أعلنت الحكومة ووزارتا الزراعة والموارد المائية ومؤسسات حكومية عدة، عن حملة واسعة للتشجير وتوسيع المساحات الخضراء في المدن.
ولاشك ان هذه الخطوة وأن جاءت متأخرة، ضرورية ومفيدة لأجواء بلادنا، خاصة في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة. وربما تسهم في الحد من تأثيرها فيما نحن لا نزال نعاني من تذبذب في ساعات تجهيز الكهرباء، التي لم تستقر على حال منذ عام 2003 حتى الان رغم المبالغ الضخمة التي صرفت عليها.
وهذه طبعا ليست المرة الأولى التي يعلن فيها عن اطلاق عمليات تشجير في بلادنا، وقبل هذا وخلاله قدم عديد من المشاريع لاقامة احزمة خضراء، لكن معظمها لم يرَ النور، والقليل منها هلك جراء عدم الادامة وغياب العناية والمستلزمات الضرورية، خاصة في ظل تنازع الصلاحيات على مشاريع الخطة الاستثمارية الاتحادية ومشاريع تنمية الأقاليم.
لا جدال في انه امر جيد ان يجري تشجير وادامة الخضرة في المدن، لكن هذا لا يعالج مشكلة التصحر التي يجري الحديث عنها، او التصدي لموجات الغبار الذي يتطلب معالجات أخرى لم تبدأ بعد، وربما لم توضع على جدول العمل أصلا.
القوانين والتعليمات التي تُعتمد لا بد ان تنفذ في نهاية المطاف، والا ما الحاجة الى تشريعها وإقرارها. والمواطن معنيّ بكل اساسي فيها، فهو المستهدف أولا، ويفترض انها لمصلحته توضع وتُسن.
وهناك من هذه القوانين والتعليمات بل وحتى من التوجيهات والقرارات الرسمية، ما يمس مباشرةً حياة المواطنين ويُيسّر شؤونهم اليومية، ومنها مثلا حصولهم على الوثائق الرسمية التي تمس حاجتهم اليها ولا غنى لهم عنها.
فكيف للمواطن ان ينفذ تلك القوانين والتعليمات والتوجيهات، التي تصدرها وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة، اذا لم يطلع عليها، بل ويتفاجأ بها عند توجهه الى هذه المؤسسة او الدائرة او تلك، لا سيما وانها في بلدنا دائمة التغيير ولا تستقر على حال، والبعض منها يخضع لأمزجة وارادة اصحاب القرار!
هذه المشكلة تسبب للمواطنين ارهاقاً وخسائر مادية، خصوصاً وان هناك من يبتزهم في كل زاوية ويطلب «المقسوم»!
السؤال : كيف السبيل الى اطلاع المواطنين على القوانين والتعليمات ولا سيما الجديد منها، وتنويرهم بمحتوياتها؟
على الرغم من مرور ثلاثة أشهر على إعلان رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، دخول قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال حيز التنفيذ، أكد نائب رئيس لجنة العمل ومنظمات المجتمع المدني النيابية، حسين عرب، أن القانون ما زال في انتظار إصدار تعليمات تنفيذه من قبل مجلس الدولة.
التأخير في إصدار التعليمات بشكل غير مبرر هو أمر يدعو للاستغراب، خاصة وأنه ليس بذلك التعقيد الكبير، كما أن البرلمان لم يشرع عددا كبيرا من القوانين حتى نجد العذر في الانشغال بإصدار تعليمات القوانين.
إن الإسراع في إصدار تعليمات تنفيذ القانون أمر لا مفرّ منه، وعلى الحكومة الإسراع في تنفيذ القانون والبدء بتسجيل العمال في صندوق الضمان الاجتماعي، وعدم الاكتفاء بالإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام والتغاضي عن تطبيقه عمليا.
إن نفاذ القانون في مصلحة المواطنين والحكومة في نفس الوقت، فهي توفّر الضمان والأمان للعمال وتشجعهم على طرق ميادين العمل الأخرى وعدم اقتصار الأمر على التعيين في مؤسسات الدولة.
ونرى أن عملية تنفيذه لا تتطلب كل هذا التعقيد، الا ان كان هناك رأي آخر نجهله وغاية أخرى.
بعد أن وضع رئيس الوزراء الحجر الأساس لمدينة الغزلاني، إثر إحالتها كفرصة استثمارية في محافظة نينوى، تساءل أهالي المحافظة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن المستفيدين من هذه المدينة؟ وهل ستذهب إلى مستحقي السكن الذين تضررت منازلهم خلال العمليات العسكرية إبان اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لعدد من المحافظات في عام 2014، وبالتالي أضحوا بلا سكن؟ الى جانب أولئك الذين لا يملكون سكنا.
الأسئلة التي يطرحها المواطنون محقة في جوهرها، فماذا قدمت الحكومات العراقية للعوائل المتضررة؟ وما هي الخطة الموضوعة لمعالجة أزمة السكن في البلاد خاصة مع وجود 4679 تجمعا سكنيا عشوائيا يسكنها ما يقارب 3 ملايين و725 ألف نسمة في عموم العراق؟
بناء المدن والمجمعات السكنية يشكل خطوة طبيعية لتطوير المدن، ولكن التحدي الأكبر يبقى متعلقا بكيفية معالجة أزمة السكن وتوفيره للعراقيين باعتباره حقا أساسيا من حقوقهم. ومن غير المقبول استمرار الارتفاع الجنوني في أسعار الوحدات السكنية، الذي انعكس بدوره على أسعار الإيجارات التي أصبحت أكثر من رواتب فئات من الموظفين، وباتت عملية شراء عقار للفئات المتوسطة والفقيرة مهمة مستحيلة.
الحكومة مطالبة بتوفير سكن واطئ الكلفة إلى الطبقات والفئات الفقيرة والكادحة وذوي الدخل المحدود، وان تقدم الدعم المطلوب للحصول عليه.
أكدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان أن بغداد شهدت خلال 23 يوماً فقط من شباط الماضي، 25 عملية اغتيال مؤكدة، و41 محاولة اغتيال فاشلة. فيما عرضت وسائل الإعلام والاتصال الاجتماعي، أخباراً وأفلاماً عن مواجهات مسلحة بين قوى عشائرية وفصائل وأفراد وعصابات، في مشاهد مثيرة لقلق ورعب المواطنين الآمنين.
ورغم ما خصصته الدولة من ميزانيات مالية هائلة للأجهزة الأمنية في البلاد، وما وفّرته من خبراء ومعدات وكاميرات مراقبة وأجهزة إنذار وترسانة استخبارية، تتواصل هذه الظاهرة وتشتد مخاطرها وتتسع دائرتها لتشمل مناطق محصنة أمنيا، من جرّاء تفشي السلاح المنفلت والفساد وتأجيج النعرات الطائفية والدينية والتعصب، فيما يعيش المتنفذون ويبثون ـ عمداً أو سهواً ـ الأوهام بأن كل شيء مستتب، في ظل عجز الحكومة عن التعامل الجدي مع هذه الظاهرة التي تتسع يوماً بعد اخر.