اخر الاخبار

بأسف شديد، يشاهد أهالي الموصل يوميا أطلال فنادق مدينتهم الرئيسة، التي كانت سابقا أماكن لإقامة السائحين، قبل أن تدمرها الحرب، وتنساها يد الإعمار منذ التحرير 2017 حتى اليوم.

وتوجد في الموصل 3 فنادق كبيرة، إلى جانب عشرات أخرى متوسطة. ولغاية الغزو الأمريكي للعراق 2003، كانت الفنادق الكبيرة، وهي: نينوى أوبري الدولي، والموصل الدولي وآشور، تعمل بإشراف حكومي. وكانت تستقطب السائحين من مدن العراق إضافة للوفود الرسمية، غير أن القوات الأمريكية حوّلت أبنيتها التي تعرضت للنهب، إلى مقار لها لفترة مؤقتة، وبعد انسحابها منها لم تعد الحياة إليها، بسبب تردي الوضع الأمني.

في العام 2009، أعيد افتتاح فندق نينوى الدولي بعد إعادة تأهيله، واستمر في العمل خلال العام الأول من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، الذي حول اسمه إلى “فندق الوارثين”.

وفي العام 2017، تعرضت فنادق الموصل إلى الدمار بعد تلقيها ضربات من طائرات التحالف الدولي. إذ أصيبت أساسات فندق نينوى ودمر بنسبة 50 في المائة، فيما ألحق بفندقي الموصل وآشور دمار كبير.

وبعد تحرير المدينة لم يدرج موضوع الفنادق على لائحة الإعمار، على اعتبار أن بعض الملفات أكثر أهمية. وبالرغم من ذلك، أن غالبية مستشفيات المدينة، والتي تعد من أهم البنى التحتية، لا تزال تعمل في مواقع بديلة بسبب عدم إعمارها أو تأخر إكمال المحال منها للتنفيذ!

حاجة ملحة

خلال الفترة الأخيرة بدأت الموصل تشهد استقرارا أمنيا واقتصاديا، وصارت تستقبل وفودا من السائحين المحليين والأجانب، الذين يزورون المدينة للاطلاع على معالمها التاريخية وشواهدها الحضارية. كما أقيم في المدينة نهاية نيسان الماضي، مهرجان الربيع، الذي يعد أهم حدث ثقافي شعبي في الموصل، ومع انطلاق المهرجان ظهرت حاجة ملحة لوجود فنادق تؤوي السائحين.

حاليا في الموصل 9 فنادق صغيرة فقط، وهذه لا يمكنها استقبال الوفود الرسمية، واستيعاب الأعداد الكبيرة من السائحين المحليين. كما انها تعتبر فنادق بسيطة من الدرجة الثالثة والرابعة. وفي الجانب الأيسر من المدينة، وعلى ضفاف دجلة، يوجد مجمعان سياحيان، هما: “السدير” و”القرية السياحية”، وهذان يستقبلان السائحين، لكنهما لا يسدان الجزء اليسير من الحاجة، ولا يقدمان الخدمة الفندقية المطلوبة.

يقول الناشط عمر محمد، أن الموصل بحاجة ماسة لوجود فنادق قادرة على استقبال السائحين، مؤكدا في حديث صحفي أن هناك حملة كبيرة أطلقها ناشطون تحت عنوان “الموصل مدينة سياحية”، تروّج للمواقع التراثية والتاريخية في المدينة.

وأشار إلى أن “موضوع إعمار الفنادق أهملته الجهات الحكومية عقب استعادة السيطرة على المدينة، وهو ما أثر سلبا على ملف الإعمار، كون الشركات الاستثمارية لا ترغب في زيارة المدينة بسبب افتقارها للفنادق”، مبينا أن “وعودا كثيرة بتأهيل الفنادق، أطلقها مسؤولون، لكنها لم تتحقق حتى اليوم”.

الحكومة صمّت آذانها!

“مجلس أعيان الموصل”، وهو مجلس اجتماعي مستقل، وجه دعوة للحكومتين المحلية والمركزية، لتبني موضوع إعمار فنادق المدينة، على اعتبار أن هذا الأمر يدعم التطور الاقتصادي الذي تتطلع نينوى للوصول إليه.

وفي حديث صحفي، يقول ممثل المجلس لازم حميد، أن “حكومتي بغداد ونينوى أصمّتا آذانهما طيلة السنوات الست الماضية أمام المطالبات الشعبية بإعادة تأهيل فنادق الموصل”.

ويرى أن “على نواب نينوى التحرك من أجل إعادة إعمار الفنادق الرئيسة، ومنح تسهيلات لأصحاب الفنادق الصغيرة”، مؤكدا أن “وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني، وعد بإعمار فنادق الموصل خلال وجوده في الوزارة”.

ويلفت حميد إلى أن “الإدارة المحلية في نينوى ارتكبت أخطاء عدة في مجال إعمار الموصل. فهي خصصت الكثير من المبالغ لمشاريع ثانوية، كصيانة الأرصفة وتبليط الشوارع، بينما تركت المشاريع الحيوية المهمة كالمستشفيات والفنادق والجسور”.

لا سياحة بدون فنادق

من جانبه، يقول الصحافي والمخرج التلفزيوني حسان كلاوي، أن “الحياة بمختلف أشكالها بدأت تعود إلى الموصل، ولكن ببطء شديد”،

مبينا في حديث صحفي أن “عودة الحياة السياحية والثقافية لا تتم من دون وجود فنادق تستقبل السائحين والزائرين”.

ويؤكد أن “الكثير من الفعاليات الثقافية التي تعمل الأوساط الفنية في نينوى على تنظيمها، تصطدم بمشكلة سكن الوفود المشاركة القادمة من محافظات أخرى”، لافتا إلى أن “الأهالي مضطرون لاستقبال أي زائر للمدينة في دورهم الخاصة، لعدم وجود فنادق في الموصل”.

وضع الحجر الأساس

 لإعمار فندق الموصل

وضع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الجمعة الماضية، حجر الأساس لمشروع إعمار فندق الموصل الدولي، بعد أن أحالته وزارة الثقافة إلى شركة عالمية.

ووفقا للوزارة فإن المشروع سينفذ في مدة أربع سنوات، وسيكون تصميم الفندق مستوحى من البوابات الآشورية بطريقة عصرية، وسيضم المبنى 19 طابقا مؤلفا من 400 شقة وغرف ثنائية وثلاثية وأخرى لذوي الاحتياجات الخاصة.

وقال معاون محافظ نينوى لشؤون التخطيط رعد العباسي، أن أعداد السائحين بدأت تزداد في نينوى، ما يوجب إعمار الفنادق، لافتا إلى أن “الفندق الذي أحيل للإعمار، من المفترض أن يعاد بناؤه بأفضل مما كان عليه. فمخطط المشروع يتضمن إنشاء فندق ومول ومسابح ومنتجع يطل على دجلة”.

عقبات أمام النشاط السياحي

إلى ذلك، يؤكد عضو مجلس محافظة نينوى (المجمد حاليا) أصيل شاهين آغا،

أن “هناك عقبات تعيق عودة النشاط السياحي إلى الموصل،

أهمها عدم جدية الحكومة في إعمار المرافق السياحية والأثرية التي تعد العنصر الأهم في جذب السائحين”.

وينوّه في حديث صحفي إلى أنه “رغم ضخامة الأموال التي دخلت إلى المدينة منذ التحرير،

 إلا أننا لم نجد حتى الآن أي مبادرات على أرض الواقع لإعادة إعمار الفنادق الرئيسة”،

مشيرا إلى أن “هناك شركات ومستثمرين ورجال أعمال يرغبون في المشاركة في إعمار الفنادق،

لكنهم لم يفلحوا بسبب ضعف قانون الاستثمار والإجراءات الروتينية المطولة والمعقدة والشروط الصعبة، فضلا عن الابتزاز والمساومات من عصابات فساد منظمة.

فهذه العصابات تجبر رجال الأعمال على دفع نسب معينة من الأموال لقاء منحهم اي مشروع”.