اخر الاخبار

في الوقت الذي تعمل فيه اللجنة القانونية البرلمانية على دراسة مشروع قانون حق الحصول على المعلومة، الذي دفعت به الحكومة الى البرلمان مطلع تشرين الاول الماضي، حذّر صحفيون من مغبة تشريعه وتمريره في ظل الظروف الحالية، لأسباب عديدة جوهرية تتعلق ببنية النظام السياسي والسلطة، وغياب البنية التحتية التي تساهم في تنفيذه، علاوة على ان المسودة المطروحة الان بعيدة كل البعد عن ضمان هذا الحق.

ويقول الصحفيون، ان هناك خللا وغيابا لفهم حق الحصول على المعلومة وان هذا المفهوم لا يزال مضللا وغير واضح بالنسبة لمجلس النواب واللجان التي تدفع من اجل اقراره.

وأقر مجلس الوزراء في 4 تشرين الاول الماضي، مشروع قانون حق الحصول على المعلومة واحاله إلى مجلس النواب لغرض تشريعه.

 مهمة شبه مستحيلة!

ووصف المرصد العراقي للحريات الصحفية، بنود مشروع القانون، بالمثيرة “للقلق والخوف”، مبيناً انه وفقاً للمقترح المطروح فإن تقصي الحقائق هو اشبه بالمهمة المستحيلة.

واكد المرصد ان “المقترح المطروح لقانون حق الحصول على المعلومة، يهدد بتقييد العمل الصحفي في العراق”، لافتاً الى أن “الحصول على المعلومة وتقصي الحقائق واكتشاف بعض الخفايا والملفات، اصبحت مهمة مستحيلة وهو ما يدعو للخوف والقلق”. واضاف، أن “من ينظر إلى البنود التي تضمنها مشروع قانون حق الحصول على المعلومة، فأنها تدل على انعدام حق التقصي عن بعض الملفات”، مشيراً الى أنه “في مرور الوقت قد تتخذ قرارات، لا تحد من حق الحصول على المعلومات بل منع الحصول عليها”.

 ما زال مضللا وغير واضح

وفي مستهل حديثها، أكدت رئيس مؤسسة نما للتطوير الإعلامي، امل صقر، أهمية وجود قانون حق الحصول على المعلومة.

وتساءلت عن مدى استعداد العراق كدولة من اجل اقرار مثل هكذا قانون او تطبيقه، قائلة: “نحن كنا نعمل على هذا القانون منذ عام 2015 وعلى مدى اربعة الى خمسة اعوام خضنا نقاشات وجمعنا الكثير من الآراء مع تجارب الدول التي سبقتنا في اقرار قانون حق الحصول على المعلومة”.

واضاف قائلة لـ”طريق الشعب”، “عملنا على صياغة مسودة لاقت ترحيبا ومقبولية في الدورة البرلمانية الثالثة، لكن مع الاسف اضطربت بعدها الاوضاع ولم نتمكن من الوصول الى اقرار هذه المسودة، لنفاجئ ان  المسودة التي نُضجت بشكل كبير على مدى سنوات وخضعت لنقاش واراء العديد من المنظمات الشريكة والاطراف سواء في الجهاز التنفيذي او التشريعي، قد اختفت من البرلمان، ولم تعد موجودة، وحلت محلها هذه النسخة التي اعدت من قبل هيئة النزاهة بموافقة من مجلس الوزراء، ثم اقرت من رئيس الوزراء الحالي، وذهبت الى البرلمان بهدف التصويت عليها”.

ولفتت صقر الى انها رفقة عدد من الناشطين والمعنيين جلسوا مع اللجنة القانونية “واعلنا تحفظنا على هذه المسودة على اعتبار انها مسودة هشة وتفتقر للكثير من الامور، ومنقوصة في مسألة التعريف لمفهوم حق الحصول على المعلومة، وما هي بنوده والية التنفيذ، وغيرها من القضايا، والسن القانوني الذي استند عليه القانون في بناء مهمة تطبيق القانون”.

واكدت ان هناك “الكثير من الاخطاء في المسودة المطروحة، وبالتالي قمنا برفض هذه المسودة ورفعنا مسودة القانون التي سبق وعملنا عليها، وطالبنا بطاولة مستديرة للمقارنة والنقاش حول المسودتين، مع تبيان الاختلاف بينهما، وما هي الجوانب الايجابية والسلبية فيهما، لكن الامر لم يتم على الرغم من المحاولة على مدى الشهور الخمسة الماضية”.

وخلصت الى القول انهم ثبتوا “موقفا رافضا” لتمرير المسودة الحالية كونها ضبابية، وأنها لا يعني الصحفيين والإعلاميين فحسب، بل كل افراد الشعب مستفيدون من القانون.

 وجود شكلي غير فعّال

من جانبه، قال الصحفي دولفان برواري، إنّ المفتاح الأساس لكل صحفي للعمل في مجال الصحافة هو قانون حق الحصول على المعلومة، وبالتالي لا يمكن العمل في مجال الصحافة والقيام بدورها في مراقبة عمل السلطات، ما لم يكن هناك قانون حق الحصول على المعلومة، الذي يتيح للصحفيين الحصول على البيانات والمعلومات التي على أساسها يمكن أن يكتبوا التحقيقات والتقارير المعمقة.

وأضاف على حديثه مع “طريق الشعب” عن مشروع القانون بالقول: إنّ “الكثير من المشاكل تتضمنها المسودة الحالية للقانون، وبالتالي لا يمكن أن نشرع القانون ما لم تكن هناك تحضيرات له تشمل إعداد كادر خاص لتنفيذ مهمة منح المعلومات لطالبيها، ورقمنة المعلومات الرسمية”.

وتابع برواري قائلا: إنّه “من المفترض خلال سنة كاملة يتم الإعداد للبيئة والبنية التحتية لهذا القانون وإعداد الموظفين الخاصين الذين سينفذون هذا القانون، ومن ثم يتم التفكير في تشريعه”، مشيراً إلى أنّ “القانون بشكله الحالي لا يتوافق مع المعايير الدولية لقوانين حق الحصول على المعلومة”.

ونوه الى ان “السلطات الحالية تسعى فقط الى إيجاد قانون حق الحصول على المعلومة قولاً من دون ان يكون قانوناً فاعلاً او نافذاً”.

وحذر برواري من مغبة تشريع وتمرير مسودة القانون الحالية: “لدينا مشكلة كبيرة في بنية السلطة التي لا تمثل كافة اطياف الشعب العراقي”، لافتا الى ان “القائمين عليها لا يمثلون اكثر من 25 في المائة من ابناء الشعب العراقي، اضافة الى ان التيارات الاخرى مغيبة بشكل كامل بضمنها التيار المدني”.

عرض مقالات: