن ممارسات التوزيع والبيع التي تشم منها روائح الفساد”.

ونقابتا الصيادلة والأطباء؟

ويستطرد قائلا إن الوزارة تؤدي إلى جانب نقابتي الأطباء والصيادلة دورا ضعيفا في الرقابة على سلسلة تجارة الأدوية، المتمثلة في الاستيراد وفي عمل مذاخر ومكاتب الأدوية “التي يهيمن عليها متنفذون بعضهم غير متخصص، وصولا إلى الصيدلاني الذي يخضع هو الآخر لضغوط مختلفة، تجبره على رفع أسعار العلاجات”.

ويؤكد أن الازمات الاقتصادية التي تواجهها البلاد والإجراءات غير المدروسة المتخذة ازاءها، جعلت ارتفاع أسعار الأدوية أمرا متوقعا “ولابد من سلسلة تدابير وقرارات سيادية لمعالجة الموضوع”.

من جانب آخر يذكر شلتاغ أنه رغم التطبيل الإعلامي للتسعيرة الدوائية الموحدة تبقى الوزارة حتى الآن “غير جادة في تنفيذها”، علما أن أسعارها كثيرا ما لا تراعي معاناة المواطنين، بل وتبلغ مستويات تفوق ما كانت عليه قبل تطبيق التسعيرة”.

وإزاء هذا كله يجد د.عماد شلتاغ أن “من الضروري تعزيز عمل فرق التفتيش الصحية والعمل الرقابي لوزارة الصحة ولنقابتي الأطباء والصيادلة، والأهم من ذلك رفد المراكز الصحية الحكومية بالعلاجات اللازمة بما يقلل اعتماد المواطنين على الصيدليات الخارجية”.

بماذا ترد وزارة الصحة؟

من طرفها تقول وزارة الصحة إن التسعيرة الدوائية الموحدة “مدعومة” وإنها “ماضية في تطبيقها فعليا بناء على توجيهات البرنامج الحكومي”.

ويضيف المتحدث باسم الوزارة د. سيف البدر أنها “التزمت تطبيق التسعيرة الدوائية عبر وضع اللواصق على الأدوية، والتي يستطيع المواطن من خلالها التعرف على سعر الدواء الموحد والثابت في جميع الصيدليات”.

ونفى البدر في جواب على سؤال “طريق الشعب” أن تكون التسعيرة الدوائية عالية وتتجاوز إمكانيات المواطنين، وقال إن الوزارة “حريصة على دعم المواطنين عبر توفير تسعيرة مدعومة لهم جميعا، خاصة المشمولين بالرعاية الاجتماعية منهم “.

وحسب د. البدر تتواصل جهود الوزارة بالتعاون مع نقابة الصيادلة، بهدف اعتماد التسعيرة الموحدة في جميع المذاخر والصيدليات الخارجية.

وماذا تقول نقابة الصيادلة؟

يرى نقيب الصيادلة د. مصطفى الهيتي أنه على رغم الجهود المتواصلة من قبل لجنة تسعيرة الأدوية التابعة إلى وزارة الصحة، والتي تشكلت وفق قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 40 لسنة 1970 ونص مادته 49 على تطبيق التسعيرة الدوائية الموحدة، فان هناك “الكثير من المعوقات التي تحول دون إنجاز المطلوب في التوقيتات المحددة، ومن ذلك عمليات تهريب الأدوية وعدم السيطرة على المنافذ الحدودية”.

وفي شأن اللجنة يقول متحدثا لـ”طريق الشعب” إنها تتكون من خمسة اعضاء، اثنان منهم من كبار الأطباء رشحهما وزير الصحة، والبقية يمثلون نقابة الصيادلة والشركة العامة للأدوية والمستلزمات الطبية وشركة أدوية سامراء.

التسعيرة وفق السوق العالمي

وبخصوص الآلية التي تعتمدها اللجنة في تحديد تسعيرة الأدوية قال د. الهيتي إن “هناك مقارنة تعتمدها اللجنة أولا لتحديد السعر، وهي تبدأ أولى خطواتها بمعرفة سعر الدواء المعين في بلد المنشأ، ثم سعره في دول الجوار، وبعد ذلك يجري تحديد سعر الدواء محليا بعد أن يضاف إليه ربح الصيدلي وضريبة الدخل وكلفة الشحن”.

ويضيف الهيتي أن السعر النهائي يثبت على شريحة خاصة تلصق بعلبة الدواء، كما يستطيع المواطن التعرف على السعر عبر برنامج خاص على جهاز هاتفه (الموبايل)”.

وجوابا على سؤال حول سبب ارتفاع أسعار الأدوية المحددة في التسعيرة الموحدة أفاد أن “خطوات عملية الاستيراد جميعا وضريبة الشحن تتم لقاء مبالغ كبيرة، كما أن هناك كثيرا من شركات المصدر وبسبب الخسائر المالية التي تكبدتها إبان جائحة كورونا، تحاول تعويض تلك الخسائر عن طريق رفع الأسعار”.

إلا أن د. الهيتي يؤكد أن “التسعيرة الدوائية الموحدة التي تم وضعها تنسجم مع أسعار السوق العالمية”.

الدعم لفئة محددة

وحول معاناة المواطنين من أصحاب الدخل المحدود في ظل هذه التسعيرة قال الهيتي إن وزارة الصحة “تعمل على توفير الضمان الصحي وتتحمل تكلفة العلاجات لبعض الفئات الاجتماعية، خاصة فئة المشمولين بالضمان الاجتماعي”.

وذكر ان الوزارة تمكنت حتى الآن من وضع تسعيرة موحدة لـ 15 ألف دواء، وأن هناك أدوية ذات جودة عالية وأعراض جانبية قليلة، تنتظر الوزارة وصولها إلى العراق، وهي خاصة بالأمراض السرطانية”.

جهود رقابية متواصلة

وحول الدور الرقابي لنقابة الصيادلة في الحد من جشع بعض الصيادلة وإيقافهم عند حدهم، أفاد نقيب الصيادلة انهم تمكنوا خلال عام 2022 من القيام بـ 15 ألف جولة تفتيشية على الرغم من الصعوبات، وان تلك التفتيشات شملت مكاتب ومذاخر الأدوية إضافة إلى الصيدليات، وانهم تمكنوا حسبما قال، بالتعاون مع جهاز مكافحة الجريمة المنظمة، من “غلق 220 محلا وهميا في بغداد، كانت تبيع الأدوية إلى المواطنين باعتبارها صيدليات، ليتبين في ما بعد أن أصحابها ينتحلون صفة الصيادلة لا أكثر”. مضيفا ان “هؤلاء عوقبوا باغلاق صيدلياتهم مع الحبس مدة 3 سنوات”.

ضعف الصناعة المحلية 

وتطرق د. الهيتي في حديثه لـ”طريق الشعب” إلى الشركة العامة لصناعة الأدوية، وذكر أن “هناك 23 معمل أدوية تعمل في عموم المحافظات، إلا انها تنتج أدوية نمطية لا تواكب التطورات في الصناعة الدوائية، فضلا عن كونها غير قادرة على تغطية أكثر من 20 بالمائة من حاجة السوق”. وهو يرى من جانب آخر أن دعم الصناعة الدوائية المحلية “لا يمكن التعويل عليه في التقليل من الكلف المالية للعلاجات، نظرا إلى كون البيئة المحيطة مكلفة بطبيعتها” حسب رأيه.

 ويبقى القول أخيرا إنه رغم مرور قرابة 7 أشهر على إعلان وزارة الصحة تطبيق التسعيرة الدوائية عبر الصيدليات، إلا أن المواطن لم يتلمس خطوات فعلية في هذا الاتجاه، حيث لا تزال تسعيرة الدواء خاضعة لمزاج أصحاب الصيدليات.

****************************************************************************************

رائد فهمي: نعم لتسعيرة دوائية موحدة لا تثقل كاهل المواطنين

وعن الموضوع قال الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي إن الواقع الصحي في العراق بات يشكل ملفا مرهقا للمواطنين عموما، خاصة مع انحسار الدور الحكومي وتراجع مستوى الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة في مستشفياتها ومراكزها الصحية، وقلّة ما يجري توفيره من الأدوية.

