اخر الاخبار

لا يزال النظام الضريبي في العراق يواجه تحدياتٍ جسام، في مختلف مفاصله، لا سيما بنيته المتهالكة والمشاكل الكبيرة ذات الصلة بجوانبه الإدارية والقانونية والمالية، ما ادى إلى انخفاض نسبة مساهمته الحقيقية في الإيرادات العامة للدولة.

وبعد مرور شهرين على المؤتمر الذي رعاه رئيس الوزراء، وحمل عنوان «إصلاح النظام الضريبي في العراق»، ونوقشت فيه 12 ورقة متخصصة في عدة محاور من بين 40 ورقة تم تقديمها من جهات حكومية وأكاديمية وشركات القطاع الخاص والمنظمات الدولية؛ لا يزال مراقبون ينتظرون اصلاحات حقيقية، من شأنها تفعيل هذا القطاع المهم، وتمكينه من رفد خزينة الدولة وتعزيز ايراداتها العامة.

معايير دولية

وقال المتخصص في مكافحة الفساد، سعيد ياسين، ان احد مستلزمات رصد الاداء العام، هو الايرادات المالية النفطية وغير النفطية، داعياً الى ضرورة اجراء اصلاحات حقيقية وجادة للنظام الضريبي عبر الحوكمة والاتمتة.

وأضاف لـ «طريق الشعب»، ان «العراق لديه رصد للإيرادات النفطية، لكن هناك خللا في رصد الايرادات غير النفطية. وهنا قطاع الضرائب يندرج ضمن هذه القطاعات غير المرصودة»، معللاً ذلك بان «النظام الضريبي في البلاد لا يلبي متطلبات الشفافية، وعليه مؤشرات وملاحظات عن استغلال النفوذ الوظيفي في التقديرات الضريبية واستغلال النفوذ الإداري في التسامح بالتهرب الضريبي مقابل أموال».

وأكد ياسين الحاجة الى «نظام ضريبي الكتروني يفصح فيه المكلف عن ايراداته وممتلكاته وفق معادلات واضحة، وبالنتيجة يتم التقدير الضريبي على ضوء ذلك، وفق الوثائق الرسمية المعتمدة سواء كانت تجارية او عقارية او اي نشاط تجاري مشمول بالضريبة العامة».

وزاد على حديثه بالقول: «نحتاج الى أتمتة قطاع الجمارك، وان تكون هذه الاتمتة وفق المعايير الدولية، من خلال العمل التجاري بشكل عام او البيع والشراء في العقارات. مع الاسف ليست لدى العراق حتى الان قاعدة بيانات متكاملة بالممتلكات والسلع المشمولة بالضريبة»، مضيفا انه نتيجة لذلك «نجد تخلفا كبيرا في عملية رصد الايرادات الضريبية العامة».

واردف بالقول: ان «احدى صور الخلل في ادارة الضريبة، هي سرقة القرن على سبيل المثال،  نتيجة عدم التصرف بالأمانات الضريبية وتسوية الحسابات الضريبية بين المكلف والادارة العامة».

وعزا الخبير تلكؤ اصلاح هذا النظام لـ «عدم الاستقرار السياسي، حيث اننا مع كل حكومة ـ كل اربع سنوات ـ نبدأ من الصفر، ونهدر كثيرا من الزمن في تبني سياسات عامة منها السياسة المالية في استحصال الضرائب».

واكد ياسين ان هناك حاجة الى وضع سياسة عامة تعتمد من قبل كل الحكومات، مهما كان نوع الحاكم والجهة الحاكمة، لان هذا حق عام واجب التنفيذ وواجب التطبيق، وعلى المؤسسات العامة ان تدير هذه الاموال بشفافية ونزاهة».

وخلص الى القول انه «لا بد من حوكمة النظام الضريبي ونظام الجباية»، مشيرا الى ان «هذه القطاعات تبقى إيراداتها سائبة ويتحكم بها النفوذ الوظيفي، اذا لم تتم أتمتها. بمعنى ان الموظف هو الذي يتحكم في هذه التقديرات، وبالنتيجة يكون هناك ابتزاز مالي ورشى بتقليل او زيادة هذه النسب، وحرمان الخزينة العامة من هذه الايرادات».

بؤرة فساد

الخبير الاقتصادي، د عبد الرحمن المشهداني، قال ان «الهيئة العامة للضرائب هي بؤرة الفساد، لا متورطة فيه، وهذه نتيجة طبيعية عندما تترك الامور للمخمن. لكن هذا لا ينفي حقيقة وجود موظفين شرفاء ونزيهين ايضاً».

وحدد المشهداني احدى الاشكاليات بالقول: ان «المناصب لا تعطى على اساس المهنية والتخصص، ونرى اليوم الكثير من الموظفين لا يتمتعون بهاتين الصفتين. وبالتالي تتحول المؤسسة الى بؤرة للفساد»، متسائلا «ما الذي يتوقع من شخص يشتري المنصب الاداري؟».

واكد ان «اصلاح النظام الضريبي اضحى ضرورة ملحة ومهمة، خصوصاً اذا عملنا على الاتمتة وتحويل المعاملات الى رقمية، الامر الذي يمكن الحكومة من معرفة ايراداتها ضمن الحساب الموحد، وبالتالي الحد من الفساد».

ونوه بان «اجراءات اصلاح النظام الضريبي، سترفع من ايرادات الموازنة العامة بما لا يقبل الشك»، لكنه يرهن ذلك «بمتابعة رئيس الوزراء شخصياً لهذا الموضوع، والاشراف بشكل مباشر على تنفيذ خطوات الإصلاح، لكي لا تتكرر التجارب السابقة».

تهرب ضريبي

وانتقد عضو لجنة النزاهة النيابية باسم خزعل خشان، النظام الضريبي العراقي، مؤكدا انه بحاجة الى «إعادة صياغة لجميع القوانين المتعلقة به».

وقال خشان في حديث صحافي، أن «الهيئة العامة للضرائب تعاني من فساد كبير»، مستشهدا بقضية «سرقة القرن»، مشيرا الى ان «جميع دوائر الضرائب في بغداد والمحافظات «متورطة بالفساد»، وأن النظام الضريبي يفتقر إلى عقوبات صريحة للمتخلفين عن تسديد الضرائب، ما يؤدي إلى تهرب ضريبي واسع النطاق.

وأضاف خشان، أن «هناك خللا في عملية تدقيق الحسابات للأفراد والشركات المشمولين بالضرائب، وأن موظفي الضرائب يعقدون الإجراءات للحصول على مكاسب شخصية»، مشدداً على ضرورة «إعادة كتابة كل القوانين المتعلقة بالضرائب»، داعيا «اللجنة المالية ومجلس النواب والحكومة إلى العمل على تعديل الأنظمة الضريبية لضمان حقوق الدولة بصورة كاملة».

عرض مقالات: