اخر الاخبار

عبّأ بلال مركبته بـ50 لترا من البنزين العادي في إحدى محطات تعبئة الوقود ببغداد، وقدّم لـ»البوزرجي» بطاقة الشحن ليستقطع مبلغ قيمة الوقود، فبادر عامل المحطة إلى سؤاله بلطف: هل يمكن أن يضيف 500 دينار عراقي على المبلع المستقطع؟ وافق السائق على ذلك.

في محطة الخلاني الحكومية، وسط العاصمة بغداد، اضطر مرتضى لأنْ ينتظر أكثر من خمس دقائق لإتمام عملية الاستقطاع من بطاقته، إذ أن «البوزرجي» الذي أخذ يلعن تلك الأجهزة كان قد جرّب اكثر من جهاز دفع الكتروني ولم تنجح المهمة إلا في ثالث جهاز.

وكان رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد وجه في (7 كانون الثاني الماضي) بتجنيب المواطنين أعباء مالية إضافية نتيجة العمولات، وذلك خلال اجتماع خُصص لمتابعة التحول المالي والاقتصادي إلى الدفع الإلكتروني، ونقاط البيع والتداول المالي بالبطاقات الإلكترونية (POS).

وباشرت شركة توزيع المنتجات النفطية، عملية تزويد المركبات بمادتي البنزين بنوعيه ( المحسن و السوبر) في بغداد وجميع المحافظات بالدفع الإلكتروني حصرا في 22 آذار الماضي، تمهيدا لشمول المنتجات النفطية كافة بهذه العملية.

اتهامات لمحطات التعبئة

يقول قاسم الحمداني (سائق من اهالي بعقوبة)، إنه تفاجأ عند ذهابه لمحطة اشنونا لتعبئة البنزين، برفض جهاز الدفع بطاقته الشخصية، ما اضطره للذهاب إلى كشك قريب لشراء بطاقة جديدة بـ10 الاف دينار.

ويضيف الحمداني لمراسل «طريق الشعب»، أن «جهاز الدفع لم يقبل سوى عدد محدود من البطاقات الشخصية. أما بقية البطاقات التي تعود لموظفين أو متقاعدين وغيرهم فانها تواجه بالرفض»، معربا عن استيائه من قبول الجهاز البطاقة التي يتم شراؤها من الكشك القريب فقط!».

ويلوّح السائق بوجود اتفاقات بين محطات تعبئة البنزين وبين شركات الدفع الإلكتروني التي تتحكم بعملية رفض أو قبول البطاقات».

ويشير الى ان أحد المواطنين كان يحمل بطاقة الكترونية تابعة لمصرف الرافدين، لم يتمكن من الدفع الالكتروني برغم محاولته لـ3 مرات، مشيرا الى ان «احد الموظفين في المحطة نصحه بشراء بطاقة جديدة من الشركة القريبة أو الحصول على بطاقة مصرفية جديدة، ما اضطر لشراء بطاقة الشركة القريبة من المحطة مجبرًا!».

ويتهم مرتضى عبد المنعم (سائق أجرة) الحكومة بأنها «تحاول استنزاف جيوب المواطنين، فليس من المعقول أنها تجهل وجود بطالة وفقر وشحة في فرص العمل»، مشيرا الى ان كثيرا من أجهزة قراءة البطاقات الذكية في محطات التعبئة لا تقرأ، ما يضطر السائقين للتأخر قليلا «دعما لعملية الدفع الالكتروني»!

ويؤكد عبد المنعم، انه تنازل عن تعبئة سيارته بالوقود المحسن، تجنبا للدفع الالكتروني: «كثيرا من أجهزة قراءة البطاقة تحمل اشارة ضعيفة، تضطر البوزرجي الى المحاولة أكثر من مرة ومع اكثر من جهاز لإتمام عملية الاستقطاع الإلكتروني»، مشيرا الى ان البوزرجي يخيّر السائق بين دفع عمولته كاش عبر ضمن المبلغ المستقطع من بطاقته.

تعطل أجهزة الدفع

وقالت دائرة المنتجات النفطية في محافظة ديالى، أن هناك تقارير تثبت تعطل أجهزة الدفع ورفض بطاقات الدفع الالكترونية في المحطات.

وأضافت، أن الشركة المسؤولة عن هذه المشكلة تدعى “أموال”، وقد تعاقدت مع شركة المنتجات النفطية والمصارف الحكومية، مشيرة الى اتخاذ «إجراءات من قبل الفرع المحلي للمنتجات النفطية لمعالجة هذه المشكلة وتقديم التسهيلات اللازمة للمواطنين، وتم إصدار توجيهات رسمية لاستقبال الحالات المرفوضة والتعامل معها بشكل فوري».

زيادة الوعي

يؤكد صالح رشيد، مهتم بالشأن المالي والمصرفي، إن موضوع الدفع الإلكتروني يمثل ظاهرة حضارية لا مجال للشك فيها، الا أن «العراق قد تأخر بشكل كبير في تطبيق هذه التقنية، حيث سبقته الدول المجاورة مثل إيران وتركيا والأردن والكويت ودول الخليج والسعودية بفارق زمني يمتد لعقد من الزمن».

ويضيف رشيد خلال حديثه مع «طريق الشعب»، أن استخدام التقنيات المالية الحديثة لا يزال يواجه العديد من التحديات في العراق، خاصة في ما يتعلق بالقضايا التقنية والمصرفية، مضيفا أن العراق «متخلف في ما يخص الدفع الإلكتروني، ويعاني من عدم السيطرة على تسرب الكتلة النقدية في السوق.

ويشير الى أن بداية تجربة الدفع الإلكتروني كانت في محطات الوقود في ديالى، حيث تم بناء كابينات في كل محطة لإدارة عملية الدفع الإلكتروني، مردفا أن هذا النظام يواجه بعض المشاكل، خاصة في ما يتعلق بتأخير عمليات التعبئة، حيث لا يملك الجميع بطاقات مصرفية، ومن لا يملك بطاقة يذهب لاستحصالها من الكابينات المتواجدة بالقرب من المحطة.

ويؤكد رشيد، ان «هناك عمولة تضاف الى المبلغ المستقطع عند كل عملية تعبئة، لمن واين تذهب؟»، مضيفا أنه «في بعض الاحيان لا يكفي المبلغ الموجود في البطاقة لاتمام عملية التعبئة، فيضطر المواطن للدفع الى البوزرجي».

ويشدد رشيد على ضرورة متابعة هذه الجهود يوميًا من قبل الجهات المعنية، بما في ذلك دائرة المنتجات النفطية والمواطنين والشركة العالمية للبطاقة الذكية، بالتعاون مع المصارف الحكومية والاهلية، لمعالجة أية مشكلات قد تحدث».

نسبة لـ»البوزرجية»!

يقول أحد «البوزرجية» في محطة تعبئة وقود أهلية للمواطن بلال أحمد، ان العمولة التي تضاف على المبلغ المستحق للاستقطاع عن قيمة الوقود المعبأ، تعطى «كاش» في نهاية وقت العمل اليومي لـ»البوزرجي» من قبل صاحب المحطة، وبالتالي فان ادعى هيئة توزيع المنتجات النفطية بعدم وجود عمولات او مبالغ اضافية مستقطعة غير صحيحة، كون «البوزرجية» لم يتقبلوا حتى الان التنازل عن تلك العمولة التي يستخدمون وسائل مختلفة لاجل استحصالها.