اخر الاخبار

لم يخلو عام 2023 كسابقيه، من النضال الدؤوب الذي خاضته النساء العراقيات لتأمين حقوقهن المشروعة، ومواجهة مسلسل التحديات التي عانين منها، وهن يسعين للعيش بكرامة ومساواة مع الرجل على مختلف الأصعدة. وقد تمكنت المرأة خلال العام الماضي، من كسر بعض الحواجز المجتمعية، خاصة تلك التي تتعلق بتقبل مشاركتها في الانتخابات والنشاط السياسي، على الرغم من محاولات التهميش والتسقيط والإقصاء.

جمود في تشريع القوانين

تقول المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات أمل كباشي لـ»طريق الشعب» إن «المرأة اعتادت أن تكون أول من يقدم التضحيات في مختلف الظروف حتى تلك التي تصنعها الصراعات السياسية». وتفيد كباشي، أن سنة 2023 «شهدت ركوداً على صعيد تشريع القوانين، وفي مقدمتها مناهضة العنف الأسري، بسبب العقلية الذكورية التي تهيمن على السلطة الشريعية. كما أن واقع حقوق النساء خلال العام الماضي شهد هجمة شرسة بسبب الفهم الخاطيء، أو تسويق فهم خاطيء، لمصطلع الجندر وذلك في محاولة لتحجيم مشاركة المرأة في الانتخابات». وتذكر أنه «على الرغم من التحديات الكبيرة تمكنت النساء من كسر الكثير من الحواجز، كما جرى في آذار 2023، حين تمكنت النساء من ارغام السلطات على إقرار الإستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية، التي تضمنت العديد من الركائز، أهمها تمكين النساء اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، كذلك ما تم في ختام عام 2023، حين شهدنا مشاركة جيدة للنساء في انتخابات مجالس المحافظات».

وتدعو كباشي إلى « ضرورة تضافر جميع الجهود لتعزيز عمل النساء خاصة الناشطات في منظمات المجتمع المدني التي تقع عليهن المسؤولية الأكبر لتوعية المجتمع النسوي وكسر الحواجز المجتمعية التي تعيق المرأة وتسلب حقوقها، ومنها ضمان حقها بالتعليم ومنع زواج القاصرات».

تقييد عمل منظمات المجتمع المدني

وتشدد كباشي على أن «منظمات المجتمع المدني واجهت العديد من القيود التي فرضتها السلطات خلال عام 2023، الأمر الذي أثر سلبا على الكثير من النشاطات خاصة تلك التي تتعلق بالمرأة والتي في العادة تُعرقل بالعقلية الذكورية التي تحاول في كل مرة إبراز هيمنتها».

عام سيئ

واعتبرت العضو السابق في لجنة المرأة بمجلس النواب، ريزان الشيخ دلير، العام 2023، أسوأ الأعوام التي مرت بها النساء، فيما يتعلق بمراكز صنع القرار. وتذكر لـ»طريق الشعب» أنه من الضروري أن تدرس النساء في نهاية كل عام، واقع حالهن للوقوف على أبرز ما قُدم للمرأة مقابل نضالها الطويل للمطالبة بحقوقها.

وتؤكد الشيخ دلير على أن «العام الماضي شهد تراجعاً في تحقيق مطالب المرأة مقارنة بالأعوام السابقة، اذ لم نشهد تحقيق اي انجاز قانوني، على الرغم من المطالبات». وتصف الشيخ دلير عمل لجنة المرأة البرلمانية بأنه « شكلي ولا يرتقي لمستوى المسؤولية في تحقيق ما تريده النساء في المجتمع».

عمل مقيد للنساء في البرلمان

وتلفت دلير إلى أن «عمل النساء في البرلمانات مقيد بسلطة الكتل السياسية التي تهيمن عليها العقلية الذكورية وبرامج الاحزاب الفاسدة»، محمّلة رئيس الوزراء محمد السوداني مسؤولية التراجع عن تحقيق مطالب النساء وتقييد دورهن داخل السلطة التنفيذية.