وأضاف : في بلدنا  يجبر المواطن على اللجوء إلى القطاع الخاص، الذي يحمّل المواطنين تكاليف عالية جدا لقاء الخدمات الصحية، وبضمنها كُلف الأدوية، فتسعيرة  الأدوية التي تعمل وزارة الصحة على وضعها، ذات مستويات مرتفعة ولا تؤمّن للمواطن حاجته منها، وهناك في الوقت نفسه أدوية متوفرة خارج الإطار الحكومي بأسعار أدنى، ولأسباب متباينة منها طرق التجهيز، وهذا يثير العديد من التساؤلات، بضمنها ما يتعلق بأهمية القطاع الصحي بالنسبة للحكومة، وبمدى ادراكها لضرورة زيادة الأموال المخصصة له في الموازنة السنوية، فهناك رأي عام  يقول بأن  مستوى هذه التخصيصات هو اليوم من بين الأدنى بالمقارنة مع دول عديدة، واليوم أيضا نرى مستوى الخدمات الصحية متدنيا كما ونوعا، وهذا الواقع يؤدي إلى تحميل المواطن الجزء الاعظم من تكاليف العلاج. فهذه التكاليف لا تتناسب اليوم مع مستوى الدخول اليومية والشهرية للمواطنين، الذين يواجهون واجب تأمين متطلبات المعيشة اليومية.

وبشأن تسعير الأدوية قال: إن ما تعمل عليه وزارة الصحة من فرض أسعار للدواء عالية بالنسبة للمواطنين، يجعل الكثيرين منهم عاجزين عن الحصول على العلاج المطلوب بسبب تجاوزه قدراتهم المالية، وهم في الوقت ذاته لا يجدونه في المراكز الصحية الحكومية، وأن المعالجة التي تقدمها الدولة بتطبيق التسعيرة الدوائية، لا تقدم حلا للمرضى الباحثين عن علاج، وهذا يضاف إلى عموم المشاكل المتعلقة بالسياسة الدوائية وأيضا بالضمان الصحي، فالدواء اليوم يخضع لمنطق السوق، بكل ما يتضمنه من منافسة وكُلف ودعاية واعلام.

وعن آلية وضع تسعيرة الأدوية أوضح بانها تتحدد في ضوء سلسة مراحل، أول حلقاتها قطاع خاص مستورد يذهب بها إلى المكاتب، ومن ثم إلى المذاخر، وأخيرا إلى الصيدليات. وفي كل مرحلة من هذه المراحل يجري استحصال أرباح مالية، وعند جمع هامش هذه الأرباح وإضافته إلى سعر الدواء، يتكشف سبب الارتفاع الكبير لأسعار الدواء النهائية، ولو كان الاستيراد مباشرا من قبل وزارة الصحة، لأمكن تجاوز جميع هذه المراحل المكلفة جدا بالنسبة للمواطنين، وبالتالي توفير الأدوية بأسعار مناسبة ومعقولة.

ومضى قائلا: إن المواطنين اليوم يعانون من واقع معيشي صعب، ونسبة الفقر تشمل 22 في المائة منهم، وهذا يضعهم في مواجهة مشكلة حقيقية حين يريدون تأمين العلاج، وذلك على الرغم من تأكيد الدستور على توفير الرعاية الصحية للمواطنين، لذا لابد من الارتقاء بدور الدولة، والعمل على تأمين الخدمات الصحية المجانية أو الرخيصة بجميع مراحلها، والعناية بالمؤسسات الصحية كماً ونوعاً، فضلا عن السيطرة على السياسة الدوائية بجميع مراحلها.

وبين الرفيق فهمي: إن اخضاع السياسة الدوائية لعوامل السوق، يعني أن من يمتلكون المال هم وحدهم الذين سيحصلون على العلاج الشافي، نظرا إلى النسبة الكبيرة من المواطنين الذين يعانون من الفقر الشديد، وإذا كان يراد للتسعيرة الموحدة للأدوية والعلاجات ان تكون خطوة في الاتجاه الصحيح، وان تنجح في الغاء التباين في الأسعار بين الصيدليات، فلا بد من توفير الدواء بأسعار مناسبة وألا يخضع للمنافسة في السوق.

مؤكدا: إن على وزارة الصحة تقليص مراحل استيراد الأدوية، لكونها تؤثر سلبا على أوضاع المواطنين، وهم بأمس الحاجة إلى العلاجات، ويضاف الى ذلك أن التسعيرة المنصفة يصعب تأمينها او تحقيقها، ما لم تعمل الحكومة على السيطرة على المنافذ الحدودية.

وخلص سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي: نحن نعمل على أن تتوفر تسعيرة دوائية موحدة، ولكن بأسعار مناسبة لا تثقل كاهل المواطنين، وأن على مجلس النواب أن يأخذ دوره الحقيقي في استحداث تشريعات جديدة في هذا الاتجاه، وتشديد الرقابة على تطبيق التشريعات النافذة في السياسة الدوائية، وفي كل ما يتعلق بالواقع الصحي.

عرض مقالات: