اخر الاخبار

تواصل بغداد والمحافظات تسجيل حوادث سير يوميّة تخلف ضحايا بين قتلى وجرحى، في مشهد بات يشكّل أحد أبرز مسبّبات الوفيات في البلاد. يأتي ذلك في ظل استمرار تعثر الحكومة في وضع حلول جادة لمشكلة تهالك الطرق، وفي فرض قوانين مرورية صارمة.

ومنذ 2003 لم تخضع شبكة الطرق لأي صيانة حقيقية أو تطوير، سوى بنسب قليلة هنا وهناك، ما أخرج الكثير من الشوارع عن اشتراطات السلامة، وجعلها مليئة بالحفر والتشققات وبلا علامات مرورية دالة أو اضاءة. 

في تقرير صحفي نشر أخيرا على الموقع الالكتروني لمجلس القضاء الأعلى، يكشف عدد من القضاة عن جملة من أسباب حوادث السير في العراق، مؤكدين أن هذه الحوادث التي يكون بعضها مميتا، غالبا ما تحدث بسبب قدم شبكة الطرق ورداءتها، إلى جانب إدخال العجلات إلى البلاد وفق سياسات غير مدروسة، وغير ذلك من الأسباب.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط، فإن حوادث السير حصدت 3 آلاف شخص في العام 2022.

سياسات غير مدروسة

يرى القاضي ضياء الكناني، أن “الارتفاع الخطير في معدلات حوادث السير وحالات الدهس، يعود إلى السياسات غير المدروسة في استيراد المركبات والدراجات ووسائل النقل الأخرى، بكميات هائلة لا تتناسب مع حاجة البلاد، ولا مع القدرة الاستيعابية للطرق”.

ويضيف قائلا أن “غالبية المركبات المستوردة، لا تتوافر فيها مواصفات السلامة والأمان العالمية، بل إن معظمها من مناشئ غير رصينة”، مشيرا إلى أن “ذلك يأتي في ظل غياب شبه تام لدور أجهزة المرور في متابعة ورصد توافر شروط السلامة والأمان في المركبات، التي دخل عدد كبير منها على أساس إنها قطع غيار، وبالتالي استخدمت كمركبات تسير على الطرق”.

ويعدّ عام 2021 أكثر الأعوام ارتفاعا في الحوادث المرورية. إذ سجل 8286 حادثا، توفيّ فيها 2152 شخصا.

السرعة وعدم الالتزام بالقوانين

من جانبه، يذكر القاضي عمار رشيد الحيالي، أن “أكثر الحوادث التي تحصل على الطرق السريعة سببها السرعة الشديدة”.

وعن حوادث الدهس يقول أن “سببها في الغالب عدم عبور المواطنين من الأماكن المخصصة. كما أن الدراجات النارية وعجلات الـ تك تك تسببت في حوادث دهس كثيرة. فسائقو هذه العجلات يسلكون الطرق السريعة دون أن تتوافر لديهم شروط السلامة”.

وينوّه الحيالي إلى أن “أكثر القضايا المعروضة في المحاكم حول حوادث الدهس، نجد فيها أن صاحب المركبة المتسبب في الحادث، من الشباب والأحداث. فهؤلاء يقودون غالبا سياراتهم الحديثة بصورة متهورة. كما أن قسما كبيرا من الحوادث يكون المتسبب فيه، في حالة سكر، أو من غير الحائزين على إجازة سوق”.

فيما يقول القاضي وسام امين أن “منح اجازات السوق لغير المؤهلين لقيادة السيارة، وعدم الالتزام بفحص السيارات الداخلة للعراق ومعرفة مدى مطابقتها شروط السلامة والأمان، وعدم قدرة الشوارع على استيعاب هذا العدد الكبير من المركبات، كلها أسباب ساهمت في زيادة حوادث السير، يضاف إليها إهمال وضع العلامات والإشارات المرورية المتعارف عليها عالميا في الشوارع والطرق الرئيسة، والتوعية بها. فغالبية طرقنا تفتقر لأبسط القواعد المرورية، ومنها خطوط العبور”.

لا تنسيق بين “المرور” و”الطرق والجسور”

ويلفت القاضي أمين، إلى أنه “نلاحظ عدم وجود تنسيق وتعاون بين المؤسسة المرورية والجهات المعنية بإنشاء الطرق والجسور، من أجل معالجة مشكلة تلكؤ الحركة المرورية، سواء في مجال تعبيد الطرق الرديئة أو إنشاء طرق جديدة أو مجسرات أو جسور”.

ويؤشر القاضي أيضا “عدم إلمام بعض السائقين بالأنظمة والتعليمات والقواعد المرورية، من ناحية ارتداء حزام الأمان والالتزام بالسرعة المحددة، والصيانة الدورية للمركبة”.

الطرق لا تستوعب أعداد المركبات

القاضي علي خليل سلوم، يرى أن هناك أسبابا عديدة لتصاعد حوادث السير، منها “الزيادة الكبيرة في أعداد السيارات مقابل عدم تأهيل الطرق أو توسعتها أو تطويرها بما يوازي هذه الأعداد. يضاف إلى ذلك قلة وعي الكثيرين من سائقي المركبات بشروط السلامة والأمان. كما أن نسبة كبيرة من سائقي المركبات والدراجات النارية، من الأحداث أو من غير ممنوحي إجازات السوق”.

أما بالنسبة لحوادث الدهس، فيرى القاضي إحسان مجيد حنون أن “تلك الحوادث تتلخص في عدم الالتزام بالعبور من الأماكن المخصصة، وعدم استخدام جسور عبور المشاة، فضلا عن وجود عيوب وتخسفات وحفر في بعض الطرق”.

بدوره، يذكر القاضي وهاب احمد الدرب أن “عدم وجود سياج أمني في أغلب مناطق الخطوط السريعة، تسبب في حصول حوادث كثيرة. فهناك فتحات غير نظامية على هذه الطرق، خاصة أمام محطات تعبئة الوقود. كما أن هناك قلة في الجسور، لذلك يضطر سائقو المركبات إلى استغلال هذه الفتحات للعبور إلى الجانب الآخر،

وبالتالي يتسببون في حوادث”، لافتا إلى “انعدام الإنارة على طرق المرور السريعة، وهذا سبب آخر للحوادث المرورية”.

حلول مقترحة

بخصوص الحلول المقترحة للحد من حوادث السير، يرى القاضي عمار الحيالي أنه “من الضروري منع الدراجات النارية وعجلات الـ تك تك من سلك الطرق السريعة. كما يجب على دوائر المرور التشديد في إجراءات منح إجازة السوق، ويجب أيضا وضع جسور للمشاة في الطرق السريعة، كذلك في مناطق العبور المزدحمة”.

أما القاضي علي خليل سلوم، فيرى أن “الحد من الحوادث يتطلب تأهيل الطرق وتوسيعها، مع استحداث أخرى، بما يوازي أعداد السيارات.

يضاف إلى ذلك بناء جسور لعبور المشاة وتحديد مناطق للعبور”، مشددا على “أهمية التوعية الإعلامية بمخاطر الطرق،

وإلزام السائقين بإصدار إجازات السوق، وتفعيل الإشارات الضوئية وتعزيز الطرق بالعلامات المرورية الإرشادية، واستخدام مطبات لتقليل السرعة كلما دعت الضرورة”.