وتذكر أن التراجع في تمثيل النساء لا يقتصر على حكومة السوداني وعلى السلطتين التنفيذية والتشريعية، بل يتعدى واقع الحال إلى مستوى الحقوق الانسانية المتمثلة بمفوضية حقوق الانسان. وتشدد الشيخ دلير على أن «النساء في المجتمع بحاجة إلى قوانين تنصف حقوقها، أبرزها مشروع قانون مناهضة العنف الأسري الذي عُطل تشريعه عمداً في مجلس النواب».

عادات مجتمعية بالية

وتواجه النساء العديد من العادات المجتمعية البالية الي تسلبها حقوقها في التعليم والعيش الكريم. وبهذا الصدد، تقول رئيسة منظمة حمورابي لحقوق الانسان، ووزير الهجرة والمهجرين الأسبق باسكال وردا لـ»طريق الشعب» إن «الحكومة ومنظمات المجتمع المدني يتحملون كامل المسؤولية في مواجهة العادات المجتمعية التي تتعرض لها النساء، كزواج القاصرات وحرمانهن من التعليم، خاصة في المناطق الريفية التي تهيمن عليها العادات العشائرية».

وعدّت الوزيرة وردا واقع حال النساء خلال عام 2023 بأنه «دون مستوى طموح المرأة وأن هناك الكثير من محاولات التقييد والتسقيط لحقوق النساء».

وتطرقت إلى دور النساء في مراكز صنع القرار وقالت إن «انتخابات مجالس المحافظات شهدت مشاركة لا بأس بها للمرأة، إلا أن المهم ليس العدد، بل من يعمل على تمثيل واقع النساء، ويسعى إلى تحقيق مطالبهن، خاصة تلك المتعلقة بتشريع القوانين»، وتضيف «إن عمل النساء في مراكز صنع القرار مقيد وهو بحاجة إلى وقفة جادة لكسر هذه القيود».

وتشدد على أن «مشاركة النساء في مراكز صناعة القرار ضرورة، خاصة وان هناك نساء اثبتن جدارتهن بل وتفوقن على الرجال في العديد من ميادين العمل، إلا أنه وبسبب القيود، تم تحجيم عمل المرأة وبالتالي جعلها واجهة تعكس صورة إيجابية امام المجتمع الدولي، ليس الاّ».

الحكومة تتحمل المسؤولية

وتؤكد الوزيرة السابقة على أن «اجراءات رئيس الوزراء لانصاف واقع المرأة دون مستوى الطموح، خاصة وان عدم المساواة في فرص العمل والأجور ومراكز صنع القرار ما يزال واضحاً، ولم يتم ردعه إلى الآن، على الرغم من الوعود الكثيرة التي يُّروج لها، خاصة في اليوم العالمي للمرأة من كل عام».

وتضيف الباحثة في الشأن النسوي والمحامية تأميم العزاوي قائلة «ورغم أن المرأة لم تحقق مستويات عالية من كسب الحقوق ومن تحقيق الذات بسبب التحديات، إلا أنها على الطريق الصحيح، وتتقدم بخطى بطيئة لكنها ثابتة».

وتشير في حديث لـ»طريق الشعب» أن «عام 2023 كان عصيباً أمام النساء للمطالبة بحقوقهن، وكسب ذاتهن خاصة فيما يتعلق بتشريع القوانين التي تنصف المرأة في المجتمع»، لافتة الانتباه إلى بعض الإحصائيات التي تؤكد قولها بشأن تراجع قضايا المرأة، مشيرة إلى تزايد حالات العنف المبنية على النوع الاجتماعي والتي أصبحت بمثابة «إنذار» للخطر»، على حد تعبيرها.

هناك تقبل مجتمعي

وتفيد إلى أنه «على الرغم من التحديات التي تواجة المرأة، والساعية لتحجيم دورها في مراكز صنع القرار، إلا أن هناك تقدما في تقبل تمثيل المرأة من قبل المجتمع، ولمسنا ذلك في حصول عدد لا بأس به من النساء على أعلى الاصوات في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة». وعبرت العزاوي عن تفاؤلها حول واقع المرأة في المجتمع وكسرها للعديد من القيود التي تسيطر عليها، منبهة إلى أن «المرأة امام تحديات كبيرة لاثبات مكانتها مجتمعياً عبر منحها كامل الحقوق بالتعليم والعمل، وهو ما لا يتحقق إلا بتكاتف الجميع».

عرض مقالات: