اخر الاخبار

يُعبر السينمائيون العراقيون عن اسفهم لما حل بالعراق، الذي يعد صاحب اقدم الملاحم الدرامية في العالم  ـ ملحمة كلكامش، مؤكدين ان غياب التخطيط وتفاقم الفساد، يجعل تلك المبادرات مجرد فعاليات غير مجدية.

ضرورة ملحة

وفي زمن تعتريه تغيرات سريعة، يندرج قطاع السينما في العراق كقوة دافعة للتنوع الثقافي وتعزيز الفهم المتبادل. وبالتالي يشكل دعم هذا القطاع ضرورة ملحة، إذ ان السينما لم تعد مجرد وسيلة ترفيهية بل منبر فني يسهم في بناء الهوية الوطنية  وتشكيل وعي المجتمع.

ويمثل قطاع السينما مدخلا مهما للتعبير الفني عن قضايا المجتمع وتحدياته. وإلى جانب ذلك، يعتبر دعم السينما وسيلة لخلق فرص اقتصادية مستدامة. كما يتيح تطوير هذا القطاع للمواهب المحلية الفرصة للتألق ويسهم في جذب استثمارات وتعزيز الحركة الاقتصادية.

القطاع المهمل

في هذا الشأن، يقول المخرج السينمائي، يحيى العلاق  انه «لا يمكن القول ان هناك سينما في العراق، وما هو موجود من اعمال تنتج بمجهودات فردية، ومن واجب الدولة ان تدعم هذا القطاع المهم.

وتابع قائلا لـ«طريق الشعب»، ان «هذا القطاع مهمل. وبدورنا عملنا خلال 13 عاما - مجموعة من المخرجين منهم محمد الدراجي و المخرج اياس جهاد وحسن الجابري وسلام سلمان وعدي رشيد - على انشاء «الصندوق الوطني لدعم السينما العراقية» وهو صندوق مستقل، و قدمناه للبرلمان ووصل الى مرحلة التصويت لكن اندلعت انتفاضة تشرين حينها».

واضاف بالقول انه «تمت دعوتنا حينها ولكن لم نوافق على الذهاب. كنا معارضين للحكومة، قدمنا المشروع الان امام لجنة الثقافة النيابية، ورئيس البرلمان وافق، لكن حجر العثرة التي دائماً ما تكون في طريقنا هو دائرة السينما والمسرح وهيئة الرأي في وزارة الثقافة»، مشيرا الى ان «مدير الدائرة يظن ان هذا الصندوق سيقوض عمل الدائرة، وهذا بالطبع امر غير صحيح».

 ونوه ان «الصندوق ليس جهة انتاجية لينافس دائرة السينما والمسرح، بل هو جهة مانحة شبيهة بتلك الموجودة في دول الجوار. في السعودية انطلقت صناديق كثيرة دعمت الحكومة من خلالها قطاع السينما والدراما بما يقارب 380 مليون دولار، وبالنسبة لتركيا في العام 2024 خصصت منحة سنوية لدعم الدراما والسينما  مقدارها 195 مليون دولار، والاردن التي لا تملك موارد ومصادر دخل مثل العراق خصصت 120 مليون دولار لدعم قطاعي السينما والدراما».

وزارة الثقافة حجر عثرة

وبين العلاق ان «كل هذه الدول تدعم هذين القطاعين للترويج للبلد وثقافته ودعم القطاع السياحي خصوصا تركيا وايران اللذين تعرفنا عليهما من خلال السينما، بينما العراق  صاحب اقدم دراما واقدم قصة واقدم ملحمة في الكون، لا يوجد حتى اللحظة عمل يخصه بسبب عدم دعم هذا القطاع».

وعبر المخرج السينمائي عن امتعاضه وسخطه على ما يحدث: «15 عاما انقضت تعبنا خلالها وسئمنا من المناشدات ومشاريع القوانين التي اعددناها، وبكل صراحة نحن نعيش اليوم على سرير انعاش مع هذه الحكومات والمدراء العامين في وزارة الثقافة».

واوضح قائلاً «تحدثنا مع مستشار وزير الثقافة، واكد ان الصندوق ممكن ان يتأخر، واقترحنا بدورنا اطلاق منحة طوارئ لدعم الافلام السينمائية ودعم الشباب وقدمنا الملف اليه ومن ثم قُدم الى رئيس الوزراء، والاخير وافق عليه»، مبينا  ان المنحة قدرها 13 مليار دينار وقسمها مكتب رئيس الوزراء الى: خمسة مليارات للسينما وخمسة للدراما وثلاثة لدعم الكتاب والشعر والمسرح والفن التشكيلي».

واكد ان «وزارة الثقافة الان تعيد الكرة مرة اخرى، وتقف حجر عثرة بوجه هذه المنحة، والسؤال الذي يطرح نفسه الان مثلما طرحناه على الوزير : لماذا وزارة الثقافة تقف امام الصندوق وامام منحة رئيس الوزراء؟».

وذكر ان» سينمائيي العراق من كافة انحائه وايضا من هم في الخارج، اجتمعوا في دائرة السينما والمسرح واعددنا آلية للصرف وميزانية، ووقع اختيارنا على نقيب الفنانين جبار جودي مسؤولا لهذه اللجان، ولا نزال ننتظر الرد، لان لجان الدراما والادباء انطلقت، فقط السينما لم تطلق حتى الان»، محذراً من «استغلال المنحة والتعاطي معها على انها مقاولة، ونحن الان ننسق ونعمل على تنظيم احتجاج بطريقتنا الخاصة».

المنحة متلكئة

ولم يذهب المخرج اياس جهاد بعيدا عن زميله بشأن عدم وجود سينما في العراق، بقدر وجود افلام سينمائية تنتج بجهود فردية، عبر البحث عن داعمين، وصار لدينا هذا التراكم من الافلام.

ونوه في حديث مع «طريق الشعب»، الى ان «صناعة السينما تتطلب دعم دولة تنظر لهذا القطاع بعين الاعتبار وتسخّر جهودها لانعاش هذا القطاع. القضية ليست محصورة بالمهرجانات فيجب اولا ان تكون هناك صناعة تؤسس لوجود مهرجان، فما فائدة المهرجانات التي تنظم بدون صناعة؟ ان مهرجان العراق السينمائي الاخير كان مجرد منصة لعرض الافلام».

عائدات ضخمة

واكد جهاد إياس ان المنح والدعم «شيء جيد ولكن يجب ان نفكر بطريقة استراتيجية. اليوم منحة الطوارئ  لدعم السينما متوقفة ومتلكئة، بينما كانت قد اطلقت في نيسان من العام 2023  والى الان ليست هناك الية لصرفها، بخلاف الدراما والادب والتشكيليين وغيرهم ممن عملوا وحققوا نتائج جيدة بواسطة تلك المنح التي خصصت لهم».

ونبه الى ان ما هو افضل من المنحة هو ان يكون هناك صندوق دعم للسينما العراقية اسوة بما في السعودية و المغرب و تونس والعديد من البلدان العربية وبلدان العالم، منبها الى انه «يجب إقرار الصندوق بقانون وتخصيص مبلغ جيد له، واضافة الى كل هذا، فإن الاموال لن تذهب هباء انما ستكون هناك عائدات، فالسعودية تصرف على صندوق دعم السينما 300 مليون دولار. ووصلت هذا العام الى 350 مليون دولار، بينما وصلت عائداتها الى 600 مليون دولار».

وخلص الى القول ان «دعم قطاع السينما سيوفر فرص عمل للكثير من العاطلين في العديد من المجالات في مجالات السينما والاعلام والمونتاج وغيرها، واذا وصلنا الى مرحلة تطورت فيها الصناعة، سيؤدي ذلك الى ان يكون هناك شباك تذاكر مستقبلاً كما في مصر وغيرها من البلدان».

عرض مقالات: