اخر الاخبار

تعيش ملايين من النساء كربات منازل، تحت سيطرة مجتمع أبوي ذكوري بحت، يحدد ما يجب أن تكون عليه أمام الناس، ويعمل على الحد من قدراتها ويقلل من قيمة ما تصنع وتحقق مهما بلغ شأنه علوا. وتبدأ الفتاة، ومنذ طفولتها بتلقي الإشارات من قبل أسرتها بأنها فتاة، وعليها الكثير من الإشتراطات التي يعتقد المجتمع بصوابها.  المواطنة هناء حيدر من أهالي قضاء بلد، والتي أرغمها والدها مع اخواتها الثلاث على ترك التعليم بعد انهاء الدراسة الابتدائية، تقول لـ”طريق الشعب” إن “والدي كان لا يسمح بتعليم المرأة ظنا منه ان المرأة مهمتها إدارة الشؤون المنزلية لا أكثر، فيما كان يحرص على تعليم إخوتي ويحاسبهم حال تغيبهم ليوم واحد عن المدرسة إلى ان اتموا الدراسة الجامعية وبمختلف التخصصات”.

وتذكر أن ممارسات تحجيم المرأة خاصة في المناطق الزراعية لا يقتصر على حرمانها من التعليم بل يتعدى ذلك إلى إرغامها على الزواج.، وتشير إلى ان أختها الأكبر منها أرغمت من قبل إخوتها وبمساندة والدهم على الارتباط وهي ما تزال صغيرة ولا يتجاوز عمرها 17 عاما. وتفيد أن الهيمنة الذكورية على المرأة في المناطق الزراعية تتعدى إلى التدخل في جلوس المرأة ومع من عليها تناول الطعام على سفرة الغداء. وتؤكد هناء على أنها شخصياً قد تعرضت إلى الهيمنة الذكورية وذلك بتهديد زوجها لها على الزواج من أمرأة ثانية، إذا لم تلد طفلاً ذكراً.

لم تقتصر معاناة النساء ربات المنازل على المناطق الزراعية، ففي بغداد وعلى الرغم من اختلاف العادات المجتمعية إلا ان هناك الكثير من التحديات التي تعانيها المرأة. وتقول سارة ليث (25 عاما) إن والدها منعها من العمل بعد إتمام دراستها الجامعية. وتذكر لـ”طريق الشعب” أن “طموحي بعد الدراسة كان الحصول على عمل لتولي مسؤولية تدبير متطلباتي ومساعدة والدتي على تدبير بعض الشؤون المنزلية بحرية، خاصة وأن والدي كاسب وما يحصل عليه يسد متطلبات الغذاء اليومي لا أكثر”.

وتضيف سارة أنها وبعد تخرجها من كلية الإدارة والاقتصاد حصلت على فرصة عمل في أحد المراكز التجارية “إلا أن والدي عارض عملي ومنعني تحت تبرير (ماعندي بنية تشتغل) في وقت فرض فيه على أخي الذي لم يكن قد أتم تعليمه، على العمل لتحمل مسؤولية مصاريفي ومصاريفه الدراسية”.

وعن دور والدتها في مساندة طموحها أفادت سارة أن “والدتي إلى جانبي إلا انها غير قادرة على فرض موقفها على والدي الذي في العادة يستخدم القوة والصوت المرتفع حال معارضته”.

ولا تختلف معاناة المواطنة إسراء فاضل عن معاناة سارة الأسرية إلا أن إسراء تحدت واقعها واختارت الانفصال عن زوجها الذي منعها من التعليم والعمل وقصر دورها على إدارة الشؤون المنزلية وتربية الأبناء. وتقول إسراء لـ”طريق الشعب” إن زوجها وخلال أيام الخطوبة “وعدني بمساندة طموحي واكمال دراستي حتى الجامعية والعمل سوية على تربية أبنائنا”، وتتابع “وبالفعل تزوجت وانا مازلت طالبة في الصف السادس الاعدادي الا انه وبعد زواجي منعني من إكمال دراستي واقتصر دوري على الشؤون المنزلية وعندها بدأت مرحلة الخلافات اليومية”.

وتلفت إلى أنها لم تتحمل واقع الحال الذي لم ينسجم مع طموحها ونتيجة للخلافات الكثيرة وعلى الرغم من أنها رزقت بطفلين طلبت الطلاق مع التنازل عن كافة حقوقها باستثناء حضانة الأبناء.

وبعد صراع لعدة أشهر لاستكمال إجراءات الطلاق، تمكنت إسراء من اكمال دراستها الجامعية في الكلية التقنية والحصول بعدها على عمل في إحدى الشركات الاهلية وهي تطمح الآن إلى اكمال الدراسات العليا بتخصصها اضافة إلى استقلالية العيش مع اطفالها التي تتولى رعايتهم بمفردها.

عرض مقالات: