اخر الاخبار

يطالب سكان مدينة الفلوجة، باستمرار، بإنقاذهم من آثار الأسلحة المحرمة دوليا التي ألقت بها القوات الأمريكية على المدينة ابان فترة الاضطرابات الأمنية عام 2004. إذ يعزون أسباب الأمراض السرطانية المتفشية بينهم، إلى آثار تلك الأسلحة. وفيما يشددون على أهمية ان يتدخل المجتمع الدولي لإغاثتهم، يؤكد طبيب من سكان المدينة أن من بين كل ألف مولود جديد، هناك نحو 147 مولودا مصابا بعيوب ولادية – حسب ما تنقله وكالات أنباء.

وفي نيسان 2004، شنت قوات الاحتلال الأمريكي هجوماً على الفلوجة، فواجهت مقاومة شديدة من جماعات مسلحة، ما دفعها إلى القيام بقصف جوي كثيف مكنها من اجتياح المدينة والسيطرة عليها في تشرين الثاني من العام نفسه.  ووفقاً لأطباء ومواطنين، فإن القوات الأمريكية استخدمت أسلحة محرمة دولياً في عملياتها، بما في ذلك الفوسفور الأبيض وذخائر اليورانيوم المنضب، الأمر الذي خلف تلوثا كارثيا. فيما يلفت باحثون إلى ان حالات سرطان الثدي لدى الإناث في الفلوجة، زاد عددها 10 مرات مقارنة بما كان عليه الأمر في العام 2003، اضافة الى تفشي سرطان الدم ووفيات الرضع واضطرابات النسبة الطبيعية بين المواليد والجنس، مشيرين إلى ان الآثار التي خلفتها تلك الأسلحة أكبر بكثير مما خلفته القنبلتان الذريتان اللتان ألقيتا على هيروشيما وناجازاكي عام 1945 - حسب دراسة نشرتها المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة، ومقرها سويسرا، عام 2010.

ما حدث كان وحشيا!

تنقل وكالات أنباء عن الطبيب سعدي الذهبية، قوله أن “ما حدث في الفلوجة كان وحشيا للغاية. فقد استخدم الأمريكيون أسلحة محظورة، ما أدى إلى ارتفاع نسب حالات العقم والتشوهات الخلقية والسرطانات”.

ويوضح الطبيب الذي يعمل في أحد مستشفيات الفلوجة، انه بعد 20 عاماً على المعارك، لا تزال آثار تلك الأسلحة قائمة. ويذكر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2007، أنه “في حين أن الكمية الإجمالية لذخائر اليورانيوم المنضب المستخدمة أثناء وبعد الغزو الأمريكي للعراق ظلت غير معروفة، إلا ان الأرقام التخمينية المأخوذة من دراسات مختلفة، تتراوح بين 170 و1700 طن متري”.

مأساة لا تطاق

يسكن المواطن خالد إبراهيم في “حي الجولان” وسط الفلوجة، والذي كان قد تضرر كثيرا بفعل الضربات الأمريكية. ويقيم هذا المواطن وعائلته في منزل طال القصف جزءا منه وحوّله إلى أنقاض.

يقول إبراهيم في حديث صحفي، أن معاناتهم لا تزال مستمرة رغم مرور 20 عاما، مبينا أن “حياتي تحولت إلى مأساة لا تطاق. فلدي ابنتان معاقتان”.

وتعاني ابنتا إبراهيم، نور (18 عاماً)، وميار (10 أعوام)، تشوهات خلقية في العمود الفقري والقفص الصدري. واضطرت الأولى إلى ترك المدرسة لأنها لم تعد قادرة على المشي، بينما لا تزال الثانية في المدرسة. وقد نصحها الطبيب بعدم حمل حقيبتها المدرسية، وربما الأمر مجرد مسألة وقت لتترك المدرسة وتلتحق بشقيقتها!

ويؤكد المواطن أنه على مر السنين أنفق كل مدخراته على علاج ابنتيه، وهو يرى ان هذه التشوهات سببها الأسلحة المحرمة التي ضربت بها القوات الأمريكية المدينة.

تصاعد الحالات السرطانية

اختصاصي التحاليل الطبية عبد القدوس حميد، يقول في حديث صحفي ان “الفرق الطبية لاحظت منذ عام 2010 ارتفاعا في حالات مرضية قد تكون مرتبطة باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا في العراق”، موضحا في حديث صحفي انه “على سبيل المثال، كانت الفلوجة تسجل في المتوسط 5 حالات سرطان لدى الأطفال شهريا. ثم استمر هذا المعدل في الارتفاع حتى وصل في العام 2018 إلى أكثر من 10 حالات شهريا”.

ويلفت الطبيب إلى ان الأسلحة المحرمة أت إلى ظهور أمراض لم تكن معروفة في الفلوجة قبل عام 2004، إضافة إلى حدوث حالات موت الجنين داخل رحم الأم، محذرا من كون آثار هذه الأسلحة ستبقى لسنوات طويلة، ما يجعل أهالي المدينة عرضة للسرطانات وللأمراض الغامضة – حسب تعبيره.

وفيما يطالب الطبيب المجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ المدينة من هذه الأمراض المميتة، يرى انه “من الناحية الطبية، يجب إخلاء الفلوجة وتدميرها ومنع دخول أي شخص إليها، إلا بعد بناء مدينة جديدة. فالمدينة القائمة اليوم أصبحت أرضا ملوثة ومليئة بالإشعاعات السرطانية والأمراض المستوطنة”!