اخر الاخبار

“يُعد المعلم رائد المجتمع والقدوة والمثل الأعلى في المجتمع. ويبقى المعلمون مربي الأجيال ومنوري العقول ومرشدي الإنسانية”، بهذه الكلمات، لخّصت سهاد الخطيب دور المعلم في المجتمع، فيما تحدثت عن رؤية الشيوعي العراقي لواقع العملية التربوية، في مناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي.

وسهاد الخطيب، عضو للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، ورئيسة لجنة المرأة في نقابة المعلمين بمحافظة النجف، وعضو فاعل بقطاع نقابة المعلمين العراقيين، إضافة إلى كونها مديرة مدرسة الرازي الابتدائية للبنات.

أزمة تخلف مزمنة

بدأت الخطيب حديثها بوصف واقع العملية التربوية في البلاد بأنه “سيئ، ومليء بالأزمات منذ عام 2003، بسبب الحروب والحصار والقمع، إضافة إلى وجود أزمة تخلفٍ مزمنة”.

وذكرت المتحدثة إحصائية لليونسكو أشّرت تدنياً في مستوى التعليم، بالرغم من أنه قد تطور بشكل إيجابي منذ تأسيس الدولة العراقية، واتسعت آنذاك ظاهرة الدراسة خارج العراق والعودة بمعارف وعلوم عكست مستويات عالية في التعليم المحلي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

وأضافت، أن “العراق كان يمتلك سابقًا نظامًا تعليميًا يُعد من أفضل الانظمة في المنطقة، وكانت نسبة القادرين على القراءة والكتابة في فترة السبعينيات والثمانينيات كبيرة، بسبب حملات مكافحة الأمية، الا أن الحروب التي خاضها النظام السابق والحصار أدى إلى تدهور التعليم وارتفاع نسبة الأمية”.

انتشار الأمية

وأشارت الى أبرز المشاكل التعليمية التي ظهرت بعد عام 2003، قائلة إنها تتمثل بـ “انتشار الأمية، حيث بلغت نسبتها 18 في المائة من مجموع السكان؛ انتشار المدارس الطينية في محافظات جنوب العراق ووصل عددها إلى 2000 مدرسة؛ قلة المباني الدراسية المناسبة؛ ما سبب ظهور الدوام المزدوج والثلاثي”.

وبحسب وزارة التربية يحتاج العراق إلى 9000 مدرسة.

وواصلت حديثها عن المشاكل الأخرى، قائلة: ان هناك تسربا للأطفال من مقاعد الدراسة، حيث تشير الأرقام إلى وجود مليون و200 ألف طفل لا يذهبون للمدارس، وهذه خسارة مستقبلية للمجتمع، وفساد مالي في ملفات بناء المدارس وطباعة الكتب المدرسية خارج العراق، وضعف كفاءة المعلم بالتزامن مع ضعف المناهج وطرق التدريس وعدم مواكبتها التطور، وتدخلات في مناهج التدريس ذات طابع سياسي وطائفي.

ونبهت إلى أن “تفاقم ظاهرة المدارس الأهلية والدروس الخصوصية، أثر سلبا في فاعلية التعليم العام”، معتبرة أن “70 في المائة من المدارس تفتقر إلى المياه النظيفة ودورات المياه الصحية، بالإضافة إلى رداءة جودة مختبرات العلوم والمكتبات والمرافق الأخرى”.

تحديات أمنية

وانتقلت الخطيب للحديث عن بعض التحديات الأمنية، حيث تلفت إلى أن “العديد من المعلمين والطلاب تعرضوا للتهجير القسري، بالإضافة إلى التعرض للاعتداء والاغتيال وحتى القتل”، مؤكدة وجود “تدخلات سياسية وسياسة محاصصة أثرت على تطوير البحوث الخاصة بالمناهج، وجعلت من النظام التعليمي مسيساً”.

وأكدت الخطيب، أن “المجتمع والتعليم مرتبطان مع بعضهما البعض فلا يمكن فصلهما؛ فالأول لا يمكن أن يتطور أو يحافظ على مكانته إذا لم يتساوَ مع المجتمعات الأخرى بالتعليم”.

القوانين التعليمية

وسلّطت الخطيب ضوءاً على عدم تطبيق القضايا التعليمية الموجودة في الدستور العراقي، منها المادة 34 من الدستور التي تنص على أن التعليم هو عامل أساسي لتقدم المجتمع، ويجب أن يكون مجانيًا وإلزاميًا في المرحلة الابتدائية. ومع ذلك، الواقع يظهر أن هناك تحديات كبيرة في تطبيق هذه المواد، حيث يعاني العراق من انخفاض في معدلات الحضور المدرسي وارتفاع في معدلات التسرب والأمية وتدهور جودة التعليم.

لا بيئة مناسبة للبحث العلمي

وفي ما يتعلق بالقسم الثالث من المادة 34، الذي يشجع على البحث العلمي ويدعم التفوق والإبداع، تجد الخطيب ان هناك تحدياتٍ في توفير البيئة المناسبة للبحث العلمي وتطوير الكفاءات العلمية في البلاد.

إجراء تغييرات شاملة

ومن أجل إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية في العراق، ترى الخطيب بضرورة إجراء تغييرات شاملة تتضمن تعديل المناهج التعليمية، وتوجيه الطلاب والتلاميذ نحو التفكير النقدي واستيعاب المنجزات العلمية والحضارية المعاصرة، وتوظيفها في مختلف مجالات العمل والاختصاص، بالإضافة إلى تخصيص موارد مالية كافية للاهتمام بتوفير الأبنية.

وتحث على ابعاد وزارة التربية ومديرياتها عن المحاصصة الحزبية والطائفية المقيتة التي ادت الى فشل ذريع في العملية التربوية، والسعي الى تنمية قدرات الطالب، واصلاح التعليم العالي واستقلالية الجامعات وحرمتها وعدم تقييدها بانتماء عقائدي او ايديولوجيا.

رؤية الحزب الشيوعي

بعد ذلك، تحدثت عضو اللجنة المركزية عن رؤية الحزب الشيوعي العراقي، في اطار تحسين واقع العملية التربوية، قائلة: إن الحزب يشدد على ضرورة إعادة النظر في نظام المناهج التعليمية وطرق التدريس بما يتلاءم مع التقدم العلمي والتقني، بالإضافة الى تشجيع الابتكار والبحث العلمي واعتماد فلسفة تربوية تعليمية تقوم على اساس قيم المواطنة والفكر التنويري.

وشددت على ضرورة “تخصيص الموارد المالية والبشرية لقطاع التربية والتعليم، واعتباره من الأولويات المهمة، والاهتمام بتطوير الكوادر التدريسية، واستكمال البرامج الوطنية المتعلقة بمكافحة الأمية وضمان مجانية التعليم وتفعيل القوانين التي تنص على الزامية التعليم في جميع مراحل الدراسة”، مضيفة أن الحزب يؤكد على ضرورة تشديد ضوابط التعليم الأهلي.

كما أوصت بضرورة الاهتمام بالنشاطات اللاصفية لأهميتها وتفعيل الروح الجماعية لدى الطلبة، وتحويل مجالس الآباء والمعلمين إلى هيئات ساندة للعملية التربوية، بالإضافة الى العمل بمبدأ استقلالية الجامعات، ورفض التعصب والتطرف بكل اشكاله واحترام حرية الرأي والحريات الأكاديمية.

عن نقابة المعلمين

ختاما، تحدثت الخطيب عن تاريخ نقابة المعلمين، حيث تأسست بعد المصادقة على قانون النقابة من قبل مجلس الوزراء في حكومة عبد الكريم قاسم رقم (٦٦) لعام ١٩٥٨، والذي ضمن (٣١) مادة تم تحديد أهدافها ونظامها الداخلي وفتح مراكز لها في الألوية والأقضية. ومن بين أهم أهدافها مكافحة الأمية وتهيئة الوسائل لتحقيق ذلك، ورفع كفاءة المعلم ومستواه الفكري، وتطوير طرق التدريس، والعمل على رفع المستوى المعيشي والاجتماعي للمعلم.

وتشير الخطيب إلى وجود بعض “الجهات الحكومية التي تسعى لتحجيم دور النقابات في الدفاع عن منتسبيها وأعضائها، ومحاولة الهيمنة على قراراتها، ما يفقدها هويتها النقابية”، مؤكدة “ضرورة التصدي لهذه التوجهات وبث الوعي بدور النقابات وأهدافها ذات الأبعاد الوطنية والاجتماعية، لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تنظيم فعاليات ونشاطات مطلبية وثقافية”.

واختتمت حديثها بالقول: ان نقابة المعلمين “شريك مهم وداعم للعملية التعليمية في العراق، من خلال المطالبات بدعم المعلمين اقتصاديًا ومعيشيًا، عبر توفير قطع الأراضي السكنية لهم في المحافظات، وكذلك مشاركتها في الدفاع عن منتسبيها في اللجان التحقيقية. بالإضافة إلى ذلك، تسعى النقابة لتفعيل قانون حماية المعلم، وصرف العلاوات والترفيعات لهم، وكذلك التنسيق للخطوات القادمة في العمل على برنامج محو الأمية في العراق وإدخال المعلمين في دورات تدريبية”.

عرض مقالات: