اخر الاخبار

أثارت التسريبات الصورية الفاضحة لعميد كلية الحاسوب وتكنلوجيا المعلومات في جامعة البصرة، ضجة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها لم تكن مستغربة في ما يحدث في اروقة العديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية، من سلوكيات وابتزاز لم تتسرب الى وسائل الاعلام بعد.

يقول معنيون، ان هذه الحادثة وغيرها تشكل انعكاسا للفشل والفساد الإداري والأخلاقي الذي ضرب احد اهم مؤسسات الدولة في تربية الأجيال وبناء المجتمع.

محاصصة وفساد

وأصدر اتحاد الطلبة العام/ فرع البصرة بياناً تسلمته «طريق الشعب»، قال فيه ان هذه الحادثة ليست الأولى، معرباً عن استيائه إزاء ما تم تسريبه من فضيحة أخلاقية، إذ ان موضوع التحرش وابتزاز الطالبات، تحول الى ظاهرة تغلغلت في مختلف مفاصل قطاعي التربية والتعليم.

وقال البيان إن اتحاد الطلبة العام/ فرع البصرة يدين «هذه الأفعال المشينة التي تنتهك حرمة الحرم الجامعي، ونحمّل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المسؤولية عن الانهيار الأخلاقي في المؤسسات التعليمية، نتيجة لإسناد المناصب الادارية على اساس التوافقات الحزبية والطائفية والاثنية، وابعاد الكفاءات المهنية عن مواقع المسؤولية».

وأضاف البيان، انه «في الوقت الذي نطالب فيه باتخاذ أشد الإجراءات ضد مرتكبي هذه الأفعال المهينة للسمعة الأكاديمية، وعدم الاقتصار على تنحيتهم من مهامهم، ندعو إلى وضع آليات تحمي الضحايا وتساعدهم على تقديم شكواهم إلى الجهات المختصة من خلال لجنة وزارية تُشكل لهذا الغرض، بما يضمن سرية المشتكين، ويحافظ على أمنهم وسلامتهم».

فرصة لتصحيح المسار

يقول الدكتور محمد الربيعي، المستشار الفخري لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ان المشاهد الفاضحة «هزت ارجاء المؤسسة التعليمية، لتعيد الى الواجهة موضوع الفساد، لكن هذه المرة بصورة اشد وطأة لارتباطها بفضيحة أخلاقية تتعلق بالفساد الجنسي».

وتساءل الربيعي، «هل تشكل تلك المشاهد حادثة استثنائية ام انها جزء من ظاهرة أوسع لتفشي الفساد بمختلف أشكاله، المالي والأخلاقي والسياسي، في مختلف الجامعات؟»، مشيرا إلى ان الكثيرين يربطون هذه الظاهرة «بنظام تعيين القيادات الجامعية الذي لا يراعي الكفاءة والخبرة والإنجازات العلمية والبحثية، ولا يهتم بمهارات الإدارة والقيادة والاتصال والتعاون الدولي واللغات والبحث».

ويواصل حديثه أن «المناصب توزع على اساس المحاصصة البغيضة بين الاحزاب المتنفذة والميليشيات والقوى التي تتحكم برقاب الشعب، وتمسك بخناق العراق واهله».

ويجد الربيعي، أن هذا الحدث يفرض على القيادات الحكومية والوزارية اغتنام فرصته «لإحداث انقلاب في أسلوب تعيين القيادات الجامعية وذلك بقبر أسلوب المحاصصة كليا، والشروع بعمليات اختيار القيادات علنيا وبصورة شفافة، مع التركيز على توفر الصفات اللازمة في المرشحين، مثل الكفاءة الأكاديمية والعلمية».

ويخلص الربيعي إلى القول: «حان الوقت لوضع حد للممارسات السيئة والضارة، وضمان مستقبل افضل للجامعة وللطلاب».

انحدار كبير

ودان القيادي في الاتحاد علي احمد، التسريبات الفاضحة والتي تبين استدراج العميد للطالبات إلى مكتبه وابتزازهن وممارسة الفعل الخادش معهن، وتصويرهن دون علمهن.

وقال احمد لـ»طريق الشعب»، إنّ تنامي هذه الظاهرة يؤشر «انحدارا كبيرا تشهده مؤسستنا التعليمية، وتغلغل نهج المحاصصة والفساد، الذي أوصل أشخاصا غير أكفاء الى هذه المناصب المهمة والحساسة».

وأضاف، أن «الاتحاد أكد على ضرورة إبعاد العملية التعليمية عن المحاصصة السياسية الطائفية والمصالح الضيّقة»، مردفا ان «الاستمرار في هذا النهج منذ العام 2003 وتراكمه حتى الان، وإسناد مناصب الوزارة على اساس المحاصصة الحزبية والطائفية اوصلنا الى هذا الحال المؤسف».

ونبّه الى ان «هذه الحالة التي ظهرت للعلن لا تشكل شيئا امام المخفي عن الانظار، انما هي جزء بسيط من المأساة التي تحدث في الكليات والجامعات».

وتابع قائلا، إن «من الطبيعي ان يشعر أولياء الامور بالقلق والخوف على بناتهم، وهذا حق مشروع ومبرر، لكن هذه الظواهر تساهم اكثر في تعميق الازمة وحرمان الطالبات من الدراسة. ينبغي ان تكون هناك معالجات جادة وتطمينات من جانب المعنيين ومحاسبة ضعاف النفوس».

وأكد الجاسم، أن «الكثير من الطالبات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتحرش وغيرها، يلتزمن الصمت خشية من الادانة أسريا ومجتمعيا، وبسبب غياب وسائل التبليغ المناسبة».

شكاوى عديدة بابتزاز الطالبات

وفي هذا الصدد، قالت الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، سارة جاسم، إنّ هذه الحادثة «ليست جديدة، إنما نحن على علم بما يحدث، وتردنا شكاوى عديدة ضد ابتزاز الطالبات، لكنهن يفتقرن للدليل الملموس الذي يُمكّن الضحية من الشكوى والمطالبة بحقها».

وأضافت جاسم في حديث مع «طريق الشعب»، مشيرة ان «الحادثة التي شهدناها العام الماضي بتجرّؤ شابة على فضح متحرش من الحراس الأمنيين، ما أثار صدى كبيرا، وأصبحت قضية رأي عام».

واكدت ان هذه الحوادث تولد للأسف ردود فعل سلبية لدى الاهالي، وبالتالي قد تؤدي الى حرمان الفتيات من مواصلة التعليم الجامعي.

عرض مقالات: