اخر الاخبار

في بلد ينهشه الفساد من كل حَدَب وصوب، ويتصدر قوائم الدول الموبوءة بالفساد لابد للقوى المتنفذة فيه من التصدي لأية محاولة أو مسعى يقوّض فسادها أو يهدد مصالحها.

وواحدة من هذه المحاولات التي تحاول ان تحاصر فساد تلك القوى، هو نظام الدفع الإلكتروني.

والى جانب ذلك، لا يزال تطبيق هذا النظام بحاجة الى ثقة المواطن بالمصارف وهي المنعدمة عموماً، والى العروض التحفيزية والخدمات التي من شأنها جذب الغالبية التي تنأى بنفسها عن القطاع المصرفي.

الفاسدون يعرقلون..

وقال عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر: «اننا بحاجة الى «تكاتف مختلف الجهود لإنجاح هذا النظام، وإشاعة هذه الثقافة»، مشيراً الى ان «الفاسدين يعرقلون تطبيق هذا النظام، الذي سيقضي على الكثير من عمليات الفساد وتهريب الأموال».

وأضاف كوجر في حديث مع «طريق الشعب»، ان «نجاح نظام الدفع الإلكتروني في العراق مرهون بتعزيز ثقة المواطن بالنظام المصرفي. هذا الامر اضحى ضرورة كون الثقة معدومة في الوقت الراهن»، مبينا «اننا بحاجة الى إيجاد بنية تحتية رصينة لضمان تطبيق نظام الدفع الإلكتروني، وحماية أموال الناس وتعاملاتهم المالية».

3 في المائة فقط

بالعودة الى دراسة أعدها البنك المركزي العراقي عام 2018، فإن نسبة العراقيين الذين لديهم حسابات مصرفية لا تتجاوز 3.2 في المائة من مجموع سكان البلاد، ويبلغ عدد المصارف الحكومية في العراق 7 مصارف، إضافة إلى 25 مصرفا تجاريا أهليا، و3 مصارف أهلية إسلامية، و3 فروع لمصارف إسلامية أجنبية، وذلك وفق الموقع الرسمي للبنك المركزي.

أما عن عدد المصارف الأجنبية التجارية، فيبلغ 16 مصرفا لتركيا ولبنان وإيران والأردن، مع الأخذ بالحُسبان أن البنك المركزي وضع 7 من هذه المصارف تحت الوصاية مع تصفية أعمالها في البلاد عام 2020، مع وجود مكتب لمصرف «سيتي» الأميركي وآخر لمصرف «كوميرز» الألماني، حيث يتخذان من فندق بابل في بغداد مقرا لهما.

ليس صعباً ولكن..

وللغوص أكثر في التفاصيل، اعتبر المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، ان انتقال الشعب من اقتصاد قائم على الكاش والدفع النقدي الى الدفع الإلكتروني يمثل «قفزة كبيرة»، مؤكدا أن «الدولة هيّأت كل التشريعات والإمكانات لإنجاح عمل هذا النظام».

وأضاف قائلا لـ»طريق الشعب»، ان «الأهم هو تحول الدولة الى الدفع الإلكتروني وعدم تسلم اية معاملات نقدية، وهذا سيشكل تقدما بنسبة 50 في المائة في سبيل تعويد الناس على الدفع الإلكتروني. واعتقد ان دخول العراق في عصر المدفوعات الإلكترونية ليس بالأمر الصعب».

وأردف، أنّ «هناك 50 مليون هاتف ذكي في العراق، لذلك فان الامر سهل، لكن بشرط ان تكون هناك تسهيلات لعملية الدفع الإلكتروني»، مؤكداً انه في حال اصبحت جباية الدولة الكترونية، فستكون هذه خطوة مهمة.

وتابع قائلا: إن «هذا الملف أدخل الحكومة في حرب مع الفاسدين والمستفيدين من الوضع الراهن، الذين يبثون شائعات مضللة، ويعرقلون اي مساع تقوض فسادهم ونفوذهم».

واكد أن الحكومة ماضية في تنشيط وتوسيع العمل بهذا النظام، وستخضع هذه العملية الى تقييم بعد 6 اشهر، لمراجعة ما انجز.

وخمّن صالح، ان العراق خلال السنوات الثلاث المقبلة «سيغطي 70 في المائة من مدفوعاته عبر نظام الدفع الالكتروني».

اكثر من 90 تريليونا!

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن المشهداني، ان عملية التحول الرقمي حتى الآن لا تزال في بداياتها، فيما أكد أن التحدي الأكبر هو نشر هذه الثقافة وتعزيز ثقة الناس وتقديم ضمانات لهم بالحفاظ على أموالهم.

وقال المشهداني في حديث مع «طريق الشعب»، انه «حتى اللحظة لم نر أي تركيز على الإعلانات والترويج لثقافة الدفع الإلكتروني، بينما هذا الامر هو الأساس لتعزيز هذه الثقافة، وبالتالي سحب العملة من الجمهور».

وأشار المشهداني إلى ان «90 في المائة من العملة المصدرة مكتنزة لدى الجمهور، والتي تقدر بأكثر من 90 تريليونا. فالحكومة سعت عبر إجراءاتها الى تذليل العقبات، لكن المؤسسات المصرفية لم تقدم أية عروض جاذبة ومغرية للجمهور. ان تقديم الحوافز هو من اهم الأمور التي من شأنها ان تجتذب هؤلاء الناس».

وأكد ضرورة أن تتبنى الحكومة والمصارف موضوع الترويج، وان تقدم الاخيرة خصومات وعروضا تحفيزية تدعم التحول الرقمي. ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن هذا التحول، لا تزال اجهزة الصراف الالي محدودة الانتشار في مركز بغداد وفي منطقة الكرادة تحديداً.

عرض مقالات: